قولهم في الطاعون قولهم في الطاعون
قولهم في الطاعون قولهم في الطاعون
قولهم في الطاعون قولهم في الطاعون
۞۞۞۞۞۞۞
قال أبو عُبيدة بن الجرّاح لعمر بن الخطّاب رضوانُ الله عليه، لمّا بلغه أنَّ الطاعونَ وَقَع في الشام فانصرف بالناس:
أفرَاراً من قَدَرِ الله يا أميرَ المؤمنين؟ قال عمر:
لو غيرك قالها يا أبا عُبيدة، نعم نَفِرُّ من قدرِ الله إلى قدَر اللّه، أرأَيت لو أنَّ لك إبلاً هَبَطْتَ بها وادياً له جِهتان إحداهما خَصِيبة والأخرى جَدِيبة، أليسَ لو رعيتَ الخصيبة رعيتَها بقَدَر اللّه، ولو رعيتَ الجديبة رعيتَها بقدَر اللّه؟ وكان عبدُ الرحمن بن عَوْف غائباً فأَقبل، فقال:
عِنْدي في هذا عِلْمٌ سمعتُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
إذا سمعتم به في أرض فلا تَقْدَموا عليها، وإذا وَقع في أرض وأَنتم بها فلا تَخْرُجوا فِرَاراً منه. فَحَمِد الله عُمر ثم انصرَف بالناس.
وقيل للوليد بن عبد الملك حين فرَّ من الطاعون:
يا أميرَ المؤمنين، إنَّ الله تعالى يقول:
ذلك القليلَ نَطْلُب.
العُتْبيّ قال:
وَقع الطاعونُ بالكُوفة، فخرج صدِيق لِشُرَيح إلى النَّجَف، فكتب إليه شُرَيح:
أما بعد، فإنَ المَوْضع الذي هرَبْتَ منه لم يَسُق إلى أجلك تَمامَه، ولم يَسْلُبْه أيّامَه؛ وإنّ الموضع الذي صرت إليه لَبِعين مَنْ لا يُعجزه طَلَب ولا يَفُوتُه هرَب؛ وأنا وإيّاك على بِسَاط مَلِك، وإنّ النَّجَف من ذي قُدْرَةِ لقريب.
لما وَقع الطاعون الجارفُ أطاف الناسُ بالحُسين، فقال:
ما أحسنَ ما صنع بكم ربُّكم، أَقْلَع مُذْنِبٌ وأَنْفَقَ مًمْسك. وخرج أعرابيّ هارباً من الطاعون فَلَدغَتْه أفْعى في طريقه فمات، فقال أَخُوه يَرْثيه:
طافَ يَبْغِي نَجْوَةً
***
من هَلاكٍ فَهلَكْ
لَيْت شِعْري ضَلّةَ
***
أيًّ شيءٍ قَتَلك
أَجُحَاف سائلٌ
***
من جِبالٍ حَمَلك
والمَنَايا راصِدَات
***
للفتى حيثُ سَلَك
كلُّ شيءٍ قاتِل
***
حين تَلْقى أجَلك
حُكِيَ أن ماء المطر اتصل في وقت من الأوقات، فَقَطع الحسنَ بن وَهْب عن لقاء محمد بن عبد الملك الزيّات، فكتب إليه الحسن:
يُوضِّح العذْرَ في تَراخي الِّلقَاءِ
***
ما توالى مِن هذه الأنْوَاءِ
فَسَلامُ الإله أهْدِيه منِّي
***
كُل يوم لسيِّد الوزراءِ
لستُ ادري ماذا أَذُمُ وأَشْكو
***
من سَماءٍ تعُوقني عن سَماءِ
غَيْرَ أَنِّي أدْعُو لهاتِيك بالثُّك
***
ل وأدْعُو لهِذِه بالبَقاءِ
اتصل بأحمد بن أبي دُوَاد أن محمد بن عبد الملك هَجاه بقصيدة فيها تسعون بيتاً، فقال:
أحْسَنُ مِنْ تِسْعِينَ بَيْتاً سُدىً
***
جٍمْعُكَ معناهنَّ في بَيْتِ
ما أحْوَجَ الناسَ إلى مَطْرَةٍ
***
تزيلُ عنهم وَضَرَ الزّيتِ
فبلغ قولُه محمداً فقال:
يا أيُّها المأْفُون رَأْياً لقَدْ
***
عرِّضْت لي نَفْسَك للْمَوْتِ
قَيًرْتُم المُلْكَ فلم نُنْقِهِ
***
حتى قلَعْنا القارَ بالزَّيت
الزيت لا يزري بأَحْسَابنا
***
أَحْسَابنا مَعْروفة البَيْت
وقيل لابن أبي دواد:
لم لا تسأَل حوائجك الخليفةَ بحَضْرة محمد بن عبد الملك؟ فقال:
لا أُحب أن أُعْلِمَه شأْني. وقد حدّث أبو القاسم جَعْفَر أن محمداً الحَسَنيّ قال:
أخبرنا محمد بن زكريا الغَلاَبيّ، قال:
حدثنا محمد بن نجيع النُّوبَخْتي، قال:
حدثنا يحيى أن سُليمان قال:
حدثني أبي، وكان ممن لَحِقَ الصحابة، قال:
دخلت الكوفة فإذا أنا برجل يُحدِّث الناس، فقلت:
من هذا؟ قالوا:
بَكْر بن الطِّرِمّاح، فسمعتُه يقول:
سمعتُ زَيد بن حُسَينْ يقول:
لما قُتِل أميرُ المؤمنين عليُّ بن أبى طالب عليه السلام، أتى بنَعْيه إلى المدينة كُلْثوم بن عَمْرو، فكانت تلك الساعة التي أتيَ فيها بنَعْيه أشْبَه بالساعة التي قُبضَ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من باكٍ وباكِية، وصارخ وصاَرخَةٍ، حتى إذا هَدأت عَبْرَة البُكاء عن الناس، قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
تعالوا حتى نَذْهبَ إلى عائشة زَوْج النبي صلى الله عليه وسلم، فَنَنْظًرَ حُزْنَها على ابن عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقام الناسُ جميعاً حتى أتَوْا منزلَ عائشة رضي اللهّ عنها، فاستأذنوا عليها فوَجَدوا الخبرَ قد سبق إليها، وإذا هي في غَمْرَة الأحْزَان وعَبْرَة الأشجان، ما تفتر عن البكاء والنَّحيب منذ وَقْتِ سَمِعَتْ بخَبره. فلما نَظَرَ الناسُ إلى ذلك منها انصرفوا. فلما كان من غدٍ قيل إنها غَدَتْ إلى قبْرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يَبْق في المَسْجد أحدٌ من المهاجرين إلا استَقْبلها يُسلّم عليها، وهي لا تُسَلِم ولا تَرُدّ ولا تُطِيق الكلامَ من غَزَارة الدَّمعة، وغَمْرَة العَبرَة، تَتخنق بعَبْرَتها، وتتعَثر في أثوابها، والناسُ من خَلْفها، حتى أتت إلى الحُجْرةِ، فأخذت بِعضَادة الباب ثم قالت:
السلامُ عليك يا نبيّ الهُدَى، السلامُ عليك يا أبا القاسم، السلام عليك يا رسول الله وعلى صاحبَيْك. يا رسول اللّه، أنا ناعيةٌ إليك أحظَى أحْبَابك، ذاكرةٌ لك أكرمَ أودّائك عليك. قُتل والله حبيبُك المُجْتَبَى، وصَفِيك المُرْتَضى. قُتِل والله مَن زوَجته خيرَ النِّساء. قُتِل واللّه من آمَن ووَفى، وإني لنادِبة ثَكْلَى، وعليه باكيةٌ حرى. فلو كُشِف عنك الثرى لقلتَ:
إنّه قُتل أكرمهم عليك وأحظاهم لديك. ولو قُدِّر أن نَتَجَنَّب العِدَاء ما كان، تعرَّضت له منذ اليوم، واللّه يجري الُأمور على السَّداد.
قال المبرّد:
عزّى أحمد بن يوسف الكاتب ولدَ الرَّبيع، فقال:
عُظِّمَ أجركم ورحم الله فقيدكم، وجعل لكم من وَراء مُصيبتكم حالاً تجمع شَمْلكم، وتَلُمّ شَعَثَكم، ولا تُفَرِّق مَلأكم. وقيل لأعرابية مات لها بَنُون عِدّة:
ما فعل بنوك؟ قالت:
أكلَهم دهْرٌ لا يَشْبع. وعزَى رجل الرشيدَ فقال:
يا أمير المؤمنين، كان لك الأجر لا بك، وكان العزاء لك لاعَنك.
ومما رُوى أن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما نُعيت إليه ابنتُه وهو في السفَر، فاسترْجع، ثم قال:
عَوْرَةٌ سترَها اللهّ، ومَؤونة كَفاها الله، وأَجْرٌ ساقَه الله. وقالَ أُسَامة بن زَيد رضي الله عنهما:
لمّا عُزِّي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بابنته رُقيَّة، قال:
الحمد لله، دَفْن البنات من المَكْرُمات. وفي رواية:
من المكرُمات دفن البنات. وقال الغَزَّال:
ماتت ابنة لبعض مُلوك كِنْدة، فَوَضَعَ بين يديه بَدْرَةً من الذهب وقال:
مَنْ أبلغ في التَّعزية فهي له. فدخل عليه أَعرابيّ، فقال:
أعظم الله أجرَ الملك، كُفِيتَ المؤونة، وَسُتِرتَ العَورة، ونعمَ الصِّهْر القَبر. فقال له الملك:
أبلغْتَ وأوْجَزْت، وَأَعْطَاهُ البَدْرَة.
قولهم في الطاعون قولهم في الطاعون
قولهم في الطاعون قولهم في الطاعون
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الزمردة في المواعظ والزهد ﴿ 17 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞
قولهم في الطاعون قولهم في الطاعون
قولهم في الطاعون قولهم في الطاعون
قولهم في الطاعون قولهم في الطاعون