باب فضل يوم الجمعة
باب فضل يوم الجمعة
1411- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْر يَوْم طَلَعَتْ فيه الشَّمْس يَوْم الْجُمُعَة فيه خُلِقَ آدَم وَفيه أُدْخِلَ الْجَنَّة وَفيه أُخْرِجَ مِنْهَا وَلَا تَقُوم السَّاعَة إِلَّا فِي يَوْم الْجُمُعَة» قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: الظَّاهِر أَنَّ هَذِهِ الْفَضَائِل الْمَعْدُودَة لَيْسَتْ لِذِكْرِ فَضِيلَته لِأَنَّ إِخْرَاج آدَم وَقِيَام السَّاعَة لَا يُعَدّ فَضِيلَة وَإِنَّمَا هُوَ بَيَان لِمَا وَقَعَ فيه مِنْ الْأُمُور الْعِظَام وَمَا سَيَقَعُ، لِيَتَأَهَّب الْعَبْد فيه بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة لِنَيْلِ رَحْمَة اللَّه وَدَفْع نِقْمَته، هَذَا كَلَام الْقَاضِي.
وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ فِي كِتَابه الْأَحْوَذِيّ فِي شَرْح التِّرْمِذِيّ: الْجَمِيع مِنْ الْفَضَائِل، وَخُرُوج آدَم مِنْ الْجَنَّة هُوَ سَبَب وُجُود الذُّرِّيَّة وَهَذَا النَّسْل الْعَظِيم وَوُجُود الرُّسُل وَالْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ وَالْأَوْلِيَاء، وَلَمْ يَخْرُج مِنْهَا طَرْدًا بَلْ لِقَضَاءِ أَوْطَار ثُمَّ يَعُود إِلَيْهَا.
وَأَمَّا قِيَام السَّاعَة فَسَبَب لِتَعْجِيلِ جَزَاء الْأَنْبِيَاء وَالصِّدِّيقِينَ وَالْأَوْلِيَاء وَغَيْرهمْ، وَإِظْهَار كَرَامَتهمْ وَشَرَفهمْ، وَفِي هَذَا الْحَدِيث فَضِيلَة يَوْم الْجُمُعَة وَمَزِيَّته عَلَى سَائِر الْأَيَّام.
وَفيه دَلِيل لِمَسْأَلَةٍ غَرِيبَة حَسَنَة وَهِيَ: لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتَ طَالِق فِي أَفْضَل الْأَيَّام.
وَفيها وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا أَصَحّهمَا: تَطْلُق يَوْم عَرَفَة.
وَالثَّانِي: يَوْم الْجُمُعَة لِهَذَا الْحَدِيث، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّة، فَأَمَّا إِنْ أَرَادَ أَفْضَل أَيَّام السَّنَة فَيَتَعَيَّن يَوْم عَرَفَة، وَإِنْ أَرَادَ أَفْضَل أَيَّام الْأُسْبُوع فَيَتَعَيَّن الْجُمُعَة، وَلَوْ قَالَ أَفْضَل لَيْلَة تَعَيَّنَتْ لَيْلَة الْقَدْر وَهِيَ عِنْد أَصْحَابنَا وَالْجُمْهُور مُنْحَصِرَة فِي الْعَشْر الْأَوَاخِر مِنْ شَهْر رَمَضَان، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْقَوْل قَبْل مُضِيّ أَوَّل لَيْلَة مِنْ الْعَشْر فِي أَوَّل جُزْء مِنْ اللَّيْلَة الْأَخِيرَة مِنْ الشَّهْر، وَإِنْ كَانَ بَعْد مُضِيّ لَيْلَة مِنْ الْعَشْر أَوْ أَكْثَر لَمْ تَطْلُق إِلَّا فِي أَوَّل جُزْء مِنْ مِثْل تِلْكَ اللَّيْلَة فِي السَّنَة الثَّانِيَة، وَعَلَى قَوْل مَنْ يَقُول هِيَ مُنْتَقِلَة لَا تَطْلُق إِلَّا فِي أَوَّل جُزْء مِنْ اللَّيْلَة الْأَخِيرَة مِنْ الشَّهْر.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الجمعة ﴿ 6 ﴾
۞۞
۞۞۞۞۞۞