📁 آخر الأخبار

باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والاصنام

 

 باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والاصنام

 باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والاصنام


2960- قَوْله: عَنْ جَابِر: «أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول عَام الْفَتْح وَهُوَ بِمَكَّة: إِنَّ اللَّه وَرَسُوله حَرَّمَ بَيْع الْخَمْر وَالْمَيْتَة وَالْخِنْزِير وَالْأَصْنَام فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّه أَرَأَيْت شُحُوم الْمَيْتَة فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُن، وَيُدْهَن بِهَا الْجُلُود، وَيُسْتَصْبَح بِهَا النَّاس، فَقَالَ: لَا هُوَ حَرَام»، ثُمَّ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد ذَلِكَ: «قَاتَلَ اللَّه الْيَهُود إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومهَا أَجْمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنه» يُقَال: أَجْمَلَ الشَّحْم وَجَمَلَهُ أَيْ أَذَابَهُ.

وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا هُوَ حَرَام» فَمَعْنَاهُ: لَا تَبِيعُوهَا فَإِنَّ بَيْعهَا حَرَام، وَالضَّمِير فِي (هُوَ) يَعُود إِلَى الْبَيْع، لَا إِلَى الِانْتِفَاع، هَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد الشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه أَنَّهُ يَجُوز الِانْتِفَاع بِشَحْمِ الْمَيْتَة فِي طَلْي السُّفُن وَالِاسْتِصْبَاح بِهَا، وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِأَكْلٍ وَلَا فِي بَدَن الْآدَمِيّ، وَبِهَذَا قَالَ أَيْضًا عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح وَمُحَمَّد بْن جَرِير الطَّبَرِيّ، وَقَالَ الْجُمْهُور: لَا يَجُوز الِانْتِفَاع بِهِ فِي شَيْء أَصْلًا لِعُمُومِ النَّهْي عَنْ الِانْتِفَاع بِالْمَيْتَةِ إِلَّا مَا خُصَّ، وَهُوَ الْجِلْد الْمَدْبُوغ.

وَأَمَّا الزَّيْت وَالسَّمْن وَنَحْوهمَا مِنْ الْأَدْهَان الَّتِي أَصَابَتْهَا نَجَاسَة فَهَلْ يَجُوز الِاسْتِصْبَاح بِهَا وَنَحْوه مِنْ الِاسْتِعْمَال فِي غَيْر الْأَكْل وَغَيْر الْبَدَن، أَوْ يَجْعَل مِنْ الزَّيْت صَابُونًا أَوْ يُطْعِم الْعَسَل الْمُتَنَجِّس لِلنَّحْلِ، أَوْ يُطْعِم الْمَيْتَة لِكِلَابِهِ، أَوْ يُطْعِم الطَّعَام النَّجِس لِدَوَابِّهِ فيه خِلَاف بَيْن السَّلَف، الصَّحِيح مِنْ مَذْهَبنَا: جَوَاز جَمِيع ذَلِكَ، وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ مَالِك وَكَثِير مِنْ الصَّحَابَة وَالشَّافِعِيّ وَالثَّوْرِيّ وَأَبِي حَنِيفَة وَأَصْحَابه وَاللَّيْث بْن سَعْد، قَالَ: وَرُوِيَ نَحْوه عَنْ عَلِيّ وَابْن عُمَر وَأَبِي مُوسَى وَالْقَاسِم بْن مُحَمَّد وَسَالِم بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر، قَالَ: وَأَجَازَ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه وَاللَّيْث وَغَيْرهمْ بَيْع الزَّيْت النَّجِس إِذَا بَيَّنَهُ، وَقَالَ عَبْد الْمَلِك بْن الْمَاجِشُونِ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَأَحْمَد بْن صَالِح: لَا يَجُوز الِانْتِفَاع بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلّه فِي شَيْء مِنْ الْأَشْيَاء، وَاَللَّه أَعْلَم.

قَالَ الْعُلَمَاء: وَفِي عُمُوم تَحْرِيم بَيْع الْمَيْتَة أَنَّهُ يَحْرُم بَيْع جُثَّة الْكَافِر إِذَا قَتَلْنَاهُ، وَطَلَب الْكُفَّار شِرَاءَهُ، أَوْ دَفْع عِوَض عَنْهُ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيث: أَنَّ نَوْفَل بْن عَبْد اللَّه الْمَخْزُومِيّ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُونَ يَوْم الْخَنْدَق، فَبَذَلَ الْكُفَّار فِي جَسَده عَشْرَة آلَاف دِرْهَم لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَأْخُذهَا، وَدَفَعَهُ إِلَيْهِمْ، وَذَكَرَ التِّرْمِذِيّ حَدِيثًا نَحْو هَذَا.

قَالَ أَصْحَابنَا: الْعِلَّة فِي مَنْع بَيْع الْمَيْتَة وَالْخَمْر وَالْخِنْزِير النَّجَاسَة، فَيَتَعَدَّى إِلَى كُلّ نَجَاسَة، وَالْعِلَّة فِي الْأَصْنَام كَوْنهَا لَيْسَ فيها مَنْفَعَة مُبَاحَة، فَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ إِذَا كُسِرَتْ يُنْتَفَع بِرُضَاضِهَا فَفِي صِحَّة بَيْعهَا خِلَاف مَشْهُور لِأَصْحَابِنَا؛ مِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ لِظَاهِرِ النَّهْي وَإِطْلَاقه، وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُ اِعْتِمَادًا عَلَى الِانْتِفَاع، وَتَأَوَّلَ الْحَدِيث عَلَى مَا لَمْ يَنْتَفِع بِرُضَاضِهِ، أَوْ عَلَى كَرَاهَة التَّنْزِيه فِي الْأَصْنَام خَاصَّة.

وَأَمَّا الْمَيْتَة وَالْخَمْر وَالْخِنْزِير: فَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيم بَيْع كُلّ وَاحِد مِنْهَا.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

قَالَ الْقَاضِي: تَضَمَّنَ هَذَا الْحَدِيث أَنَّ مَا لَا يَحِلّ أَكْله وَالِانْتِفَاع بِهِ لَا يَجُوز بَيْعه، وَلَا يَحِلّ أَكْل ثَمَنه، كَمَا فِي الشُّحُوم الْمَذْكُورَة فِي الْحَدِيث، فَاعْتَرَضَ بَعْض الْيَهُود وَالْمَلَاحِدَة بِأَنَّ الِابْن إِذَا وَرِثَ مِنْ أَبِيهِ جَارِيَة كَانَ الْأَب وَطِئَهَا فَإِنَّهَا تَحْرُم عَلَى الِابْن، وَيَحِلّ لَهُ بَيْعهَا بِالْإِجْمَاعِ وَأَكْل ثَمَنهَا، قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا تَمْوِيه عَلَى مَنْ لَا عِلْم عِنْده؛ لِأَنَّ جَارِيَة الْأَب لَمْ يَحْرُم عَلَى الِابْن مِنْهَا غَيْر الِاسْتِمْتَاع عَلَى هَذَا الْوَلَد دُون غَيْره مِنْ النَّاس، وَيَحِلّ لِهَذَا الِابْن الِانْتِفَاع بِهَا فِي جَمِيع الْأَشْيَاء سِوَى الِاسْتِمْتَاع، وَيَحِلّ لِغَيْرِهِ الِاسْتِمْتَاع وَغَيْره، بِخِلَافِ الشُّحُوم فَإِنَّهَا مُحَرَّمَة، الْمَقْصُود مِنْهَا، وَهُوَ الْأَكْل مِنْهَا عَلَى جَمِيع الْيَهُود، وَكَذَلِكَ شُحُوم الْمَيْتَة مُحَرَّمَة الْأَكْل عَلَى كُلّ أَحَد، وَكَانَ مَا عَدَا الْأَكْل تَابِعًا لَهُ، بِخِلَافِ مَوْطُوءَة الْأَب.

 وَاَللَّه أَعْلَم. باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والاصنام

 باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والاصنام

كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات