كراهة الشروع في نافلة بعد شروع الموذن

باب كراهة صلاة النافلة بعد شروع الموذن
- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَة».
وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِرَجُلٍ يُصَلِّي، وَقَدْ أُقِيمَتْ صَلَاة الصُّبْح فَقَالَ: يُوشِك أَنْ يُصَلِّي أَحَدكُمْ الصُّبْح أَرْبَعًا» فيها النَّهْي الصَّرِيح عَنْ اِفْتِتَاح نَافِلَة بَعْد إِقَامَة الصَّلَاة، سَوَاء كَانَتْ رَاتِبَة كَسُنَّةِ الصُّبْح وَالظُّهْر وَالْعَصْر أَوْ غَيْرهَا، وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابه: إِذَا لَمْ يَكُنْ صَلَّى رَكْعَتَيْ سُنَّة الصُّبْح صَلَّاهُمَا بَعْد الْإِقَامَة فِي الْمَسْجِد مَا لَمْ يَخْشَ فَوْت الرَّكْعَة الثَّانِيَة.
وَقَالَ الثَّوْرِيّ: مَا لَمْ يَخْشَ فَوْت الرَّكْعَة الْأُولَى.
وَقَالَتْ طَائِفَة: يُصَلِّيهِمَا خَارِج الْمَسْجِد وَلَا يُصَلِّيهِمَا بَعْد الْإِقَامَة فِي الْمَسْجِد.
- قَوْله: (قَالَ حَمَّاد: ثُمَّ لَقِيت عَمْرًا فَحَدَّثَنِي بِهِ وَلَمْ يَرْفَعهُ) هَذَا الْكَلَام لَا يَقْدَح فِي صِحَّة الْحَدِيث وَرَفْعه؛ لِأَنَّ أَكْثَر الرُّوَاة رَفَعُوهُ.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: وَرِوَايَة الرَّفْع أَصَحّ، وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الْفُصُول السَّابِقَة فِي مُقَدِّمَة الْكِتَاب أَنَّ الرَّفْع مُقَدَّم عَلَى الْوَقْف عَلَى الْمَذْهَب الصَّحِيح، وَإِنْ كَانَ عَدَد الرَّفْع أَقَلّ فَكَيْف إِذَا كَانَ أَكْثَر.
- قَوْله: (عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَالِك اِبْن بُحَيْنَة) ثُمَّ قَالَ مُسْلِم: (قَالَ الْقُعْنَبِيّ: عَبْد اللَّه بْن مَالِك ابْن بُحَيْنَة عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَبُو الْحُسَيْن: قَوْله فِي هَذَا الْحَدِيث خَطَأ) أَبُو الْحُسَيْن هُوَ مُسْلِم صَاحِب الْكِتَاب، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُسْلِم هُوَ الصَّوَاب عِنْد الْجُمْهُور، وَقَوْله: عَنْ أَبِيهِ خَطَأ، وَإِنَّمَا هَذَا الْحَدِيث عَلَى رِوَايَة عَبْد اللَّه عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ عَبْد اللَّه بْن مَالِك بْن الْقِشْب بِكَسْرِ الْقَاف وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَة السَّاكِنَة.
وَبُحَيْنَة أُمّ عَبْد اللَّه، وَالصَّوَاب فِي كِتَابَته وَقِرَاءَته عَبْد اللَّه بْن مَالِكٍ اِبْن بُحَيْنَة بِتَنْوِينِ مَالِك، وَكِتَابَة اِبْن بِالْأَلِفِ؛ لِأَنَّهُ صِفَة لِعَبْدِ اللَّه، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانه فِي سُجُود السَّهْو وَغَيْره.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله: (فَلَمَّا اِنْصَرَفْنَا أَحَطْنَا يَقُول) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُول (أَحَطْنَا نَقُول) وَهُوَ صَحِيح، وَفيه مَحْذُوف تَقْدِيره أَحَطْنَا بِهِ.
- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتُصَلِّي الصُّبْح أَرْبَعًا» هُوَ اِسْتِفْهَام إِنْكَار، وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ لَا يُشْرَع بَعْد الْإِقَامَة لِلصُّبْحِ إِلَّا الْفَرِيضَة، فَإِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ نَافِلَة بَعْد الْإِقَامَة ثُمَّ صَلَّى مَعَهُمْ الْفَرِيضَة صَارَ فِي مَعْنَى: مَنْ صَلَّى الصُّبْح أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ صَلَّى بَعْد الْإِقَامَة أَرْبَعًا.
قَالَ الْقَاضِي: وَالْحِكْمَة فِي النَّهْي عَنْ صَلَاة النَّافِلَة بَعْد الْإِقَامَة أَنْ لَا يَتَطَاوَل عَلَيْهَا الزَّمَان فَيُظَنّ وُجُوبهَا، وَهَذَا ضَعِيف، بَلْ الصَّحِيح أَنَّ الْحِكْمَة فيه أَنْ يَتَفَرَّغ لِلْفَرِيضَةِ مِنْ أَوَّلهَا فَيَشْرَع فيها عَقِب شُرُوع الْإِمَام، وَإِذَا اِشْتَغَلَ بِنَافِلَةٍ فَاتَهُ الْإِحْرَام مَعَ الْإِمَام، وَفَاتَهُ بَعْض مُكَمِّلَات الْفَرِيضَة، فَالْفَرِيضَةُ أَوْلَى بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى إِكْمَالهَا.
قَالَ الْقَاضِي: وَفيه حِكْمَة أُخْرَى هُوَ النَّهْي عَنْ الِاخْتِلَاف عَلَى الْأَئِمَّة.
- قَوْله: «دَخَلَ رَجُل الْمَسْجِد وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاة الْغَدَاة فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي جَانِب الْمَسْجِد ثُمَّ دَخَلَ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا فُلَان بِأَيِّ الصَّلَاتَيْنِ اِعْتَدَدْت أَبِصَلَاتِك وَحْدك أَمْ بِصَلَاتِك مَعَنَا؟» فيه دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بَعْد الْإِقَامَة نَافِلَة وَإِنْ كَانَ يُدْرِك الصَّلَاة مَعَ الْإِمَام، وَرَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَدْرِك الرَّكْعَة الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَة يُصَلِّي النَّافِلَة.
وَفيه دَلِيل عَلَى إِبَاحَة تَسْمِيَة الصُّبْح غَدَاة، وَقَدْ سَبَقَ نَظَائِرُهُ.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع الموذن
مقالات قد تهمك
المجرد المتزايد من الاسماء والفعال
قواعد الجمع في اللغة الانجليزية pdf
رقية التعطيل فهد القرني مكتوبة pdf
أصعب الكلمات في الميزان الصرفي