باب الحقوا الفرائض باهلها فما بقي فلاولى رجل ذكر
باب الحقوا الفرائض باهلها فما بقي فلاولى رجل ذكر
3028- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِض بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُل ذَكَر»، وَفِي رِوَايَة: «فَمَا تَرَكَتْ الْفَرَائِض فَلِأَوْلَى رَجُل ذَكَر» وَفِي رِوَايَة: «اِقْسِمُوا الْمَال بَيْن أَهْل الْفَرَائِض عَلَى كِتَاب اللَّه فَمَا تَرَكَتْ الْفَرَائِض فَلِأَوْلَى رَجُل ذَكَر» قَالَ الْعُلَمَاء: الْمُرَاد بِأَوْلَى رَجُل: أَقْرَب رَجُل، مَأْخُوذ مِنْ الْوَلْي بِإِسْكَانِ اللَّام عَلَى وَزْن الرَّمْي، وَهُوَ الْقُرْب، وَلَيْسَ الْمُرَاد بِأَوْلَى هُنَا أَحَقَّ، بِخِلَافِ قَوْلهمْ: الرَّجُل أَوْلَى بِمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حُمِلَ هُنَا عَلَى (أَحَقَّ) لَخَلَى عَنْ الْفَائِدَة، لِأَنَّا لَا نَدْرِي مَنْ هُوَ الْأَحَقّ.
✯✯✯✯✯✯
3029- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَجُل ذَكَر» وَصْف الرَّجُل بِأَنَّهُ ذَكَر تَنْبِيهًا عَلَى سَبَب اِسْتِحْقَاقه وَهُوَ الذُّكُورَة الَّتِي هِيَ سَبَب الْعُصُوبَة وَسَبَب التَّرْجِيح فِي الْإِرْث، وَلِهَذَا جَعَلَ الذَّكَر مِثْل حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَحِكْمَته أَنَّ الرِّجَال تَلْحَقهُمْ مُؤَن كَثِيرَة بِالْقِيَامِ بِالْعِيَالِ وَالضِّيفَان، وَالْأَرِقَّاء وَالْقَاصِدِينَ، وَمُوَاسَاة السَّائِلِينَ وَتَحَمُّل الْغَرَامَات وَغَيْر ذَلِكَ.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَهَذَا الْحَدِيث فِي تَوْرِيث الْعَصَبَات وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَا بَقِيَ بَعْد الْفُرُوض فَهُوَ لِلْعَصَبَاتِ يُقَدَّم الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب، فَلَا يَرِث عَاصِب بَعِيد مَعَ وُجُود قَرِيب، فَإِذَا خَلَّفَ بِنْتًا وَأَخًا وَعَمًّا، فَلِلْبِنْتِ النِّصْف فَرْضًا، وَالْبَاقِي لِلْأَخِ، وَلَا شَيْء لِلْعَمِّ، قَالَ أَصْحَابنَا: وَالْعَصَبَة ثَلَاثَة أَقْسَام: عَصَبَة بِنَفْسِهِ كَالِابْنِ وَابْنه وَالْأَخ وَابْنه وَالْعَمّ وَابْنه وَعَمّ الْأَب وَالْجَدّ وَابْنهمَا وَنَحْوهمْ؛ وَقَدْ يَكُون الْأَب وَالْجَدّ عَصَبَة، وَقَدْ يَكُون لَهُمَا فَرْض، فَمَتَى كَانَ لِلْمَيِّتِ اِبْن أَوْ اِبْن اِبْن لَمْ يَرِث الْأَب إِلَّا السُّدُس فَرْضًا، وَمَتَى لَمْ يَكُنْ وَلَد وَلَا وَلَد اِبْن وَرِثَ بِالتَّعْصِيبِ فَقَطْ، وَمَتَى كَانَتْ بِنْت أَوْ بِنْت اِبْن أَوْ بِنْتَانِ اِبْن أَخَذَ الْبَنَات فَرْضهنَّ وَلِلْأَبِ مِنْ الْبَاقِي السُّدُس فَرْضًا، وَالْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ، هَذَا أَحَد الْأَقْسَام، وَهُوَ الْعَصَبَة بِنَفْسِهِ.
الْقِسْم الثَّانِي الْعَصَبَة بِغَيْرِهِ وَهُوَ الْبَنَات بِالْبَنِينَ، وَبَنَات الِابْن بِبَنِي الِابْن، وَالْأَخَوَات بِالْإِخْوَةِ.
وَالثَّالِث: الْعَصَبَة مَعَ غَيْره، وَهُوَ الْأَخَوَات لِلْأَبَوَيْنِ أَوْ لِلْأَبِ مَعَ الْبَنَات وَبَنَات الِابْن فَإِذَا خَلَّفَ بِنْتًا وَأُخْتًا لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَلِلْبِنْتِ النِّصْف فَرْضًا وَالْبَاقِي لِلْأُخْتِ بِالتَّعْصِيبِ، وَإِنْ خَلَّفَ بِنْتًا وَبِنْت اِبْن وَأُخْتًا لِأَبَوَيْنِ أَوْ أُخْتًا لِأَبٍ فَلِلْبِنْتِ النِّصْف وَلِبِنْتِ الِابْن السُّدُس، وَالْبَاقِي لِلْأُخْتِ.
وَإِنْ خَلَّفَ بِنْتَيْنِ وَبِنْتَيْ اِبْن وَأُخْتًا لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَلِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَالْبَاقِي لِلْأُخْتِ، وَلَا شَيْء لِبِنْتَيْ الِابْن؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْء مِنْ فَرْض جِنْس الْبَنَات وَهُوَ الثُّلُثَانِ.
قَالَ أَصْحَابنَا: وَحَيْثُ أَطْلَقَ الْعَصَبَة فَالْمُرَاد بِهِ الْعَصَبَة بِنَفْسِهِ، وَهُوَ كُلّ ذَكَر يُدْلِي بِنَفْسِهِ بِالْقَرَابَةِ لَيْسَ بَيْنه وَبَيْن الْمَيِّت أُنْثَى، وَمَتَى اِنْفَرَدَ الْعَصَبَة أَخَذَ جَمِيع الْمَال، وَمَتَى كَانَ مَعَ أَصْحَاب فُرُوض مُسْتَغْرِقَة فَلَا شَيْء لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقُوا كَانَ لَهُ الْبَاقِي بَعْد فُرُوضهمْ.
وَأَقْرَب الْعَصَبَات الْبَنُونَ، ثُمَّ بَنُوهُمْ، ثُمَّ الْأَب ثُمَّ الْجَدّ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَخ، وَالْأَخ إِنْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ.
فَإِنْ كَانَ جَدٌّ وَأَخ فَفيها خِلَاف مَشْهُور، ثُمَّ بَنُو الْإِخْوَة، ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا، ثُمَّ أَعْمَام الْأَب، ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا، ثُمَّ أَعْمَام الْجَدّ، ثُمَّ بَنُوهُمْ، ثُمَّ أَعْمَام جَدّ الْأَب ثُمَّ بَنُوهُمْ، وَهَكَذَا.
وَمَنْ أَدْلَى بِأَبَوَيْنِ يُقَدَّم عَلَى مَنْ يُدْلِي بِأَبٍ، فَيُقَدَّم أَخ مِنْ أَبَوَيْنِ عَلَى أَخ مِنْ أَب، وَيُقَدَّم عَمٌّ لِأَبَوَيْنِ عَلَى عَمٍّ بِأَبٍ، وَكَذَا الْبَاقِي، وَيُقَدَّم الْأَخ مِنْ الْأَب عَلَى اِبْن الْأَخ مِنْ الْأَبَوَيْنِ لِأَنَّ جِهَة الْأُخُوَّة أَقْوَى وَأَقْرَب، وَيُقَدَّم اِبْن أَخ لِأَبٍ عَلَى عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ، وَيُقَدَّم عَمٌّ لِأَبٍ عَلَى اِبْن عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ وَكَذَا الْبَاقِي.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَلَوْ خَلَّفَ بِنْتًا وَأُخْتًا لِأَبَوَيْنِ وَأَخًا لِأَبٍ فَمَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور أَنَّ لِلْبِنْتِ النِّصْف، وَالْبَاقِي لِلْأُخْتِ وَلَا شَيْء لِلْأَخِ.
وَقَالَ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: لِلْبِنْتِ النِّصْف، وَالْبَاقِي لِلْأَخِ دُون الْأُخْت، وَهَذَا الْحَدِيث الْمَذْكُور فِي الْبَاب ظَاهِر فِي الدَّلَالَة لِمَذْهَبِهِ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ. باب الحقوا الفرائض باهلها فما بقي فلاولى رجل ذكر
باب الحقوا الفرائض باهلها فما بقي فلاولى رجل ذكر