📁 آخر الأخبار

الياقوتة في العلم والأدب

 

الياقوتة في العلم والأدب الياقوتة في العلم والأدب


الياقوتة في العلم والأدب


قال أبو عمر أحمد بن محمد بن عَبد ربِّه:

 قد مضى قولًنا في مُخاطبة الملوك ومقاماتهم، وما تفنَّنوا فيه من بديع حِكَمهم، والتزلّف إليهم بحسن التوصل ولطيف المعاني، وبارع مَنطقهم، واختلاف مذاهبهم، ونحن قائلون بحمد الله وتوفيقه في العلم والأدب، فإنهما القُطبان اللذان عليها مَدار الدين والدنيا، وفَرْقُ ما بين الإنسان وسائر الحيوان، وما بين الطَّبيعة المَلَكية، والطبيعة البهيمية. وهما مادَّة العقل وسراج البدن ونُور القَلب وعماد الرُّوح، وقد جَعل الله بلطيف قُدْرته، وعظيم سُلطانه، بعضَ الأشياء عَمَداً لبعض ومُتولِّدًا من بعض، فإجالة الوَهم فيما تُدْركه الحواسّ تَبعث خواطر الذِّكر، وخواطر الذكر تنبه رؤية الفِكْر، وروية الفِكْر تثير مكامِن الإرادة، والإرادة تُحْكم أسباب العمل، فكلُّ شيء يقوم في العقل وُيمثل في الوهم يكون ذِكْرِا، ثم فِكْرا، ثم إرادة، ثم عملا. والعقل متقبل للعِلْم لا يعمل في غير ذلك شيئاَ. والعلم علمان:

 علم حُمِل، وعلم استُعمل فما حُمل منه ضرّ، وما استُعمل نَفع. والدليل على أن العقل إنما يعمل في تقبل العُلوم كالبصر في تقبل الألوان، والسمع في تقبل الأصوات، أن العاقل إذا لم يُعلَّم شيئا كان كمن لا عقل له، والطِّفل الصغير لو لم تعرِّفه أدبا وتُلقنه كتابا كان كأبله البهائم وأضلِّ الدواب، فإن زَعم زاعمِ فقال:

 إنا نجد عاقلا قليلَ العِلم:

 فهو يَستعمل عقله في قلّة علمه، فيكون أشدَ رأياَ، وأنبه فِطنةً، وأحسنَ مواردَ ومَصادِرَ من الكثير العِلم مع قَلّة العَقْل، فإنَّ حُجَّتنا عليه ما قد ذكرناه من حَمْل العِلْم واستعماله، فقليل العِلْم يستعمله العَقل خَيرٌ من كثيره يحفظه القلب.

قيل للمُهلِّب:

 بِمَ أدركتَ ما أدركتَ؟ قال:

 بالعِلم، قيل له:

 فإن غيرك قد عَلم أكثر مما عَلِمتَ، ولم يُدرك ما أدركت، قال:

 ذلك عِلم حُمِل، وهذا علم استُعْمل.

وقد قالت الحكماء:

 العِلمُ قائد، والعَقل سائق، والنَّفس ذَوْد، فإذا كان قائد بلا سائق هلكت " الماشية " ، وإن كان سائق بلا قائد أخذتْ يميناً وشمالا، وإذا اجتمعا أنابت طَوْعاً أو كَرْهاً.

الياقوتة في العلم والأدب


۞۞۞۞۞۞۞۞

 كتاب الياقوتة في العلم والأدب ﴿ 1 ﴾ 

الياقوتة في العلم والأدب

الياقوتة في العلم والأدب


۞۞۞۞۞۞۞۞


تعليقات