باب الصاد والراء وما يثلثهما
باب الصاد والراء وما يثلثهما
(صرع) الصاد والراء والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سقوطِ شيءٍ إلى الأرض عن مراس اثنين، ثم يُحمَلُ على ذلك ويشتقُّ منه.
من ذلك صَرَعْتُ الرَّجلَ صَرْعَاً، وصارعتُهُ مصارَعة، ورجلٌ صَرِيع.
والصَّريع من الأغصانِ:
ما تَهدَّلَ وسقط إلى الأرض، والجمع صُرُع.
وإذا جُعِلَتْ من ذلك السَّاقط قَوْسٌ فهي صَرِيع.
وأمَّا المحمول على هذا فقولُهم:
هما صِرْعان، يقال إنَّ معنى ذلك أنَّهما يقعان معاً.
وهذا مَثَلٌ وتشبيه.
وكذلك مِصْرَاعا البابِ مأخوذانِ من هذا، أي هما متساويان يقعان معاً.
والصَّرعانِ:
إبلان يختلفان في المشْي، فتذهب هذه وتجيءُ هذه لكثرتها.
قال:
فَرَّجْتُ عنه بِصَرْعينا لأرملةٍ
***
أو بائس جاء معناه كمعناه ومَصَارع النَّاس:
مَساقِطُهم.
وقال أبو زيد:
أتانا صَرْعَي النَّهار، غُدْوةً وعَشيَّة.
وهذا محمولٌ على ما ذكرناه، من أنَّ الصَّـِرعَين المِثلان.
والقياس فيه كله واحد.
(صرف) الصاد والراء والفاء معظم بابِهِ يدلُّ على رَجْع الشيء.
من ذلك صَرفْتُ القومَ صَرْفاً وانصرفوا، إذا رَجَعْتَهم فرَجَعوا.
والصَّرِيف:
اللّبَن ساعةَ يُحلَب ويُنصرَف به.
والصَّرْف في القُرْآنِ:
التَّوبة؛ لأنَّه يُرجَع به عن رتبة المذنبين.
والصَّرْفة:
نجم.
قال أهلُ اللّغة سمِّيت صرفةً لانصراف البرد عند طلوعها.
والصَّرْفة:
خَرَزة يؤخَّذ بها الرِّجال، وسمِّيت بذلك كأنَّهم يصرفون بها القلبَ عن الذي يريده منها.
قال الخليل:
الصَّرْف فَضْل الدِّرهم على الدِّرهم في القِيمة.
ومعنى الصَّرف عندنا أنَّه شيءٌ صُرِف إلى شيء، كأنَّ الدِّينارَ صُرِف إلى الدراهم، أي رُجِع إليها، إِذا أخذتَ بدلَه.
قال الخليل:
ومنه اشتُقَّ اسمُ الصَّيرفيّ، لتصريفه أحدَهما إلى الآخَر.
قال:
وتصريف الدَّراهِم في البِياعات كلِّها:
إنفاقُها.
قال أبو عُبيدٍ:
صَرْف الكلام:
تزيينهُ والزِّيادةُ فيه، وإِنَّما سُمِّيَ بذلك لأنَّه إِذا زيِّن صرف الأسماعَ إلى استماعه.
ويقال لِحَدَث الدَّهْر صَرْفٌ، والجمع صُروف، وسمِّي بذلك لأنه يتصرَّف بالناس، أي يقلِّبهم ويردِّدهم.
فأمّا حِرْمةَ الشَّاءِ والبقَر والكلاب، فيقال لها الصِّرَاف، وهو عندنا من قياس الباب، لأنَّها تَصَرَّف أي تَرَدّدَ وتُراجِع فيه.
ومن الباب الصَّريف، وهو صوت نابِ البعيرِ.
وسمِّي بذلك لأنَّه يردِّده ويرَجِّعه.
فأمَّا قول القائل:
بَنِي غُدَانةَ ما إنْ أنتمُ ذهباً
***
ولا صريفاً ولكن أنتم الخزَفُ فقال قومٌ:
أراد بالصَّريف الفِضّة.
فإن كان صحيحاً فسمِّيت صريفاً من قولهم:
صَرَفت الدِّينارَ دراهمَ، ليس له وجهٌ غير هذا.
وممّا أحسَِبه شاذّاً عن هذا الأصل:
الصَّرَفَانُ، وهو الرَّصاص.
والصَّرَفَانُ في قوله:
* أمْ صرفاناً بارداً شديدا* مختلفٌ فيه، فقال قوم هو الرَّصاص.
وقال آخَرون:
الصَّرَفانُ:
جنْس من التَّمر.
وأنشدوا:
* أَكَلَ الزُّبد بالصَّرَفان* قالوا:
ولم يكن يُهدَى للزّبّاء شيءٌ من الطُّرف كان أحبَّ إليها من التَّمر.
وأنشدوا:
ولما أتتْها العير قالت أباردٌ
***
من التَّمْرِ أم هذا حديدٌ وجندلُ ومما شذَّ أيضاً الصِّرْف:
شيء من الصِّبْغ يُصبَغ به الأديم.
قال:
كمَيْتٌ غير مُحْلِفةٍ ولكنْ
***
كلون الصرْفِ عُلَّ به الأديمُ وعلى هذا يُحمَلُ قولهم:
شرِب الشَّرابَ صِرْفَاً، إذا لم يمزُجْه؛ كأنَّهُ تُرِكَ على لونِهِ وحُمْرَتِه.
(صرم) الصاد والراء والميم أصلٌ واحدٌ صحيحٌ مطَّرد، وهو القَطْع.
من ذلك صُرْم الهِجران.
والصَّريمة:
العزيمة على الشيء، وهو قَطْعُ كلِّ عُلْقَةٍ دونَه.
والصُّرام:
آخر اللَّبَن بعد التغزير، إِذا احتاجَ الرّجل إليه حلبَه ضرورةً.
قال بشر:
ألاَ أَبْلِغْ بني سعدٍ* رسولاً
***
ومولاهُمْ فقد حُلِبَتْ صُرامُ وهذا مَثَلٌ، كأنَّه يقول:
قد بُلِغَ من الشر آخِرُهُ، وآخر الشيء عند انقطاعه.
ويقال:
أكل فلانٌ الصَّيْرَم، وهي الوَجْبَة؛ لأنَّه إِذا أكلها قطع سائر يومه.
ويقال صَرَمْتُهُ صَرْماً، بالفتح وهو المصدر، والصُّرْم الاسم.
فأمَّا الصَّريم فيقال إنّهُ اسمُ الصُّبْح واسم اللّيل.
وكيف كان فهو من القياس؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَصْرِمُ صاحبَهُ ويَنصرِم عنه.
قال الله تعالى:
{فأَصْبَحَتْ كالصَّرِيم} [القلم 20].
يقول:
احترقت فاسوادَّت كاللَّيلِ.
فهذا فيمن قاله إنَّه اللّيل.
وأمَّا الصُّبح فقال بشر:
فباتَ يقول أَصبِحْ ليلُ حَتَّى
***
تَجَلَّى عن صَريمتِهِ الظَّلامُ والصَّريم:
الرَّمل ينقطع عن الجدَدِ والأرض الصُّلْبة.
والصِّرام:
وقت صَرْم الأعذاق.
وقد أَصْرَمَ النَّخْلُ:
حان صِرامُهُ.
والصِّرْمة:
القطيع من الإِبل نحوٌ من الثَّلاثين.
والصِّرَم:
القِطَع من السَّحاب، واحدتها صِرْمة.
قال النابغة:
وهبَّت الريحُ من تِلقاءِ ذي أُرُلٍ
***
تُزْجِي من اللَّيل من صُرَّادِها صِرَما والصِّرْم:
طائفةٌ من القوم ينزلون بإبلهم ناحيةً من الماء، فهم أهل صرم.
والرَّجُل الصَّارم:
الماضي في الأمور كالسَّيف الصَّارم.
وناقة مصرَّمة، أي يُصَرَّم طبْيُها فيفْسُدُ الإحليل فييْبس، فذلك أقوى لها؛ لأنَّ اللبن لا يَخرج.
ويقال إنَّ التَّصريم يكون بكَيِّ خِلفَينِ.
والصَّرماء:
الأرض لا ماء بها.
ويقال إنَّ الصَّريمة الأرض المحصودُ زرعُها.
فأمّا قوله:
ومَوْماةٍ يَحَارُ الطَّرْفُ فيها
***
إِذا امتنعَتْ علاها الأصرَمانِ فإنَّ الأصرمَينِ الذِّئب والغراب، سُمِّيا بذلك لقطعهما الأنيس.
(صري) الصاد والراء والحرف المعتل أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على الجمع.
يُقال:
صَرَى الماءَ يصرِيه، إذا جمعه.
وماءٌ صَرىً:
مجموع.
قال:
رأت غلاماً قد صَرَى في فقرتهْ
***
ماءَ الشَّبابِ عُنفوانُ شِرَّتهْ وكأنَّ الصَّرَاةَ مشتقَّة مأخوذة من هذا.
وسمِّيت المُصَرَّاةُ من الشَّاءِ وغيرِها لاجتماعِ اللبن في أخلافها.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
"لا تُصَرُّوا الإبلَ والغنم.
ومَنْ اشترى مصرَّاةً فهو بآخر النَّظَرَين، إن شاء ردَّها وردَّ معها صاعاً من تمر".
ويقال صَرَيْت ما بينهم:
أصلحته، وذلك هو القِياس؛ لأنه يجمع الكلمةَ المشتَّتَة.
وتقول:
صَرَيت الرّجُل، إذا منعتهُ ما يريدُه.
قال:
* وليسَ صَارِيَهُ عن ذِكْرِها صارِ* والقِياس ذلك؛ لأنَّه إذا مُنع الشيءَ فقد حُبِس دونه وجُمِعَ عنه ويقولون:
صراه الله، كما يقولون:
وقاه، أي لا نَشرَ أمرَه، بل جَمَعَ مالَه.
وصَرَى فلانٌ [في يدِ فلانٍ، إذا بقيَ] في يده رَهْنَاً محبوساً.
وشذَّ عن الباب الصَّرَاية:
الحنظل، في قوله:
* أو صَرَايةُ حَنْظَلِ*
(صرب) الصاد والراء والباء أُصَيْلٌ صحيح يدلُّ على مثل ما دلَّ عليه الباب الذي قبله.
وزاد الخليل فيه وصفاً آخر،
قال:
الصرِيب:
اللَّبن الذي قد حُقِنَ:
والوَطْب مُصرَّب.
وقال ابنُ دُريد:
كلُّ شيءٍ أملسَ فهو صرَب.
وهذا الذي قاله ابنُ دريدٍ أَقْيَس؛ لأنَّهم يسمُّون الصَّمْغ الصرَب، وينشدون:
أرض عن الخير والسُّلطانِ نائيةٌ
***
والأطيبان بها الطُّرْثُوثُ والصَّربُ والصَّمغ فيه مَلاسَة.
والذي قاله الخليل فَفرْعُه قولُهم للصبيِّ إذا احتبسَ بَطْنُهُ:
صرَب ليَسْمَن، وذلك عند عَقْدِهِ شَحْمه.
والصَّرَْب:
اللَّبَن الحامض.
(صرح) الصاد والراء والحاء أصلٌ منقاسٌ، يدلُّ على ظهور الشَّيء وبُروزه.
من ذلك الشَّيء الصريح.
والصَّريح:
المحض الحسَب، وجمعه صُرَحاء.
قال الخليل:
ويجمع الخيلُ على الصرائح.
وقال:
وكلُّ خالصٍ صريح.
يقال هو بَيِّنُ الصَّراحة والصُّروحة.
وصرَّحَ بما في نفسه:
أَظهَرَه.
ويقال كأس صراحٌ، إذا لم تُشَبْ بِمزاج.
وصرَّحت الخمرُ، إذا ذهب عنها الزَّبد.
قال الأعشى:
كُمَيتٌ تكشَّف عن حُمْرَةٍ
***
إذا صَرَّحَتْ بعد إِزْبادِها ويقال:
جاء به صُِرَاحا، أي جِهارا.
ولقيت فلاناً مُصارَحة وصِراحاً، أي كِفاحا.
ويقال صرَّح الحقُّ عن مَحْضِه، أي انكشف الأمرُ بعد غُيوبهِ.
والصَّرْحة:
المكان،
ويقال بل هو المَتْن من الأرض.
ويقال يومُ مُصرِّح، إذا كان لا سحابَ فيه، وهو في شعر الطِّرِمَّاح.
والصَّرح:
بيتٌ واحدٌ يُبنى منفرداً ضخماً طويلاً في السَّماء.
وكلُّ بناءٍ عالٍ فهو صرْح.
(صرخ) الصاد والراء والخاء أُصَيلٌ يدلُّ على صوتٍ رفيع.
من ذلك الصُّراخ، يقال صَرَخ يَصرُخ، وهو إذا صوّت.
ويقال الصَّارخ:
المستغيث، والصارخ:
المغيث،
ويقال بل المُغيث مُصرِخ؛ لقوله تعالى في قصة من
قال:
{ما أَنَا بِمُصرِخِكم وما أنتم بِمُصْرِخِيَّ}[إبراهيم 22].
(صرد) الصاد والراء والدال أصولٌ ثلاثة:
أحدها البرد، والآخر الخلوص، والآخر القِلّة.
فالأوَّل:
الصَّرْد:
البَرْد، ويومٌ صرِدٌ؛ وقد صرِدَ الرَّجُل.
ورجلٌ مِصرادٌ:
جَزُوعٌ من البَرْد.
والاسم الصَّرَد.
قال الشاعر:
نِعْمَ شِعارُ الفَتى إِذا بَرَدَ اللَّيـ
***
ـلُ سُحيراً وقفقَف الصَّرِدُ ومن الباب قولهم:
صرِدَ القلبُ عن الشيء، إذا انتهى عنه.
وذلك أنَّهُ يسلو عنه ويبرد ويَصرَد.
والصُّرَّاد:
غَيم رقيق.
وأمَّا الخلوص فالصَّرْد:
البَحْت الخالص.
ويقال كذِبٌ صرْد.
وأُحِبُّك حُبّاً صَرْداً.
وشرابٌ صرْد:
خالص.
قال:
فإنَّ النَّبيذ الصردَ إنْ شُرْبَ وحده
***
على غير شيءٍ أوجع الكِبْدَ جُوعُها ومن الباب:
صرَد السَّهْمُ من الرّميَّة، إِذا نفذَ حَدُّه.
ونَصْلٌ صارد.
وأنا أصردته، وهو الخلوص من الرَّميَّة.
والباب الثالث:
التصريد في السّقْي دون الرِّيّ.
وشرابٌ مصرّد، أي مقلَّلٌ.
وصرَّدَ له العَطاءَ، إذا قلَّلهُ.
ومما شذَّ عن الباب الصُّرَد:
طائر.
والصُّرَدَانِ:
عِرقانِ تحت اللِّسان.
(صرط) الصاد والراء والطاء وهو من باب الإِبدال، وقد ذكر في السين، وهو الطَّرِيق.
قال:
أَكُرُّ على الحرورِيِّينَ مُهْري
***
وأحملُهم على وَضَح الصِّراطِ
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الصَّاد ﴿ 17 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞