📁 آخر الأخبار

باب الترغيب في الدعاء والذكر في اخر الليل والاجابة فيه

 

 باب الترغيب في الدعاء والذكر في اخر الليل والاجابة فيه

باب الترغيب في الدعاء والذكر في اخر الليل والاجابة فيه


1261- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَنْزِل رَبّنَا كُلّ لَيْلَة إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَيَقُول: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيب لَهُ» هَذَا الْحَدِيث مِنْ أَحَادِيث الصِّفَات، وَفيه مَذْهَبَانِ مَشْهُورَانِ لِلْعُلَمَاءِ سَبَقَ إِيضَاحهمَا فِي كِتَاب الْإِيمَان وَمُخْتَصَرهمَا أَنَّ أَحَدهمَا وَهُوَ مَذْهَب جُمْهُور السَّلَف وَبَعْض الْمُتَكَلِّمِينَ: أَنَّهُ يُؤْمِن بِأَنَّهَا حَقّ عَلَى مَا يَلِيق بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ ظَاهِرهَا الْمُتَعَارَف فِي حَقّنَا غَيْر مُرَاد، وَلَا يَتَكَلَّم فِي تَأْوِيلهَا مَعَ اِعْتِقَاد تَنْزِيه اللَّه تَعَالَى عَنْ صِفَات الْمَخْلُوق، وَعَنْ الِانْتِقَال وَالْحَرَكَات وَسَائِر سِمَات الْخَلْق.

وَالثَّانِي: مَذْهَب أَكْثَر الْمُتَكَلِّمِينَ وَجَمَاعَات مِنْ السَّلَف وَهُوَ مَحْكِيّ هُنَا عَنْ مَالِك وَالْأَوْزَاعِيِّ: أَنَّهَا تُتَأَوَّل عَلَى مَا يَلِيق بِهَا بِحَسْب مَوَاطِنهَا.

 فَعَلَى هَذَا تَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيث تَأْوِيلَيْنِ أَحَدهمَا: تَأْوِيل مَالِك بْن أَنَس وَغَيْره مَعْنَاهُ: تَنْزِل رَحْمَته وَأَمْره وَمَلَائِكَته كَمَا يُقَال: فَعَلَ السُّلْطَان كَذَا إِذَا فَعَلَهُ أَتْبَاعه بِأَمْرِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ عَلَى الِاسْتِعَارَة، وَمَعْنَاهُ: الْإِقْبَال عَلَى الدَّاعِينَ بِالْإِجَابَةِ وَاللُّطْف.

 وَاللَّهُ أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏1262- قَوْله سُبْحَانه وَتَعَالَى: «أَنَا الْمَلِك أَنَا الْمَلِك» هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُول وَالرِّوَايَات مُكَرَّر لِلتَّوْكِيدِ وَالتَّعْظِيم.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَا يَزَال كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيء الْفَجْر» فيه: دَلِيل عَلَى اِمْتِدَاد وَقْت الرَّحْمَة وَاللُّطْف التَّامّ إِلَى إِضَاءَة الْفَجْر.

 وَفيه: الْحَثّ عَلَى الدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار فِي جَمِيع الْوَقْت الْمَذْكُور إِلَى إِضَاءَة الْفَجْر.

 وَفيه: تَنْبِيه عَلَى أَنَّ آخِر اللَّيْل لِلصَّلَاةِ وَالدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار وَغَيْرهَا مِنْ الطَّاعَات أَفْضَل مِنْ أَوَّله.

 وَاللَّهُ أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏1263- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَنْزِل رَبّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلّ لَيْلَة إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا حِين يَبْقَى ثُلُث اللَّيْل الْآخِر» وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة: «حِين يَمْضِي ثُلُث اللَّيْل الْأَوَّل» وَفِي رِوَايَة: «إِذَا مَضَى شَطْر اللَّيْل أَوْ ثُلُثَاهُ» قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: الصَّحِيح رِوَايَة (حِين يَبْقَى ثُلُث اللَّيْل الْآخِر كَذَا قَالَهُ شُيُوخ الْحَدِيث، وَهُوَ الَّذِي تَظَاهَرَتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ بِلَفْظِهِ) وَمَعْنَاهُ.

قَالَ: يَحْتَمِل أَنْ يَكُون النُّزُول بِالْمَعْنَى الْمُرَاد بَعْد الثُّلُث الْأَوَّل، وَقَوْله: «مَنْ يَدْعُونِي» بَعْد الثُّلُث الْأَخِير، هَذَا كَلَام الْقَاضِي، قُلْت: وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فِي وَقْت فَأَخْبَرَ بِهِ، ثُمَّ أُعْلِمَ بِالْآخَرِ فِي وَقْت آخَر فَأَعْلَمَ بِهِ، وَسَمِعَ أَبُو هُرَيْرَة الْخَبَرَيْنِ فَنَقَلَهُمَا جَمِيعًا، وَسَمِعَ أَبُو سَعِيد الْخُدْرِيِّ خَبَر الثُّلُث الْأَوَّل فَقَطْ فَأَخْبَرَ بِهِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَة، كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِم فِي الرِّوَايَة الْأَخِيرَة، وَهَذَا ظَاهِر.

 وَفيه رَدٌّ لِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْقَاضِي مِنْ تَضْعِيف رِوَايَة الثُّلُث الْأَوَّل، وَكَيْف يُضَعِّفهَا وَقَدْ رَوَاهَا مُسْلِم فِي صَحِيحه بِإِسْنَادٍ لَا مَطْعَن فيه عَنْ الصَّحَابِيِّينَ أَبِي سَعِيد وَأَبِي هُرَيْرَة.

 وَاللَّهُ أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏1264- قَوْله: (حَدَّثَنَا مُحَاضِر أَبُو الْمُوَرِّع)، هُوَ مُحَاضِر بِحَاءٍ مُهْمَلَة وَكَسْر الضَّاد الْمُعْجَمَة، وَالْمُوَرِّع بِكَسْرِ الرَّاء، هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيع النُّسَخ أَبُو الْمُوَرِّع، وَأَكْثَر مَا يُسْتَعْمَل فِي كُتُب الْحَدِيث اِبْن الْمُوَرِّع وَكِلَاهُمَا صَحِيح وَهُوَ اِبْن الْمُوَرِّع وَكُنْيَته أَبُو الْمُوَرِّع.

 قَوْله فِي حَدِيث حَجَّاج بْن الشَّاعِر عَنْ مُحَاضِر: «يَنْزِل اللَّه فِي السَّمَاء» هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع الْأُصُول فِي السَّمَاء وَهُوَ صَحِيح.

قَوْله سُبْحَانه وَتَعَالَى: «مَنْ يُقْرِضُ غَيْرَ عَدِيمٍ وَلَا ظَلُومٍ» وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «غَيْر عَدُوم» هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُول.

 فِي الرِّوَايَة الْأُولَى: (عَدِيم)، وَالثَّانِيَة: (عَدُوم).

وَقَالَ أَهْل اللُّغَة: يُقَال أَعْدَم الرَّجُل إِذَا اِفْتَقَرَ فَهُوَ مُعْدِم وَعَدِيم وَعَدُوم، وَالْمُرَاد بِالْقَرْضِ- وَاَللَّه أَعْلَم- عَمَل الطَّاعَة سَوَاء فيه الصَّدَقَة وَالصَّلَاة وَالصَّوْم وَالذِّكْر وَغَيْرهَا مِنْ الطَّاعَات، وَسَمَّاهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى قَرْضًا مُلَاطَفَة لِلْعِبَادِ وَتَحْرِيضًا لَهُمْ عَلَى الْمُبَادَرَة إِلَى الطَّاعَة، فَإِنَّ الْقَرْض إِنَّمَا يَكُون مِمَّنْ يَعْرِفهُ الْمُقْتَرِضُ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُؤَانَسَةٌ وَمَحَبَّةٌ، فَحِين يَتَعَرَّض لِلْقَرْضِ يُبَادِر الْمَطْلُوب مِنْهُ بِإِجَابَتِهِ لِفَرَحِهِ بِتَأْهِيلِهِ لِلِاقْتِرَاضِ مِنْهُ وَإِدْلَاله عَلَيْهِ وَذِكْره لَهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق.

قَوْله: «ثُمَّ يَبْسُط يَدَيْهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى» هُوَ إِشَارَة إِلَى نَشْر رَحْمَته وَكَثْرَة عَطَائِهِ وَإِجَابَته وَإِسْبَاغ نِعْمَته.

✯✯✯✯✯✯

‏1265- قَوْله: (عَنْ الْأَغَرّ أَبِي مُسْلِم) الْأَغَرّ لَقَبٌ وَاسْمُهُ سَلْمَان.



باب الترغيب في الدعاء والذكر في اخر الليل والاجابة فيه

تعليقات