باب من يخدع في البيع
باب من يخدع في البيع
2826- قَوْله: «ذَكَرَ رَجُل لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُخْدَع فِي الْبُيُوع.
أَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَقُلْ لَا خِلَابَة» هُوَ بِخَاءٍ مُعْجَمَة مَكْسُورَة وَتَخْفِيف اللَّام وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَة.
وَقَوْله: «وَكَانَ إِذَا بَايَعَ قَالَ: لَا خِيَابَة» هُوَ بِيَاءٍ مُثَنَّاة تَحْت بَدَل اللَّام هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ، قَالَ الْقَاضِي: وَرَوَاهُ بَعْضهمْ: «لَا خِيَانَة» بِالنُّونِ قَالَ: وَهُوَ تَصْحِيف.
قَالَ: وَوَقَعَ فِي بَعْض الرِّوَايَات فِي غَيْر مُسْلِم: «خِذَابَة» بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، وَالصَّوَاب الْأَوَّل.
وَكَانَ الرَّجُل أَلْثَغ فَكَانَ يَقُولهَا كَذَا وَلَا يُمْكِنهُ أَنْ يَقُول: «لَا خِلَابَة» وَمَعْنَى لَا خِلَابَة لَا خَدِيعَة أَيْ لَا تَحِلّ لَك خَدِيعَتِي أَوْ لَا يَلْزَمنِي خَدِيعَتك.
وَهَذَا الرَّجُل هُوَ حَبَّان بِفَتْحِ الْحَاء وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَة اِبْن مُنْقِد بْن عَمْرو الْأَنْصَارِيّ وَالِد يَحْيَى وَوَاسِع بَنِي حَبَّان شَهِدَا أُحُدًا، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ وَالِده مُنْقِد بْن عَمْرو، وَكَانَ قَدْ بَلَغَ مِائَة وَثَلَاثِينَ سَنَة، وَكَانَ قَدْ شُجَّ فِي بَعْض مَغَازِيه مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْض الْحُصُون بِحَجَرٍ فَأَصَابَتْهُ فِي رَأْسه مَأْمُومَة فَتَغَيَّرَ بِهَا لِسَانه وَعَقْله لَكِنْ لَمْ يَخْرُج عَنْ التَّمْيِيز.
وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ كَانَ ضَرِيرًا، وَقَدْ جَاءَ فِي رِوَايَة لَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لَهُ مَعَ هَذَا الْقَوْل الْخِيَار ثَلَاثَة أَيَّام فِي كُلّ سِلْعَة يَبْتَاعهَا.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي هَذَا الْحَدِيث فَجَعَلَهُ بَعْضهمْ خَاصًّا فِي حَقّه وَأَنَّ الْمُغَابَنَة بَيْن الْمُتَبَايِعَيْنِ لَازِمَة لَا خِيَار لِلْمَغْبُونِ بِسَبَبِهَا سَوَاء قَلَّتْ أَمْ كَثُرَتْ، وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَأَبِي حَنِيفَة وَآخَرِينَ وَهِيَ أَصَحّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِك.
وَقَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ مِنْ الْمَالِكِيَّة: لِلْمَغْبُونِ الْخِيَار لِهَذَا الْحَدِيث بِشَرْطِ أَنْ يَبْلُغ الْغَبْن ثُلُث الْقِيمَة فَإِنْ كَانَ دُونه فَلَا.
وَالصَّحِيح الْأَوَّل لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُت أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثْبَتَ لَهُ الْخِيَار، وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ: «قُلْ لَا خِلَابَة» أَيْ لَا خَدِيعَة، وَلَا يَلْزَم مِنْ هَذَا ثُبُوت الْخِيَار وَلِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ أَوْ أَثْبَتَ لَهُ الْخِيَار كَانَتْ قَضِيَّة عَيْن لَا عُمُوم لَهَا، فَلَا يَنْفُذ مِنْهُ إِلَى غَيْره إِلَّا بِدَلِيلٍ وَاَللَّه أَعْلَم.
باب من يخدع في البيع
باب من يخدع في البيع