📁 آخر الأخبار

‏‏باب العين والصاد وما يثلثهما‏


‏‏باب العين والصاد وما يثلثهما‏

‏‏باب العين والصاد وما يثلثهما‏

‏(‏عصف‏)‏ العين والصاد والفاء أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على خِفّةٍ وسرعة‏.
‏ فالأوَّل من ذلك العَصْف‏:
‏ ما على الحبِّ من قُشور التّبن‏.
‏ والعَصْف‏:
‏ ما على ساق الزَّرع من الوَرَق الذي يَبس فتفتَّت، كل ذلك من العَصْف‏.
‏ قال الله سبحانه‏:
‏‏{‏فَجَعَلَهُم كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ‏}‏ ‏[‏الفيل 5‏]‏، قال بعضُ المفسِّرين‏:
‏ العصف‏:
‏ وكان ابنُ الأعرابي يقول‏:
‏ العَصْف‏:
‏ ورقُ كلِّ نابت‏.
‏ ويقال‏:
‏ عَصَفْتُ الزَّرْعَ، إذا جَزَزْتَ أطرافَه وأكلتَه، كالبقل‏.
‏ ويقال‏:
‏ مكانٌ مُعْصِف، أي كثير العَصْف‏.
 قال‏:
‏ إذا جُمادَى مَنَعَتْ قَطْرَها
***
 زانَ جَنابِي عَطَنٌ مُعْصِفُ
ويقال للعَصْف‏:
‏ العَصِيفة والعُصافة‏.
‏ قال الفرّاء‏:
‏ إذا أخذْتَ العصيفةَ عن الزَّرع فقد اعتُصِف‏.
‏ والريح العاصف‏:
‏ الشَّديدة‏.
‏ قال الله تعالى‏:
‏ ‏{‏جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ‏}‏ ‏[‏يونس 22‏]‏‏.
‏ هذا الذي ذكره الخليل، ومعنى الكلام أنَّها تستخِفُّ الأشياءَ فتذهبُ بها تَعصِف بها‏.
ويقال أيضاً‏:
‏ مُعْصِف ومُعْصِفة‏.
‏ قال العجَّاج‏:
‏ * والمُعْصِفاتِ لا يَزَلْنَ هُدَّجا * وقال بعض أهلِ العلم‏:
‏ ريح عاصفةٌ نعتٌ مبنيٌّ* على فَعَلَتْ عَصَفتْ‏.
‏ وريح عاصفٌ‏:
‏ ذات عُصُوف، لا يُراد به فَعَلَت، وخرجَتْ مخرجَ لابنٍ وتامِر‏.
‏ ومن قياس الباب‏:
‏ النَّاقة العَصُوف‏:
‏ التي تَعصِف براكبها فتمضي كأنّها ريحٌ في السُّرعة‏.
ويقال أعصفَتْ أيضاً‏.
‏ والحَرب تَعْصِف بالقوم‏:
‏ تذهبُ بهم‏.
‏ قال الأعشَى‏:
‏ في فيلقٍ جأوَاءَ ملمومةٍ
***
 تَعْصِفُ بالدَّارع والحاسرِ ونعامةٌ عَصوفٌ‏:
‏ سريعة‏.
‏ وقد قلنا إنَّ العَصْف‏:
‏ الخِفَّة والسُّرعة‏.
‏ ومن الباب‏:
‏ عَصَف واعتصف، إذا كسب‏.
‏ وذاك أنّه يخفُّ في اكتداحِه‏.
 قال‏:
‏ * من غير ‏[‏ما‏]‏ عَصْفٍ ولا اصطراف * وهو ذو عَصْفٍ، أي حيلة‏.
‏(‏عصل‏)‏ العين والصاد واللام أصلٌ واحدٌ صحيح يدلُّ على اعوجاج في الشيء، مع شدَّةٍ وكَزَازة‏.
‏ قال أهل اللُّغة‏:
‏ العَصل‏:
‏ اعوجاجُ الناب مع شِدّته‏.
 قال‏:
‏ * على شَنَاحٍ نابُه لم يَعْصَلِ * والأعصل من الرِّجال‏:
‏ الذي عصِلَت ساقُه وذِراعُه، أي اعوجَّتا اعوجاجاً شديداً‏.
‏ والشّجرة العَصِلة‏:
‏ العَوجاء التي لا يُقدَر على إقامتها‏.
‏ وسهمٌ أعصلُ‏:
‏ معوجّ‏.
‏ قال لبيد‏:
‏ فرميت القوم رِشقاً صائباً
***
 ليس بالعُصْل ولا بالمفتَعَل وقال في الشَّجر‏:
‏ وقَبيلٌ من عُقيلٍ صادقٌ
***
 كلُيوثٍ بين غابٍ وعَصَلْ أراد بالعُصْل في البيت الأوّل السِّهامَ المعوجّة‏.
‏ يقول‏:
‏ لم تُفْتَعَلْ تلك الساعة عند الحاجة إليها ولكنَّها عملت من قبل‏.
‏ ويقال‏:
‏ عَصَل السَّهمُ وعَصِل، إذا اضطرب حين يُرسَل، لعِوَج فيه أو سوء نزع‏.
‏ وعَصِل الكلبُ، إذا طرد الطَّريدةَ ثم اضطرب والتوى يأساً منها‏.
‏ وشجرةٌ عصلاءُ‏:
‏ طالت واعوجَّت‏.
‏ وتشبّه بها المهزولة‏.
‏ ‏[‏قال‏]‏‏:
‏ ليست بعَصْلاءَ تَذْمِي الكلبَ نَكهتها
***
 ولا بعنْدَلةٍ يَصْطَكُّ ثدياها والعَصَل‏:
‏ التواءٌ في عسيب الذَّنَب حتى يبرُزَ بعضُ باطنِه الذي لا شَعَْر عليه‏.
‏ وهو فرسٌ أعصل‏.
‏ والأعْصال‏:
‏ الأمعاء، وهو القياس وذلك لالتوائها في طُول‏.
 قال‏:
‏ * يرمي به الجَزْعُ إلى أعْصالها * والعَصَل‏:
‏ صلابةٌ في اللَّحم، ومنه أيضاً عَصَّلَ يُعَصِّلُ تَعْصِيلا، إذا أبطأ
 قال‏:
‏ * فَعَصَّلَ العَمْرِيُّ عَصْلَ الكلبِ *
‏(‏عصم‏)‏ العين والصاد والميم أصلٌ واحدٌ صحيحٌ يدلُّ على إمساكٍ ومنْع وملازمة‏.
‏ والمعنى في ذلك كلِّه معنىً واحد‏.
‏ من ذلك العِصْمة‏:
‏ أن يعصم اللهُ تعالى عَبْدَه من سوءٍ يقع فيه‏.
‏ واعتصم العبدُ بالله تعالى، إذا امتنع‏.
‏ واستَعْصَم‏:
‏ التجأ‏.
‏ وتقول العربُ‏:
‏ أعْصَمتُ فلاناً، أي هيّأتُ له شيئاً يعتصم بما نالته يدُه أي يلتجئ ويتمسَّك به‏.
‏ قال النَّابغة‏:
‏ يَظلُّ مِن خوفِه المَلاَّحُ مُعتَصِماً
***
 بالخيزُرانةِ من خوفٍ ومن رَعَدِ والمُعْصِم من الفرسان‏:
‏ السيِّئ الحال في فُرُوسَتِه، تراه يمْتَسِك بُعرْف فرسِه أو غيرِ ذلك‏.
 قال‏:
‏ إذا ما غَدَا لم يُسْقِطِ الرَّوْعُ رُمْحَه
***
 ولم يَشْهَدِ الهَيجا بألْوَثَ مُعْصِمِ والعِصْمَةُ‏:
‏ كلُّ شيءٍ اعتصَمْتَ به‏.
‏ وعَصَمَهُ الطَّعَامُ‏:
‏ منعه من الجُوع‏.
‏ ومن الباب العَصِيمُ، وهو الصَّدَأُ من الهِناء والبَوْل يَيْبَسُ على فخِذ الناقة‏.
 قال‏:
‏ وأَضحى عن مِراسِهِمُ قتيلاً
***
 بلَبَّتِه سَرائحُ كالعَصيم وأثَر الخِضاب عَصيم، والمُعصَم‏:
‏ الجِلد لم يُنَحَّ وبرُه عنه، بل أُلزِم شعرَه لأنه لا يُنْتَفع به‏.
‏ يقال‏:
‏ أعصَمْنا الإهاب‏.
‏ قال الأصمعي‏:
‏ العُصْم‏:
‏ أثر كلِّ شيء من وَرْس أو زَعْفَرانٍ أو نحوه‏.
 قال‏:
‏ وسمعتُ امرأةً من العرب تقول لأخُرى‏:
‏ ‏"‏أعطِيني عُصْم حِنَّائِكِ‏"‏ أي ماسَلَتِّ منه‏.
‏ ويقال‏:
‏ بيده عُصْمَة خَلُوقٍ، أي أثره‏.
‏ قلنا‏:
‏ وهذا الذي ذكره الأصمعي من كلام المرأةِ مخالفٌ لقوله إن العُصْم‏:
‏ الأثَر، لأنها لم تَسْأل الأثر‏.
‏ والصحيح في هذا أن يقال العُصْم‏:
‏ الحِنّاء؛ ما لزِم يدَ المختضِبَةِ، وأثرُه بعد ذلك عُصْم، لأنَّه باقٍ ملازم‏.
‏ ومما قِيس على عُصْمِ الحِنَّاء‏:
‏ العُصْمة‏:
‏ البياض يكون برُسْغ ذي القوائم‏.
‏ من ذلك الوَعِلُ الأعصم، وعُصْمَتُه‏:
‏ بياضٌ في رُسغِه، والجمع من الأعصم عُصْم وقال‏:
‏ مَقاديرُ* النُّفوس مؤقَّتات
***
 تَحُطُّ العُصْمَ من رأس اليَفَاعِ وقال الأعشى‏:
‏ قد يَتْرُكُ الدّهرُ في خُلَقَاءَ راسيةٍ
***
 وَهْياً ويُنْـزِل منها الأعصمَ الصَّدَعا ويقال‏:
‏ غرابٌ أعْصَم، إذا كان ذلك الموضع منه أبيض، وقلّما يُوجَد‏.
‏ قال ابنُ الأعرابيّ‏:
‏ العُصْمة في الخيل بياضٌ قلَّ أو كثُر، باليدين دون الرجلين فيقولون‏:
‏ هو أعصَمُ اليدين‏.
‏ وكلُّ هذا قياسُه واحد، كأنَّ ذلك الوَضَحَ أثرٌ ملازمٌ لليد كما قلناه في عصم الحنَّاء‏.
‏ومن الباب العِصْمة‏:
‏ القِلادة، سمِّيت بذلك للزومِها العُنق‏.
‏ قال لبيدٌ فجمعها على أعصام، كأنه أراد جمع عُصْم‏:
‏ حتَّى إذا يَئِس الرُّماةُ وأرسَلُوا
***
 غُضْفاً دواجنَ قافِلاً أعصامُها ومن الباب‏:
‏ عِصام المحْمِل‏:
‏ شِكاله وقَيْدُه الذي يُشَدُّ به عارضاه‏.
‏ وعصامُ القِربة‏:
‏ عِقالٌ نحو ذراعين، يُجعلُ في خُرْبَتي المزداتين لتلتقيا‏.
‏ وقد أعْصَمْتهما‏:
‏ جعلت لهما عِصاماً‏.
‏ قال تأبَّط شراً‏:
‏ وقِرْبةِ أقوامٍ جعلتُ عصامَها
***
 على كاهلٍ مِنِّي ذَلولٍ مُرَحَّلِ
 قال‏:
‏ ولا يكون للدَّلْوِ عِصام‏.
‏ ومن الباب مِعْصم المَرْأة، وهو موضعُ السِّوارَين مِن ساعدَيها‏.
‏ وقال‏:
‏ فاليومَ عندك دَلُّها وحديثُها
***
 وغَداً لغيرك كَفُّها والمِعصمُ وإنما سمِّي مِعْصماً لإمساكه السِّوار، ثم يكون معصماً ولا سِوار‏.
‏ ويقال‏:
‏ أعصَمَ به وأخْلَدَ، إذا لزِمَه‏.
‏ وعِصامٌ‏:
‏ رجل‏.
‏ والعرب تقول عند الاستخبار‏:
‏ ‏"‏ما وراءَكَ يا عصام‏؟‏‏"‏، والأصل قولُ النابغة‏:
‏ * ولكنْ ما وراءَكَ يا عصامُ * ويقولون للسَّائِدِ بنفسه لا بآبائه‏:
‏ * نفسُ عِصامٍ سوَّدَتْ عِصَاما *
‏(‏عصو/ي‏)‏ العين والصاد والحرف المعتل أصلانِ صحيحان، إلاَّ أنَّهما متبايِنان يدلُّ أحدهما على التجمُّع، ويدلُّ الآخر على الفُرْقة‏.
‏ فالأوَّل العصا، سمِّيت بذلك لاشتمالِ يدِ مُمْسِكِها عليها، ثم قيس ذلك فقيل للجماعة عَصاً‏.
‏ يقال‏:
‏ العَصَا‏:
‏ جماعةُ الإسلام، فمن خالَفَهم فقد شقَّ عصا المسلمين‏.
‏ وإذا فعل ذلك فقُتِل قيلَ له‏:
‏ هو قتيلُ العَصا، ولا عَقْلَ له ولا قَوَدَ فيه‏.
‏ ويقولون‏:
‏ هذه عَصاً، وعَصَوان، وثلاثُ أعصٍ‏.
‏ والجمع من غير عددٍ عِصِيٌّ وعُصِيّ‏.
‏ ويقيسون على العصا فيقولون‏:
‏ عَصَيْتُ بالسَّيف‏.
‏ وقال جرير‏:
‏ تصِفُ السُّيوفَ وغيركم يَعْصَى بها
***
 يا ابنَ القُيونِ وذاك فِعْلُ الصَّيْقلِ وقال آخر‏:
‏ وإنّ المشرفيّةَ قد علمتم
***
 إذا يَعْصَى بها النفَرُ الكرامُ وقال في تثنية العصا‏:
‏ فجاءَتْ بِنَسْجِ العنكبوتِ كأنَّه
***
 على عَصَوَيْها سابريٌّ مُشَبْرَقُ ومن الباب‏:
‏ عَصَوْت الجُرْح أعْصُوه، أي داوَيْتُه‏.
‏ وهو القياس، لأنّه يتلأّم أي يتجمَّع‏.
‏ وفي أمثالهم‏:
‏ ‏"‏ألقى فلانٌ عصاه‏"‏‏.
‏ وذلك إذا انتهى المسافرُ إلى عُشْبٍ وأزمع المقامَ ألقى عصاه‏.
 قال‏:
‏ فألقَتْ عصاها واستقرَّ بها النَّوى
***
 كما قرَّ عيناً بالإيابِ المسافرُ ومن الباب قولُه صلى الله عليه وآله وسلم‏:
‏ ‏"‏لا تَرْفَع عصاك عن أهلك‏"‏، لم يُرِد العصا التي يُضرب بها، ولا أمَر أحداً بذلك، ولكنَّه أراد الأدب‏.
‏ قال أبو عبيد‏:
‏ وأصل العصا الاجتماع والائتلاف‏.
‏ وهذا يصحِّح ما قلْناه في قياس هذا البناء‏.
‏ والأصل الآخَر‏:
‏ العِصيانُ والمَعصية‏.
‏ يقال‏:
‏ عَصَى، وهو عاصٍ، والجمع عُصاة وعَاصون‏.
‏ والعاصي‏:
‏ الفَصِيل إذا عَصَى أُمَّه في اتِّباعها‏.
‏(‏عصب‏)‏ العين والصاد والباء أصلٌ صحيحٌ واحد يدلُّ على رَبْط شيءٍ بشيء، مستطيلاً أو مستديراً‏.
‏ ثم يفرّع ذلك فروعاً، وكلّه راجعٌ إلى قياس واحد‏.
‏ من ذلك العَصَب‏.
‏ قال الخليل‏:
‏ هي أطناب المفاصل التي تُلائِم بينها، وليس بالعَقَب‏.
‏ ويقال‏:
‏ لحمٌ عصِب، أي صلب مكتنِزٌ كثير العصَب‏.
‏ وفلانٌ معصوب الخَلْق، أي شديد اكتنازِ اللَّحم‏.
‏ وهو حَسَن العَصْب، وامرأته حَسَنة* العَصْب‏.
‏ والعَصْب‏:
‏ الطيُّ الشديد‏.
‏ ورجلٌ مَعصوب الخَلْق كأنَّما لُوِيَ لَيَّاً‏.
‏ قال حسان‏:
‏ ذَروا التّخاجِئَ وامْشُوا مِشيةً سُجُحاً
***
 إنَّ الرِّجالَ ذوو عَصْبٍ وتذكيرِ وإنّما سمِّي العَصِيب من أمعاء الشَّاء لأنَّه معصوبٌ مطويٌّ‏.
‏ فأمّا قولهم للجائع معصوب، فقال قوم‏:
‏ هو الذي تكاد أمعاؤُه تَعْصَب، أي تَيْبَس‏.
‏ وليس هذا بشيء، إنَّما المعصوبُ الذي عَصَب بَطْنَه من الجُوع‏.
‏ ويقال‏:
‏ عَصَّبَهم، إذا جوَّعَهم‏.
‏ قال ابنُ الأعرابيّ‏:
‏ المُعَصَّب‏:
‏ المحتاج، من قولهم عَصَّبَهُ الجوعُ، وليس هو الذي رَبَط حجراً أو غيره‏.
‏ وقال أبو عبيد‏:
‏ المُعَصَّب الذي يتعصَّب من الجوع بالخِرَق‏.
‏ والقولُ ما قاله أبو عبيدٍ، للقياس الذي قِسناه، ولأنَّ قولَه أشهَرُ عند أهل العِلْم‏:
‏ وقال أبو زيد‏:
‏ المُعَصَّب‏:
‏ الذي عَصَّبته السِّنونَ، أي أكلَتْ مالَه، وهذا صحيحٌ، وتلخيصُه أنَّها ذهَبَتْ بمالِهِ فصار بمنزلة الجائع الذي يَلجأ إلى التَّعصُّبِ بالخرق‏.
‏ وقال الخليل‏:
‏ والعَصْب من البُرُود‏:
‏ يُعصَب، أي يُدرَجُ غَزْلُه، ثم يُصبَغ ثمّ يحاك‏.
 قال‏:
‏ ولا يُجمَع، إنَّما يقال بُرْدُ عَصْبٍ وبُرودُ عَصْبٍ؛ لأنَّه مضافٌ إلى الفِعل‏.
‏ ومن الباب‏:
‏ العِصابة‏:
‏ الشَّيء يُعْصَب به الرَّأسُ من صُداعٍ‏.
‏ لا يقال إلاَّ عِصابة بالهاء، وما شَدَتَ به غيرَ الرَّأْس فهو عِصابٌ بغير هاء، فَرَقوا بينَهما ليُعرَفا‏.
‏ ويقال‏:
‏ اعْتَصَب بالتَّاج وبالعِمامة‏.
‏ قال الشَّاعر‏:
‏ يَعتصِبُ التَّاجَ بين مَفرِقِه
***
 على جَبينٍ كأنَّه الذَّهبُ وفلانٌ حَسَنُ العِصْبة، أي الاعتصاب‏.
‏ وعَصَّبْتُ رأسَه بالعصا والسَّيف تعصبياً، وكأنَّه من العِصابة‏.
‏ وكان يقال لسعيد بن العاص بن أُمَيَّة‏:
‏ ‏"‏ذو العِصابة‏"‏، لأنَّه كان إذا اعتمَّ لم يعتمَّ قرشيٌّ إعظاماً له‏.
‏ ويُنشِدون‏:
‏ أبو أحيحة مَن يعتمَّ عِمّتَه
***
 يُضْرَبْ وإن كان ذا مالٍ وذا عَددِ ومن الباب‏:
‏ العَصَّاب‏:
‏ الغزّال، وهو القياس لأنَّ الخَيط يُعصَب به‏.
 قال‏:
‏ * طَيَّ القَسَاميِّ برودَ العَصَّابْ * والشجرة تُعْصَب أغصانُها لينتثِر ورقُها‏.
‏ ومنه قول الحجّاج‏:
‏ ‏"‏لأعصِبنَّكم عَصْبَ السَّلَمة ‏"‏‏.
‏ والعِصاب‏:
‏ العصائب التي تعصب الشَّجرة، عن دوجها فيه‏.
 قال‏:
‏ مَطاعيم تغدو بالعَبِيطِ جِفانهمْ
***
 إذا القُرُّ ألْوَت بالعِضاه عصائبه وقال ابن أحمر‏:
‏ يا قوم ما قومِي على نأيِهِمْ
***
 إذْ عَصَبَ النَّاسَ جَهامٌ وقُرّْ أي جَمَعَهم وضَمَّهم‏.
‏ ويُعْصَب فَخِذ النّاقة لتَدُِرّ‏.
 قال‏:
‏ وأخلاقُنا إعطاؤنا وإباؤُنا
***
 إذا ما أبينا لا ندرُّ لعاصِبِ أي لا نُعطِي على القَسْر‏.
‏ والعَصُوب من الإبل هذه؛ وهي لا تدرّ حتَّى تُعصَب‏.
‏ والعَصْب‏:
‏ أن يشَدَّ أُنثَيا الدَّابّة حتَّى تَسقُطا، وهو معصوبٌ‏.
‏ ويقال‏:
‏ عَصَب الفَمُ، وهو ريقٌ يجتمع على الأسنان من غبارٍ أو شدَّة عَطَش‏.
 قال‏:
‏ يَعصِبُ فاه الرِّيقُ أيَّ عَصْبِ
***
 عَصْبَ الجُبابِ بِشِفاه الوطْبِ ومن الباب‏:
‏ العُصْبة، قال الخليل‏:
‏ هم من الرِّجال عَشرة، ولا يقال لما دونَ ذلك عُصْبة‏.
‏ وإنَّما سمِّيت عُصْبةً لأنَّها قد عُصِبت، أي كأنَّها رُبِط بعضُها ببعض‏.
‏ والعُصْبَة والعِصَابة من النَّاس، والطَّير، والخيل‏.
‏ قال النَّابغة‏:
‏ إذا ما التقى الجمعانِ حَلَّقَ فوقَهم
***
 عصائبُ طيرٍ تهتدي بعصائبِ واعصوصَبَ القَومُ‏:
‏ صاروا عِصابة‏.
‏ واليوم العَصيب‏:
‏ الشَّديد‏.
‏ واعصَوصَبَ اليومُ‏:
‏ اشتدَّ‏.
‏ ويوم عَصَبْصَبٌ واعْصَوْصَبَتْ‏:
‏ تجمَّعتْ‏.
 قال‏:
‏ واعْصَوصَبَتْ بَكَراً من حَرْجَفٍ ولها
***
 وسْطَ الدِّيار رَذِيَّاتٌ مرازيحُ قال أبو زيد‏:
‏ كلُّ شيءٍ بشيء فقد عَصَب به‏.
‏ يقال‏:
‏ عَصَبَ القومُ بفلان‏.
 قال‏:
‏ ومنه سميت العَصَبَةُ، وهم قَرَابة الرَّجُل لأبيه وبني عمِّه، وكذلك كلُّ شيءٍ استدارَ حول شيءٍ واستكفَّ فقد عَصِبَ به‏.
‏ قال ابنُ الأعرابيِّ‏:
‏ عَصَبَ به وعَصَّب، إذا طافَ به ولزِمَه‏.
‏ وأنشد‏:
‏ ألا ترى أنْ قد تدَاكا وِردُ
***
 وعَصَّبَ الماء طِوالٌ كبْدُ تَدَاكأ‏:
‏ تَدافَع‏.
‏ وعَصَبَ الماء‏:
‏ لزِمه‏.
‏ قال أبو مهديّ‏:
‏ عَصَِبت الإبلُ بالماء تَعصب عُصُوباً، إذا دارَتْ حَولَه وحامت عليه‏.
 قال‏:
‏ * قد علمت أنِّي إذا الوِرْدُ عَصَبْ * وما عَصَبت بذلك المكان ولا قَرَِبته‏.
‏ قال الخليل‏:
‏ العَصَبَة هم الذين يَرِثون الرّجُلَ عن كَلالةٍ من غير والدٍ ولا ولد‏.
‏ فأمَّا الفرائض فكلُّ مَن لم تكن فريضتُه مسمَّاةً فهو عَصَبَة، إنْ بَقِيَ بعد الفرائض شيءٌ أخذوه‏.
‏ قال الخليل‏:
‏ ومنه اشتُقَّ العَصَبِيّة‏.
‏ قال ابن السِّكِّيت‏:
‏ ذاك رجلٌ من عَصَب القوم، أي من خيارهم‏.
‏ وهو قياسُ الباب لأنَّه تُعصب بهم الأمور‏.
‏(‏عصر‏)‏ العين والصاد والراء أصولٌ ثلاثة صحيحة‏:
‏ فالأوَّل دهرٌ وحين، والثاني ضَغْط شيء حتَّى يتحلَّب، والثالث تَعَلُّقٌ بشيءٍ وامتساكٌ به‏.
‏ فالأوَّل العَصْر، وهو الدَّهر‏.
‏ قال الله‏:
‏ ‏{‏وَالعَصْرِ‏.
‏ إنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ‏}‏ ‏[‏العصر 1- 2‏]‏‏.
‏ وربَّما قالوا عُصُر‏.
‏ قال امرؤ القيس‏:
‏ ألا أنْعِمْ صباحاً أيُّها الطَّلَلُ البالي
***
 وهل يَنْعِمَنْ مَن كان في العُصُر الخالي قال الخليل‏:
‏ والعَصْران‏:
‏ اللَّيل والنهار‏.
 قال‏:
‏ ولَنْ يلبث العَصْرانِ يومٌ وليلة
***
 إذا اختلفا أن يُدرِكا ما تَيَمَّما قالوا‏:
‏ وبه سمِّيت صَلاةُ العصر، لأنَّها تُعْصَر، أي تؤخَّر عن الظُّهر‏.
‏ والغداة والعشيُّ يسمَّيان العصرين‏.
 قال‏:
‏ * المطعمو النّاسِ اختلافَ العَصْرَيْن * ابن الأعرابيّ‏:
‏ أعْصَر القومُ وأقْصَرُوا، من العَصْر والقَصْر‏.
‏ ويقال‏:
‏ عَصّروا واحتبسوا إلى العصر‏.
‏ وروي حديث أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لرجلٍ‏:
‏ ‏"‏حافِظْ على العَصْرَين‏"‏‏.
‏ قال الرَّجل‏:
‏ وما كانت من لغتنا، فقلت‏:
‏ وما العصران‏؟‏
 قال‏:
‏ ‏"‏صلاةٌ قبلَ طُلوع الشَّمس، وصلاةٌ قبل غروبها‏"‏، يريد صلاة الصُّبح وصلاة العصر‏.
‏ فأمّا الجارية المُعصِر فقد قاسه ناسٌ هذا القياس، وليس الذي قالوه فيه ببعيد‏.
‏ قال الخليل وغيره‏:
‏ الجارية إذا رأت في نفسها زيادةَ الشَّباب فقد أعْصَرَتْ، وهي مُعْصِرٌ بلغت عَصْرَ شبابِها وإدراكها‏.
‏ قال أبو ليلى‏:
‏ إذا بلغت الجاريةُ وقَرُبت من حَيْضها فهي مُعْصِر‏.
‏ وأنشد‏:
‏ جاريةٌ بسَفَوان دارُها
***
 قد أعصَرَتْ أو قَدْ دنا إعصارُها قال قومٌ‏:
‏ سمِّيت معصراً لأنَّها تغيَّرَت عن عَصْرها‏.
‏ وقال آخرونَ فيه غير هذا، وقد ذكرناه في موضعه‏.
‏ والأصل الثَّاني العُصارة‏:
‏ ما تحَلَّبَ من شيءٍ تَعصِره‏.
 قال‏:
‏ * عصارة الخُبز الذي تَحَلَّبا * وهو العصير‏.
‏ وقال في العُصَارة‏:
‏ العودُ يُعصَر ماؤُه
***
 ولكلِّ عِيدانٍ عُصَارهْ وقال ابن السِّكِّيت‏:
‏ تقول العربُ‏:
‏ ‏"‏لا أفعله مادامَ الزيتُ يُعْصَر‏"‏‏.
‏ قال أوس‏:
‏ * فلا بُرْء من ضَبَّاءَ والزيتُ يُعْصَر * والعرب تجعل العُصارة والمُعْتَصَر مثلاً للخير والعطاء، إنه لكريم العُصارة وكريم المعتصر‏.
‏ وعَصَرت العنب، إذا وَلِيتَه بنَفْسك‏.
‏ واعتصرته، إذا عُصِر لك خَاصّةً‏.
‏ والمِعْصار‏:
‏ شيء كالمِخْلاة يُجعل فيه العِنَبُ ويُعصَر‏.
‏ ومن الباب‏:
‏ المُعْصِرات‏:
‏ سحائبُ تجيءُ بمطَر‏.
‏ قال الله سبحانه‏:
‏‏{‏وَأَنْزَلْنَا مِنَ المُعْصِراتِ مَاءً ثَجّاجاً‏}‏ ‏[‏النبأ 14‏]‏‏.
‏ وأُعْصِرَ القومُ، إذا أتاهم المطر‏.
‏ وقرئت‏:
‏ ‏{‏فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفيهِ يُعْصَرُون‏}‏ ‏[‏يوسف 49‏]‏، أي يأتيهم المطر‏.
‏ وذلك مشتقٌّ من عَصْر العنب وغيره‏.
‏ فأمَّا الرِّياح وتسميتُهم إيَّاها المُعْصِرات فليس يبعُد أنْ يُحمَل على هذا الباب من جهة المجاورَة، لأنَّها لمّا أثارت السَّحابَ المعصرات سمِّيت معصِرات وإعصاراً‏.
‏ قال في المُعصِرات‏:
‏ وكأنَّ سُهْكَ المُعْصِرات كَسَوْنها
***
 تُرْبَ الفَدَافِدِ والبقاعِ بِمُنْخُلِ والإعصار‏:
‏ الغبار الذي يسطع مستديراً*؛ والجمع الأعاصير‏.
 قال‏:
‏ وبينما المرءُ في الأحياءِ مغتبطاً
***
 إذ صار في الرَّمْسِ تَعفوه الأعاصيرُ
ويقال في غُبار العَجاجة أيضاً‏:
‏ إعصار‏.
‏ قال الله تعالى‏:
‏ ‏{‏فأَصَابَها إعصارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ‏}‏ ‏[‏البقرة 266‏]‏‏.
‏ ويقال‏:
‏ مرَّ فلانٌ ولثيابهِ عَصَرَةٌ، أي فَوْحُ طِيبٍ وهَيْجُه‏.
‏ وهو مأخوذ من الإعصار‏.
‏ وفي الحديث‏:
‏ ‏"‏مرَّت امرأة متطيِّبة لذَيْلها عَصَرَة‏"‏‏.
‏ ومن الباب العَصْر والاعتصار‏.
‏ قال الخليل‏:
‏ الاعتصار‏:
‏ أن يَخْرُج من إنسانٍ مالٌ بغُرْمٍ أو بوجه من الوُجوه‏.
‏ قال ابنُ الأعرابيّ‏:
‏ يقال‏:
‏ بنو فلانٍ يعتصرون العطاء‏.
‏ قال الأصمعي‏:
‏ المعْتَصِر‏:
‏ الذي يأخذ من الشَّيء يُصيب منه‏.
‏ قال ابن أحمر‏:
‏ وإنَّما العَيشُ برُبَّانِهِ
***
 وأنت من أفنانِهِ مُعْتَصِرْ
ويقال للغَلّة عُصارة‏.
‏ وفسِّر قولُه تعالى‏:
‏ ‏{‏وفيه يَعْصِرُون‏}‏ ‏[‏يوسف 49‏]‏،
 قال‏:
‏ يستغلُّون بأرَضيهِم‏.
‏ وهذا من القياس، لأنَّه شيءٌ كأنّه اعْتُصر كما يُعتَصر العِنَبُ وغيرُه‏.
‏ قال الخليل‏:
‏ العَصْر‏:
‏ العطاء‏.
‏ قال طرَفة‏:
‏ لو كان في أملاكنا أحدٌ
***
 يَعصِرُ فينا كالذي تَعْصِرُ أي تُعطِي‏.
‏ والأصل الثالث‏:
‏ العَصَر‏:
‏ الملجأ، يقال اعتَصَر بالمكان، إذا التجأ إليه‏.
‏ قال أبو دُواد‏:
‏ مِسَحٍّ لا يواري العَيـ
***
 ـرَ منه عَصَرُ اللَّهْبِ ويقال‏:
‏ ليس لك من هذا الأمر عُصْرة، على فُعلة، وعَصَر على تقدير ‏[‏فَعَلٍ، أي ‏]‏ ملجأ‏.
‏ وقال في العُصْرَة‏:
‏ * ولقد كان عُصْرةَ المنجودِ *
ويقال في قول القائل‏:
‏ أعْشَى رأيتَ الرُّمْحَ أو هو مبصرٌ
***
 لأستاهكمْ إذ تطرحون المَعَاصِرا إنّ المعاصر‏:
‏ العمائم‏.
‏ وقالوا‏:
‏ هي ثيابٌ سُود‏.
‏ والصحيح من ذلك أنَّ المعاصر الدّروع، مأخوذ من العَصْر، لأنّه يُعْصَرُ بها‏.
‏ والله أعلم‏.
‏ 

۞۞۞۞۞۞۞۞
 كتاب العين ﴿ 21 ﴾ 
۞۞۞۞۞۞۞۞


كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات