📁 آخر الأخبار

باب اعطاء من يخاف على إيمانه

 

 باب اعطاء من يخاف على إيمانه

باب اعطاء من يخاف على إيمانه


1752- قَوْله فِي حَدِيث سَعْد: «أَعْطَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهْطًا» إِلَى آخِره.

 مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث: أَنَّ سَعْدًا رَأَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي نَاسًا وَيَتْرُك مَنْ هُوَ أَفْضَل مِنْهُمْ فِي الدِّين، وَظَنَّ أَنَّ الْعَطَاء يَكُون بِحَسَبِ الْفَضَائِل فِي الدِّين، وَظَنَّ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْلَم حَال هَذَا الْإِنْسَان الْمَتْرُوك، فَأَعْلَمَهُ بِهِ وَحَلَفَ أَنَّهُ يَعْلَمهُ مُؤْمِنًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْ مُسْلِمًا» فَلَمْ يَفْهَم مِنْهُ النَّهْي عَنْ الشَّفَاعَة فيه مَرَّة أُخْرَى، فَسَكَتَ ثُمَّ رَآهُ يُعْطِي مَنْ هُوَ دُونه بِكَثِيرٍ فَغَلَبَهُ مَا يَعْلَم مِنْ حُسْن حَال ذَلِكَ الْإِنْسَان، فَقَالَ: «يَا رَسُول اللَّه مَا لَك عَنْ فُلَان؟» تَذْكِيرًا، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُون النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَمَّ بِعَطَائِهِ مِنْ الْمَرَّة الْأُولَى ثُمَّ نَسِيَهُ فَأَرَادَ تَذْكِيره، وَهَكَذَا الْمَرَّة الثَّالِثَة، إِلَى أَنْ أَعْلَمَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْعَطَاء لَيْسَ هُوَ عَلَى حَسَب الْفَضَائِل فِي الدِّين، فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُل وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ مَخَافَة أَنْ يَكُبَّهُ اللَّه فِي النَّار» مَعْنَاهُ: إِنِّي أُعْطِي نَاسًا مُؤَلَّفَة، فِي إِيمَانهمْ ضَعْف، لَوْ لَمْ أُعْطِهِمْ كَفَرُوا، فَيَكُبُّهُمْ اللَّه فِي النَّار، وَأَتْرُك أَقْوَامًا هُمْ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ الَّذِينَ أَعْطَيْتهمْ، وَلَا أَتْرُكهُمْ اِحْتِقَارًا لَهُمْ، وَلَا لِنَقْصِ دِينهمْ، وَلَا إِهْمَالًا لِجَانِبِهِمْ، بَلْ أَكِلُهُمْ إِلَى مَا جَعَلَ اللَّه فِي قُلُوبهمْ مِنْ النُّور وَالْإِيمَان التَّامّ، وَأَثِق بِأَنَّهُمْ لَا يَتَزَلْزَل إِيمَانهمْ لِكَمَالِهِ.

وَقَدْ ثَبَتَ هَذَا الْمَعْنَى فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ عَنْ عَمْرو بْن تَغْلِب أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِمَالٍ أَوْ سَبْي فَقَسَمَهُ، فَأَعْطَى رِجَالًا وَتَرَكَ رِجَالًا، فَبَلَغَهُ أَنَّ الَّذِينَ تَرَكَ عَتَبُوا، فَحَمِدَ اللَّه تَعَالَى ثُمَّ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْد، فَوَاَللَّهِ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُل وَأَدَع الرَّجُل، وَاَلَّذِي أَدَع أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ الَّذِي أُعْطِي، وَلَكِنِّي أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا أَرَى فِي قُلُوبهمْ مِنْ الْجَزَع وَالْهَلَع، وَأَكِل أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّه فِي قُلُوبهمْ مِنْ الْغِنَى وَالْخَيْر».

قَوْله: أَخْبَرَنِي عَامِر بْن سَعْد عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّهُ أَعْطَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهْطًا» هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخ، وَهُوَ صَحِيح وَتَقْدِيره: قَالَ أَعْطَى، فَحَذَفَ لَفْظَة (قَالَ).

قَوْله: «وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ» أَيْ أَفْضَلُهُمْ عِنْدِي.

قَوْله: «فَقُمْت إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَاوَرْتُهُ فَقُلْت: مَا لَك عَنْ فُلَان» فيه التَّأَدُّب مَعَ الْكِبَار وَأَنَّهُمْ يُسَارُّونَ بِمَا كَانَ مِنْ بَاب التَّذْكِير لَهُمْ وَالتَّنْبِيه وَنَحْوه، وَلَا يُجَاهِرُونَ بِهِ فَقَدْ يَكُون فِي الْمُجَاهَرَة بِهِ مَفْسَدَة، قَوْله: «إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا قَالَ: أَوْ مُسْلِمًا» هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَة: «لَأَرَاهُ» وَإِسْكَان وَاو: «أَوْ مُسْلِمًا».

وَقَدْ سَبَقَ شَرْح هَذَا الْحَدِيث مُسْتَوْفًى فِي كِتَاب الْإِيمَان.



۞۞۞۞۞۞۞۞

كتاب الزكاة ﴿ 47 ﴾ 

۞۞

۞۞۞۞۞۞


كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات