باب قتل الحيات وغيرها
باب قتل الحيات وغيرها
4139- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
4140- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اُقْتُلُوا الْحَيَّات وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَر، فَإِنَّهُمَا يَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَل، وَيَلْتَمِسَانِ الْبَصَر» وَفِي رِوَايَة أَنَّ اِبْن عُمَر ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيث، ثُمَّ قَالَ: «فَكُنْت لَا أَتْرُك حَيَّة أَرَاهَا إِلَّا قَتَلَتْهَا، فَبَيْنَا أَنَا أُطَارِد حَيَّة يَوْمًا مِنْ ذَوَات الْبُيُوت، مَرَّ بِي زَيْد بْن الْخَطَّاب، أَوْ أَبُو لُبَابَة، وَأَنَا أُطَارِدهَا، فَقَالَ: مَهْلًا يَا عَبْد اللَّه، فَقُلْت: إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْر بِقَتْلِهِنَّ.
قَالَ إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْ ذَوَات الْبُيُوت» وَفِي رِوَايَة: «نَهَى عَنْ قَتْل الْجِنَان الَّتِي فِي الْبُيُوت» وَفِي رِوَايَة: «أَنَّ فَتًى مِنْ الْأَنْصَار قَتَلَ حَيَّة فِي بَيْته فَمَاتَ فِي الْحَال، فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَآذِنُوهُ ثَلَاثَة أَيَّام، فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْد ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان».
وَفِي رِوَايَة: «إِنَّ لِهَذِهِ الْبُيُوت عَوَامِر، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْهَا فَحَرِّجُوا عَلَيْهَا ثَلَاثًا، فَإِنْ ذَهَبَ، وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّهُ كَافِر».
وَفِي الْحَدِيث الْآخَر: «أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ بِقَتْلِ الْحَيَّة الَّتِي خَرَجَتْ عَلَيْهِمْ وَهُمْ بِغَارِ مِنَى».
قَالَ الْمَازِرِيّ: لَا تُقْتَل حَيَّات مَدِينَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِإِنْذَارِهَا كَمَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث، فَإِذَا أَنْذَرَهَا وَلَمْ تَنْصَرِف قَتَلَهَا.
وَأَمَّا حَيَّات غَيْر الْمَدِينَة فِي جَمِيع الْأَرْض وَالْبُيُوت وَالدُّور فَيُنْدَب قَتْلهَا مِنْ غَيْر إِنْذَار لِعُمُومِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي الْأَمْر بِقَتْلِهَا.
فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث: «اُقْتُلُوا الْحَيَّات» وَفِي الْحَدِيث الْآخَر: «خَمْس يُقْتَلْنَ فِي الْحِلّ وَالْحَرَم» مِنْهَا الْحَيَّة، وَلَمْ يَذْكُر إِنْذَارًا وَفِي حَدِيث: «الْحَيَّة الْخَارِجَة بِمِنَى» أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْر بِقَتْلِهَا، وَلَمْ يَذْكُر إِنْذَارًا، وَلَا نَقَلَ أَنَّهُمْ أَنْذَرُوهَا.
قَالُوا: فَأَخَذَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيث فِي اِسْتِحْبَاب قَتْل الْحَيَّات مُطْلَقًا، وَخُصَّتْ الْمَدِينَة بِالْإِنْذَارِ لِلْحَدِيثِ الْوَارِد فيها، وَسَبَبه صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيث أَنَّهُ أَسْلَمَ طَائِفَة مِنْ الْجِنّ بِهَا.
وَذَهَبَتْ طَائِفَة مِنْ الْعُلَمَاء إِلَى عُمُوم النَّهْي فِي حَيَّات الْبُيُوت بِكُلِّ بَلَد حَتَّى تُنْذَر، وَأَمَّا مَا لَيْسَ فِي الْبُيُوت فَيُقْتَل مِنْ غَيْر إِنْذَار.
قَالَ مَالِك: يُقْتَل مَا وُجِدَ مِنْهَا فِي الْمَسَاجِد.
قَالَ الْقَاضِي: وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء: الْأَمْر بِقَتْلِ الْحَيَّات مُطْلَقًا مَخْصُوص بِالنَّهْيِ عَنْ جِنَان الْبُيُوت، إِلَّا الْأَبْتَر وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يُقْتَل عَلَى كُلّ حَال، سَوَاء كَانَا فِي الْبُيُوت أَمْ غَيْرهَا، وَإِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا بَعْد الْإِنْذَار.
قَالَ: وَيَخُصّ مِنْ النَّهْي عَنْ قَتْل جِنَان الْبُيُوت الْأَبْتَر وَذُو الطُّفْيَتَيْنِ.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَأَمَّا صِفَة الْإِنْذَار فَقَالَ الْقَاضِي: رَوَى اِبْن حَبِيب عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَقُول: أَنْشُدكُنَّ بِالْعَهْدِ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْكُمْ سُلَيْمَان بْن دَاوُدَ أَلَا تُؤْذُونَا، وَلَا تَظْهَرْنَ لَنَا وَقَالَ مَالِك: يَكْفِي أَنْ يَقُول: أُحَرِّج عَلَيْك اللَّه وَالْيَوْم الْآخِر أَنْ لَا تَبْدُو لَنَا، وَلَا تُؤْذِينَا.
وَلَعَلَّ مَالِكًا أَخَذَ لَفْظ التَّحْرِيج مِمَّا وَقَعَ فِي صَحِيح مُسْلِم، «فَحَرِّجُوا عَلَيْهَا ثَلَاثًا» وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَا الطُّفْيَتَيْنِ» هُوَ بِضَمِّ الطَّاء الْمُهْمَلَة وَإِسْكَان الْفَاء.
قَالَ الْعُلَمَاء: هُمَا الْخَطَّانِ الْأَبْيَضَانِ عَلَى ظَهْر الْحَيَّة، وَأَصْل الطُّفْيَة خُوصَة الْمُقَل، وَجَمْعهَا طُفَى، شِبْه الْخَطَّيْنِ عَلَى ظَهْرهَا بِخُوصَتَيْ الْمُقَل.
وَأَمَّا (الْأَبْتَر) فَهُوَ قَصِير الذَّنَب.
وَقَالَ نَضْر بْن شُمَيْلٍ: هُوَ صِنْف مِنْ الْحَيَّات أَزْرَق مَقْطُوع الذَّنَب لَا تَنْظُر إِلَيْهِ حَامِل إِلَّا أَلْقَتْ مَا فِي بَطْنهَا.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَل» مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَرْأَة الْحَامِل إِذَا نَظَرَتْ إِلَيْهِمَا وَخَافَتْ أَسْقَطَتْ الْحَمْل غَالِبًا.
وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِم فِي رِوَايَته عَنْ الزُّهْرِيّ أَنَّهُ قَالَ: يُرَى ذَلِكَ مِنْ سُمّهمَا.
وَأَمَّا: «يَلْتَمِسَانِ الْبَصَر» فَفيه تَأْوِيلَانِ ذَكَرَهُمَا الْخَطَّابِيُّ وَآخَرُونَ: أَحَدهمَا مَعْنَاهُ يَخْطَفَانِ الْبَصَر وَيَطْمِسَانِهِ بِمُجَرَّدِ نَظَرهمَا إِلَيْهِ لِخَاصَّةٍ جَعَلَهَا اللَّه تَعَالَى فِي بَصَرَيْهِمَا إِذَا وَقَعَ عَلَى بَصَر الْإِنْسَان، وَيُؤَيِّد هَذَا الرِّوَايَة الْأُخْرَى فِي مُسْلِم: «يَخْطَفَانِ الْبَصَر» وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى: «يَلْتَمِعَانِ الْبَصَر» وَالثَّانِي أَنَّهُمَا يَقْصِدَانِ الْبَصَر بِاللَّسْعِ وَالنَّهْش، وَالْأَوَّل أَصَحّ وَأَشْهَر.
قَالَ الْعُلَمَاء: وَفِي الْحَيَّات نَوْع يُسَمَّى النَّاظِر إِذَا وَقَعَ نَظَره عَلَى عَيْن إِنْسَان مَاتَ مِنْ سَاعَته.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله: «يُطَارِد حَيَّة» أَيْ يَطْلُبهَا وَيَتَتَبَّعهَا لِيَقْتُلهَا.
✯✯✯✯✯✯
4141- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
4142- قَوْله: «نَهَى عَنْ قَتْل الْجِنَان» هُوَ بِجِيمٍ مَكْسُورَة وَنُون مَفْتُوحَة، وَهِيَ الْحَيَّات جَمْع جَانّ، وَهِيَ الْحَيَّة الصَّغِيرَة، وَقِيلَ: الدَّقِيقَة الْخَفِيفَة، وَقِيلَ: الدَّقِيقَة الْبَيْضَاء.
✯✯✯✯✯✯
4143- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
4144- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
4145- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
4146- قَوْله: «يَفْتَح خَوْخَة» هِيَ بِفَتْحِ الْخَاء وَإِسْكَان الْوَاو، وَهِيَ كَوَّة بَيْن دَارَيْنِ أَوْ بَيْتَيْنِ يَدْخُل مِنْهَا، وَقَدْ تَكُون فِي حَائِط مُنْفَرِد.
✯✯✯✯✯✯
4147- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيَتَتَبَّعَانِ مَا فِي بُطُون النِّسَاء» أَيْ يُسْقِطَانِهِ كَمَا سَبَقَ فِي الرِّوَايَات الْبَاقِيَة عَلَى مَا سَبَقَ شَرْحه، وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ التَّتَبُّع مَجَازًا، وَلَعَلَّ فيهمَا طَلَبًا لِذَلِكَ جَعَلَهُ اللَّه خَصِيصَة فيهمَا.
قَوْله: «عِنْد الْأُطُم» هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَة، وَهُوَ الْقَصْر، وَجَمْعه آطَام، كَعُنُقٍ وَأَعْنَاق.
✯✯✯✯✯✯
4149- قَوْله: «أَمَرَ مُحْرِمًا بِقَتْلِ حَيَّة بِمِنَى» فيه جَوَاز قَتْلهَا لِلْمُحْرِمِ، وَفِي الْحَرَم، وَأَنَّهُ لَا يُنْذِرهَا فِي غَيْر الْبُيُوت، وَأَنَّ قَتْلهَا مُسْتَحَبّ.
✯✯✯✯✯✯
4150- قَوْله: «فَكَانَ ذَلِكَ الْفَتَى يَسْتَأْذِن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْصَافِ النَّهَار فَيَرْجِع إِلَى أَهْله» قَالَ الْعُلَمَاء: هَذَا الِاسْتِئْذَان اِمْتِثَال لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} و«أَنْصَاف النَّهَار» بِفَتْحِ الْهَمْزَة أَيْ مُنْتَصَفه، وَكَأَنَّهُ وَقْت لِآخِرِ النِّصْف الْأَوَّل وَأَوَّل النِّصْف الثَّانِي، فَجَمْعه كَمَا قَالُوا: ظُهُور التُّرْسَيْنِ.
وَأَمَّا رُجُوعه إِلَى أَهْله فَلِيُطَالِع حَالهمْ، وَيَقْضِي حَاجَتهمْ، وَيُؤْنِس اِمْرَأَته، فَإِنَّهَا كَانَتْ عَرُوسًا كَمَا ذَكَرَ فِي الْحَدِيث.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأْذَنُوهُ ثَلَاثَة أَيَّام، فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْد ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان» قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ وَإِذَا لَمْ يَذْهَب بِالْإِنْذَارِ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَوَامِر الْبُيُوت، وَلَا مِمَّنْ أَسْلَمَ مِنْ الْجِنّ، بَلْ هُوَ شَيْطَان، فَلَا حُرْمَة عَلَيْكُمْ فَاقْتُلُوهُ، وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لَهُ سَبِيلًا لِلِانْتِصَارِ عَلَيْكُمْ بِثَأْرِهِ، بِخِلَافِ الْعَوَامِر وَمَنْ أَسْلَمَ.
اللَّه أَعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
4151- سبق شرحه بالباب.
باب قتل الحيات وغيرها
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب السلام ﴿ 35 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞