التجريد
ومنه التجريد، وهو أن يُنتزع من أمر ذي صفة أمر آخر مثله في تلك الصفة؛ مبالغة في كمالها فيه وهو أقسام:
منها نحو قولهم: "لي من فلان صديق حميم" أي: بلغ من الصداقة مبلغا صح
معه أن يستخلص منه صديق آخر.
ومنها نحو قولهم: " لئن سألت فلانا لتسألن به البحر".
ومنها نحو قول الشاعر:
وشوهاء تعدو بي إلى صارخ الوغى ... بمستلئم مثل الفَنِيق المُرَحَّل
أي: تعدو بي، ومعي من نفسي -لكمال استعدادها للحرب- مستلئم؛ أي: لابس لأمة.
ومنها: قوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} ؛ فإن جهنم -أعاذنا الله منها- هي دار الخلد، لكن انتُزع منها مثلها، وجعل معدا فيها للكفار؛ تهويلا لأمرها. ومنها نحو قول الحماسي:
فلئن بقيت لأرحلَنَّ بغزوة ... تحوي الغنائم أو يموت كريم
وعليه قراءة من قرأ: {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} بالرفع، بمعنى: فحصلت سماء وردة. وقيل: تقدير الأول: "أو يموت مني كريم"، والثاني: "فكانت منه وردة كالدهان"، وفيه نظرومنها: نحو قوله:
يا خير من يركب المطي ولا ... يشرب كأسا بكف من بخلا
ونحوه قول الآخر:
إن تلقني لا ترى غيري بناظرة ... تنس السلاح وتعرف جبهة الأسد
ومنها: مخاطبة الإنسان نفسه؛ كقول الأعشى:
ودع هريرة إن الركب مرتحل ... وهل تطيق وداعا أيها الرجل
وقول أبي الطيب:
لا خيل عندك تهديها ولا مال ... فليُسعد النطق إن لم يُسعد الحال