باب استحباب وضع النوى خارج التمر واستحباب دعاء الضيف لاهل الطعام وطلب الدعاء من الضيف الصالح واجابته لذلك
باب استحباب وضع النوى خارج التمر واستحباب دعاء الضيف لاهل الطعام وطلب الدعاء من الضيف الصالح واجابته لذلك
3805- قَوْله: يَزِيد بْن خُمَيْر عَنْ عَبْد اللَّه بْن بُسْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: «نَزَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي فَقَرَّبْنَا لَهُ طَعَامًا وَوَطْبَة، فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ أُتِيَ بِتَمْرٍ، فَكَانَ يَأْكُلهُ وَيُلْقِي النَّوَى بَيْن إِصْبَعَيْهِ وَيَجْمَع السَّبَّابَة وَالْوُسْطَى».
قَالَ شُعْبَة: هُوَ ظَنِّيّ، وَهُوَ فيه إِنْ شَاءَ اللَّه إِلْقَاء النَّوَى بَيْن الْإِصْبَعَيْنِ: «ثُمَّ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الَّذِي عَنْ يَمِينه، فَقَالَ أَبِي: وَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّته اُدْعُ اللَّه لَنَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِيمَا رَزَقْتهمْ وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ»، وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى ذَكَرَهُ وَقَالَ: «لَمْ يَشُكّ فِي إِلْقَاء النَّوَى بَيْن الْإِصْبَعَيْنِ».
وَقَوْله: «وَوَطْبَة» هَكَذَا رِوَايَة الْأَكْثَرِينَ (وَطْبَة) بِالْوَاوِ وَإِسْكَان الطَّاء وَبَعْدهَا بَاء مُوَحَّدَة، وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّضْر بْن شُمَيْلٍ رَاوِي هَذَا الْحَدِيث عَنْ شُعْبَة، وَالنَّضْر إِمَام مِنْ أَئِمَّة اللُّغَة، وَفَسَّرَهُ النَّضْر فَقَالَ: (الْوَطْبَة) الْحَيْس يَجْمَع التَّمْر الْبَرْنِيّ وَالْأَقِطَ الْمَدْقُوق وَالسَّمْن، وَكَذَا ضَبَطَهُ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِيّ وَأَبُو بَكْر الْبَرْقَانِيّ وَآخَرُونَ، وَهَكَذَا هُوَ عِنْدنَا فِي مُعْظَم النُّسَخ، وَفِي بَعْضهَا (رُطَبَة) بِرَاءٍ مَضْمُومَة وَفَتْح الطَّاء، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْحُمَيْدِيّ وَقَالَ: هَكَذَا جَاءَ فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ نُسَخ مُسْلِم (رُطَبَة) بِالرَّاءِ، قَالَ: وَهُوَ تَصْحِيف مِنْ الرَّاوِي، وَإِنَّمَا هُوَ بِالْوَاوِ، وَهَذَا الَّذِي اِدَّعَاهُ عَلَى نُسَخ مُسْلِم هُوَ فِيمَا رَآهُ هُوَ، وَإِلَّا فَأَكْثَرهَا بِالْوَاوِ، وَكَذَا نَقَلَهُ أَبُو مَسْعُود الْبَرْقَانِيّ، وَالْأَكْثَرُونَ عَنْ نُسَخ مُسْلِم، وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ رِوَايَة بَعْضهمْ فِي مُسْلِم (وَطِئَة) بِفَتْحِ الْوَاو وَكَسْر الطَّاء وَبَعْدهَا هَمْزَة، وَادَّعَى أَنَّهُ الصَّوَاب، وَهَكَذَا اِدَّعَاهُ آخَرُونَ (وَالْوَطِئَة) بِالْهَمْزِ عِنْد أَهْل اللُّغَة طَعَام يُتَّخَذ مِنْ التَّمْر كَالْحَيْسِ، هَذَا مَا ذَكَرُوهُ وَلَا مُنَافَاة بَيْن هَذَا كُلّه، فَيُقْبَل مَا صَحَّتْ بِهِ الرِّوَايَات، وَهُوَ صَحِيح فِي اللُّغَة.
وَاللَّه أَعْلَم.
وَقَوْله: «وَيُلْقِي النَّوَى بَيْن أُصْبُعَيْهِ» أَيْ يَجْعَلهَا بَيْنهمَا لِقِلَّتِهِ، وَلَمْ يُلْقِهِ فِي إِنَاء التَّمْر لِئَلَّا يَخْتَلِط بِالتَّمْرِ، وَقِيلَ: كَانَ يَجْمَعهُ عَلَى ظَهْر الْأُصْبُعَيْنِ ثُمَّ يَرْمِي بِهِ.
وَقَوْله: (قَالَ شُعْبَة: هُوَ ظَنِّيّ، وَهُوَ فيه إِنْ شَاءَ اللَّه إِلْقَاء النَّوَى).
مَعْنَاهُ: أَنَّ شُعْبَة قَالَ: الَّذِي أَظُنّهُ أَنَّ إِلْقَاء النَّوَى مَذْكُور فِي الْحَدِيث، فَأَشَارَ إِلَى تَرَدُّد فيه وَشَكّ، وَفِي الطَّرِيق الثَّانِي جَزَمَ بِإِثْبَاتِهِ وَلَمْ يَشُكّ، فَهُوَ ثَابِت بِهَذِهِ الرِّوَايَة.
وَأَمَّا رِوَايَة الشَّكّ فَلَا تَضُرّ سَوَاء تَقَدَّمَتْ عَلَى هَذِهِ أَوْ تَأَخَّرَتْ؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ فِي وَقْت وَشَكَّ فِي وَقْت، فَالْيَقِين ثَابِت، وَلَا يَمْنَعهُ النِّسْيَان فِي وَقْت آخَر.
وَقَوْله: فَشَرِبَهُ ثُمَّ نَاوَلَهُ الَّذِي عَنْ يَمِينه.
فيه: أَنَّ الشَّرَاب وَنَحْوه يُدَار عَلَى الْيَمِين كَمَا سَبَقَ تَقْرِيره فِي بَابه قَرِيبًا.
وَفيه اِسْتِحْبَاب طَلَب الدُّعَاء مِنْ الْفَاضِل وَدُعَاء الضَّيْف بِتَوْسِعَةِ الرِّزْق وَالْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة، وَقَدْ جَمَعَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الدُّعَاء خَيْرَات الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
وَاللَّه أَعْلَم.
باب استحباب وضع النوى خارج التمر واستحباب دعاء الضيف لاهل الطعام وطلب الدعاء من الضيف الصالح واجابته لذلك
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الأشربة ﴿ 16 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞