باب الحاء والضاد وما يثلثهما
باب الحاء والضاد وما يثلثهما
(حضل) الحاء والضاد واللام كلمةٌ واحدة ليست أصلاً ولا يقاس عليها؛ يقال حَضِلَت النخلةُ، إذا فسد أصولُ سَعَفِها.
(حضن) الحاء والضاد والنون أصلٌ واحد يقاس، وهو حِفْظ الشيء وصِيانته.
فالحِضْن ما دون الإبط إلى الكَشْحِ؛ يقال احتضَنْت الشيءَ جعلتُه في حِضْني.
فأمَّا قول الكميت:
ودَوِّيَّةٍ أنفذْتُ حِضْنَيْ ظَلاَمِها
***
هُدُوَّاً إذا ما طائر الليل أبصرا فإنَّه يريد قَطْعَهُ إيَّاها.
وطائر [الليل]:
الخفّاش.
ونَواحي كلِّ شيء أحضانُه.
ومن الباب *حَضَنَتِ المرأة ولدَها، وكذلك حضنَت الحمامةُ بيضَها.
والمُحْتَضَن:
[الحِضْن].
قال:
عَريضةِ بَُوْصٍ إذا أدبَرَتْ
***
هَضيمِ الحشا عَبْلَةِ المحتضَنْ فأمَّا حَضَنٌ فجبلٌ بنجْد، وهو أوّل نجد.
والعرب تقول:
"أنْجَدَ مَنْ رأى حَضَناً".
ويقال امرأةٌ حَضُون بيِّنة الحِضان.
فأما قولهم حضَنْت الرَّجُلَ عن الرّجل، إذا نحَّيته عنه، فكلمةٌ مشكوك فيها، ووجدتُ كثيراً من أهل العلم يُنْكرونها.
فإنْ كانت صحيحةً فالقياس فيها مطَّرد، كأنَّ الشيء حُضِن عنه وحُفِظَ ولم يمكَّن منه.
ومصدره الحَضْنُ والحَضانة.
ويقال الحَضَن العاجُ في قول القائل:
تبَسَّمتْ عن وَميضِ البرق كاشرةً
***
وأبرزَتْ عن هجان اللَّونِ كالحَضَنِ
ويقال إنّ الحَضَن أصلُ الجبل.
فإن كان ما ذكرناه من العاج صحيحاً فهو شاذٌ عن الأصل.
(حضي) الحاء والضاد والحرف المعتل أصل واحد، وهو هَيْج الشيء، ويكون في النار خاصّة.
يقال حَضَوْت النارَ، إذا أوقدتَها.
والعود الذي تُحرّك به النار مِحضاءٌ ممدود.
ويقال حضأتها أيضاً بالهمز، والعود مِحْضَأ على مِفْعَل، وربما مدُّوه؛ والأول أجود.
(حضب) الحاء والضاد والباء أصلان:
الأول ما تُسْعَرُ به النار، والثاني جنسٌ من الصَّوْت.
فالأوَّل قولـه جلَّ ثناؤُه:
{حَضَْبُ جَهنَّمَ} [الأنبياء 98]، قالوا:
هو الوَقُود بفتح الواو.
ويقال لما تُسعر النار به مِحْضَب.
وينشد بيت الأعشى:
فلا تَكُ في حَرْبِنا مِحْضباً
***
لتجعَلَ قومَكَ شَتَّى شُعُوبا والصوت كقولهم لصوت القَوسِ حُضْبٌ، والجمع أحضاب.
فأما قولهم إنَّ الحِضْب الحيّة ففيه كلامٌ، وإن صحّ فإنّه شاذٌّ عن الأصل.
(حضج) الحاء والضاد والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على دناءة الشيء وسُقوطه وذَهابه عن طريقة الاختيار.
يقول العرب:
انحضج الرّجُل وغيره إذا وقع بجَنْبه، وحضَجْت أنا به الأرضَ.
ويقال:
هذه إحدى حضَجَاتِ فلانٍ، أي إحدى سَقَطاتِه.
وذلك في القول والفِعل.
والحِضْج:
ما يَبقى في حياض الإبل من الماء، والجمع أحضاج.
ويقال للدَّنِيِّ من الرجال حِضْج.
وحَضَجْتُ الثَّوْبَ، إذا ضربته بالمِحْضاج عند غَسلك إيَّاه، وهي تلك الخشبة.
وأمّا قولهم للزِّقِّ الضخم حِضاج فهو قريبٌ من الباب؛ لأنه يتساقط.
فأمّا قولهم حضَجْت النّار أوقدتُها، فيجوز أن يكون من الباب، ويمكن أن يكون من باب الإبدال.
(حضر) الحاء والضاد والراء إيراد الشيء، ووروده ومشاهدته.
وقد يجيء ما يبعد عن هذا وإن كان الأصل واحداً.
فالحَضَرُ خلاف البَدْو.
وسكون الحَضَر الحِضارة.
قال:
فمن تكن الحَِضارةُ أعجبَتْهُ
***
فأيَّ رجالِ باديةٍ ترانَا قالها أبو زيدٍ بالكسر، وقال الأصمعي هي الحَضارة بالفتح.
فأمّا الحُضْر الذي هو العَدْوُ فمن الباب أيضاً، لأن الفرسَ وغيرَه يُحْضِرَان ما عندهما من ذلك، يقال أَحْضَرَ الفرس، وهو فرس مِحْضِيرٌ سريع الحُضْرِ، ومِحْضار.
ويقال حاضَرْتُ الرّجلَ، إذا عدوتَ معه.
وقول العرب:
"اللبنُ مَحضُور" فمعناه كثير الآفة، ويقولون إنَّ الجانَّ تحضُره.
ويقولون:
"الكُنُف محضورة".
وتأوَّلَ ناسٌ قولـه تعالى:
{وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ.
وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون 97- 98]، أي أن يُصيبوني بسُوء.
والبابُ كله واحد، وذلك أنّهم يَحْضُرُونه بسوء.
ويقال للحاضر وهي الحيّ العظيم.
قال حسان:
لنا حاضِرٌ فَعْم وبادٍ كأنَّه
***
قطينُ الإلهِ عزّةً وتكرُّما ويروي ناسٌ:
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
كأنَّه
***
شماريخ رَضوى عِزَّةً وتكرُّما وأنكرت قريشٌ ذلك وقالوا:
*أيُّ عزَّةٍ وتكرمٍ لشماريخ رَضْوَى.
والحضيرة:
الجماعة ليست بالكثيرة.
قال:
يَرِدُ المياهَ حَضيرةً ونفيضةً
***
وِرْدَ القطاةِ إذا اسمأَلّ التّبَُّعُ
ويقال المحاضَرة المغالبة، وحاضرتُ الرجل:
جاثيتُه عند سلطان أو حاكم.
ويقال ألقت الشاةُ حضِيرتَها، وهي ما تُلْقِيه بَعد الولَد من المَشيمة وغيرها.
وهذا قياسٌ صحيح، وذلك أنّ تلك الأشياء تُسَمَّى الشُّهُود، وقد ذكرت في بابها.
وحَضْرَةُ الرّجُل:
فِناؤه.
والحَضيرة:
ما اجتمع من المِدّة في الجُرح.
ويقال:
حَضَرت الصلاة، ولغة أهل المدينة حَضِرت.
وكلهم يقول تحضُر.
وهذا من نادر ما يجيء من الكلام على فَعِل يفعُل.
وقد جاءت فيه من الصحيح غير المعتل كلمةٌ واحدة وقد ذكرت في بابها.
ويقال رجل حَضِرٌ إذا كان لا يصلُح للسّفَر.
وهذا كقولهم رجلٌ نَهِرٌ، إذا كان يصلحُ لأعمال النّهار دونَ الليل.
قال:
* لست بليليًّ ولكني نَهِرْ * ويقولون:
إنّ الحَضْرَ شحمةٌ في المَأْنة وفوقَها.
وممّا شذّ عن الباب الحَضْر، وهو حصنٌ، في قول عديّ:
وأخُو الحَضْر إذ بَنَاهُ وإذ دِجْـ
***
ـلةُ تُجبَى إليه والخابورُ ومن الشاذّ، ويجوز أن يحمل على ما قبلَه حَضَارِ، وهو كوكب.
والعرب تقول:
"حَضَارِ والوزنُ مُحْلِفان"؛ وذلك أنَّ الناس يحلفون عليهما أنهما سُهَيْل لأنهما يشبهانه.
والمُحْلِف:
الشيء الذي يُحْوِج إلى الحَلْفِ.
قال:
كُمَيْتٌ غيرُ مُحْلِفةٍ ولكن
***
كلون الوَرْسِ عُلّ به الأديم وحِضارُ الإبل:
بِيضُها.
قال الهذليّ:
* شُومُها وحِضارُها *
باب الحاء والضاد وما يثلثهما
باب الحاء والضاد وما يثلثهما