📁 آخر الأخبار

قولهم في التوبة قولهم في التوبة


قولهم في التوبة قولهم في التوبة

قولهم في التوبة قولهم في التوبة

مرَّ المسيح " بن مَريْم " عليه السلام بقَوْم من بني إسرائيل يَبكون، فقال لهم:
ما يُبكيكم؟ قالوا:
 نَبْكيِ لذنوبنا؟ قال:
 اترُكوها تُغْفَر لكم. وقال عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه:
 عجباَ لمَن يَهْلك ومعه النجاةُ! قيل له:
 وما هي؟ قال:
 التوبة والاستغفار.
وقالوا:
 كان شابّ من بني إسرائيل قد عَبد الله عشرين حِجَّة ثم عصاه عشرين حجة، فبينما هو في بَيْته يتراءَى في مرآته نَظَرَ إلى الشَّيْب في لِحْيته فساءَهُ ذلك فقال:
 إِلهي، أطعتُك عشرين سنةً، وعَصيتك عشرين سنة، فإن رجعتُ إليك تَقْبَلني؟ فسَمع صوتاً من زاوية البيت ولم ير شَخْصأ:
 أحْبَبْتنا فأحْبَبْناك، وتَرَكْتنَا فتركناك، وعَصَيتنا فأمْهَلْنَاك، وإن رَجَعت إِلينا قَبلناك.
عبد الله بن العَلاء قال:
 خرَجنا حُجّاجاً من المدينة. فلمّا كُنّا بالحُلَيفة نَزَلنا، فَوَقف علينا رجلٌ عليه أثوابٌ رثّة له منظر وهَيئة، فقال:
 مَنْ يَبغي خادماً؟ مَن يَبْغي ساقياً؟ مَن يملأ قِرْبة أو إدَاوَة؟ فَقُلنا:
 دونك هذه القِرَبُ فآملأها. فأخذها وانطلق، فلم يلبث إلا يسيراً حتى أقبل، وقد امتلأت أثوابُه طيناً، فَوَضعها وهو كالمسرور الضاحك ثم قال:
 لكم غيرُ هذا؟ قلنا:
 لا، وأَطْعَمْناه قارِصاً حازِراً، فأخَذه، وحَمِد اللهّ وشَكَرَه، ثم اعتزل وقعد يأكل أكلَ جائع، فأَدْرَكتْني عليه الرّقة، فقمتُ إليه بطَعام طيِّب كثير، وقلتُ:
 قد علمتُ أنه لم يَقَعْ منك القارص موقعاً فدُونك هذا الطعامَ فكُلْه. فَنَظر في وَجْهِي وتَبَسَّم وقال:
 يا عبد الله، إنّما هي فَوْرَةُ هذه النار قد أطفأتُها، وضرَب بيده على بطنه. فرجعتُ وقد انكسف بالي لما رأيتُ من هيبته. فقال لي رجلٌ كان إلى جانبي:
 أتعرفه؟ قلت:
 ما أعرفه؟ قال:
 هذا رجل من بني هاشم من وَلد العبّاس بن عبد المُطّلب، كان يَسْكُنً البَصرةَ، فتَاب وخَرَجَ منها فَفُقِدَ وما يُعرف له أثر. فأَعْجبني قولُه، ثم لحقتُ به وناشدتُه اللهّ، وقلتُ له:
 هل لك أن تعادلني، فإن معي فَضْلاً من راحلتي وأنا رجل من بعض أَخْوَالك؟ فجزاني خيراً، وقال:
 لو أردتُ شيئاً من هذا لكان لي مُعدّاً؟ ثمّ أَنِسَ إليّ وَجَعَل يُحدّثني، وقال:
 أنا رجلٌ من ولد العبّاس كنت أَسكُنُ البَصرة وكنت ذا كِبْر شدِيد وجَبَرُوت وبَذَخ، وإني أمرْتُ خادماً أن تَحْشُو لي فِراشاً ومِخَدةً من حرير بوَرْدٍ نَثير، ففعلَتْ، فإني لنائم إذ أَيْقَظتني قِمَع وَرْدة أغفلَته الخادمُ، فقمتُ إليها فأوْجعتها ضَرْباً. ثم عُدْت إلى مَضْجعي بعد أن خَرج ذلك القِمَع من المِخَدِّة، فأتاني آتٍ في منامي في صُورة فَظِيعةٍ فنَهَرَني وَزَبَرَني، وقال:
 أَفِقْ من غَشْيَتِك وأَبْصر من حَيْرَتك، ثم أنشأ يقول:

يا خَدُ إنّك إنْ تُوَسَّدْ لَينَاَ
***
 وسَدْتَ بعد المَوتِ صُمَّ الْجَنْدَلِ
فامْهَدْ لِنَفسِكَ صَالحاً تَنْجُو به
***
 فَلَتَنْدَمَنَ غداً إذا لم تَفْعَل
فانتبهتُ فَزِعاً وخرجتُ من ساعتي هارباً بِدِيني إلى ربَي.
وقالوا:
 علامةُ التوبة الخروج من الجهل، والندمُ على الذنب، والتجافي عن الشَهْوَة، وتَرْك الكذب، والانتهاء عن خُلق السَّوء. وقالوا:
 التائب من الذنب كمن لا ذنبَ له، وأولُ التوبة الندم. ومن قولنا في هذا المعنى:

يا ويلَنا من مَوْقِفٍ ما به
***
 أخوفُ من أَنْ يَعدِلَ الحاكمُ
أُبارز الله بعصيانه
***
 وليس لي من دُونه راحم
يارَبّ غُفْرَانك عن مُذْنِب
***
 أَسرَف إلا أنّه نادم
وقال بعض أهل التفسير:
 في قول الله تبارك وتعالى:
 " يا أَيًّها الذين آمنُوا تُوبُوا إلى الله تَوْبَةً نَصُوحاً " :
 إنّ التوبةَ النَّصوح أن يتوب العبدُ عن الذنب ولا يَنْوي أن يعود إليه. وقال ابن عبّاس في قول الله عزَّ وجلّ " إنّما التَّوْبةُ علىِ اللًهِ لِلّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثم يَتُوبُون من قِريب " :
 إنّ الرجل لا يَرْكَبُ ذَنْباَ ولا يأتي فاحشةً إلا وهو جاهل. وقوله:
 " ثمّ يَتُوبون من قِريب " قال:
 كلُّ ما كان دون المُعاينة فهو قريب، والمُعاينة أن يؤخَذ بِكَظْم الإنسان، فذلك قوله:
 " إذا حَضَرَ أحدَهم المَوْتُ قال إنِّي تُبْتُ الآن " . قال أهل التفسير:
 هو إذا أُخِذ بكَظْمة. وقال ابن شُبْرُمة:
 إنِّي لأعجب ممن يَحْتَمى مخافةَ الضرر ولا يدعُ الذنوبَ مخافة النار.
قولهم في التوبة قولهم في التوبة
۞۞۞۞۞۞۞۞
 كتاب الزمردة في المواعظ والزهد ﴿ 13 ﴾ قولهم في التوبة قولهم في التوبة
۞۞۞۞۞۞۞۞
قولهم في التوبة قولهم في التوبة

كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات