باب اعطاء من سال بفحش وغلظة
باب اعطاء من سال بفحش وغلظة
1748- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيَّرُونِي بَيْن أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي وَلَسْت بِبَاخِلٍ» مَعْنَاهُ: أَنَّهُمْ أَلَحُّوا فِي الْمَسْأَلَة لِضَعْفِ إِيمَانهمْ، وَأَلْجَئُونِي بِمُقْتَضَى حَالهمْ إِلَى السُّؤَال بِالْفُحْشِ أَوْ نِسْبَتِي إِلَى الْبُخْل، وَلَسْت بِبَاخِلٍ، وَلَا يَنْبَغِي اِحْتِمَال وَاحِد مِنْ الْأَمْرَيْنِ.
فَفيه مُدَارَاة أَهْل الْجَهَالَة وَالْقَسْوَة وَتَأَلُّفهمْ إِذَا كَانَ فيهمْ مَصْلَحَة، وَجَوَاز دَفْع الْمَال إِلَيْهِمْ لِهَذِهِ الْمَصْلَحَة.
✯✯✯✯✯✯
1749- قَوْله: «فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَة، نَظَرْت إِلَى صَفْحَة عُنُق رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَة الرِّدَاء مِنْ شِدَّة جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد مُرْ لِي مِنْ مَال اللَّه الَّذِي عِنْدك، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ» فيه اِحْتِمَال الْجَاهِلِينَ وَالْإِعْرَاض عَنْ مُقَابَلَتهمْ.
وَدَفْع السَّيِّئَة بِالْحَسَنَةِ وَإِعْطَاء مَنْ يُتَأَلَّف قَلْبُهُ، وَالْعَفْو عَنْ مُرْتَكِب كَبِيرَة لَا حَدّ فيها بِجَهْلِهِ، وَإِبَاحَة الضَّحِك عِنْد الْأُمُور الَّتِي يُتَعَجَّب مِنْهَا فِي الْعَادَة، وَفيه كَمَالُ خُلُق رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحِلْمه وَصَفْحه الْجَمِيل.
قَوْله: «فَجَاذَبَهُ» هُوَ بِمَعْنَى جَبَذَهُ فِي الرِّوَايَة السَّابِقَة، فَيُقَال: جَبَذَ وَجَذَبَ، لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ.
قَوْله: «حَتَّى اِنْشَقَّ الْبُرْد وَحَتَّى بَقِيَتْ حَاشِيَته فِي عُنُق رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِل أَنَّهُ عَلَى ظَاهِره، وَأَنَّ الْحَاشِيَة اِنْقَطَعَتْ وَبَقِيَتْ فِي الْعُنُق، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ: بَقِيَ أَثَرهَا، لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَة الرِّدَاء».
✯✯✯✯✯✯
1750- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَخْرَمَةَ: «خَبَّأْت هَذَا لَك» هُوَ مِنْ بَاب التَّأَلُّفِ.
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الزكاة ﴿ 46 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞