📁 آخر الأخبار

حذف المسند والمسند إليه I بسطتهالك bassthalk

حذف المسند والمسند إليه

الأمثلة: 

١-قال الله تعالى:(وما أدرّاكَ ما الحطمةُ * نارُ اللهِ الموقدةُ). 

٢-قال الله تعالى:(عٰلم الغيب والشهادة الكبير المتعال). 

٣-قال الله تعالى:(صمٌّ بكمٌ عمىّ فهم لا يرجعون). 

٤-قال الله تعالى:(كلّا إذا بلغت التراقي). 

                ( ب) 

 ١-قال الله تعالى:(ولئن سألتهم من خلقهم ليقولُنَّ الله). 

٢-قال تعالى:(لعمرك إنّهم لفي سكرتهم يعمهون). 

٣-قال الفرزدق: 

وليس قولك مَن هذا؟ بضائره.... العربُ تعرف من أنكرت والعجمُ. 

الشرح: 

اهتم البلاغيون بحذف المسند والمسند إليه، وحذف المتعلقات، ورأواالجمال والروعة يتجلّيان في العبارة عندما يحذف ركن من أركانها أو شيء ممّا يتعلق بها. ينكشف عن هذا الحذف أهم غرض بلاغي، ألا وهو ( الإيجاز) وما الحذف إلّا ضرب من الإيجاز، وهو مقدرة فائقة على التعبير اللغوي. 

وأدركوا أنَّ الإيحاز يفقد قيمته عندما لا يقوم في العبارة دليل عليه أو قرينة مبيّنة له، إذ يصبح نوعاً من الألغاز أو التعمية، ولا شيء أبعدمن البلاغة والفصاحة مثل الألغاز والتعمية. 

ولا يكون الحذف عبثاً، وإنما يقع وفق شروط وضوابط، حدّدها البلاغيون؛ إذ تخضع لموقف المتكلم، أو السامع، وحالهما فإذا كان هذا الموقف يتطلب الحذف وإيجاز الكلام، فالحذف أولى ويكون جميلاً. وحسناً، ومما يساعد على معرفة الحذف في الكلام، الإعراب، فتطبيق قواعداللغة على الجملة يعينك على معرفة المحذوف، أهو مسند أم مسندإليه، أم غير؟ 

ولا شك أنَّ للحذف أغراضا بلاغية كثيرة تظهر بعد التأمل في الأمثلة السابقة. 

لاحظ المثال الأول من المجموعة(أ) وهو قوله تعالى:(ما أدراك ما الحطمة) فإنّك تجد(نار الله الموقدة) مسند، وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "هي" نار الله، وهذا المحذوف هو المسند إليه وحُذف تجنباً "للحشو" في الكلام، وذلك عندما لا يتحقق من ذكره فائدة، فالغرض إذن، الاختصار، وإيجاز الكلام. 

ومثله قوله تعالى:(وما أدراك ماهيه * نار حامية) والمراد: هي نار. 

وفي المثال الثاني، قوله تعالى:(عالم الغيب والشهادة)، تجد، أنَّ(عالم الغيب) مسند، وهو خبر لمبتدأ محذوف، وهذا المبتدا المحذوف هوالمسند إليه وتقديره" هو"يعودإلى الله تعالى، ولو نظرنا إلى هذه الصفات الجليلة التي، تحدثت عنها الآية(عالم الغيب والشهادة) و(الكبير المتعال) نجدها خاصة بالله سبحانه، فاستغنت عن المسند إليه الضمير العائدإلى الله، سبحانه لأن هذه الأخبار(الصفات) مختصة به عز وجل، فكأنُه إذا ذكرت لا يتعلق الذهن إلّا به تعالى، فحذف المسند إليه—المبتدأ—جاء بسبب كونه معلوماً ومتعيّناً في ذهن السامع. 

وترى في المثال الثالث، أنّ الآية الشريفة تتحدَث عن المنافقين بشكل واضح، سبقتها آيات تدل عليهم، إذ يقول:(مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً فلّما أضاءت ماحوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون * صمٌّ بكمٌ عمي فهم لا يرجعون). 

وتلاحظ أنّ الأخبار المذكورة(صمٌّ بكمٌ،عميٌ)خاصة بالمنافقين،منطبقة عليهم، وقد حذف المسند إليه(المبتدأ) الدال على المنافقين، سواءٌ افترضناه الاسم الظاهر(المنافقون)، أم اسم الإشارة(أولئك) لغرض بلاغي، وتكرار المسند إليه لا ضرورة له من الناحيةالبلاغية، بل نجد في حذفه قيمة جمالية استفدناها من المعنى وهي(تأكيد، ذم المنافقين وتحقيرهم) ولأنّ التعبير بهذه الصورة يشعر أنّ المسند-وهوالخبر- قد انطبق على المسند إليه(المبتدأ) فاستغني عن ذكره. 

وفي المثال الرابع، فإن المسند إليه في الآية الشريفة، معروف لدى المخاطبين فلا فائدة من ذكره، لاحظ الآية الكريمة(كلا إذا بلغت التراقي). والمراد إذا بلغت الروح التراقي.، وتاء التأنيث التي ألحقت بالفعل، لا شك أنَّ المقصودبها هي الرّوح، فحذف الفاعل هنا لن يتم لمجرد الإيجاز، بل لأنّه معروف لدى المخاطب، دلّت القرينة الحالية عليه. 

    

والذي يحدد هذا الغرض أو ذاك، هو معنى الكلام وسياق الحديث، والجو النفسي للخطاب، وهناك حالات كثيرة لا حصر لها في حذف المسند إليه، والأمر متوقف على حال الخطاب، وقرائن الأحوال، وإنّما قدّمنا نماذج يمكن الاهتداء بها، والأخذ بأمثالها، والأمر نفسه يقال في الأحوال التي سنعرض لها، حذف المسند. 

التكمــــــــــــــــــــلة ستأتي لاحـــــقا

بعون الله.

كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات