باب صوم سرر شعبان
باب صوم سرر شعبان
فيه: عِمْرَان بْن الْحُصَيْنِ: «أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ أَوْ لِآخَرَ: أَصُمْت مِنْ سُرَر شَعْبَان؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: فَإِذَا أَفْطَرْت فَصُمْ يَوْمَيْنِ» وَفِي رِوَايَة: «فَإِذَا أَفْطَرْت مِنْ رَمَضَان فَصُمْ يَوْمَيْنِ مَكَانه» ضَبَطُوا (سَرَر) بِفَتْحِ السِّين وَكَسْرهَا، وَحَكَى الْقَاضِي ضَمَّهَا، قَالَ: وَهُوَ جَمْع (سُرَّة) وَيُقَال: أَيْضًا سَرَار وَسِرَار بِفَتْحِ السِّين وَكَسْرهَا وَكُلّه مِنْ الِاسْتِسْرَار، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو عُبَيْد وَجُمْهُور الْعُلَمَاء مِنْ أَهْل اللُّغَة وَالْحَدِيث وَالْغَرِيب: الْمُرَاد بِالسُّرَرِ آخِر الشَّهْر، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاسْتِسْرَارِ الْقَمَر فيها، قَالَ الْقَاضِي: قَالَ أَبُو عُبَيْد وَأَهْل اللُّغَة: السُّرَر آخِر الشَّهْر، قَالَ: وَأَنْكَرَ بَعْضهمْ هَذَا، وَقَالَ: الْمُرَاد وَسَط الشَّهْر، قَالَ: وَسِرَار كُلّ شَيْء وَسَطه، قَالَ هَذَا الْقَائِل: لَمْ يَأْتِ فِي صِيَام آخِر الشَّهْر نَدْب فَلَا يُحْمَل الْحَدِيث عَلَيْهِ، بِخِلَافِ وَسَطه فَإِنَّهَا أَيَّام الْبِيض، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ سُرَره: أَوَّله، وَنَقَلَ الْخَطَّابِيُّ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ سُرَره: آخِره، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَن الْكَبِير بَعْد أَنْ رَوَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ: الصَّحِيح آخِره، وَلَمْ يَعْرِف الْأَزْهَرِيّ أَنَّ سُرَره أَوَّله، قَالَ الْهَرَوِيُّ: وَاَلَّذِي يَعْرِفهُ النَّاس أَنَّ سُرَره آخِره، وَيُعْضَد مِنْ فَسِرّه بِوَسَطِهِ الرِّوَايَة السَّابِقَة فِي الْبَاب قَبْله: «سُرَّة هَذَا الشَّهْر»، وَسَرَارَة الْوَادِي وَسَطُه وَخِيَاره، وَقَالَ اِبْن السِّكِّيت: سِرَار الْأَرْض: أَكْرَمهَا وَوَسَطهَا، وَسِرَار كُلّ شَيْء: وَسَطه وَأَفْضَله، فَقَدْ يَكُون سِرَار الشَّهْر مِنْ هَذَا، قَالَ الْقَاضِي: وَالْأَشْهَر أَنَّ الْمُرَاد آخِر الشَّهْر كَمَا قَالَهُ أَبُو عُبَيْد وَالْأَكْثَرُونَ، وَعَلَى هَذَا يُقَال: هَذَا الْحَدِيث مُخَالِف لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة فِي النَّهْي عَنْ تَقْدِيم رَمَضَان بِصَوْمِ يَوْم وَيَوْمَيْنِ، وَيُجَاب عَنْهُ بِمَا أَجَابَ الْمَازِرِيّ وَغَيْره، وَهُوَ أَنَّ هَذَا الرَّجُل كَانَ مُعْتَاد الصِّيَام آخِر الشَّهْر أَوْ نَذَرَهُ فَتَرَكَهُ بِخَوْفِهِ مِنْ الدُّخُول فِي النَّهْي عَنْ تَقَدَّمَ رَمَضَان، فَبَيَّنَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الصَّوْم الْمُعْتَاد لَا يَدْخُل فِي النَّهْي، وَإِنَّمَا نَنْهَى عَنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
✯✯✯✯✯✯
1979- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
1980- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
1981- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَة مُحَمَّد بْن مُثَنَّى: «إِذَا أَفْطَرْت رَمَضَانَ» هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ وَهُوَ صَحِيح، أَيْ: أَفْطَرْت مِنْ رَمَضَان كَمَا فِي الرِّوَايَة الَّتِي قَبْلهَا، وَحَذَفَ لَفْظَة (مِنْ) فِي هَذِهِ الرِّوَايَة، وَهِيَ مُرَاده كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ} أَيْ: مِنْ قَوْمه.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
باب صوم سرر شعبان
باب صوم سرر شعبان