📁 آخر الأخبار

باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت

 

 باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت

باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر حيث توجهت


1129- قَوْله: عَنْ اِبْن عُمَر: «كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي سُبْحَته حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ نَاقَته»، وَفِي رِوَايَة: «يُصَلِّي وَهُوَ مُقْبِل مِنْ مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة عَلَى رَاحِلَته حَيْثُ كَانَ وَجْهه» وَفيه نَزَلَتْ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه اللَّه} وَفِي رِوَايَة: «رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى حِمَار وَهُوَ مُوَجَّه إِلَى خَيْبَر».

 وَفِي رِوَايَة: «كَانَ يُوتِر عَلَى الْبَعِير».

 وَفِي رِوَايَة: «يُسَبِّح عَلَى الرَّاحِلَة قِبَل أَيِّ وَجْه تَوَجَّهَ، وَيُوتِر عَلَيْهَا غَيْر أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَة» فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث جَوَاز التَّنَفُّل عَلَى الرَّاحِلَة فِي السَّفَر حَيْثُ تَوَجَّهَتْ، وَهَذَا جَائِز بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَشَرْطه أَنْ لَا يَكُون سَفَر مَعْصِيَة، وَلَا يَجُوز التَّرَخُّص بِشَيْءٍ مِنْ رُخَص السَّفَر لِعَاصٍ بِسَفَرِهِ، وَهُوَ مَنْ سَافَرَ لِقَطْعِ طَرِيق أَوْ لِقِتَالٍ بِغَيْرِ حَقّ أَوْ عَاقًّا وَالِده أَوْ آبِقًا مِنْ سَيِّده أَوْ نَاشِزَة عَلَى زَوْجهَا، وَيُسْتَثْنَى الْمُتَيَمِّم فَيَجِب عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَجِد الْمَاء أَنْ يَتَيَمَّم وَيُصَلِّي، وَتَلْزَمهُ الْإِعَادَة عَلَى الصَّحِيح، سَوَاء قَصِير السَّفَر وَطَوِيله، فَيَحُوز التَّنَفُّل عَلَى الرَّاحِلَة فِي الْجَمِيع عِنْدنَا وَعِنْد الْجُمْهُور، وَلَا يَجُوز فِي الْبَلَد، وَعَنْ مَالِك أَنَّهُ لَا يَجُوز إِلَّا فِي سَفَر تُقْصَر فيه الصَّلَاة، وَهُوَ قَوْل غَرِيب مَحْكِيّ عَنْ الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى.

وَقَالَ أَبُو سَعِيد الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ أَصْحَابنَا: يَجُوز التَّنَفُّل عَلَى الدَّابَّة فِي الْبَلَد، وَهُوَ مَحْكِيّ عَنْ أَنَس بْن مَالِك، وَأَبِي يُوسُف صَاحِب أَبِي حَنِيفَة.

 وَفيه دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمَكْتُوبَة لَا تَجُوز إِلَى غَيْر الْقِبْلَة وَلَا عَلَى الدَّابَّة، وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ إِلَّا فِي شِدَّة الْخَوْف.

 فَلَوْ أَمْكَنَهُ اِسْتِقْبَال الْقِبْلَة وَالْقِيَام وَالرُّكُوع وَالسُّجُود عَلَى الدَّابَّة وَاقِفَة عَلَيْهَا هَوْدَج أَوْ نَحْوه جَازَتْ الْفَرِيضَة عَلَى الصَّحِيح فِي مَذْهَبنَا، فَإِنْ كَانَتْ سَائِرَة لَمْ تَصِحّ عَلَى الصَّحِيح الْمَنْصُوص لِلشَّافِعِيِّ، وَقِيلَ: تَصِحّ كَالسَّفِينَةِ، فَإِنَّهَا يَصِحّ فيها الْفَرِيضَة بِالْإِجْمَاعِ.

 وَلَوْ كَانَ فِي رَكْب وَخَافَ لَوْ نَزَلَ لِلْفَرِيضَةِ اِنْقَطَعَ عَنْهُمْ وَلَحِقَهُ الضَّرَر قَالَ أَصْحَابنَا: يُصَلِّي الْفَرِيضَة عَلَى الدَّابَّة بِحَسْب الْإِمْكَان وَتَلْزَمهُ إِعَادَتهَا، لِأَنَّهُ عُذْر نَادِر.

قَوْله: «حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ رَاحِلَته» يَعْنِي فِي جِهَة مَقْصِده.

قَالَ أَصْحَابنَا: فَلَوْ تَوَجَّهَ إِلَى غَيْر الْمَقْصِد فَإِنْ كَانَ إِلَى الْقِبْلَة جَازَ وَإِلَّا فَلَا.

✯✯✯✯✯✯

‏1132- قَوْله: «وَهُوَ مُوَجِّه إِلَى خَيْبَر» هُوَ بِكَسْرِ الْجِيم أَيْ مُتَوَجِّه، وَيُقَال: قَاصِد، وَيُقَال: مُقَابِل.

قَوْله: «يُصَلِّي عَلَى حِمَار» قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْره: هَذَا غَلَط مِنْ عَمْرو بْن يَحْيَى الْمَازِنِيّ، قَالُوا: وَإِنَّمَا الْمَعْرُوف فِي صَلَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَته أَوْ عَلَى الْبَعِير، وَالصَّوَاب أَنَّ الصَّلَاة عَلَى الْحِمَار مِنْ فِعْل أَنَس كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِم بَعْد هَذَا، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُر الْبُخَارِيّ حَدِيث عَمْرو.

 هَذَا كَلَام الدَّارَقُطْنِيِّ وَمُتَابِعِيهِ، وَفِي الْحُكْم بِتَغْلِيطِ رِوَايَة عَمْرو نَظَر؛ لِأَنَّهُ ثِقَة نَقَلَ شَيْئًا مُحْتَمَلًا، فَلَعَلَّهُ كَانَ الْحِمَار مَرَّة وَالْبَعِير مَرَّة أَوْ مَرَّات، لَكِنْ قَدْ يُقَال: إِنَّهُ شَاذّ فَإِنَّهُ مُخَالِف لِرِوَايَةِ الْجُمْهُور فِي الْبَعِير وَالرَّاحِلَة، وَالشَّاذّ مَرْدُود، وَهُوَ الْمُخَالِف لِلْجَمَاعَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏1136- قَوْله: «وَيُوتِر عَلَى الرَّاحِلَة» فيه دَلِيل لِمَذْهَبِنَا وَمَذْهَب مَالِك وَأَحْمَد، وَالْجُمْهُور أَنَّهُ يَجُوز الْوِتْر عَلَى الرَّاحِلَة فِي السَّفَر حَيْثُ تَوَجَّهَ، وَأَنَّهُ سُنَّة لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: هُوَ وَاجِب وَلَا يَجُوز عَلَى الرَّاحِلَة.

 دَلِيلنَا هَذِهِ الْأَحَادِيث فَإِنْ قِيلَ: فَمَذْهَبكُمْ أَنَّ الْوِتْر وَاجِب عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا: وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَقَدْ صَحَّ لَهُ عَلَى الرَّاحِلَة؛ فَدَلَّ عَلَى صِحَّته مِنْهُ عَلَى الرَّاحِلَة، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْعُمُوم لَمْ يَصِحّ عَلَى الرَّاحِلَة كَالظُّهْرِ.

 فَإِنْ قِيلَ: الظُّهْر فَرْض وَالْوِتْر وَاجِب وَبَيْنهمَا فَرْق، قُلْنَا: هَذَا الْفَرْق اِصْطِلَاح لَكُمْ لَا يُسَلِّمهُ لَكُمْ الْجُمْهُور وَلَا يَقْتَضِيه شَرْع وَلَا لُغَة، وَلَوْ سُلِّمَ لَمْ يَحْصُل بِهِ مُعَارَضَة.

 وَاللَّهُ أَعْلَم.

وَأَمَّا تَنَفُّل رَاكِب السَّفِينَة فَمَذْهَبنَا أَنَّهُ لَا يَجُوز إِلَّا إِلَى الْقِبْلَة إِلَّا مَلَّاح السَّفِينَة فَيَجُوز لَهُ إِلَى غَيْرهَا لِحَاجَةٍ، وَعَنْ مَالِك رِوَايَة كَمَذْهَبِنَا وَرِوَايَة بِجَوَازِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ لِكُلِّ وَاحِد.

✯✯✯✯✯✯

‏1137- قَوْله: «يُسَبِّح عَلَى الرَّاحِلَة وَيُصَلِّي سُبْحَته» أَيْ يَتَنَفَّل، وَالسُّبْحَة بِضَمِّ السِّين وَإِسْكَان الْبَاء: النَّافِلَة.

✯✯✯✯✯✯

‏1138- قَوْله: (تَلَقَّيْنَا أَنَس بْن مَالِك حِين قَدِمَ الشَّام) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع نُسَخ مُسْلِم، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ جَمِيع الرِّوَايَات لِصَحِيحِ مُسْلِم.

قَالَ: وَقِيلَ: إِنَّهُ وَهْم، وَصَوَابه (قَدِمَ مِنْ الشَّام) كَمَا جَاءَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ؛ لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ الْبَصْرَة لِلِقَائِهِ حِين قَدِمَ مِنْ الشَّام، قُلْت: وَرِوَايَة مُسْلِم صَحِيحَة، وَمَعْنَاهَا: تَلَقَّيْنَاهُ فِي رُجُوعه حِين قَدِمَ الشَّام، وَإِنَّمَا حَذَفَ ذِكْر رُجُوعه لِلْعِلْمِ بِهِ.

 وَاللَّهُ أَعْلَم.



۞۞۞۞۞۞۞۞

كتاب صلاة المسافرين ﴿ 4 ﴾ 

۞۞۞۞۞۞۞۞



كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات