الفرق بين أنّ وإنّ
تُفتح همزة أنّ إذا صح أن يصاغ منها ومما بعدها المصدر المؤول كما وضحنا من قبل في شرح (أنْ) المصدرية، مثل: سرني أنّ محمدًا جاء = سرني مجيئه، بينما تُكسر همزة (إنّ) إذا لم يصح أن تصاغ مع ما بعدها كمصدر مؤول.
#أنّ
لها أوجه، وهي:
(أنّ) من الأحرف المشبهة بالفعل، تدخل على الجملة الاسمية فتنصب المبتدأ وترفع الخبر وتفيد التوكيد.
مثال:
علمتُ أنّ القطارَ سيتأخر.
(أنّ) تكون مهملة إذا خُففت أو اتصلت بها (ما الزائدة) فلا يكون لعا عمل إذا دخلت على الجملة الاسمية والفعلية.
أمثلة على أنّ المهملة:
أحزنني أنْ كريمٌ مسافرٌ، وسرّني أنما هو راجعٌ.
أحزنني أنْ سيسافرُ، وسرّني أنما يرجعُ.
كذلك قوله تعالى في سورة يونس - الآية 10
{وآخر دعواهم أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين}.
أن أصلها أنّ المشددة، ولكن خُفِّفت، فقيل: أن، والقاعدة أنها متى خفِّفتْ أُهملت فلم تعمل، ودخلت على الجمل الاسمية والفعلية. والذي في الآية من دخولها على الاسمية:
فـ (الحمد: مبتدأ) و (لله: شبه جملة خبر).
قوله تعالى في سورة الكهف - الآية 110
{يُوحَى إليّ أَنَّما إلهكم إلهٌ واحد}
في الآية الكريمة اتّصلت ما الزائدة بـأنّ كفّتها عن العمل، فأُهمِلت ولم تعمل، ودخلت على الجمل الاسمية والفعلية. والذي في الآية من دخولها على الاسمية: وتُعرب (إلهُكم) مبتدأ، و (إله) خبر للمبتدأ.
(أن) المخففة
فإذا سبق أن المخففة فعل فيجب أن يكون من أفعال اليقين أو الظن الراجح، مثل: علم - أيقن - حسب - ظن…
يمكن التعرف عليها عندما يفصلها عن الفعل بعدها أداة تدل على أنها [أن] المخففة لا الناصبة للفعل المضارع (أو المصدرية)، كالسين وسوف وقد ولن ولو ولم... مثل:
أيقنتُ أنْ سوف يأتي.
يُحذَف حرف الجرّ قبل (أن) قياساً، سواء كانت ثقيلة أو مخفّفة، مثل:
أشهد أنّك مهذبٌ = أشهد بأنك مهذبٌ
أَعَجِبْتَ أنْ نجحَ كريمٌ؟ = أعجبتَ من أن نجح كريمٌ؟
#كيف يمكن التفريق بين أنْ وأن المخففة من الثقيلة؟
مثال:
{علِمَ أنْ سيكونُ منكم مرضى}
أنْ: مخففة من الثقيلة، ومتى كان ذلك أُهمِلت فلم تعمل، ودخلت على الجمل الاسمية والفعلية. وقد دخلت في الآية على فعلية: (سيكون). ولا بدّ في ذلك من توجيه النظر إلى مسألتين:
المسألة الأولى: أنّ المخففة إذا سبقها فعل، فلا بدّ من أن يكون من أفعال اليقين أو الظنّ الراجح. والذي سبقها في الآية فعلُ يقين هو: (علم).
وأما المسألة الثانية: فأنّ مجيئها ساكنة قد يوهم أنها الناصبة للفعل المضارع، ولذلك كثيرًا ما يفصلها عن الفعل بعدها أداة تدفع هذا الوهم، وتؤكد بأنها المخففة لا الناصبة، والأداة الفاصلة بينهما في الآية هي السين الداخلة على الفعل (يكون). ومن هنا كان الفعل مرفوعاً: [سيكونُ].
#إنّ
من الأحرف المشبهة بالفعل تدخل على الجملة الاسمية فتنصب المبتدأ وترفع الخبر، وتُسمى حرف ناسخ، وأوجهها متعددة:
إذا اتصلت بها ما الزائدة، كفَّتها عن العمل، فعادت الجملة الاسمية كما هي تتكون من مبتدأ وخبر، مثل: إنّما أنت بَشَرٌ.
إذا دخلت على مبتدأ مقترن بلام التوكيد -وقد تُسمى بلام الابتداء ولام التوكيد واللام المُزحلقة- فتُسمى لام الابتداء؛ لأنها تقترن بالمبتدأ، وتُسمى لام التوكيد؛ لأنها تؤكّد المبتدأ. وتُسمى اللام المزحلقة؛ لأنها هي و (إنّ) لا تجتمعان، فإذا التقتا زُحلِقت اللام فاُخِّرت.
مثال: قوله تعالى في سورة إبراهيم - الآية 39 {إنّ ربي لَسَميع الدعاء} إذا دخلت (إنّ) على مبتدأ مقترن بلام التوكيد، زُحلِقت اللام فأُخِّرت وجوبًا، وقد تحقّق ذلك في الآية الكريمة؛ إذ كان الكلام مبتدأً وخبراً: ربي سميع.
ثمّ أُكِّد بلام الابتداء (لَرَبي سميع).
ثم أُكِّد مرة أخرى بـ (إنّ) فاجتمع أداتا توكيد هما:
(إنّ + لام التوكيد) وهذا ممنوع، لذلك زُحلقت اللام إلى الخبر: (إنّ ربي لسميع)، إذ القاعدة أنّهما إذا التقتا زُحلِقت اللام إلى الخبر، اسماً كان الخبر كما جاء في المثال أو فعلًا كما في المثال التالي من سورة النحل - الآية 124:
{إنّ ربك لَيَحكم بينهم} حيث عند تحليلنا للآية الكريمة من حيث المعنى فاللام للتوكيد قبل أن تدخل على الجملة كانت (ربك يحكم) ثم باستخدام لام التوكيد تكون (لربك يحكم) وبعد تأكيدها بـ (إنّ) تكون قد اجتمعت أداتان من أدوات التوكيد، فزُحلقت اللام لتلحق بالفعل وهو الخبر في الجملة وهو جملة فعلية هنا.
قد تُخّفَّف فيقال: (إِنْ) وبهذا تُهمَل فلا تعمل، ويؤتى في الكلام بعدها -وجوبًا- بلامٍ تسمّى اللام الفارقة كما وضحنا من قبل، مثل: إنْ كريمٌ لَمسافرٌ.