باب كراء الارض
باب كراء الارض
2861- قَوْله: «عَنْ جَابِر قَالَ: نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كِرَاء الْأَرْض»، وَفِي رِوَايَة: «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْض فَلْيَزْرَعْهَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَزْرَعهَا وَعَجَزَ عَنْهَا فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ الْمُسْلِم وَلَا يُؤَاجِرهَا إِيَّاهُ»، وَفِي رِوَايَة: «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْض فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيُزْرِعهَا أَخَاهُ وَلَا يُكِرْهَا»، وَفِي رِوَايَة: «نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَة»، وَفِي رِوَايَة: «فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيُزْرِعهَا أَخَاهُ وَلَا تَبِيعُوهَا» وَفَسَّرَهُ الرَّاوِي بِالْكِرَاءِ، وَفِي رِوَايَة: «فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ فَلْيَحْرُثْهَا أَخَاهُ وَإِلَّا فَلْيَدَعْهَا»، وَفِي رِوَايَة: «كُنَّا نَأْخُذ الْأَرْض بِالثُّلُثِ وَالرُّبْع بِالْمَاذِيَانَاتِ فَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي ذَلِكَ فَقَالَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْض فَلْيَزْرَعْهَا فَإِنْ لَمْ يَزْرَعهَا فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ فَإِنْ لَمْ يَمْنَحهَا أَخَاهُ فَلْيُمْسِكْهَا»، وَفِي رِوَايَة: «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْض فَلْيَهَبْهَا أَوْ لِيُعِرْهَا»، وَفِي رِوَايَة: «نَهَى عَنْ بَيْع أَرْض بَيْضَاء سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا»، وَفِي رِوَايَة: «نَهَى عَنْ الْحُقُول» وَفَسَّرَهُ جَابِر بِكِرَاءِ الْأَرْض، وَمِثْله مِنْ رِوَايَة أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ، وَفِي رِوَايَة اِبْن عُمَر: «كُنَّا نُكْرِي أَرْضنَا ثُمَّ تَرَكْنَا ذَلِكَ حِين سَمِعْنَا حَدِيث رَافِع بْن خَدِيج» وَفِي رِوَايَة عَنْهُ: «كُنَّا لَا نَرَى بِالْخَبَرِ بَأْسًا حَتَّى كَانَ عَام أَوَّل فَزَعَمَ رَافِع أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ»، وَفِي رِوَايَة عَنْ نَافِع: «أَنَّ اِبْن عُمَر كَانَ يُكْرِي مَزَارِعه عَلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي إِمَارَة أَبِي بَكْر وَعُمَر وَعُثْمَان وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَة مُعَاوِيَة ثُمَّ بَلَغَهُ آخِر خِلَافَة مُعَاوِيَة أَنَّ رَافِع بْن خَدِيج يُحَدِّث فيها بِنَهْيٍ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَأَنَا مَعَهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ كِرَاء الْمَزَارِع.
فَقَالَ: لَا بَأْس بِهِ إِنَّمَا كَانَ النَّاس يُؤَاجِرُونَ عَلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا عَلَى الْمَاذِيَانَات وَأَقْبَال الْجَدَاوِل وَأَشْيَاء مِنْ الزَّرْع فيهلِك هَذَا وَيُسْلَم هَذَا، وَيُسْلَم هَذَا وَيُهْلِك هَذَا، فَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كَرَاءٍ إِلَّا هَذَا فَلِذَلِكَ زَجَرَ عَنْهُ فَأَمَّا شَيْء مَعْلُوم مَضْمُون فَلَا بَأْس بِهِ» وَفِي رِوَايَة: «كُنَّا نُكُرِي الْأَرْض عَلَى أَنَّ لَنَا هَذِهِ وَلَهُمْ هَذِهِ، فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ وَلَمْ تَخْرُج هَذِهِ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ وَأَمَّا الْوَرِق فَلَمْ يَنْهَنَا»، وَفِي رِوَايَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَعْقِل بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة وَالْقَاف قَالَ: «زَعَمَ ثَابِت- يَعْنِي اِبْن الضَّحَّاك- أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُزَارَعَة وَأَمَرَ بِالْمُؤَاجَرَةِ وَقَالَ: لَا بَأْس بِهِ» أَمَّا (الْمَاذِيَانَات) فَبِذَالٍ مُعْجَمَة مَكْسُورَة ثُمَّ يَاء مُثَنَّاة تَحْت، ثُمَّ أَلِف ثُمَّ نُون ثُمَّ أَلِف ثُمَّ مُثَنَّاة فَوْق هَذَا هُوَ الْمَشْهُور، وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ بَعْض الرُّوَاة فَتْح الذَّال فِي غَيْر صَحِيح مُسْلِم وَهِيَ مَسَايِل الْمِيَاه، وَقِيلَ: مَا يَنْبُت عَلَى حَافَّتَيْ مَسِيل الْمَاء.
وَقِيلَ: مَا يَنْبُت حَوْل السَّوَاقِي.
وَهِيَ لَفْظَة مُعَرَّبَة لَيْسَتْ عَرَبِيَّة وَأَمَّا قَوْله: (وَأَقْبَال) فَبِفَتْحِ الْهَمْزَة أَيْ أَوَائِلهَا وَرُءُوسهَا، وَالْجَدَاوِل جَمْع جَدْوَل وَهُوَ النَّهْر الصَّغِير كَالسَّاقِيَةِ، وَأَمَّا الرَّبِيع فَهُوَ السَّاقِيَة الصَّغِيرَة وَجَمْعه أَرْبِعَاء كَنَبِيٍّ وَأَنْبِيَاء وَرِبْعَان كَصَبِيٍّ وَصِبْيَان.
وَمَعْنَى هَذِهِ الْأَلْفَاظ أَنَّهُمْ كَانُوا يَدْفَعُونَ الْأَرْض إِلَى مَنْ يَزْرَعهَا بِبَذْرٍ مِنْ عِنْده عَلَى أَنْ يَكُون لِمَالِك الْأَرْض مَا يَنْبُت عَلَى الْمَاذِيَانَات وَأَقْبَال الْجَدَاوِل، أَوْ هَذِهِ الْقِطْعَة وَالْبَاقِي لِلْعَامِلِ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ لِمَا فيه مِنْ الْغَرَر فَرُبَّمَا هَلَكَ هَذَا دُون ذَاكَ وَعَكْسه.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي كِرَاء الْأَرْض فَقَالَ طَاوُس وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ: لَا يَجُوز بِكُلِّ حَال سَوَاء أَكْرَاهَا بِطَعَامٍ أَوْ ذَهَب أَوْ فِضَّة أَوْ بِجُزْءٍ مِنْ زَرْعهَا لِإِطْلَاقِ حَدِيث النَّهْي عَنْ كِرَاء الْأَرْض.
وَقَالَ الشَّافِعِيّ وَأَبُو حَنِيفَة وَكَثِيرُونَ: تَجُوز إِجَارَتهَا بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّة وَبِالطَّعَامِ وَالثِّيَاب وَسَائِر الْأَشْيَاء سَوَاء كَانَ مِنْ جِنْس مَا يَزْرَع فيها أَمْ مِنْ غَيْره وَلَكِنْ لَا تَجُوز إِجَارَتهَا بِجُزْءِ مَا يَخْرُج مِنْهَا كَالثُّلُثِ وَالرُّبُع وَهِيَ الْمُخَابَرَة.
وَلَا يَجُوز أَيْضًا أَنْ يُشْتَرَط لَهُ زَرْع قِطْعَة مُعَيَّنَة وَقَالَ رَبِيعَة: يَجُوز بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّة فَقَطْ، وَقَالَ مَالِك: يَجُوز بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّة وَغَيْرهمَا إِلَّا الطَّعَام، وَقَالَ أَحْمَد وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمَّد بْن الْحَسَن وَجَمَاعَة مِنْ الْمَالِكِيَّة وَآخَرُونَ: تَجُوز إِجَارَتهَا بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّة وَتَجُوز الْمُزَارَعَة بِالثُّلُثِ وَالرُّبُع وَغَيْرهمَا، وَبِهَذَا قَالَ اِبْن شُرَيْح وَابْن خُزَيْمَةَ وَالْخَطَّابِيّ وَغَيْرهمْ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابنَا وَهُوَ الرَّاجِح الْمُخْتَار وَسَنُوَضِّحُهُ فِي بَاب الْمُسَاقَاة إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
فَأَمَّا طَاوُس وَالْحَسَن فَقَدْ ذَكَرْنَا حُجَّتهمَا، وَأَمَّا الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقُوهُ فَاعْتَمَدُوا بِصَرِيحِ رِوَايَة رَافِع بْن خَدِيج وَثَابِت بْن الضَّحَّاك السَّابِقَيْنِ فِي جَوَاز الْإِجَارَة بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّة وَنَحْوهمَا، وَتَأَوَّلُوا أَحَادِيث النَّهْي تَأْوِيلَيْنِ: أَحَدهمَا حَمْلهَا عَلَى إِجَارَتهَا بِمَا عَلَى الْمَاذِيَانَات أَوْ بِزَرْعِ قِطْعَة مُعَيَّنَة أَوْ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُع وَنَحْو ذَلِكَ كَمَا فَسَّرَهُ الرُّوَاة فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث الَّتِي ذَكَرْنَاهَا؛ وَالثَّانِي حَمْلهَا عَلَى كَرَاهَة التَّنْزِيه وَالْإِرْشَاد إِلَى إِعَارَتهَا كَمَا نَهَى عَنْ بَيْع الْغَرَر نَهْي تَنْزِيه بَلْ يَتَوَاهَبُونَهُ وَنَحْو ذَلِكَ.
وَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ لابد مِنْهَا أَوْ مِنْ أَحَدهمَا لِلْجَمْعِ بَيْن الْأَحَادِيث.
وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيل الثَّانِي الْبُخَارِيّ وَغَيْره وَمَعْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَاَللَّه أَعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
2862- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
2863- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
2864- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
2865- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
2866- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
2867- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
2868- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْ لِيَزْرَعهَا أَخَاهُ» أَيْ يَجْعَلهَا مَزْرَعَة لَهُ وَمَعْنَاهُ يُعِيرهُ إِيَّاهَا بِلَا عِوَض وَهُوَ مَعْنَى الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ» بِفَتْحِ الْيَاء وَالنُّون أَيْ يَجْعَلهَا مَنِيحَة أَيْ عَارِيَة، وَأَمَّا الْكِرَاء فَمَمْدُود وَيُكْرِي بِضَمِّ الْيَاء.
✯✯✯✯✯✯
2869- قَوْله: «فَتُصِيب مِنْ الْقِصْرِيّ» هُوَ بِقَافٍ مَكْسُورَة ثُمَّ صَاد مُهْمَلَة سَاكِنَة ثُمَّ رَاء مَكْسُورَة ثُمَّ يَاء مُشَدَّدَة عَلَى وَزْن الْقِبْطِيّ هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ وَكَذَا ضَبَطَهُ الْجُمْهُور وَهُوَ الْمَشْهُور.
قَالَ الْقَاضِي: هَكَذَا رُوِّينَاهُ عَنْ أَكْثَرهمْ.
وَعَنْ الطَّبَرِيّ بِفَتْحِ الْقَاف وَالرَّاء مَقْصُورَة، وَعَنْ اِبْن الْخُزَاعِيّ بِضَمِّ الْقَاف مَقْصُورَة.
قَالَ: الصَّوَاب الْأَوَّل هُوَ مَا بَقِيَ مِنْ الْحَبّ فِي السُّنْبُل بَعْد الدِّيَاس.
وَيُقَال لَهُ: الْقُصَارَة بِضَمِّ الْقَاف وَهَذَا الِاسْم أَشْهَر مِنْ الْقِصْرِيّ.
✯✯✯✯✯✯
2870- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
2871- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
2872- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
2873- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
2874- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
2875- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
2876- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
2877- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
2878- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
2879- قَوْله: «كُنَّا لَا نَرَى بِالْخِبْرِ بَأْسًا» ضَبَطْنَاهُ بِكَسْرِ الْخَاء وَفَتْحهَا وَالْكَسْر أَصَحّ وَأَشْهَر وَلَمْ يَذْكُر الْجَوْهَرِيّ وَآخَرُونَ مِنْ أَهْل اللُّغَة غَيْره.
وَحَكَى الْقَاضِي فيه الْكَسْر وَالْفَتْح وَالضَّمّ وَرُجِّحَ الْكَسْر ثُمَّ الْفَتْح وَهُوَ بِمَعْنَى الْمُخَابَرَة.
✯✯✯✯✯✯
2882- قَوْله: «أَتَاهُ بِالْبَلَاطِ» هُوَ بِفَتْحِ الْبَاء مَكَان مَعْرُوف بِالْمَدِينَةِ مُبَلَّط بِالْحِجَارَةِ وَهُوَ بِقُرْبِ مَسْجِد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
✯✯✯✯✯✯
2883- قَوْله: (عَنْ نَافِع أَنَّ اِبْن عُمَر كَانَ يَأْخُذ الْأَرْض فَنُبِّئَ حَدِيثًا عَنْ رَافِع بْن خَدِيج) فَذَكَرُوا فِي آخِره فَتَرَكَهُ اِبْن عُمَر وَلَمْ يَأْخُذهُ، هَكَذَا هُوَ فِي كَثِير مِنْ النُّسَخ (يَأْخُذ) بِالْخَاءِ وَالذَّال مِنْ الْأَخْذ، وَفِي كَثِير مِنْهَا (يَأْجُر) بِالْجِيمِ الْمَضْمُومَة وَالرَّاء فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
قَالَ الْقَاضِي وَصَاحِب الْمَطَالِع: هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف لِجُمْهُورِ رُوَاة صَحِيح مُسْلِم.
قَالَ صَاحِب الْمَطَالِع: وَالْأَوَّل تَصْحِيف وَفِي بَعْض النُّسَخ (يُؤَاجِر) وَهَذَا صَحِيح.
✯✯✯✯✯✯
2884- قَوْله: (أَنَّ عَبْد اللَّه بْن عُمَر كَانَ يُكْرِي أَرَضِيه) كَذَا فِي بَعْض النُّسَخ (أَرْضِيهِ) بِفَتْحِ الرَّاء وَكَسْر الضَّاد عَلَى الْجَمْع وَفِي بَعْضهَا (أَرْضه) عَلَى الْإِفْرَاد وَكِلَاهُمَا صَحِيح.
باب كراء الارض