باب الجيم والواو وما يثلثهما
باب الجيم والواو وما يثلثهما
(جوي) الجيم والواو والياء أصلٌ يدلُّ على كراهة الشيء.
يقال اجتَوَيْت البلادَ، إذا كرِهتَها وإنْ كنتَ في نَعْمةٍ، وجَوِيتُ.
قال:
بَشِمْتُ بِنِيِّها وجَوِيْتُ عنها
***
وعندي لو أردتُ لها دواءُ ومن هذا الجَوَى، وهو داءُ القلْب.
فأمّا الجِوَاءُ فهي الأرض الواسعة، وهي شاذَّةٌ عن الأصل الذي ذكرناه.
(جوب) الجيم والواو والباء أصلٌ واحد، وهو خَرْقُ الشيء.
يقال جُبْتُ الأرضَ جَوْبا، فأنا جائبٌ وجَوّابٌ.
قال الجعدي:
أتاك أبو ليلى يَجوبُ به الدُّجَى
***
دُجَى الليل جَوّابُ الفلاةِ عَثَمْثَمُ ويقال:
"هل عِندك جَائِبةُ خبرٍ" أي خبرٌ يجوب البلاد.
والجَوْبَةُ كالغائط؛ وهو من الباب؛ لأنه كالخَرْق في الأرض.
والجوْب:
دِرعٌ تلبسُه المرأة، وهو مَجُوبٌ سمِّي بالمَصدر.
والمجِْوَبُ:
حديدةٌ يُجابُ بها، أي يُخْصَف.
وأصلٌ آخر، وهو مراجَعة الكلام، يقال كلمه فأجابَه جَواباً، وقد تجاوَبا مُجاوَبة.
والمجابَةُ:
الجواب.
ويقولون في مَثَلٍ:
"أساءَ سَمْعاً فأساء جابةً".
وقال الكميتُ لقُضاعة في تحوُّلهم إلى اليمن:
وما مَنْ تَهتِفينَ لـه بِنَصْرٍ
***
بِأسْرَعَ جابَةً لكِ مِنْ هَدِيلِ العرب تقول:
كان في سفينة نوحٍ عليه السلام فَرْخٌ، فطار فوقع في الماء فغرق، فالطَّير كلها تبكي عليه.
وفيه يقول القائل:
فقلتُ أتَبكي ذاتُ شَجْو تذكّرتْ
***
هَدِيلاً وقد أودى وما كانَ تُبَّعُ
(جوت) الجيم والواو والتاء ليس أصلاً؛ لأنه حكايةُ صَوْتٍ، والأصواتُ لا تقاس ولا يقاس عليها.
قال:
* كما رُعْتَ بالجَوْتِ الظِّماءَ الصَّوادِيا * قال أبو عبيد:
إنما كان الكسائيُّ ينشد هذا البيتَ لأجل النصب، فكان يقول:
"كما رُعْتَ بالجَوْتَ" فحَكَى مع الألف واللام.
(جوح) الجيم والواو والحاء أصلٌ واحد، وهو الاستئصال.
يقال جاحَ الشيءَ يَجُوحُهُ استأصله.
ومنه اشتقاق الجائِحة.
(جوخ) الجيم والواو والخاء ليس أصلاً هو عندي؛ لأنّ بعضَه معرَّب، وفي بعضِه نَظر.
فإنْ كان صحيحاً فهو جنسٌ من الخَرْقِ.
يقال جَاخَ السَّيْلُ الوادِيَ يجُوخُه، إذا قلع أجرافَه.
قال:
* فللصَّخْرِ من جَوْخِ السّيُولِ وجيبُ * ذكره ابن دريد، وذكر غيره:
تجوَّخَتِ البئرُ انهارَت.
والمعرّب من ذلك الجَوْخَان، وهو البيدر.
(جود) الجيم والواد والدال أصلٌ واحد، وهو التسمُّح بالشيء، وكثْرةُ العَطاء.
يقال رجلٌ جَوَادٌ بَيِّن الجُودِ، وقومٌ أجْواد.
والجَوْد:
المطر الغزير.
والجَواد:
الفرسُ الذّريع والسّريع، والجمع* جِيادٌ.
قال الله تعالى:
{إذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الجِيَادُ} [ص 31].
والمصدر الجُودَة.
فأمّا قولهم:
فلانٌ يُجاد إلى كذا، [فـ] كَأنه يُساقُ إليه.
(جور) [الجيم والواو والراء] أصلٌ واحد، وهو المَيْل عن الطَّريق.
يقال جارَ جَوْراً.
ومن الباب طَعَنَه فجَوَّره أي صَرَعه.
ويمكن أن يكون هذا من باب الإبدال، كأنَّ الجيم بدلُ الكاف.
وأمَّا الغَيْث الجِوَرّ، وهو الغَزير، فشاذ عن الأصل الذي أصَّلناه.
ويمكن أن يكون من باب آخَرَ، وهو من الجيم والهمزة والراء؛ فقد ذكر ابن السّكيت أنّهم يقولون هو جُؤَرٌ على وزن فُعَلٍ.
فإن كان كذا فهو من الجُؤَار، وهو الصَّوت، كأنه يصوِّت إذا أصاب.
وأنشد:
* لا تَسْقِهِ صَيِّبَ عَزَّافٍ جُؤَرْ *
(جوز) الجيم والواو والزاء أصلان:
أحدهما قطع الشيء، والآخَر وَسَط الشيء.
فأمَّا الوَسَط فجَوْز كلِّ شيءٍ وَسَطه.
والجَوْزَاء:
الشَّاة يبيضُّ وَسَطُها.
والجوزاء:
نجمٌ؛ قال قوم:
سُمِّيت بها لأنها تَعترِض جَوْزَ السماء، أي وَسَطها.
وقال قوم:
سُمِّيت بذلك للكواكب الثلاثة التي في وَسَطها.
والأصل الآخَر جُزْت الموضع سِرْتُ فيه، وأجزته:
خَلَّفْتُه وقطعته.
وأَجَزْتُه نَفَذْتُه.
قال امرؤ القيس:
فلما أجَزْنا ساحةَ الحيِّ وانْتَحى
***
بنا بَطْنُ خبْتٍ ذي قِفَافٍ عَقَنْقَلِ وقال أوس بن مَغْرَاءَ:
* حتّى يقال أجِيزُوا آلَ صَفْوَانا * يمدحهم بأنَّهُم يُجيزُون الحاجَّ.
والجَوَاز:
الماء الذي يُسْقاهُ المالُ من الماشية والحَرْث، يقال منه استجَزْت فلاناً فأجَازَني، إذا أسْقَاكَ ماءً لأرضِكَ أو ماشيتك.
قال القطامي:
[وقالوا] فُقَيْمٌ قَيِّمُ الماءِ فاستجِزْ
***
عُبادةَ إنّ المستَجيزَ على قتْرِ أي ناحية.
(جوس) الجيم والواو والسين أصلٌ واحد، وهو تخلُّل الشيء.
يقال:
جاسُوا خِلالَ الدِّيار يجُوسون.
قال الله تعالى:
{فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ} [الإسراء 5].
وأما الجُوس فليس أصلاً؛ لأنه إتباع للجُوع؛ يقال:
جُوعاً له وجُوساً له.
(جوظ) الجيم والواو والظاء أصلٌ واحدٌ لنعتٍ قبيح لا يُمْدَح به.
قال قوم:
الجَوَّاظ الكثير اللَّحْمِ المختالُ في مِشْيته.
يقال:
جَاظَ يَجُوظُ جَوَظاناً.
قال:
* يعلو به ذا العَضَلِ الجَوَّاظا * ويقال:
الجوّاظ الأكولُ،
ويقال الفاجر.
(جوع) الجيم والواو والعين، كلمةٌ واحدة.
فالجوع ضِدّ الشّبَع.
ويقال:
عام مَجاعةٍ ومَجوعة.
(جوف) الجيم والواو والفاء كلمةٌ واحدة، وهي جَوْفُ الشيء.
يقال هذا جَوْفُ الإنسان، وجوفُ كلِّ شيء.
وطَعْنَةٌ جائِفَةٌ، إذا وصلت إلى الجَوْفِ.
وقِدْرٌ جَوْفاءُ:
واسعةُ الجَوْفِ.
وجَوْفُ عَيْرٍ:
مكانٌ حماهُ رجل اسمه حِمار.
وفي المثل:
"أخْلَى مِنْ جَوْفِ عَيْر".
وأصله رجلٌ كان يحمي وادياً لـه.
وقد ذُكر حديثُهُ في كتاب العين.
(جول) الجيم والواو واللام أصلٌ واحد، وهو الدَّوَرَان.
يقال جالَ يجول [جَوْلاً] وجَوَلاناً، وأجَلْتُه أنا.
هذا هو الأصل، ثمّ يشتق منه.
فالجُول:
ناحية البئر، والبئر لها جوانِبُ يُدَارُ فيها.
قال:
رَمَانِي بأمْرٍ كنتُ منه ووَالِدِي
***
بَرِيَّاً ومِنْ جُولِ الطّوِيّ رماني والمِجْوَلُ:
الغَدير، وذك أنّ الماء يَجُول فيه.
وربما شُبِّهت الدِّرعُ به لصفاء لونها.
والمِجْوَل:
التُّرْس والمِجْوَل:
قميصٌ يَجوُلُ فيه لابسُه.
قال امرؤ القيس:
* إذا ما اسبكرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْوَلِ *
ويقال لصغار المال جَوَلان، ذلك أنّه يَجُول بين الجِلَّة.
وقال الفراء:
ما لفُلانٍ جُولٌ، أي ماله رأيٌ.
وهذا مشتقٌّ من الذي ذكرناه، لأنَّ صاحب الرأي يُدِيرُ رأيَهُ ويُعْمِلُه.
فأمّا الجَوْلانُ فبلدٌ؛ وهو اسمٌ موضوعٌ.
قال:
فآبَ مُضِلُّوهُ بِعَينٍ جَلِيَّةٍ
***
وغُودِرَ بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائِلُ
(جون) الجيم والواو والنون أصلٌ واحد.
زعم بعض النحوييِّن أنَّ الجَون معرّب، وأنه اللون الذي يقوله الفُرْس "الكُونَهْ" أي لون* الشيء.
قال:
فلذلك يقال الجَونُ الأسود والأبيض.
وهذا كلامٌ لا معنى لـه.
والجَوْن عند أهل اللُّغةِ قاطبةً اسمٌ يقع على الأسود والأبيض، وهو بابٌ من تسمية المتضادَّين بالاسم الواحد، كالنَّاهل، والظّنّ، وسائرِ ما في الباب.
والجَوْنَة:
الشَّمسُ.
فقال قومٌ:
سمِّيت لبياضها.
ومن ذلك حديث الدِّرع التي عُرضتْ على الحجّاج فكاد لا يراها لصفائها.
فقال له بعضُ مَنْ حضره:
"إنّ الشّمس جَوْنةٌ"، أي صافيةٌ ذاتُ شعاعٍ باهر.
وقال قومٌ:
بل سُمِّيت جَوْنةً لأنّها إذا غابَتْ اسوادّت.
فأمّا الجُونَة فمعروفة، ولعلَّها أن تكون معرّبة؛ والجمع جُوَن.
قال الأعشى:
* وكان المِصاعُ بما في الجُوَنْ *
باب الجيم والواو وما يثلثهما