باب النهي عن ضرب الوجه
باب النهي عن ضرب الوجه
4728- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَاتَلَ أَحَدكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ» وَفِي رِوَايَة: «إِذَا ضَرَبَ أَحَدكُمْ» وَفِي رِوَايَة: «لَا يَلْطِمَنَّ الْوَجْه» وَفِي رِوَايَة: «إِذَا قَاتَلَ أَحَدكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْه، فَإِنَّ اللَّه خَلَقَ آدَم عَلَى صُورَته» قَالَ الْعُلَمَاء: هَذَا تَصْرِيح بِالنَّهْيِ عَنْ ضَرْب الْوَجْه؛ لِأَنَّهُ لَطِيف يَجْمَع الْمَحَاسِن، وَأَعْضَاؤُهُ نَفِيسَة لَطِيفَة، وَأَكْثَر الْإِدْرَاك بِهَا؛ فَقَدْ يُبْطِلهَا ضَرْب الْوَجْه، وَقَدْ يُنْقِصُهَا، وَقَدْ يُشَوِّه الْوَجْه، وَالشَّيْن فيه فَاحِش؛ وَلِأَنَّهُ بَارِز ظَاهِر لَا يُمْكِن سَتْره، وَمَتَى ضَرَبَهُ لَا يَسْلَم مِنْ شَيْن غَالِبًا، وَيَدْخُل فِي النَّهْي إِذَا ضَرَبَ زَوْجَته أَوْ وَلَده أَوْ عَبْده ضَرْب تَأْدِيب فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْه.
✯✯✯✯✯✯
4729- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
4730- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
4731- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنَّ اللَّه خَلَقَ آدَم عَلَى صُورَته» فَهُوَ مِنْ أَحَادِيث الصِّفَات، وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَاب الْإِيمَان بَيَانُ حُكْمهَا وَاضِحًا وَمَبْسُوطًا، وَأَنَّ مِنْ الْعُلَمَاء مَنْ يُمْسِك عَنْ تَأْوِيلهَا، وَيَقُول: نُؤْمِن بِأَنَّهَا حَقٌّ، وَأَنَّ ظَاهِرهَا غَيْر مُرَاد، وَلَهَا مَعْنَى يَلِيق بِهَا، وَهَذَا مَذْهَب جُمْهُور السَّلَف، وَهُوَ أَحْوَط وَأَسْلَم.
وَالثَّانِي أَنَّهَا تُتَأَوَّل عَلَى حَسَب مَا يَلِيق بِتَنْزِيهِ اللَّه تَعَالَى، وَأَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء.
قَالَ الْمَازِرِيُّ: هَذَا الْحَدِيث بِهَذَا اللَّفْظ ثَابِت، وَرَوَاهُ بَعْضهمْ: «إِنَّ اللَّه خَلَقَ آدَم عَلَى صُورَة الرَّحْمَن»، وَلَيْسَ بِثَابِتٍ عِنْد أَهْل الْحَدِيث، وَكَأَنَّ مَنْ نَقَلَهُ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي وَقَعَ لَهُ، وَغَلِطَ فِي ذَلِكَ.
قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَقَدْ غَلِطَ اِبْن قُتَيْبَة فِي هَذَا الْحَدِيث، فَأَجْرَاهُ عَلَى ظَاهِره، قَالَ: لِلَّهِ تَعَالَى صُورَة لَا كَالصُّوَرِ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ظَاهِر الْفَسَاد؛ لِأَنَّ الصُّورَة تُفِيد التَّرْكِيب، وَكُلّ مُرَكَّب مُحْدَث، وَاَللَّه تَعَالَى لَيْسَ هُوَ مُرَكَّبًا، فَلَيْسَ مُصَوَّرًا.
قَالَ: وَهَذَا كَقَوْلِ الْمُجَسِّمَة: جِسْم لَا كَالْأَجْسَامِ لَمَّا رَأَوْا أَهْل السُّنَّة يَقُولُونَ: الْبَارِي سُبْحَانه وَتَعَالَى شَيْء لَا كَالْأَشْيَاءِ طَرَدُوا الِاسْتِعْمَال فَقَالُوا: جِسْم لَا كَالْأَجْسَامِ.
وَالْفَرْق أَنَّ لَفْظ شَيْء لَا يُفِيد الْحُدُوث، وَلَا يَتَضَمَّن مَا يَقْتَضِيه، وَأَمَّا جِسْم وَصُورَة فَيَتَضَمَّنَانِ التَّأْلِيف وَالتَّرْكِيب، وَذَلِكَ دَلِيل الْحُدُوث.
قَالَ: الْعَجَب مِنْ اِبْن قُتَيْبَة فِي قَوْله: صُورَة لَا كَالصُّوَرِ، مَعَ أَنَّ ظَاهِر الْحَدِيث عَلَى رَأْيه يَقْتَضِي خَلْق آدَم عَلَى صُورَته، فَالصُّورَتَانِ عَلَى رَأْيه سَوَاء، فَإِذَا قَالَ: لَا كَالصُّوَرِ تَنَاقَض قَوْله.
وَيُقَال لَهُ أَيْضًا: إِنْ أَرَدْت بِقَوْلِك: صُورَة لَا كَالصُّوَرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤَلَّفٍ وَلَا مُرَكَّب فَلَيْسَ بِصُورَةٍ حَقِيقِيَّة، وَلَيْسَتْ اللَّفْظَة عَلَى ظَاهِرهَا، وَحِينَئِذٍ يَكُون مُوَافِقًا عَلَى اِفْتِقَاره إِلَى التَّأْوِيل، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي تَأْوِيله فَقَالَتْ طَائِفَة: الضَّمِير فِي (صُورَته) عَائِد عَلَى الْأَخ الْمَضْرُوب، وَهَذَا ظَاهِر رِوَايَة مُسْلِم، وَقَالَتْ طَائِفَة: يَعُود إِلَى آدَم، وَفيه ضَعْف، وَقَالَتْ طَائِفَة: يَعُود إِلَى اللَّه تَعَالَى، وَيَكُون الْمُرَاد إِضَافَة تَشْرِيف وَاخْتِصَاص كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {نَاقَة اللَّه} وَكَمَا يُقَال فِي الْكَعْبَة: بَيْت اللَّه وَنَظَائِره.
وَاَللَّه أَعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
4732- قَوْله: (حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ يَحْيَى بْن مَالِك الْمَرَاغِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة) (الْمَرَاغِيّ) بِفَتْحِ الْمِيم وَبِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَة مَنْسُوب إِلَى الْمَرَاغَة بَطْن مِنْ الْأَزْدِ، لَا إِلَى الْبَلَد الْمَعْرُوفَة بِالْمَرَاغَةِ مِنْ بِلَاد الْعَجَم.
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ ضَبْطه، وَأَنَّهُ مُنْتَسِب إِلَى بَطْن مِنْ الْأَزْدِ هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور، وَلَمْ يَذْكُر الْجُمْهُور غَيْره وَذَكَرَ اِبْن جَرِير الطَّبَرِيُّ أَنَّهُ مَنْسُوب إِلَى مَوْضِع بِنَاحِيَةِ عُمَان، وَذَكَرَ الْحَافِظ عَبْد الْغَنِيّ الْمَقْدِسِيُّ أَنَّهُ الْمُرَاغِيّ بِضَمِّ الْمِيم، وَلَعَلَّهُ تَصْحِيف مِنْ النَّاسِخ.
وَالْمَشْهُور الْفَتْح، وَهُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ أَبُو عَلِيّ الْغَسَّانِيّ الْجَيَّانِيّ، وَالْقَاضِي فِي الْمَشَارِق، وَالسَّمْعَانِيّ فِي الْأَنْسَاب، وَخَلَائِق، وَهُوَ الْمَعْرُوف فِي الرِّوَايَة وَكُتُبِ الْحَدِيث.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: وَقِيلَ: إِنَّهُ بِكَسْرِ الْمِيم.
قَالَ: وَالْمَشْهُور الْفَتْح.
وَاَللَّه أَعْلَم.
باب النهي عن ضرب الوجه
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب البر والصلة والآداب ﴿ 32 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞