أغراض وصف المسند إليه
أحوال وصف المسند إليه
وأما وصفه: فلكون الوصف تفسيرا له كاشفا عن معناه؛ كقولك: "الجسم الطويل العريض العميق محتاج إلى فراغ يشغله". ونحوه في الكشف قول أوس "المنسرح":
- الألمعي الذي يظن بك الظـ ... ـن كأن قد رأى وقد سمعا
حكي أن الأصمعي سُئِل عن الألمعي، فأنشده ولم يزد.
وكذلك قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} قال الزمخشري: "الهَلَع: سرعة الجزع عند مس المكروه، وسرعة المنع عند مس الخير، من قولهم: "ناقة هلوع: سريعة السير". وعن أحمد بن يحيى: قال لي محمد بن عبد الله بن طاهر: ما الهلع؟ قلت: قد فسره الله تعالى" انتهى كلام الزمخشري.
أو لكونه مخصصا له نحو: "زيد التاجر عندنا".
أو لكونه مدحا له، كقولنا: "جاء زيد العالم" حيث يتعين فيه ذكر زيد قبل ذكر العالم، ونحوه من غيره قوله تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
- وقوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ}.
أو لكونه ذما له؛ كقولنا: "ذهب زيد الفاسق" حيث يتعين فيه ذكر زيد قبل ذكر الفاسق. ونحوه من غيره قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} .
من أغراض وصف المسند إليه
أو لكونه تأكيدا له
- كقولك: "أمس الدابر كان يوما عظيما".
أو لكونه بيانا له
- كقوله تعالى: {لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} .
قال الزمخشري: الاسم الحامل لمعنى الإفراد أو التثنية دالّ على شيئين: على الجنسية، والعدد المخصوص. فإذا أريدت الدلالة على أن المَعْنِيّ به منهما والذي يساق له الحديث هو العدد، شُفع بما يؤكده، فدُل به على القصد إليه والعناية به، ألا ترى أنك لو قلت: "إنما هو إله" ولم تؤكده بـ "واحد" لم يحسن، وخُيِّل أنك تثبت الإلهية لا الوحدانية، وأما قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} فقال السكاكي: شفع "دابة" بـ "في الأرض"، و"طائر" بـ "يطير بجناحيه" لبيان أن القصد بهما إلى الجنسين. وقال الزمخشري: معنى ذلك زيادة التعميم والإحاطة كأنه قيل: "وما من دابة قَطُّ في جميع الأرضين السبع، وما من طائر قط في جو السماء من جميع ما يطير بجناحيه".
تكملة أغراض وصف المسند إليه
واعلم أن الجملة قد تقع صفة للنكرة، وشرطها أن تكون خبرية؛ لأنها في المعنى حكم على صاحبها كالخبر، فلم يستقِمْ أن تكون إنشائية مثله؛ وقال السكاكي: لأنه يجب أن يكون المتكلم يعلم تحقق الوصف للموصوف؛ لأن الوصف إنما يُؤتَى به ليُميز به الموصوف مما عداه، وتمييز المتكلم شيئا من شيء بما لا يعرفه له محال، فما لا يكون عنده محققا للموصوف يمتنع أن يجعله وصفا له بحكم عكس النقيض، ومضمون الجمل الطلبية كذلك؛ لأن الطلب يقتضي مطلوبا غير متحقق لامتناع طلب الحاصل، فلا يقع شيء منها صفة لشيء، والتعليل الأول أعم؛ لأن الجملة الإنشائية قد لا تكون طلبية كقولنا: "نعم الرجل زيد، وبئس الصاحب عمرو، وربما يقوم بكر، وكم غلامٍ ملكتَ؟ وعسى أن يجيء بشر، وما أحسن خالدا"، وصِيَغ العقود نحو: "بعت واشتريت" فإن هذه كلها إنشائية وليس شيء منها بطلبي. ولامتناع وقوع الإنشائية صفة أو خبرا؛ قيل في قوله "من الرجز":
جاءوا بمَذْق هل رأيتَ الذئب قط
تقديره: جاءوا بمذق مقول عنده هذا القول، أي: بمذق يحمل رائيه أن يقول لمن يريد وصفه له: هل رأيت الذئب قط؟ فهو مثله في اللون؛ لإيراده في خيال الرائي لون الذئب لوُرقته.
وفي مثل قولنا: "زيد اضربْه أو لا تضربْه" تقديره: "مقول في حقه: اضربه أو لا تضربه".
مقالات قد تهمك
المجرد المتزايد من الاسماء والفعال
قواعد الجمع في اللغة الانجليزية pdf
رقية التعطيل فهد القرني مكتوبة pdf