📁 آخر الأخبار

باب من فضائل ابي سفيان بن حرب رضي الله عنه

 

 باب من فضائل ابي سفيان بن حرب رضي الله عنه

 باب من فضائل ابي سفيان بن حرب رضي الله عنه


4557- قَوْله: (أَحْمَد بْن جَعْفَر الْمَعْقِرِيّ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيم وَإِسْكَان الْعَيْن الْمُهْمَلَة وَبِكَسْرِ الْقَاف، مَنْسُوب إِلَى مَعْقِر، وَهِيَ نَاحِيَة مِنْ الْيَمَن.

قَوْله: حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْل قَالَ: حَدَّثَنِي اِبْن عَبَّاس قَالَ: «كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَنْظُرُونَ إِلَى أَبِي سُفْيَان، وَلَا يُقَاعِدُونَهُ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا نَبِيّ اللَّه ثَلَاث أَعْطِنِيهِنَّ.

 قَالَ: نَعَمْ قَالَ: عِنْدِي أَحْسَن الْعَرَب وَأَجْمَله أُمّ حَبِيبَة بِنْت أَبِي سُفْيَان أُزَوِّجكهَا قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَمُعَاوِيَة تَجْعَلهُ كَاتِبًا بَيْن يَدَيْك قَالَ: نَعَمْ قَالَ: وَتُؤَمِّرنِي حَتَّى أُقَاتِل الْكُفَّار كَمَا كُنْت أُقَاتِل الْمُسْلِمِينَ قَالَ: نَعَمْ قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ: وَلَوْلَا أَنَّهُ طَلَبَ ذَلِكَ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا قَالَ نَعَمْ» أَمَّا (أَبُو زُمَيْلٍ) فَبِضَمِّ الزَّاي وَفَتْح الْمِيم وَإِسْكَان الْيَاء، وَاسْمه سِمَاك بْن الْوَلِيد الْحَنَفِيّ الْيَمَامِيُّ ثُمَّ الْكُوفِيّ.

وَأَمَّا قَوْله: «أَحْسَن الْعَرَب وَأَجْمَله» فَهُوَ كَقَوْلِهِ: «كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَن النَّاس وَجْهًا وَأَحْسَنه خَلْقًا»، وَقَدْ سَبَقَ شَرْحه فِي فَضَائِل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِثْله الْحَدِيث بَعْده فِي نِسَاء قُرَيْش: «أَحْنَاهُ عَلَى وَلَد وَأَرْعَاهُ لِزَوْجٍ» قَالَ أَبُو حَاتِم السِّجِسْتَانِيُّ وَغَيْره: أَيْ وَأَجْمَلهمْ، وَأَحْسَنهمْ، وَأَرْعَاهُمْ، لَكِنْ لَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ إِلَّا مُفْرَدًا.

قَالَ النَّحْوِيُّونَ: مَعْنَاهُ وَأَجْمَل مَنْ هُنَاكَ.

 وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْأَحَادِيث الْمَشْهُورَة بِالْإِشْكَالِ، وَوَجْه الْإِشْكَال أَنَّ أَبَا سُفْيَان إِنَّمَا أَسْلَمَ يَوْم فَتْح مَكَّة سَنَة ثَمَان مِنْ الْهِجْرَة، وَهَذَا مَشْهُور لَا خِلَاف فيه، وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ تَزَوَّجَ أُمّ حَبِيبَة قَبْل ذَلِكَ بِزَمَانٍ طَوِيل.

قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَخَلِيفَة بْن خَيَّاط وَابْن الْبَرْقِيّ وَالْجُمْهُور: تَزَوَّجَهَا سَنَة سِتّ، وَقِيلَ: سَنَة سَبْع.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: وَاخْتَلَفُوا أَيْنَ تَزَوَّجَهَا؟ فَقِيلَ: بِالْمَدِينَةِ بَعْد قُدُومهَا مِنْ الْحَبَشَة، وَقَالَ الْجُمْهُور: بِأَرْضِ الْحَبَشَة.

قَالَ: وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ عَقَدَ لَهُ عَلَيْهَا هُنَاكَ؟ فَقِيلَ: عُثْمَان، وَقِيلَ: خَالِد بْن سَعِيد بْن الْعَاصِي بِإِذْنِهَا، وَقِيلَ: النَّجَاشِيّ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِير الْمَوْضِع وَسُلْطَانه.

قَالَ الْقَاضِي: وَاَلَّذِي فِي مُسْلِم هُنَا أَنَّهُ زَوَّجَهَا أَبُو سُفْيَان غَرِيب جِدًّا.

 وَخَبَرهَا مَعَ أَبِي سُفْيَان حِين وَرَدَ الْمَدِينَة فِي حَال كُفْره مَشْهُور.

 وَلَمْ يَزِدْ الْقَاضِي عَلَى هَذَا.

وَقَالَ اِبْن حَزْم: هَذَا الْحَدِيث وَهْم مِنْ بَعْض الرُّوَاة؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَاف بَيْن النَّاس أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ أُمّ حَبِيبَة قَبْل الْفَتْح بِدَهْرٍ، وَهِيَ بِأَرْضِ الْحَبَشَة، وَأَبُوهَا كَافِر.

 وَفِي رِوَايَة عَنْ اِبْن حَزْم أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: مَوْضُوع قَالَ: وَالْآفَة فيه مِنْ عِكْرِمَة بْن عَمَّار الرَّاوِي عَنْ أَبِي زُمَيْل.

 وَأَنْكَرَ الشَّيْخ أَبُو عَمْرو بْن الصَّلَاح رَحِمَهُ اللَّه هَذَا عَلَى اِبْن حَزْم، وَبَالَغَ فِي الشَّنَاعَة عَلَيْهِ.

قَالَ: وَهَذَا الْقَوْل مِنْ جَسَارَته فَإِنَّهُ كَانَ هَجُومًا عَلَى تَخْطِئَة الْأَئِمَّة الْكِبَار، وَإِطْلَاق اللِّسَان فيهمْ.

قَالَ: وَلَا نَعْلَم أَحَدًا مِنْ أَئِمَّة الْحَدِيث نَسَبَ عِكْرِمَة بْن عَمَّار إِلَى وَضْع الْحَدِيث، وَقَدْ وَثَّقَهُ وَكِيع وَيَحْيَى بْن مَعِين وَغَيْرهمَا، وَكَانَ مُسْتَجَاب الدَّعْوَة.

قَالَ: وَمَا تَوَهَّمَهُ اِبْن حَزْم مِنْ مُنَافَاة هَذَا الْحَدِيث لِتَقَدُّمِ زَوَاجهَا غَلَط مِنْهُ وَغَفْلَة؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِل أَنَّهُ سَأَلَهُ تَجْدِيد عَقْد النِّكَاح تَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا يَرَى عَلَيْهَا غَضَاضَة مِنْ رِيَاسَته وَنَسَبه أَنْ تُزَوَّج اِبْنَته بِغَيْرِ رِضَاهُ، أَوْ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ إِسْلَام الْأَب فِي مِثْل هَذَا يَقْتَضِي تَجْدِيد الْعَقْد، وَقَدْ خَفِيَ أَوْضَحُ مِنْ هَذَا عَلَى أَكْبَر مَرْتَبَة مِنْ أَبِي سُفْيَان مِمَّنْ كَثُرَ عِلْمه وَطَالَتْ صُحْبَته.

 هَذَا كَلَام أَبِي عَمْرو رَحِمَهُ اللَّه، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيث أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَدَّدَ الْعَقْد، وَلَا قَالَ لِأَبِي سُفْيَان إِنَّهُ يَحْتَاج إِلَى تَجْدِيده، فَلَعَلَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ أَنَّ مَقْصُودك يَحْصُل وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَقِيقَةِ عَقْد.

 وَاَللَّه أَعْلَم.


 باب من فضائل ابي سفيان بن حرب رضي الله عنه


۞۞۞۞۞۞۞۞

كتاب فضائل الصحابة ﴿ 41 ﴾ 

۞۞

۞۞۞۞۞۞


تعليقات