📁 آخر الأخبار

باب في الانصات يوم الجمعة في الخطبة


 باب في الانصات يوم الجمعة في الخطبة

باب في الانصات يوم الجمعة في الخطبة


1404- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قُلْت لِصَاحِبِك أَنْصِتْ يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يَخْطُب فَقَدْ لَغَوْت» وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «فَقَدْ لَغَيْت».

قَالَ أَبُو الزِّنَاد: هِيَ لُغَة أَبِي هُرَيْرَة وَإِنَّمَا هُوَ: «فَقَدْ لَغَوْت».

قَالَ أَهْل اللُّغَة: يُقَال: لَغَا يَلْغُو كَغَزَا يَغْزُو، وَيُقَال: لَغِيَ يَلْغَى كَعَمِيَ يَعْمَى، لُغَتَانِ الْأُولَى أَفْصَح، وَظَاهِر الْقُرْآن يَقْتَضِي هَذِهِ الثَّانِيَة الَّتِي هِيَ لُغَة أَبِي هُرَيْرَة.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآن وَالْغَوْا فيه} وَهَذَا مِنْ لَغِيَ يَلْغَى، وَلَوْ كَانَ مِنْ الْأَوَّل لَقَالَ: وَالْغُوا بِضَمِّ الْغَيْن، قَالَ اِبْن السِّكِّيت وَغَيْره: مَصْدَر الْأَوَّل اللَّغْو، وَمَصْدَر الثَّانِي اللَّغْي، وَمَعْنَى: «فَقَدْ لَغَوْت» أَيْ قُلْت اللَّغْو، وَهُوَ الْكَلَام الْمَلْغِيّ السَّاقِط الْبَاطِل الْمَرْدُود، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ قُلْت غَيْر الصَّوَاب، وَقِيلَ: تَكَلَّمْت بِمَا لَا يَنْبَغِي.

 فَفِي الْحَدِيث النَّهْي عَنْ جَمِيع أَنْوَاع الْكَلَام حَال الْخُطْبَة، وَنَبَّهَ بِهَذَا عَلَى مَا سِوَاهُ لِأَنَّهُ إِذَا قَالَ أَنْصِتْ وَهُوَ فِي الْأَصْل أَمْر بِمَعْرُوفٍ، وَسَمَّاهُ لَغْوًا فَيَسِيره مِنْ الْكَلَام أَوْلَى، وَإِنَّمَا طَرِيقه إِذَا أَرَادَ نَهْي غَيْره عَنْ الْكَلَام أَنْ يُشِير إِلَيْهِ بِالسُّكُوتِ إِنْ فَهِمَهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَهْمه فَلْيَنْهَهُ بِكَلَامٍ مُخْتَصَر وَلَا يَزِيد عَلَى أَقَلّ مُمْكِن.

 وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْكَلَام هَلْ هُوَ حَرَام أَوْ مَكْرُوه كَرَاهَة تَنْزِيه؟ وَهُمَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعَيِّ، قَالَ الْقَاضِي: قَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَعَامَّة الْعُلَمَاء: يَجِب الْإِنْصَات لِلْخُطْبَةِ، وَحُكِيَ عَنْ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيّ وَبَعْض السَّلَف: أَنَّهُ لَا يَجِب إِلَّا إِذَا تَلَا فيها الْقُرْآن.

قَالَ: وَاخْتَلَفُوا إِذَا لَمْ يَسْمَع الْإِمَام هَلْ يَلْزَمهُ الْإِنْصَات كَمَا لَوْ سَمِعَهُ؟ فَقَالَ الْجُمْهُور: يَلْزَمهُ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَأَحْمَد وَأَحَد قَوْلَيْ الشَّافِعِيّ: لَا يَلْزَمهُ.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالْإِمَام يَخْطُب» دَلِيل عَلَى أَنَّ وُجُوب الْإِنْصَات وَالنَّهْي عَنْ الْكَلَام إِنَّمَا هُوَ فِي حَال الْخُطْبَة، وَهَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب مَالِك وَالْجُمْهُور، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: يَجِب الْإِنْصَات بِخُرُوجِ الْإِمَام.

باب في الانصات يوم الجمعة في الخطبة

تعليقات