باب من حلف باللات والعزى فليقل لا اله الا الله
باب من حلف باللات والعزى فليقل لا اله الا الله
3107- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَقَالَ فِي حَلِفه بِاَللَّاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ: لَا إِلَه إِلَّا اللَّه» إِنَّمَا أَمَرَ بِقَوْلِ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه لِأَنَّهُ تَعَاطَى تَعْظِيم صُورَة الْأَصْنَام حِين حَلَفَ بِهَا.
قَالَ أَصْحَابنَا: إِذَا حَلَفَ بِاَللَّاتِ وَالْعُزَّى وَغَيْرهمَا مِنْ الْأَصْنَام، أَوْ قَالَ: إِنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا يَهُودِيّ أَوْ نَصْرَانِيّ أَوْ بَرِيء مِنْ الْإِسْلَام، أَوْ بَرِيء مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ نَحْو ذَلِكَ، لَمْ تَنْعَقِد يَمِينه؛ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَغْفِر اللَّه تَعَالَى وَيَقُول: لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ، سَوَاء فَعَلَهُ أَمْ لَا، هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَمَالك وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: تَجِب الْكَفَّارَة فِي كُلّ ذَلِكَ إِلَّا فِي قَوْله: أَنَا مُبْتَدِع أَوْ بَرِيء مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ الْيَهُودِيَّة، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ اللَّه تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى الْمُظَاهِر الْكَفَّارَة؛ لِأَنَّهُ مُنْكَر مِنْ الْقَوْل وَزُور، وَالْحَلِف بِهَذِهِ الْأَشْيَاء مُنْكَر وَزُور.
وَاَللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرك فَلْيَتَصَدَّقْ» قَالَ الْعُلَمَاء: أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ تَكْفِيرًا لِخَطِيئَةٍ فِي كَلَامه بِهَذِهِ الْمَعْصِيَة، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ: فَلْيَتَصَدَّقْ بِمِقْدَارِ مَا أَمَرَ أَنْ يُقَامِر بِهِ، وَالصَّوَاب الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ وَهُوَ ظَاهِر الْحَدِيث أَنَّهُ لَا يَخْتَصّ بِذَلِكَ الْمِقْدَار؛ بَلْ يَتَصَدَّق بِمَا تَيَسَّرَ مِمَّا يَنْطَلِق عَلَيْهِ اِسْم الصَّدَقَة، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة مَعْمَر الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِم: «فَلْيَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ» قَالَ الْقَاضِي: فَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلَالَة لِمَذْهَبِ الْجُمْهُور أَنَّ الْعَزْم عَلَى الْمَعْصِيَة إِذَا اِسْتَقَرَّ فِي الْقَلْب كَانَ ذَنْبًا يُكْتَبُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْخَاطِر الَّذِي لَا يَسْتَقِرّ فِي الْقَلْب، وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَة وَاضِحَة فِي أَوَّل الْكِتَاب.
✯✯✯✯✯✯
3108- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحْلِفُوا بِالطَّوَاغِي وَلَا بِآبَائِكُمْ» هَذَا الْحَدِيث مِثْل الْحَدِيث السَّابِق فِي النَّهْي عَنْ الْحَلِف بِاَللَّاتِ وَالْعُزَّى، قَالَ أَهْل اللُّغَة وَالْغَرِيب: الطَّوَاغِي هِيَ: الْأَصْنَام، وَاحِدهَا: طَاغِيَة، وَمِنْهُ طَاغِيَة دَوْس، أَيْ صَنَمهمْ وَمَعْبُودهمْ، سُمِّيَ بِاسْمِ الْمَصْدَر لِطُغْيَانِ الْكُفَّار بِعِبَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ سَبَب طُغْيَانهمْ وَكُفْرهمْ، وَكُلّ مَا جَاوَزَ الْحَدّ فِي تَعْظِيم أَوْ غَيْره فَقَدْ طَغَى، فَالطُّغْيَان الْمُجَاوَزَة لِلْحَدِّ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {لَمَّا طَغَى الْمَاء} أَيْ: جَاوَزَ الْحَدّ، وَقِيلَ: يَجُوز أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالطَّوَاغِي هُنَا مَنْ طَغَى مِنْ الْكُفَّار، وَجَاوَزَ الْقَدْر الْمُعْتَاد فِي الشَّرّ، وَهُمْ عُظَمَاؤُهُمْ، وَرُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيث فِي غَيْر مُسْلِم: «لَا تَحْلِفُوا بِالطَّوَاغِيتِ» وَهُوَ جَمْع طَاغُوت وَهُوَ الصَّنَم، وَيُطْلَق عَلَى الشَّيْطَان أَيْضًا، وَيَكُون الطَّاغُوت وَاحِدًا وَجَمْعًا وَمُذَكَّرًا وَمُؤَنَّثًا، قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَاجْتَنَبُوا الطَّاغُوت أَنْ يَعْبُدُوهَا} وَقَالَ تَعَالَى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت} الْآيَة {يَكْفُرُوا بِهِ}.
باب من حلف باللات والعزى فليقل لا اله الا الله
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الأيمان ﴿ 2 ﴾
۞۞۞۞۞۞
۞۞