باب الشين والياء وما يثلثهما
باب الشين والياء وما يثلثهما
(شيأ) الشين والياء والهمزة كلمةٌ واحدة.
يقال شَيَّأ الله وجْهَه؛ إِذا دعا عليه بالقُبح.
ووجهٌ مُشَيَّأٌ.
وأنشد:
إِنَّ بَنِي فزارةَ بنِ ذُبيانْ
***
قد طَرَّقَتْ ناقتُهم بإنسانْ مُشَيَّأٍ أعجِبْ بِخَلْقِ الرَّحمن
(شيب) الشين والياء والباء.
هذا يقرب من باب الشين والواو والباء، وهما يتقاربان جميعاً في اختلاط الشّيء بالشيء.
من ذلك الشَّيب:
شَيب الرأس؛ يقال شاب يَشيب.
قال الكسائيّ:
شيّب الحُزنُ رأَسَه وبرأسه، وأشابَ الحُزْن رأسَه وبرأْسه.
والرجل إِذا شابَ فهو أَشْيَب.
والشِّيب:
الجبال يسقُط عليها الثلج، وهو من الشَّيْب.
وقال الشاعر:
شيوخٌ تَشِيب إِذا ما شتَت
***
وليسَ المشيبُ عليها معيبا يريد الجبال إِذا ابيضَّت من الثلج.
ووجدت في تفسير شعر عبيد في قوله:
* والشَّيبُ شَينٌ لمن يشِيبُ* أنَّ الشَّيب والمَشِيب واحد.
قال:
وقال الأصمعيّ:
الشَّيب:
بياض الشَّعر، والمشيبُ:
دخولُ الرَّجُل في حدِّ الشِّيبِ من الرِّجال ذوي الكِبَر والشَّيب.
وقال أيضاً في هذا الموضع:
قال ابن السّكّيت في قول عديٍّ:
* والرأسُ قد شابَهُ المَشِيبُ* أراد بَيّضه المَشيب، وليس معناه خالَطَه، وأنشد:
قد رابَه ولِمِثْلِ ذلك رابَهُ
***
وَقَعَ المَشيبُ على المشيبِ فشابَهُ أي بَيَّضَ مسوَدَّه.
وشِيبان ومِلْحان:
شهرا*قِماح، وهما أشدُّ الشتاء برداً؛ سمِّيا بذلك لبياض الأرض بما عليها من الصَّقيع.
ومما شذَّ عن هذا الباب قولُهم:
باتت فلانة بليلةِ شَيْباءَ، إِذا افْتُضَّت.
وباتَتْ بليلةِ حُرّةٍ، إِذا لم تُفْتَضّ.
(شيح) الشين والياء والحاء أصلان متباينان، يدلُّ أحدهما على جِدٍّ وحَذَرٍ، والآخر على إعراض.
فأمَّا الأوَّل فقول العرب:
أشاحَ على الشيءِ، إِذا واظَبَ عليه وَجَدّ فيه قال الراجز:
* قُبَّاً أطاعَت راعياً مُشِيحاً* وقال آخر:
* وشايَحْتَ قبل اليَومِ إِنَّكَ شِيحُ* وأمَّا الشِّياح فالحِذَار.
ورجل شائحٌ.
وهو قوله:
* شايَحْن منه أَيَّما شِيَاحِ* والمَشْيُوحاء:
أَنْ يكون القومُ في أمرٍ يَبْتَدِرونه؛ يقال هم في مَشْيُوحاءَ.
وأما الآخر فيقال:
أشاحَ بوجهه، أي أعرض.
ويقال إِنَّ اشتقاقَه من قولهم أشاحَ الفرسُ بذنَبه، إذا أرخاه.
ومما شذَّ عن البابين جميعاً:
الشِّيح، وهو نبتٌ.
(شيخ) الشين والياء والخاء كلمة واحدة، وهي الشَّيخ.
تقول:
هو شيخٌ، وهو معروف، بيِّن الشَّيخوخة والشَّيَخ والتّشييخ.
وقد قالوا أيضاً كلمةً، قالوا:
شَيَّخت عليه.
(شيد) الشين والياء والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على رفعِ الشّيء.
يقال شِدْت القَصر أَشِيدُهُ شَيْداً.
وهو قصرٌ مَشِيدٌ، أي معمولٌ بالشِّيد.
وسمِّي شِيداً لأنَّ به يُرفَعُ البناء.
يقال قَصرٌ مَشِيدٌ أي مُطَوّل.
والإشادة:
رفْع الصَّوت والتنويه.
(شيص) الشين والياء والصاد.
يقال إنَّ الشِّيص أردأ التَّمْر.
(شيط) الشين والياء والطاء أصلٌ يدلُّ على ذَهاب الشيء، إمّا احتراقاً وإما غَيْرَ ذلك.
فالشَّيْط مِنْ شاط الشَّيءُ، إِذا احترق.
يقال شيَّطت اللَّحم.
ويقولون:
شَيَّطه، إذا دَخَّنه ولم يُنْضِجْه.
والأوَّلُ أصحُّ وأقيَس.
ومن المشتقّ من هذا:
استشاط الرَّجلُ، إذا احتدَّ غضَباً.
ويقولون:
ناقةٌ مِشياط، وهي التي يطير فيها السِّمَن.
ومن الباب الشَّيطان، يقارب الياء فيه الواو، يقال شَاط يَشِيط، إِذا بَطَل.
وأشاطَ السُّلطانُ دمَ فلانٍ، إِذا أبطَلَه.
وقد مضى الكلامُ في اشتقاقِ اسم الشَّيطان.
(شيع) الشين والياء والعين أصلان، يدلُّ أحدُهما على معاضدة ومساعفة، والآخر على بَثٍّ وإشادة.
فالأوّل:
قولُهم شَيَّعَ فلانٌ فلاناً عند شُخوصه.
ويقال آتِيكَ غداً أو شَيْعَه، أي اليوم الذي بعده، كأنَّ الثاني مُشَيِّع للأوّل في المضيّ.
وقال الشّاعر:
قال الخليطُ غداً تَصَدُّعُنا
***
أو شَيْعَه أفلا تُوَدِّعُنا وقال للشجاع:
المشيَّع؛ كأنَّه لقُوَّته قد قَوِي وشُيِّع بغيره، أو شُيِّع بقُوّة.
وزعم ناسٌ أنَّ الشَّيْعَ شِبل الأسد، ولم أسمْعه من عالمٍ سَماعاً.
ويقول ناس:
إنَّ الشَّيْع المِقدار، في قولهم:
أقام شهراً أو شَيْعَه.
والصَّحيح ما قلته، في أنَّ المشيِّع هو الذي يُساعِد الآخَر ويقارنه.
والشِّيعة:
الأعوان والأنصار.
وأما الآخر [فقولهم]:
شاع الحديث، إِذا ذاع وانتشر.
ويقال شَيَّع الراعي إِبلَه، إِذا صاح فيها.
والاسم الشِّيَاع:
القصبة التي ينفُخُ فيها الراعي.
قال:
* حنينَ النِّيبِ تَطربُ للشِّياع* ومن الباب قولهم في ذلك:
له سهم شائع، إذا كان غير مقسومٍ.
وكأنَّ من لـه سهمٌ ونَصِيب انتشرَ في السَّهم حتَّى أخذه، كما يَشِيعُ الحديثُ في الناس فيأخذ سَمع كلِّ أحد.
ومن هذا الباب:
شيَّعت النّارَ في الحطب، إِذا ألهَبْتَها.
(شيق) الشين والياء والقاف كلمة.
يقال إنَّ الشِّيق الشّق الضّيق في رأس الجبل.
قال:
* شغْواء تُوطنُ بين الشِّيقِ والنِّيقِ*
(شيم) الشين والياء والميم أصلان متباينان، وكأنَّهما من باب الأضداد إِذْ أحدُهما يدلُّ على الإظهار، والآخَر يدلُّ على خلافه.
فالأول قولهم:
شِمْت السّيفَ، إذا سللَتَه.
ويقال للتُّراب الذي يُحفَر فيستخرج من الأرض الشِّيمة، والجمع الشِّيَم.
* ومن الباب:
شِمْت البرقَ أشِيمُه شَيماً، إِذا رَقَبْتَه تنظر أينَ يَصُوب.
وهذا محمول على الذي ذكرناه من شَيْم السَّيف.
وقال الأعشى:
فقلتُ للشَّرْبِ في دَُرْنا وقد ثَمِلوا
***
شيموا وكيف يَشيم الشَّارِبُ الثَّمِلُ كأنّه لما رَقَبَ السَّحاب شام بَرقَه كما يُشامُ السَّيف.
والأصل الآخَر:
قولُهم شِمت السّيفَ، إِذا قَرَبْتَه.
ومن الباب الشِّيمة:
خَلِيقة الإنسان، سمِّيت شيمةً لأنَّها كأنها مُنْشامة فيه داخلةٌ مستكِنّة.
والانشيام:
الدُّخول في الشيء؛ يقال:
انشام في الأمر، إذا دخلَ فيه.
والمَشِيمَة:
غِشاءُ وَلَدِ الإنسان، وهو الذي يقال لـه مِنْ غيرِهِ السَّلَى.
وسمِّيت بذلك كأن الولد قد انشام فيها.
فأمَّا الشَّامَة فيمكن أن يكون من الباب الأول؛ لأنَّها شيء بارزٌ، يقال منها رجلٌ أشيم، وهو الذي به شامة.
(شين) الشين والياء والنون كلمةٌ تدلُّ على خلاف الزينة.
يقال شانَه خلافُ زانه.
والله أعلم بالصواب.
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الشين ﴿ 15 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞