📁 آخر الأخبار

من كره الموعظة من كره الموعظة


من كره الموعظة من كره الموعظة

من كره الموعظة من كره الموعظة

۞۞۞۞۞۞۞

من كره الموعظة
لبعض ما يكون فيها من الغلظ أو الخرق
قال رجل للرَّشيد:
 يا أمير المؤمنين، إنّي أريد أن أعِظك بِعظةٍ فيها بعض الغِلْظة فاحتَمِلها؛ قال:
 كلاّ، إنَّ الله أمر مَن هو خيرٌ منك بإلانة القول لمن هو شرٌّ منِي، قال لنبيّه موسى " عليه السلام " إذ أرسله إلى فرعون:
 " فقُولا له قَوْلاً ليِّناً لَعلّه يَتَذكر أو يَخْشى " .
دخل أعرابيٌّ على سُليمان بن عبد الملك، فقال:
 هات يا أعرابيّ؟ قال:
 إني سأطلق لساني بما خَرستْ عنه الألْسُن من عِظتك تأديةً لحق الله تعالى وحقِّ إمامتك، إنه قد اكتَنفك رجال أساءوا الاختيار لأنفسهم فابتاعوا دُنياك بدينهم، ورِضاك بسُخْط ربهم، خافُوك في الله ولم يَخافوا الله فيك، فهم حَرْب للآخرة، سِلْمِ للدنيا، فلا تَأمنهم علِى ما ائتمنك الله عليه، فإنهم لا يألونك خبالاً، والأمانة تَضييعاً، والأُمةَ عَسْفاَ وخَسْفاً، وأنت مَسْؤول عما آجترحوا، وليسوا مَسْؤولين عما اجترحتَ، فلا تُصْلح دُنياهم بفَساد آخرتك، فإنَّ أَخْسَر الناس صَفْقةً يوم القيامة وأَعظمَهم غبْناً مَن باع آخرتَه بدُنيا غيره. قال سليمان:
 أما أنت يا أَعرابيّ فقد سَلَلْتَ لسانك وهو أحدّ سيفَيْك. قال:
 أجلْ يا أمير المؤمنين، لك لا عليك.
ووعظ رجل المأمون فأَصغَى إليه مُنْصَتاً، فلما فَرغ قال:
 قد سمعتُ موعظتك، فاسأل الله أن ينفعنا بها وبما عَلِمنا، غيرَ أنّا أحوجُ إلى المُعاونة بالفِعال مِنّا إلى المُعاونة بالمَقال، فقد كَثُر القائلون، وقَلّ الفاعلون.
العُتْبِيُّ قال:
 دَخل رجلٌ من عَبد القَيْس على أبي فَوَعِظه، فلما فَرغ قال أبي له:
 لو اتّعظنا بما عَلِمنا لا نْتَفعْنا بما عَمِلْنا، ولكنّا عَلِمنا عِلماَ لزمتنا فيه الحُجَّة، وغَفَلنا غَفْلةَ مَن وَجبت عليه النِّقمة، فَوُعظنا في أنفسنا بالتَّنقل من حال إلى حال، ومن صِغَرِ إلى كِبر، ومن صِحَّة إلى سَقم، فأبينا إلا المُقام على الغَفْلة، وإيثاراً لعاجل لا بقاءَ لأهله، وإعراضاً عن آجل إليه المصير.
سعد القَصِير قال:
 دَخل أناسٌ من القُرّاء على عُتْبة بنِ أبي سًفيان فقالوا:
 إنّك سَلَّطت السيفَ على الحقّ ولم تسلِّط الحقَّ على السَّيف، وجئت بها عَشوة خَفِيّة. قال كَذَبْتُم:
 بل سلّطت الحقّ وبه سُلِّطتَ، فاعرفوا الحقَّ تَعْرفوا السيفَ فإنكم الحاملون له حيثُ وَضعه أفضل، والواضعون له حيثُ حَمْله أعدل، ونحِن في أول زمان لم يأتِ آخرُه، وآخرِ دَهْر قد فات أولُه، فصار المَعْروف عندكم مُنْكراَ، والمُنكر معروفاً، وإني أقول لكم مَهْلاً قبلَ أن أقول لنفسي هلا؟ قالوا:
 فَنَخْرج آمِنين؟ قال:
 غيرَ راشدين ولا مَهْدِيِّين.
حاد قوم سَفْر عن الطريق فَدَفعوا إلى راهب مُنْفرد في صَوْمعته، فنادَوْه، فأشرف عليهم، فسألوه عن الطريق، فقال:
 ها هنا، وأومأ بيده إلى السماء، فَعلِموا ما أراد؛ فقالوا:
 إنا سائلوك، قال:
 سَلُوا ولا تُكْثِرُوا، فإن النهار لا يرجع، والعُمْر لا يعود، والطالبَ حثيث؟ قالوا:
 علام الناسُ يومَ القيامة؟ قال:
 على نيَّاتهم وأعمالهم؟ قالوا:
 إلى أين المَوْئل؟ قال:
 إلى ما قَدَّمتم؟ قالوا:
 أوصِنا؟ قال:
 تزَوَّدُوا على قَدْر سَفركم، فَخَيْر الزاد ما بَلَّغ المحلّ، ثم أرشدهم الجادَّة واْنقمع.
وقال بعضهم:
 أتيت الشامَ فمررتُ بدَيْر حَرْملة فإذا فيه راهبٌ كأنّ عينيه مَزادتان، فقلت له:
 ما يُبْكيك؟ قال:
 يا مُسلم، أبْكي على ما فَرّطت فيه من عُمري، وعلى يوم يَمْضي من أجلي لم يَحْسُن فيه عملي. قال:
 ثم مررتُ بعد ذلك فسألتُ عنه، فقيل لي:
 إنه قد أسلم وغزا الرومَ وَقُتل.
قال أبو زَيْد الحيريّ:
 قلت لثوبانَ الراهب:
 ما مَعنى لُبْس الرهبان هذا السواد؟ قال:
 هو أشبهُ بلباس أهل المصائب؟ قلت:
 وكلَّكم معشرَ الرُّهبان قد أصيب بمُصيبة؟ قال:
 يَرْحمك اللّه، وهل مُصيبة أعظمُ من مَصائب الذنوب على أهلها؛ قال أبو زيد:
 فما أذكُر قوله إلا أبكاني.
حبيبٌ العَدَويّ عن موسى الأسْوَارِيّ قال:
 قال:
 لما وقعتْ الفِتْنه أردتُ أن أحْرِزَ ديني فخرجتُ إلى الأهْواز، فبلغ آزادمَرْد قُدومي، فبعثَ إليّ مَتاعاً، فلما أردتُ الانصراف بلغني أنه ثَقِيل، فدخلتُ عليه فإذا هو كالخًفاش لم يَبق منه إلا رأسه، فقلت:
 ما حالُك؟ قال:
 وما حالُ مَنْ يُريد سفراً بعيداً بغير زاد ويَدْخل قبراً موحِشاً بلا مُؤنس، وَينْطلق إلى مَلك عَدْل بلا حُجَّة؟ ثم خرجتْ نفسُه.
العُتبيُّ قال:
 مررتُ براهب باكٍ فقلتُ:
 ما يُبكيك؟ قال:
 أمْرٌ عَرفتُه وقَصرُت عن طلبه، ويومٌ مَضى من عُمري نقص له أجلي ولم يَنْقُص له أملي.
من كره الموعظة من كره الموعظة
من كره الموعظة من كره الموعظة

۞۞۞۞۞۞۞۞
 كتاب الزمردة في المواعظ والزهد ﴿ 7 ﴾ 
۞۞۞۞۞۞۞۞
من كره الموعظة من كره الموعظة
من كره الموعظة من كره الموعظة
من كره الموعظة من كره الموعظة


كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات