الخضاب الخضاب الخضاب
الخضاب الخضاب الخضاب
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
غَيِّروا هذا الشّيبَ " وجَنِّبوه السوادَ " . وكان أبو بكر يَخْضب بالحِنَّاء والكَتَم. وقال مالك بنُ أسماء بن خارجة لجاريته:
" قُومي " اخضبِي رأسي ولِحيتىِ، فقالت:
دَعْني، قد عَييت بما أُرقِّعك. فقال مالك بنُ أسماء:
***
وهل رأيت جَديداً لم يَعُدْ خَلَقَا
ودخلِ أبو الأسود الدُؤليّ على معاوية وقد خَضَب، فقال:
لقد أصبحتَ يا أبا الأسود جميلاَ، فلو عَلَّقت تميمة. فأنشأ أبو الأسود يقول:
أَفْنى الشّبابَ الذي فارقتُ بهجَته
***
مَرُّ الجديدَيْن من آتٍ ومُنْطلقِ
لم يُبْقِيا ليَ في طُول اختلافهما
***
شيئاً يُخاف عليه لَذْعةُ الحَدَق
وذُكر عن الأصمعيّ قال:
بَلغني عن بعض العَرب فصاحةٌ، فأتيتُه فوجدتُه يَخْضب، فقال:
يا بن أخي، ما الذيَ أَقصدَك إليِّ؟ قلتُ:
الاستئناسُ بك والاستماع من حديثك؛ قال:
يا بن أخي، قَصدْتَني وأنا أخْضِب، والخضاب من مُقدِّمات الضّعف، ولطالما فَزّعت الوُحوش، وقُدْت الجيوش؛ وَرَوَّيْت السّيف، وقَرَيت الضَّيف؛ وحَميت الجارَ، وأبيت العار؛ وشَرِبْتُ الرَّاح، وجالستُ المِلاَح، وعاديت القُروم، وعَلوت الخُصوم؟ واليوم يا بن أخي الكِبَرُ وضعف البصر، تركا من بعد الصَّفو الكَدَر، وأنشأ يقول:
شَيْبٌ نُعَلِّله كيما نُسرّ به
***
كهيئة الثَّوب مطويا على خِرَقِ
فكنتُ كالغُصْ يَرْتاح الفؤادُ به
***
فصرْتُ عُوداً بلا ماءٍ ولا وَرَق
صَبْراً على الدَّهر إنِّ الدّهر ذو غِيَرٍ
***
وأهْلُه منه بين الصفو والرَّنَق "
ودخل مُعاويةُ على ابن جعفر يعوده، فوجده مُفيقاً وعنده جاريةٌ في حِجْرها عودٌ، فقال:
ما هذا يا بن جعفر؟ فقال:
هذه جارية أروَيها رقيقَ الشعر فَتَزِيده حُسناً بحُسْن نَغْمتها. قال:
فَلْتقل. فحرَّكت عُودَها وغنَّت، وكان معاوية قد خَضب:
أليس عندك شُكْرٌ للَّتي جَعلتْ
***
ما ابيضَ من قادمات الرِّيش كالحُمَم
جَدَّت منك ما قد كان أخْلَقه
***
رَيْبُ الزمان وصَرْفُ الدهر والقِدَم
فحرَّك معاويةُ رجلَه، فقال له ابن جعفر:
لم حركت رجلَك يا أميرَ المؤمنين؟ قال:
كلُّ كريم طَروب. وقال محمود الورّاق في الخِضاب:
للضيف أَنْ يُقرَى ويُعْرفَ حقُّه
***
والشَّيبُ ضيفُك فاْقْرِه بِخِضَابِ
وافي بأكْذَب شاهِد ولربَّما
***
وافي المَشيبُ بشاهِدٍ كذّابِ
فافسَخ شهادتَه عليك بخَضبِه
***
تَنْفي الظُّنون به عن المُرْتاب
فإذا دنا وَقْتُ المَشيب فخلِّه
***
والشَّيبَ يذهبُ فيه كلِّ ذَهاب
وقال آخر:
وقائلةٍ تقولُ وقد رَأتنْي
***
أًرَقِّع عارضَيّ من القَتِيرِ
عليك الخِطْرَ أن تُدَنى
***
إلى بِيضٍ ترائبُهنّ حُور
فقلتُ لها المشيبُ نَذِيرُ عُمْري
***
ولستُ مُسَوِّداً وجهَ النَّذير
وقال غيره:
إنّ شَيباً صَلاحُه بخِضَاب
***
لَعَذَابٌ مُوَكَّلٌ بِعَذَاب
فوَحَقِّ الشَّباب لولا هَوَى الْبِي
***
ض وأَنْ تَشْمَئِزّ نفسُ الكَعَاَب
لأرَحْتُ الخَدًّين مِن وَضر الْخِط
***
ر وآذنتُ بانقضاء الشَّباب
وقال غيره:
َبكَرت تحسِّن لي سوادَ خِضابي
***
لكأنّ ذاك يُعيدني لِشَبابي
وإذا أدِيمُ الوَجْه أَخْلَقَه البِلَى
***
لم يُنتَفَع فيه بحُسْن خِضاب
ماذا تُرَى يجْدِي عليكِ سوادهُ
***
وخلافُ ما يُرْضيك تحت ثِيابي
ما الشَيبُ عندي والخضاب لواصِفٍ
***
إلا كَشَمس جلَلَت بسَحاب
تَخْفي قليلاً ثم تَقْشَعه الصَبا
***
فيصيرُ ما سُتِرَت به لِذَهاب
ومن قولنا هذا المعني:
أصمَّم في الغَواية أم أَنابا
***
وشَيبُ الرَّأس قد خَلَس الشَّبَابا
إذا نَصل الخِضاب بَكى عليه
***
وَيَضحَك كلما وَصَل الخضابا
كأن حمامةً بيضاءَ ظَلَّت
***
تُقاتل في مَفارقه غُرابا
الخضاب الخضاب الخضاب
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الياقوتة في العلم والأدب ﴿ 107 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞
الخضاب الخضاب الخضاب
الخضاب الخضاب الخضاب
الخضاب الخضاب الخضاب