باب الدال والميم وما يثلثهما
باب الدال والميم وما يثلثهما
(دمن) الدال والميم والنون أصلٌ واحد يدلُّ على ثباتٍ ولزوم.
فالدِّمْنُ:
ما تَلبَّد من السِّرجين والبَعْر في مَبَاءات النَّعَم؛ وموضع ذلك الدِّمْنةُ، والجمع دِمَن.
ويقال دَمَنْتُ الأرض بذلك، مثلُ دَمَلْتُها.
والدِّمنة:
ما اندفَن من الحِقْد في الصدر*.
وذلك تشبيه بما تدمَّن من الأبعار في الدِّمَن.
ويقال:
دمَّن فلانٌ فِناءَ فُلانٍ، إذا غَشِيَه ولَزِمه.
وفلانٌ دِمْنُ مالٍ، مثل قولهم إزاءُ مالٍ.
وإنما سُمِّي بذلك لأنّه يلازم المال.
ودَمُّونُ:
مكانٌ.
وكل هذا قياسٌ واحد.
وأمّا الدّمَانُ، فهو عَفَنٌ يُصِيب النَّخْل، فإن كان صحيحاً فهو مشتقٌّ ممّا ذكرْناه من الدِّمْن؛ لأنّ ذلك يَعْفَنُ لا محالة.
(دمث) الدل والميم والثاء أصلٌ واحد يدلُّ على لينٍ وسُهولة.
فالدَّمَث:
اللِّين؛ يقال دَمِث المكانُ يَدْمَثُ دَمَثاً؛ وهو دَمْثٌ وَدَمِثٌ.
ويكون ذا رَمْلٍ، ومن ذلك الحديث:
"أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم مال إلى دَمَثٍ، وقال:
إذا بال أحَدُكُم فليرتَدْ لبَوْله".
والدّماثة:
سُهولة الخُلُق.
ويقال دَمِّثْ لي الحديثَ، أي سهِّلْه ووَطِّئْه.
(دمج) الدال والميم والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على الانطواء والسَّتر.
يقال أدمَجْت الحَبلَ، إذا أدرَجْتَه وأحكَمْتَ فَتْلَه.
وقال الأصمعيّ في قول أوس:
بَكَيْتمْ على الصُّلح الدُِّماجِ ومِنْكُمُ
***
بذِي الرِّمْثِ من وادي هُبَالَة مِقْنَبُ
قال:
هو من دامَجَه دِمَاجاً، إذا وافَقَه على الصُّلح.
يقال تدامَجُوا.
ويقال فلان على دَمَجِ فُلانٍ، أي على طريقتِه.
وكلّ هذا الذي قاله فليس يَبْعُد عمّا ذكَرْناه من الخَفاء والسَّتْر.
(دمخ) الدال والميم والخاء ليس أصلاً.
إنما هو دَمْخٌ:
جبلٌ، في قول القائل:
كَفَى حَزَناً أنِّي تطالَلْتُ كَيْ أَرَى
***
ذُرَى عَلَمَيْ دَمْخ فما يُريَانِ
(دمر) الدال والميم والراء أصلٌ واحد يدلُّ على الدُّخول في البيت وغيرِه.
يقال دَمَرَ الرّجُل بيتَه، إذا دَخَلَه.
وفرَقَ ناسٌ بين أن يكون دخولُه بإذْنٍ أو غير إذْن، فقال أبو عُبيد في حديث النبي عليه الصلاة والسلام:
"مَن اطَّلَعَ في بيتِ قومٍ بغير إذْنٍ فقد دمر"، أي دخل.
قال أبو عبيد:
هذا إذا كان بغير إذْن، فإن كان بإذنٍ فليس بدُمُور.
وهذا تفسيرٌ شرعيّ، وأمّا قِياس الكلمة فما ذكرناه أوَّلاً.
ومنه قول أوس:
فلاقَى عليه من صُبَاحَ مُدَمِّراً
***
لناموسه من الصَّفيحِ سَقائفُ قال الشّيبانيُّ والأصمعيُّ:
المدمِّر الداخل في القُتْرة.
ويقال دَمَر القُنفذُ إذا دخَلَ جُحْره.
وقال ناسٌ:
المدَمّر الصّائد يدخِّن بأوبار الإبلِ وغيرِها حتّى لا يَجد الصَّيدُ رِيحَه.
والذي عندنا أنّ المدمّر هو الدّاخِلُ قُتْرتَه، فإِذا دخَلَها دَخّن.
وليس المدمِّر من نعت المُدَخِّن، والقياس لا يقتضيه.
وقال الله تعالى:
{دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} [محمد 10].
والدَّمار:
الهلاك.
ويقال إن التّدْمُرِيَّ:
ضَربٌ من اليَرابيع.
فإِن كان صحيحاً فهو القياس، لأنه يدمِّر في جِحَرَتِه.
(دمس) الدال والميم والسين أصلٌ واحد يدلُّ على خَفاء الشّيء.
ومن ذلك قولُهم:
دَمَّسْتُ الشيء، إِذا أخفَيْتَه.
وأتانا بأُمورٍ دُمْس مثل دُبْس، وهي الأمور التي لا يُهْتَدَى لوَجْهها.
ويقولون:
دَمَس الظّلامُ:
اشتدَّ.
ومنه الدِّيماس، يقال إنّه السَّرَب.
وهو ذلك التماس.
وفي حديث عيسى عليه السلام:
"كأنّمَا خَرَج مِن دِيماسٍ".
(دمص) الدال والميم والصاد ليس عندي أصلاً.
وقد ذُكِرَتْ على ذاك فيه كلماتٌ إنْ صحَّتْ فهي تتقارَبُ في القياس.
يقولون الدَّوْمَصُ:
بَيضة الحديد، فهذا يدلُّ على مَلاسَةٍ في الشّيء.
ثم يقولون لمَنْ رَقَّ حاجبُه أدْمَصُ، وهو قريبٌ من ذلك.
ويقال إنّ كل عِرْق من حائطٍ دِمْصٌ.
وفي كلِّ ذلك نَظَرٌ.
(دمع) الدال والميم والعين أصلٌ واحد يدلُّ على ماءٍ أو عَبْرةٍ.
فمن ذلك الدَّمْع ماءُ العَين، والقَطرةُ دَمْعةٌ.
والفِعْل دَمَعَتِ العينُ دَمْعاً ودَمِعَتْ دَمَعاً* ودَمَعَتْ دُمُوعاً أيضاً.
وعينٌ دامعةٌ.
وجمعُ الدَّمْع دُموع.
قال الخليل:
المَدْمَع مجتَمَع الدَّمع في نَوَاحي العَيْن، والجميع المَدامع.
ويقال امرأة دَمِعَةٌ:
سريعةُ البكاء كثيرةُ الدَّمْع.
ويقال شَجَّةٌ دامعةٌ:
تسيل دَماً.
كذا هو في كتاب الخليل.
والأصحُّ مِن هذا أنّ التي تسيلُ دماً هي الدَّامِية، فأمّا الدّامعة، فأمْرُها دون ذلك، لأنّها التي كأنّها يَخْرُج منها ماءٌ أحمرُ رقيق، وذكر اليزيديُّ أنّ الدُّمَاع أَثَرُ الدَّمْع على الخَدّ.
وأنشد:
يا مَنْ لِعَينٍ لا تَنِي تَهْماعَا
***
قد تَرَك الدّمْعُ بها دِمَاعا
ويقال دُماعاً.
والدُّماع مخفَّف ومثقّل:
ما يَسِيل من الكَرْم أيَّامَ الرَّبيع.
(دمغ) الدال والميم والغين كلمةٌ واحدة لا تتفرّع ولا يقاس عليها.
فالدِّماغ معروف.
ودَمَغْتُه:
ضربْتُه على رأسِه حتّى وصلْتُ إلى الدماغ.
وهي الدّامِغة.
(دمق) الدال والميم والقاف ليس أصلاً، وإن كانوا قد قالوا دَمَقَ في البيت واندمَقَ، إذا دخَل، وإنَّما القاف فيما يُرَى مبدلةٌ مِن جيم، والأصل دَمَج، وقد مضى ذِكْرُه.
(دمك) الدال والميم والكاف يدلُّ على معنيين:
أحدهما الشِّدَّة، والآخر السُّرعة؛ وربَّما اجتمع المعنيانِ.
فأمَّا الشِّدّة فالدَّمَكْمَكُ:
الشديد.
والدّامِكَة:
الدّاهية والأمرُ العظيم.
والمِدْماك:
الخشبة تكون تحت قدمَي السّاقي.
وأمّا الآخر فيقال إنّهم يقولون دَمَكَتِ الأرنب، إذا أسرعَتْ في عَدْوِها.
والدَّموك:
البَكَرْة العظيمة.
فقد اجتمع فيها المعنيانِ:
الشدّة، والسُّرعة.
والدَّموك:
الرَّحَى.
وهي في المعنى والبَكَرة سواءٌ.
(دمل) الدال والميم واللام أُصَيلٌ يدلُّ على تجمُّع شيءٍ في لِينٍ وسُهولة.
من ذلك اندمَلَ الجُرْح؛ وذاكَ اجتماعُه في بُرْءٍ وصَلاح.
ودُمِلت الأرض بالدَّمَال، وهو السِّرجين.
ودامَلْتُ الرَّجُل، إذا داجَيْته.
وهو ذلك القياسُ؛ لأنّه مقارَبةٌ في سهولةٍ، والدُّمّل عربيٌّ، وهو قياسُ ما ذكرناه من التجمُّع في لِينٍ.
ألا ترى أنّ أبا النجم يقول:
* وامْتَهَدَ الغارِبُ فِعْلَ الدُّمَّلِ * والله أعلم.
باب الدال والميم وما يثلثهما