باب اللام والهاء وما يثلثهما
باب اللام والهاء وما يثلثهما
(لهو) اللام والهاء والحرف المعتلّ أصلانِ صحيحان:
أحدهما يدلُّ على شُغْل عن شَيءٍ بشيء، والآخر على نَبْذِ شيءٍ من اليد.
فالأوَّل اللَّهْو، وهو كلُّ شيءٍ شَغَلك عن شيء، فقد ألهاك.
ولَهِيتُ عن الشَّيء، إذا تركتَه لِغيره.
والقياسُ واحدٌ وإنْ تَغيَّر اللفظُ أدنَى تغيُّر.
ويقولون:
إذا استأثَرَ الله تعالى بشيءٍ فالْهَ عنهُ، أي اتركْهُ ولا تشتغل به.
وفي الحديث في البَلَل بعد الوُضوء:
"الْهَ عنه".
وكان ابنُ الزُّبَيرِ إذا سمِعَ صوتَ الرّعد لَهَىَ عن الحديث الذي يقول:
تَرَكه وأعرَض عنه.
وقد يُكنَى باللَّهو عن غيره.
قال الله تعالى:
{لَوْ أرَدْنا أن نَتَّخِذَ لَهْواً} [الأنبياء 17].
وقال الحسن وقَتادةُ:
أراد باللَّهو المرأة.
وقال قومٌ:
أراد به الولد.
وأمَّا الأصل الآخر فاللُّهْوة، وهو ما يَطرحه الطّاحِن في ثُقْبَة الرَّحَى بيده، والجمع لُهىً، وبذلك سمِّي العَطاء لُهْوَة فقيل:
هو كثير اللُّهَى.
فأمَّا اللّهاة فهي أقصى الفمِ، كأنَّها شُبِّهَتْ بثُقْبةِ الرَّحَى، وسمِّيت لَهاةً لما يُلقَى فيها من الطَّعام.
(لهب) اللام والهاء والباء أصلٌ صحيح، وهو ارتفاعُ لسان النَّار، ثم يقاسُ عليه ما يقاربه.
من ذلك اللَّهب:
لَهَب النَّار.
تقول:
التهبت التهاباً.
وكلُّ شيءٍ ارتفع ضوؤُه ولمَعَ لمعاناً شديداً فإنَّه يقال فيه ذلك.
قال:
رأيتَ مَهابةً وليوثَ غابٍ
***
وتاجَ الملك يلتهبُ التهابا ويقولون للعَطشان:
لَهْبَان، وهذا على جهة الاستعارة، كأنَّ حرارةَ جوفه تَلتهب.
ويقولون:
اللَّهَب:
الغُبار السَّاطع.
فإن صحَّ فاستعارةٌ أيضاً.
ويقال:
فَرَسٌ مُلْهِبٌ، إذا أثارَ الغبار.
وللفرس أُلْهُوب، اشتقَّ كلُّ هذا من الأوّل.
قال امرؤ القيس:
فللزَّجْرِ ألهوبٌ وللسّاقِ دِرَّةٌ
***
وللسَّوط منه وَقْعُ أخْرَجَ مُهْذِبِ واللَّهَب واللُّهاب:
اشتعال النّار، ويستعمل اللُّهاب في العَطَش، فأمَّا اللِّهب، وهو المَضيق بين الجبلين فليس من هذا، وأصله الصَّاد، وإنَّما هو لِصْب، فأُبدلت الصاد هاءً.
وبنو لِهْبٍ:
بطنٌ من العرب.
(لهث) اللام والهاء والثاء كلمةٌ واحدة، وهي أنْ يَدْلَعَ الكلبُ لسانَه من العطش.
قال الله تعالى:
{إنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} [الأعراف 176]، واللُّهَاث:
حَرُّ العطَش.
وهذا إنَّما هو مقيسٌ على ما ذكرناه من شأن الكلب.
(لهج) اللام والهاء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على المثابرَة على الشَّيء وملازمتِه، وأصلٌ آخر يدلُّ على اختلاطٍ في أمرٍ.
يقال:
لَهِجَ بالشَّيء، إذا أُغرِيَ به وثابَرَ عليه، وهو لَهِجٌ.
والمُلْهِج:
الذي لَهِجتْ فِصالُه برَضاعِ أمَّهاتِها فيَصْنَعُ لذلك أخِلّةً يشدُّها في خِلْفِ أمِّ الفصيل، لئلاَّ يَرتضِعَ الفصيل، لأنّ ذلك يؤلِمُ أنفه.
وإيّاهُ أراد القائل:
رَعَى بارِضَ الوَسميِّ حتَّى كأنَّما
***
يَرَى بسَفَى البُهْمى أخِّلةَ مُلْهِجِ وقولهم:
هو فصيح اللَّهجة واللَّهَجَة:
اللِّسانِ، بما ينطق به من الكلام.
وسمِّيت لهجةً لأنّ كلاًّ يلهَجُ بلُغتِه وكلامه.
والأصل الآخَر قولُهم:
لَهْوَجْتُ عليه أمرَه، إذا خلطتَه.
وأصلهُ من اللَّبَن المُلْهَاجِّ، وهو الخاثر الذي يكاد يَرُوب.
ويقولون:
أمْرُهُم مُلْهاجٌّ.
ومن الباب:
لَهْوَجْتُ اللّحمَ، إذا لم تنضِجْه شيئاً، فكأنَّه مختلِطٌ بين النِّيِّ والنَّضيج.
فأمَّا قولهم:
لَهَّجْتُ القومَ، مثل لَهَّنْتُهم، فممكنٌ أن يكون من الإبدال، كأنَّ الجيمَ بدلٌ من النُّون.
(لهد) اللام والهاء والدال أصلٌ صحيح، يدلُّ على إذلال ومُطامَنَة، من ذلك لَهَّدْتُ الرّجُل، إذا دفَّعْتَه، فهو مُلَهَّدٌ ذَليل.
واللَّهِيدُ:
البعير يُصِيب جنبه الحِمْلُ الثَّقيل.
وألهَدْت الرّجُلَ، إذا أمسكتَه وخلَّيتَ عليه آخَرَ يقاتلُه.
وألْهَدْتُ بالرّجُل:
أزْرَيتُ به.
(لهز) اللام والهاء والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على دَفْعٍ بيَدٍ أو غيرها أو رمي بوَتَر.
قالوا:
لهَزْتُ فلاناً:
دفعتُه.
ويقولون:
اللّهْز:
الضّرْب بجُمْع اليدِ في الصَّدر.
ويقولون:
لهَزَهُ القَتِير:
فَشَا فِيه.
ولَهزْتُه بالرُّمح في صَدرِه:
طعنتُه.
ولهَزَ الفَصِيلُ ضَرْعَ أمِّه، إذا ضَرَبه برأسِه عند الرَّضاع.
ويقال:
بعيرٌ ملهوزٌ، إذا كان قد وُسِم في لِهزِمَتِه.
قال:
مَرَّتْ بِراكبِ مَلهوزٍ فقال لها
***
ضُرِّي الجميحَ ومَسِّيهِ بتعذيبِ فأمّا قولُهم:
فرسٌ ملهوزٌ، أي مُضَبَّر الخَلْق، فهو صحيحٌ على هذا القياس، كأنَّ لحمَه رُفِع مِن جوانبه حتَّى تداخَلَ.
ودائرة اللاهِزِ:
دائرةٌ في اللِّهزِمَة.
(لهس) اللام والهاء والسين كلمةٌ تدلُّ على جِنْس من الإطعام.
يقولون:
لَهَسَ على الطَّعام:
زاحَم حِرصاً.
وما لَكَ عندي لَهْسَةٌ من طعام، أي لا كثير ولا قليل.
قال ابن دريد:
لَهَس الصبيُّ ثديَ أُمِّه:
لطَعَه ولم يَمْصَصْه.
(لهط) اللام والهاء والطاء كلمةٌ.
يقولون:
لَهَطه بسهمٍ:
رماه.
ولَهَطَتِ المرأةَ فرجَها بالماء:
ضَرَبَتْه.
(لهع) اللام والهاء والعين كلماتٌ إن صحت تدلُّ على استرخاء وفَترة.
من ذلك اللهِع من الرِّجال:
المسترسل إلى كُلٍّ.
يقال:
لَهِعَ لهَاعَةً.
وبه سُمِّي لَهِيعة.
ويقال:
هو الفاتر المُسترخِي.
وقال بعضهم:
تَلَهْيَعَ في كلامه:
أفرَط.
(لهف) اللام والهاء والفاء كلمةٌ تدلُّ على تحسُّر.
يقال:
تلهَّفَ على الشَّيء، ولهِفَ، إذا حزِن وتحسَّر.
والملهوف:
المظلومُ يستغيث.
(لهق) اللام والهاء والقاف كلمتانِ متباينتان.
فالأولى اللَّهق:
الأبيض؛ والثَّور الأبيضِ لِهَاق.
قال الهذليّ:
* لَِهاقٌ تَلأْلُؤهُ كالهِلالِ * والكلمة الأخرى قولهم:
تَلَهْوَقَ الرّجُل:
أظْهَرَ سخاءً وليس بسخِيّ.
(لهم) اللام والهاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ابتلاعِ شيء، ثم يقاس عليه.
تقول العرب:
التَهَم الشَّيء:
التَقَمه.
ومن هذا الباب الإلهام، كأنَّه شيءٌ أُلقِيَ في الرُّوع فالتَهَمَه.
قال الله تعالى:
{فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس 8].
والتَهَم الفصيلُ ما في ضَرع أمِّه:
استوفاه.
وفرسٌ لهِمٌّ:
سَبَّاق، كأنَّه يلتهم الأرض.
واللُّهَيْم:
الدَّاهية، وكذلك أمُّ اللُّهيْم، وسمِّيت لعِظمها كأنَّها تَلْهَمُ ما تلقى.
ويقولون للعظِيم الكافي:
اللِّهَمّ ومن الباب اللُّهمُوم:
الرّجُل الجَواد.
وهذا على العِظَم والسَّعة.
(لهن) اللام والهاء والنون كلمةٌ واحدة، اللُّهْنَةُ:
ما يتعجَّله الرّجُل قبل غَدَائه.
وقد تَلهَّن.
ويقال بل اللُّهْنة:
ما يُهديه الرّجلُ إذا قَدِم من سَفَره.
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب اللاّم ﴿ 3 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞