باب تحريم اكل لحم الحمر الانسية
باب تحريم اكل لحم الحمر الانسية
3581- قَوْله: «إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ مُتْعَة النِّسَاء يَوْم خَيْبَر، وَعَنْ لُحُوم الْحُمُر الْإِنْسِيَّة» أَمَّا الْإِنْسِيَّة فَبِإِسْكَانِ النُّون مَعَ كَسْر الْهَمْزَة وَبِفَتْحِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ، سَبَقَ بَيَانهمَا وَسَبَقَ بَيَان حُكْم نِكَاح الْمُتْعَة، وَشَرْح أَحَادِيثه فِي كِتَاب النِّكَاح، وَأَمَّا الْحُمُرُ الْإِنْسِيَّة فَقَدْ وَقَعَ فِي أَكْثَر الرِّوَايَات أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْم خَيْبَر عَنْ لُحُومهَا، وَفِي رِوَايَة: «حَرَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة».
وَفِي رِوَايَات أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ الْقُدُور تَغْلِي فَأَمَرَ بِإِرَاقَتِهَا وَقَالَ: لَا تَأْكُلُوا مِنْ لُحُومهَا شَيْئًا.
وَفِي رِوَايَة: «نُهِينَا عَنْ لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة»، وَفِي رِوَايَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وأَهْرِيقُوها وَاكْسِرُوهَا، فَقَالَ رَجُل: يَا رَسُول اللَّه أَوْ أَوَنُهْرِيقُهَا وَنَغْسِلهَا؟ قَالَ: أَوَذَاكَ»، وَفِي رِوَايَة: «نَادَى مُنَادِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا إِنَّ اللَّه وَرَسُوله يَنْهَيَانِكُمْ عَنْهَا؛ فَإِنَّهُ رِجْس مِنْ عَمَل الشَّيْطَان»، وَفِي رِوَايَة: «يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُوم الْحُمُر فَإِنَّهَا رِجْس أَوْ نَجَس فَأُكْفِئَتْ الْقُدُور بِمَا فيها».
اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْمَسْأَلَة؛ فَقَالَ الْجَمَاهِير مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدهمْ بِتَحْرِيمِ لُحُومهَا لِهَذِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الصَّرِيحَة، وَقَالَ اِبْن عَبَّاس: لَيْسَتْ بِحَرَامٍ، وَعَنْ مَالِك ثَلَاث رِوَايَات: أَشْهَرهَا أَنَّهَا مَكْرُوهَة كَرَاهِيَة تَنْزِيه شَدِيدَة، وَالثَّانِيَة: حَرَام، وَالثَّالِثَة: مُبَاحَة، وَالصَّوَاب التَّحْرِيم كَمَا قَالَهُ الْجَمَاهِير لِلْأَحَادِيثِ الصَّرِيحَة.
وَأَمَّا الْحَدِيث الْمَذْكُور فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ عَنْ غَالِب بْن أَبْجَرَ قَالَ: «أَصَابَتْنَا سَنَة فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي شَيْء أُطْعِم أَهْلِي إِلَّا شَيْء مِنْ حُمُر، وَقَدْ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة، فَأَتَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت: يَا رَسُول اللَّه أَصَابَتْنَا السَّنَة فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي مَا أُطْعِم أَهْلِي إِلَّا سِمَان حُمُر، وَإِنَّك حَرَّمْت لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة، فَقَالَ: أَطْعِمْ أَهْلَك مِنْ سَمِين حُمُرك، فَإِنَّمَا حَرَّمْتهَا مِنْ أَجْل جَوَّال الْقَرْيَة» يَعْنِي بِالْجَوَّالِ الَّتِي تَأْكُل الْجُلَّة، وَهِيَ الْعُذْرَة.
فَهَذَا الْحَدِيث مُضْطَرِب مُخْتَلَف الْإِسْنَاد شَدِيد الِاخْتِلَاف، وَلَوْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى الْأَكْل مِنْهَا فِي حَال الِاضْطِرَار وَاللَّهُ أَعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
3585- قَوْله: «نَادَى أَنْ اِكْفَئُوا الْقُدُور» قَالَ الْقَاضِي: ضَبَطْنَاهُ بِأَلِفِ الْوَصْل وَفَتْح الْفَاء، مِنْ كَفَأْت، ثُلَاثِي وَمَعْنَاهُ: قَلَبْت، قَالَ: وَيَصِحّ قَطْع الْأَلِف وَكَسْر الْفَاء مِنْ أَكْفَأْت رُبَاعِي، وَهُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى عِنْد كَثِيرِينَ مِنْ أَهْل اللُّغَة، مِنْهُمْ الْخَلِيل وَالْكِسَائِيّ وَابْن السِّكِّيت وَابْن قُتَيْبَة وَغَيْرهمْ، وَقَالَ الْأَصْمَعِيّ: يُقَال: كَفَأْت، وَلَا يُقَال: أَكْفَأْت بِالْأَلِفِ.
✯✯✯✯✯✯
3590- قَوْله: «لُحُوم الْحُمُر نِيئَة وَنَضِيجَة» هُوَ بِكَسْرِ النُّون وَبِالْهَمْزِ أَيْ غَيْر مَطْبُوخَة.
✯✯✯✯✯✯
3591- قَوْله: «كَانَ حَمُولَة النَّاس» بِفَتْحِ الْحَاء أَيْ الَّذِي يَحْمِل مَتَاعهمْ.
✯✯✯✯✯✯
3592- قَوْله: «إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي قُدُور لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة: أَهْرِيقُوها وَاكْسِرُوهَا، فَقَالَ رَجُل: أَوْ أَوَنُهْرِيقُهَا وَنَغْسِلهَا؟ قَالَ: أَوَ ذَاكَ» هَذَا صَرِيح فِي نَجَاسَتهَا وَتَحْرِيمهَا، وَيُؤَيِّدهُ الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «فَإِنَّهَا رِجْس»، وَفِي الْأُخْرَى: «رِجْس أَوْ نَجَس» وَفيه وُجُوب غَسْل مَا أَصَابَتْهُ النَّجَاسَة، وَأَنَّ الْإِنَاء النَّجِس يَطْهُر بِغَسْلِهِ مَرَّة وَاحِدَة، وَلَا يَحْتَاج إِلَى سَبْع إِذَا كَانَتْ غَيْر نَجَاسَة الْكَلْب وَالْخِنْزِير وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ أَحَدهمَا، وَهَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور، وَعِنْد أَحْمَد يَجِب سَبْع فِي الْجَمِيع عَلَى أَشْهَر الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ.
وَمَوْضِع الدَّلَالَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ الْأَمْر بِالْغَسْلِ، وَيَصْدُق ذَلِكَ عَلَى مَرَّة، وَلَوْ وَجَبَتْ الزِّيَادَة لَبَيَّنَهَا، فَإِنَّ فِي الْمُخَاطَبِينَ مَنْ هُوَ قَرِيب الْعَهْد بِالْإِسْلَامِ وَمَنْ فِي مَعْنَاة مِمَّنْ لَا يَفْهَم مِنْ الْأَمْر بِالْغَسْلِ إِلَّا مُقْتَضَاهُ عِنْد الْإِطْلَاق، وَهُوَ مَرَّة.
وَأَمَّا أَمْره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلًا بِكَسْرِهَا فَيُحْتَمَل أَنَّهُ كَانَ بِوَحْيٍ أَوْ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ نُسِخَ وَتَعَيَّنَ الْغَسْل، وَلَا يَجُوز الْيَوْم الْكَسْر؛ لِأَنَّهُ إِتْلَاف مَال.
وَفيه دَلِيل عَلَى أَنَّهُ إِذَا غُسِلَ الْإِنَاء النَّجِس فَلَا بَأْس بِاسْتِعْمَالِهِ.
وَاللَّهُ أَعْلَمبَاب إِبَاحَة أَكْل لُحُوم الْخَيْل:قَوْله: «إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْم خَيْبَر عَنْ لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة، وَأَذِنَ فِي لُحُوم الْخَيْل»، وَفِي رِوَايَة: «قَالَ جَابِر: أَكَلْنَا مِنْ خَيْبَر الْخَيْل وَحُمُر الْوَحْش وَنَهَانَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحِمَار الْأَهْلِيّ» وَفِي حَدِيث أَسْمَاء قَالَتْ: نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلْنَاهُ.
اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي إِبَاحَة لُحُوم الْخَيْل؛ فَمَذْهَب الشَّافِعِيّ، وَالْجُمْهُور مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف أَنَّهُ مُبَاح لَا كَرَاهَة فيه، وَبِهِ قَالَ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر وَفَضَالَة بْن عُبَيْد وَأَنَس بْن مَالِك وَأَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر وَسُوَيْد بْن غَفَلَة وَعَلْقَمَة وَالْأَسْوَد وَعَطَاء وَشُرَيْح وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيُّ وَحَمَّاد بْن سُلَيْمَان وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمَّد وَدَاوُد وَجَمَاهِير الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرهمْ، وَكَرِهَهَا طَائِفَة مِنْهُمْ اِبْن عَبَّاس وَالْحَكَم وَمَالك وَأَبُو حَنِيفَة، قَالَ أَبُو حَنِيفَة: يَأْثَم بِأَكْلِهِ وَلَا يُسَمَّى حَرَامًا، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحَمِير لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَة} وَلَمْ يَذْكُر الْأَكْل، وَذَكَرَ الْأَكْل مِنْ الْأَنْعَام فِي الْآيَة الَّتِي قَبْلهَا، وَبِحَدِيثِ صَالِح بْن يَحْيَى بْن الْمِقْدَام عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه عَنْ خَالِد بْن الْوَلِيد: «نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُوم الْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحَمِير وَكُلّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاع»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَة بَقِيَّة بْن الْوَلِيد عَنْ صَالِح بْن يَحْيَى.
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء مِنْ أَئِمَّة الْحَدِيث وَغَيْرهمْ عَلَى أَنَّهُ حَدِيث ضَعِيف وَقَالَ بَعْضهمْ: هُوَ مَنْسُوخ، رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ مُوسَى بْن هَارُون الْحَمَّال (بِالْحَاءِ) الْحَافِظ قَالَ: هَذَا حَدِيث ضَعِيف، قَالَ: وَلَا يُعْرَف صَالِح بْن يَحْيَى وَلَا أَبُوهُ، وَقَالَ الْبُخَارِيّ: هَذَا الْحَدِيث فيه نَظَر، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَذَا إِسْنَاد مُضْطَرِب، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِي إِسْنَاده نَظَر، قَالَ: وَصَالِح بْن يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه لَا يُعْرَف سَمَاع بَعْضهمْ مِنْ بَعْض، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا الْحَدِيث مَنْسُوخ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: حَدِيث الْإِبَاحَة أَصَحّ، قَالَ: وَيُشْبِه إِنْ كَانَ هَذَا صَحِيحًا أَنْ يَكُون مَنْسُوخًا.
وَاحْتَجَّ الْجُمْهُور بِأَحَادِيث الْإِبَاحَة الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِم وَغَيْره، وَهِيَ صَحِيحَة صَرِيحَة، وَبِأَحَادِيث أُخَر صَحِيحَة جَاءَتْ بِالْإِبَاحَةِ، وَلَمْ يَثْبُت فِي النَّهْي حَدِيث.
وَأَمَّا الْآيَة فَأَجَابُوا عَنْهَا بِأَنَّ ذِكْر الرُّكُوب وَالزِّينَة لَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ مَنْفَعَتهمَا مُخْتَصَّة بِذَلِكَ، فَإِنَّمَا خُصَّ هَذَانِ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمَا مُعْظَم الْمَقْصُود مِنْ الْخَيْل كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَة وَالدَّم وَلَحْم الْخِنْزِير} فَذَكَرَ اللَّحْم لِأَنَّهُ أَعْظَم الْمَقْصُود، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيم شَحْمه وَدَمه وَسَائِر أَجْزَائِهِ، قَالُوا: وَلِهَذَا سَكَتَ عَنْ ذِكْر حَمْل الْأَثْقَال عَلَى الْخَيْل مَعَ قَوْله تَعَالَى فِي الْأَنْعَام: {وَتَحْمِل أَثْقَالكُمْ} وَلَمْ يَلْزَم مِنْ هَذَا تَحْرِيم حَمْل الْأَثْقَال عَلَى الْخَيْل.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْلهَا: «نَحَرْنَا فَرَسًا»، وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ: «ذَبَحْنَا فَرَسًا» وَفِي رِوَايَة لَهُ: «نَحَرْنَا» كَمَا ذَكَرَ مُسْلِم، فَيُجْمَع بَيْن الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ، فَمَرَّة نَحَرُوهَا وَمَرَّة ذَبَحُوهَا، وَيَجُوز أَنْ تَكُون قَضِيَّة وَاحِدَة، وَيَكُون أَحَد اللَّفْظَيْنِ مَجَازًا، وَالصَّحِيح الْأَوَّل؛ لِأَنَّهُ لَا يُصَار إِلَى الْمَجَاز إِلَّا إِذَا تَعَذَّرَتْ الْحَقِيقَة، وَالْحَقِيقَة غَيْر مُتَعَذِّرَة، بَلْ فِي الْحَمْل عَلَى الْحَقِيقَة فَائِدَة مُهِمَّة، وَهِيَ أَنَّهُ يَحُوز ذَبْح الْمَنْحُور وَنَحْر الْمَذْبُوح، وَهُوَ مُجْمَع عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فَاعِله مُخَالِفًا الْأَفْضَل، وَالْفَرَس يُطْلَق عَلَى الذَّكَر وَالْأُنْثَى.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
3595- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3596- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3597- سبق شرحه بالباببَاب إِبَاحَة الضَّبّ:ثَبَتَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيث الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِم وَغَيْره أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الضَّبّ: «لَسْت بِآكِلِهِ وَلَا مُحَرِّمه»، وَفِي رِوَايَات: «لَا آكُلهُ وَلَا أُحَرِّمهُ» وَفِي رِوَايَة: «أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُلُوا فَإِنَّهُ حَلَال وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِي»، وَفِي رِوَايَة: «أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَده مِنْهُ فَقِيلَ: أَحَرَام هُوَ يَا رَسُول اللَّه؟ قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدنِي أَعَافهُ» فَأَكَلُوهُ بِحَضْرَتِهِ وَهُوَ يَنْظُر صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَهْل اللُّغَة: مَعْنَى (أَعَافهُ) أَكْرَههُ تَقَذُّرًا، وَأَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الضَّبّ حَلَال لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ أَصْحَاب أَبِي حَنِيفَة مِنْ كَرَاهَته، وَإِلَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ قَوْم أَنَّهُمْ قَالُوا: هُوَ حَرَام، وَمَا أَظُنّهُ يَصِحّ عَنْ أَحَد، وَإِنْ صَحَّ عَنْ أَحَد فَمَحْجُوج بِالنُّصُوصِ وَإِجْمَاع مَنْ قَبْله.
✯✯✯✯✯✯
3598- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3599- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3600- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3601- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3602- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
3603- قَوْله: «إِنَّ خَالِدًا أَخَذَ الضَّبّ فَأَكَلَهُ مِنْ غَيْر اِسْتِئْذَان» هَذَا مِنْ بَاب الْإِدْلَال وَالْأَكْل مِنْ بَيْت الْقَرِيب وَالصِّدِّيق الَّذِي لَا يَكْرَه ذَلِكَ، وَخَالِدًا أَكَلَ هَذَا فِي بَيْت خَالَته مَيْمُونَة وَبَيْت صَدِيقه رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا يَحْتَاج إِلَى اِسْتِئْذَان، لاسيما وَالْمُهْدِيَة خَالَته، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ جَبْر قَلْب خَالَته أُمّ حُفَيْد الْمُهْدِيَة.
قَوْله فِي مَيْمُونَة: (وَهِيَ خَالَته وَخَالَة اِبْن عَبَّاس) يَعْنِي خَالَة خَالِد بْن الْوَلِيد، وَخَالَة اِبْن عَبَّاس، وَأُمّ خَالِد لُبَابَة الصُّغْرَى، وَأُمّ اِبْن عَبَّاس لُبَابَة الْكُبْرَى، وَمَيْمُونَة وَأُمّ حُفَيْد كُلّهنَّ أَخَوَات وَالِدهنَّ الْحَارِث.
قَوْله: (قَدِمَتْ بِهِ أُخْتهَا حُفَيْدَة)، وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: (أُمّ حُفَيْد) وَفِي بَعْض النُّسَخ (أُمّ حُفَيْدَة) بِالْهَاءِ، وَفِي بَعْضهَا فِي رِوَايَة أَبِي بَكْر بْن النَّضْر: (أُمّ حُمَيْدٍ) وَفِي بَعْضهَا: (حُمَيْدَة) وَكُلّه بِضَمِّ الْحَاء مُصَغَّر.
قَالَ الْقَاضِي وَغَيْره: وَالْأَصْوَب وَالْأَشْهَر: (أُمّ حُفَيْد) بِلَا هَاء، وَاسْمهَا: هُزَيْلَة، وَكَذَا ذَكَرَهَا اِبْن عَبْد الْبَرّ وَغَيْره فِي الصَّحَابَة.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله: (فَقَالَتْ اِمْرَأَة مِنْ النِّسْوَة الْحُضُور) كَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ (النِّسْوَة الْحُضُور).
✯✯✯✯✯✯
3604- قَوْله: (وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَذَا تَصْرِيح بِمَا اِتَّفَقَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاء، وَهُوَ إِقْرَار النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّيْء وَسُكُوته عَلَيْهِ إِذَا فُعِلَ بِحَضْرَتِهِ يَكُون دَلِيلًا لِإِبَاحَتِهِ، وَيَكُون بِمَعْنَى قَوْله: أَذَنْت فيه وَأَبَحْته، فَإِنَّهُ لَا يَسْكُت عَلَى بَاطِل، وَلَا يُقِرّ مُنْكَرًا.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
3605- قَوْله: (دَعَانَا عَرُوس بِالْمَدِينَةِ) يَعْنِي رَجُلًا تَزَوَّجَ قَرِيبًا، وَالْعَرُوس يَقَع عَلَى الْمَرْأَة وَعَلَى الرَّجُل.
قَوْله: (قَرَّبَ إِلَيْهِمْ خِوَان) هُوَ بِكَسْرِ الْخَاء وَضَمّهَا لُغَتَانِ، الْكَسْر أَفْصَح.
وَالْجَمْع: أَخْوِنَة وَخُوُن، لَيْسَ الْمُرَاد بِهَذَا الْخِوَان مَا نَفَاهُ فِي الْحَدِيث الْمَشْهُور فِي قَوْله: «مَا أَكَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خِوَان قَطُّ» بَلْ شَيْء مِنْ نَحْو السُّفْرَة.
✯✯✯✯✯✯
3608- قَوْله: (إِنَّا بِأَرْضٍ مَضَبَّة) فيها لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: فَتْح الْمِيم وَالضَّاد، وَالثَّانِيَة: ضَمّ الْمِيم وَكَسْر الضَّاد، وَالْأَوَّل أَشْهَر، وَأَفْصَح أَيْ ذَات ضِبَاب كَثِيرَة.
✯✯✯✯✯✯
3609- قَوْله: (إِنِّي فِي غَائِط مَضَبَّة) الْغَائِط: الْأَرْض الْمُطَمْئِنَة.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَسَخَهُمْ دَوَابّ يَدِبُّونَ فِي الْأَرْض» أَمَّا (يَدِبُّونَ) فَبِكَسْرِ الدَّال، وَأَمَّا (دَوَابّ) فَكَذَا وَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخ، وَوَقَعَ فِي أَكْثَرهَا (دَوَابًّا) بِالْأَلِفِ، وَالْأَوَّل هُوَ الْجَارِي عَلَى الْمَعْرُوف الْمَشْهُور فِي الْعَرَبِيَّة.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
باب تحريم اكل لحم الحمر الانسية
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان ﴿ 5 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞