📁 آخر الأخبار

باب استحباب صيام ثلاثة ايام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس

 

باب استحباب صيام ثلاثة ايام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس

باب استحباب صيام ثلاثة ايام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس


فيه حَدِيث عَائِشَة: «أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام مِنْ كُلّ شَهْر، وَلَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِنْ أَيّ أَيَّام الشَّهْر يَصُوم» وَحَدِيث عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ: «أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ- أَوْ قَالَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَسْمَعُ-: يَا فُلَانُ أَصُمْت مِنْ سُرَّةِ هَذَا الشَّهْرِ؟ قَالَ: لَا.

 قَالَ: فَإِذَا أَفْطَرْت فَصُمْ يَوْمَيْنِ» هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ: «مِنْ سُرَّة هَذَا الشَّهْر» بِالْهَاءِ بَعْد الرَّاء، وَذَكَرَ مُسْلِم بَعْده حَدِيث أَبِي قَتَادَة ثُمَّ حَدِيث عِمْرَان أَيْضًا فِي: «سُرَر شَعْبَان» وَهَذَا تَصْرِيح مِنْ مُسْلِم بِأَنَّ رِوَايَة عِمْرَانَ الْأُولَى بِالْهَاءِ وَالثَّانِيَة بِالرَّاءِ، وَلِهَذَا فَرَّقَ بَيْنهمَا وَأَدْخَل الْأُولَى مَعَ حَدِيث عَائِشَة كَالتَّفْسِيرِ لَهُ، فَكَأَنَّهُ يَقُول: يُسْتَحَبّ أَنْ تَكُون الْأَيَّام الثَّلَاثَة مِنْ سُرَّة الشَّهْر، وَهِيَ وَسَطُهُ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَى اِسْتِحْبَابه، وَهُوَ اِسْتِحْبَاب كَوْن الثَّلَاثَة هِيَ أَيَّام الْبِيض، وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ، وَالرَّابِعَ عَشَرَ، وَالْخَامِسَ عَشَرَ، وَقَدْ جَاءَ فيها حَدِيث فِي كِتَاب التِّرْمِذِيّ وَغَيْره، وَقِيلَ: هِيَ الثَّانِي عَشَرَ، وَالثَّالِثَ عَشَرَ، وَالرَّابِعَ عَشَرَ.

قَالَ الْعُلَمَاء: وَلَعَلَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُوَاظِب عَلَى ثَلَاثَة مُعَيَّنَةٍ، لِئَلَّا يُظَنّ تَعَيُّنُهَا، وَنَبَّهَ بِسُرَّةِ الشَّهْر وَبِحَدِيثِ التِّرْمِذِيّ فِي أَيَّام الْبِيض عَلَى فَضِيلَتهَا.

✯✯✯✯✯✯

‏1974- سبق شرحه بالباب.

✯✯✯✯✯✯

‏1975- سبق شرحه بالباب.

✯✯✯✯✯✯

‏1976- قَوْله: (عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيّ) هُوَ بِزَايٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ مِيمٍ مُشَدَّدَةٍ.

قَوْله: عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَعْبَد الزِّمَّانِيّ عَنْ أَبِي قَتَادَة: «رَجُل أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: كَيْف تَصُوم؟» هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم النُّسَخ (عَنْ أَبِي قَتَادَة رَجُل أَتَى) وَعَلَى هَذَا يُقْرَأُ رَجُل بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَر مُبْتَدَأ مَحْذُوف، أَيْ الشَّأْن وَالْأَمْر رَجُل أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ، وَقَدْ أُصْلِحَ فِي بَعْض النُّسَخ (أَنَّ رَجُلًا أَتَى) وَكَانَ مُوجَب هَذَا الْإِصْلَاح جَهَالَة اِنْتِظَام الْأَوَّل، وَهُوَ مُنْتَظِم كَمَا ذَكَرْته، فَلَا يَجُوز تَغْيِيره.

 وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْله: «رَجُل أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: كَيْف تَصُوم؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ الْعُلَمَاء: سَبَبُ غَضَبِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَرِهَ مَسْأَلَتَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُجِيبَهُ وَيَخْشَى مِنْ جَوَابه مَفْسَدَةً، وَهِيَ أَنَّهُ رُبَّمَا اِعْتَقَدَ السَّائِل وُجُوبه أَوْ اِسْتَقَلَّهُ أَوْ اِقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَكَانَ يَقْتَضِي حَاله أَكْثَر مِنْهُ، وَإِنَّمَا اِقْتَصَرَ عَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشُغْلِهِ بِمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ وَحُقُوقهمْ وَحُقُوق أَزْوَاجه وَأَضْيَافه وَالْوَافِدِينَ إِلَيْهِ، لِئَلَّا يَقْتَدِيَ بِهِ كُلُّ أَحَدٍ فَيُؤَدِّيَ إِلَى الضَّرَر فِي حَقّ بَعْضهمْ، وَكَانَ حَقّ السَّائِل أَنْ يَقُول: كَمْ أَصُوم أَوْ كَيْف أَصُوم؟ فَيَخُصّ السُّؤَال بِنَفْسِهِ لِيُجِيبَهُ بِمَا تَقْتَضِيهِ حَالُهُ، كَمَا أَجَابَ غَيْره بِمُقْتَضَى أَحْوَالهمْ.

 وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْله: «كَيْف مَنْ يَصُوم يَوْمًا وَيُفْطِر يَوْمَيْنِ؟ قَالَ: وَدِدْت أَنِّي طُوِّقْت ذَاكَ» قَالَ الْقَاضِي: قِيلَ: مَعْنَاهُ: وَدِدْت أَنَّ أُمَّتِي تُطَوِّقُهُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُطِيقُهُ وَأَكْثَرَ مِنْهُ، وَكَانَ يُوَاصِل وَيَقُول: «إِنِّي لَسْت كَأَحَدِكُمْ إِنِّي أَبِيت عِنْد رَبِّي يُطْعِمنِي وَيَسْقِينِي»، قُلْت: وَيُؤَيِّد هَذَا التَّأْوِيل.

 قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة: «لَيْتَ أَنَّ اللَّه قَوَّانَا لِذَلِكَ»، أَوْ يُقَال: إِنَّمَا قَالَهُ لِحُقُوقِ نِسَائِهِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُتَعَلِّقِينَ بِهِ وَالْقَاصِدِينَ إِلَيْهِ.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِيَام يَوْم عَرَفَة أَحْتُسِبَ عَلَى اللَّه أَنْ يُكَفِّر السَّنَة الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَة الَّتِي بَعْده» مَعْنَاهُ: يُكَفِّر ذُنُوب صَائِمه فِي السَّنَتَيْنِ، قَالُوا: وَالْمُرَاد بِهَا الصَّغَائِر، وَسَبَقَ بَيَانُ مِثْلِ هَذَا فِي تَكْفِير الْخَطَايَا بِالْوُضُوءِ، وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّهُ إِنْ لَمْ تَكُنْ صَغَائِرُ يُرْجَى التَّخْفِيف مِنْ الْكَبَائِر، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رُفِعَتْ دَرَجَات.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِيَام الدَّهْر: «لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» قَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ.

✯✯✯✯✯✯

‏1977- قَوْله فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ رِوَايَة شُعْبَة: «قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْم يَوْم الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس فَسَكَتْنَا عَنْ ذِكْر الْخَمِيس لِمَا نَرَاهُ وَهْمًا» ضَبَطُوا (نَرَاهُ) بِفَتْحِ النُّون وَضَمِّهَا وَهُمَا صَحِيحَانِ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه: إِنَّمَا تَرَكَهُ وَسَكَتَ عَنْهُ؛ لِقَوْلِهِ: «فيه وُلِدْت وَفيه بُعِثْت أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ» وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَات الْبَاقِيَات (يَوْم الِاثْنَيْنِ) دُون ذِكْر الْخَمِيس، فَلَمَّا كَانَ فِي رِوَايَة شُعْبَة ذِكْر الْخَمِيس تَرَكَهُ مُسْلِم، لِأَنَّهُ رَآهُ وَهْمًا، قَالَ الْقَاضِي: وَيَحْتَمِل صِحَّة رِوَايَة شُعْبَة، وَيَرْجِع الْوَصْف بِالْوِلَادَةِ وَالْإِنْزَال إِلَى الِاثْنَيْنِ دُون الْخَمِيس، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي مُتَعَيِّن.

 وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ الْقَاضِي: وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْيِين هَذِهِ الْأَيَّام الثَّلَاثَة الْمُسْتَحَبَّة مِنْ كُلّ شَهْر، فَفَسَّرَهُ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ بِأَيَّامِ الْبِيض، وَهِيَ: الثَّالِثَ عَشَرَ، وَالرَّابِعَ عَشَرَ، وَالْخَامِسَ عَشَرَ، مِنْهُمْ عُمَر بْن الْخَطَّاب، وَابْن مَسْعُود، وَأَبُو ذَرّ، وَبِهِ قَالَ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ، وَاخْتَارَ النَّخَعِيُّ وَآخَرُونَ آخِر الشَّهْر، وَاخْتَارَ آخَرُونَ ثَلَاثَةً مِنْ أَوَّله مِنْهُمْ الْحَسَن، وَاخْتَارَتْ عَائِشَة وَآخَرُونَ صِيَام السَّبْت وَالْأَحَد وَالِاثْنَيْنِ مِنْ شَهْر، ثُمَّ الثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَالْخَمِيس مِنْ الشَّهْر الَّذِي بَعْده، وَاخْتَارَ آخَرُونَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس، وَفِي حَدِيثٍ رَفَعَهُ اِبْن عُمَر: أَوَّل إِثْنَيْنِ فِي الشَّهْر وَخَمِيسَانِ بَعْده، وَعَنْ أُمّ سَلَمَة أَوَّل خَمِيس وَالِاثْنَيْنِ بَعْده، ثُمَّ الِاثْنَيْنِ، وَقِيلَ: أَوَّل يَوْم الشَّهْر وَالْعَاشِر وَالْعِشْرِينَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ صِيَام مَالِك بْن أَنَس، وَرُوِيَ عَنْهُ كَرَاهَة صَوْم أَيَّام الْبِيض، وَقَالَ اِبْن شَعْبَان الْمَالِكِيّ: أَوَّل يَوْم مِنْ الشَّهْر وَالْحَادِي وَعِشْرُونَ.

 وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

باب استحباب صيام ثلاثة ايام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس

باب استحباب صيام ثلاثة ايام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس


تعليقات