📁 آخر الأخبار

باب النساء الغازيات يرضخ لهن ولا يسهم والنهي عن قتل صبيان اهل الحرب

 

 باب النساء الغازيات يرضخ لهن ولا يسهم والنهي عن قتل صبيان اهل الحرب

 باب النساء الغازيات يرضخ لهن ولا يسهم والنهي عن قتل صبيان اهل الحرب


3377- قَوْله: (فَقَالَ اِبْن عَبَّاس: لَوْلَا أَنْ أَكْتُم عِلْمًا مَا كَتَبْت إِلَيْهِ) يَعْنِي إِلَى نَجْدَة الْحَرُورِيّ مِنْ الْخَوَارِج، مَعْنَاهُ: أَنَّ اِبْن عَبَّاس يَكْرَه نَجْدَة لِبِدْعَتِهِ، وَهِيَ كَوْنه مِنْ الْخَوَارِج الَّذِينَ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّين مُرُوق السَّهْم مِنْ الرَّمِيَّة، وَلَكِنْ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ الْعِلْم لَمْ يُمْكِنهُ كَتْمه فَاضْطُرَّ إِلَى جَوَابه، وَقَالَ: لَوْلَا أَنْ أَكْتُم عِلْمًا مَا كَتَبْت إِلَيْهِ أَيْ لَوْلَا أَنِّي إِذَا تَرَكْت الْكِتَابَة أَصِير كَاتِمًا لِلْعِلْمِ، مُسْتَحِقًّا لِوَعِيدِ كَاتِمه لَمَا كَتَبْت إِلَيْهِ.

قَوْله: «كَانَ يَغْزُو بِالنِّسَاءِ فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى وَيُحْذَيْنَ مِنْ الْغَنِيمَة وَأَمَّا بِسَهْمٍ فَلَمْ يَضْرِب لَهُنَّ» فيه: حُضُور النِّسَاء الْغَزْو وَمُدَاوَاتهنَّ الْجَرْحَى كَمَا سَبَقَ فِي الْبَاب قَبْله، وَقَوْله: (يُحْذَيْنَ) هُوَ بِضَمِّ الْيَاء وَإِسْكَان الْحَاء الْمُهْمَلَة وَفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة، أَيْ: يُعْطَيْنَ تِلْكَ الْعَطِيَّة، وَتُسَمَّى الرَّضْخ، وَفِي هَذَا أَنَّ الْمَرْأَة تَسْتَحِقّ الرَّضْخ وَلَا تَسْتَحِقّ السَّهْم، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَة وَالثَّوْرِيّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: تَسْتَحِقّ السَّهْم إِنْ كَانَتْ تُقَاتِل أَوْ تُدَاوِي الْجَرْحَى، وَقَالَ مَالِك: لَا رَضْخ لَهَا، وَهَذَانِ الْمَذْهَبَانِ مَرْدُودَانِ بِهَذَا الْحَدِيث الصَّرِيح.

قَوْله: «إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَقْتُل الصِّبْيَان فَلَا تَقْتُل الصِّبْيَان» فيه: النَّهْي عَنْ قَتْل صِبْيَان أَهْل الْحَرْب، وَهُوَ حَرَام إِذَا لَمْ يُقَاتِلُوا، وَكَذَلِكَ النِّسَاء، فَإِنْ قَاتَلُوا جَازَ قَتْلهمْ.

قَوْله: (وَكَتَبْت تَسْأَلنِي: مَتَى يَنْقَضِي يُتْم الْيَتِيم؟ فَلَعَمْرِي إِنَّ الرَّجُل لَتَنْبُتُ لِحْيَته وَإِنَّهُ لَضَعِيف الْأَخْذ لِنَفْسِهِ ضَعِيف الْعَطَاء مِنْهَا، فَإِذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِح مَا يَأْخُذ النَّاس فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ الْيُتْم) مَعْنَى هَذَا: مَتَى يَنْقَضِي حُكْم الْيُتْم وَيَسْتَقِلّ بِالتَّصَرُّفِ فِي مَاله؟ وَأَمَّا نَفْس الْيُتْم فَيَنْقَضِي بِالْبُلُوغِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُتْم بَعْد الْحُلُم»، وَفِي هَذَا دَلِيل لِلشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء أَنَّ حُكْم الْيُتْم لَا يَنْقَطِع بِمُجَرَّدِ الْبُلُوغ وَلَا بِعُلُوِّ السِّنّ، بَلْ لابد أَنْ يَظْهَر مِنْهُ الرُّشْد فِي دِينه وَمَالِه، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: إِذَا بَلَغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَة زَالَ عَنْهُ حُكْم الصِّبْيَان، وَصَارَ رَشِيدًا يَتَصَرَّف فِي مَالِه، وَيَجِب تَسْلِيمه إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْر ضَابِط لَهُ، وَأَمَّا الْكَبِير إِذَا طَرَأَ تَبْذِيره فَمَذْهَب مَالِك وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء وُجُوب الْحَجْر عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: لَا يُحْجَر، قَالَ اِبْن الْقَصَّار وَغَيْره: الصَّحِيح الْأَوَّل، وَكَأَنَّهُ إِجْمَاع.

قَوْله: (وَكَتَبْت تَسْأَلنِي عَنْ الْخُمُس لِمَنْ هُوَ؟ وَإِنَّا كُنَّا نَقُول: هُوَ لَنَا، فَأَبَى عَلَيْنَا قَوْمنَا ذَاكَ) مَعْنَاهُ: خُمُس خُمُس الْغَنِيمَة الَّذِي جَعَلَهُ اللَّه لِذَوِي الْقُرْبَى، وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فيه فَقَالَ الشَّافِعِيّ مِثْل قَوْل اِبْن عَبَّاس، وَهُوَ أَنَّ خُمُس الْخُمُس مِنْ الْفَيْء وَالْغَنِيمَة يَكُون لِذَوِي الْقُرْبَى، وَهُمْ عِنْد الشَّافِعِيّ وَالْأَكْثَرِينَ: بَنُو هَاشِم وَبَنُو الْمُطَّلِب.

وَقَوْله: (أَبَى عَلَيْنَا قَوْمنَا ذَاكَ) أَيْ: رَأَوْا لَا يَتَعَيَّن صَرْفه إِلَيْنَا، بَلْ يَصْرِفُونَهُ فِي الْمَصَالِح، وَأَرَادُوا بِقَوْمِهِ وُلَاة الْأَمْر مِنْ بَنِي أُمَيَّة، وَقَدْ صَرَّحَ فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ فِي رِوَايَة لَهُ بِأَنَّ سُؤَال نَجْدَة لِابْنِ عَبَّاس عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِل كَانَ فِي فِتْنَة اِبْن الزُّبَيْر، وَكَانَتْ فِتْنَة اِبْن الزُّبَيْر بَعْد بِضْع وَسِتِّينَ سَنَة مِنْ الْهِجْرَة، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه: يَجُوز أَنَّ اِبْن عَبَّاس أَرَادَ بِقَوْلِهِ: (أَبَى ذَاكَ عَلَيْنَا قَوْمنَا) مِنْ بَعْد الصَّحَابَة وَهُمْ يَزِيد بْن مُعَاوِيَة.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

قَوْله: «فَلَا تَقْتُل الصِّبْيَان إِلَّا أَنْ تَكُون تَعْلَم مَا عَلِمَهُ الْخَضِر مِنْ الصَّبِيّ الَّذِي قَتَلَ» مَعْنَاهُ: أَنَّ الصِّبْيَان لَا يَحِلّ قَتْلهمْ، وَلَا يَحِلّ لَك أَنْ تَتَعَلَّق بِقِصَّةِ الْخَضِر وَقَتْله صَبِيًّا؛ فَإِنَّ الْخَضِر مَا قَتَلَهُ إِلَّا بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى لَهُ عَلَى التَّعْيِين، كَمَا قَالَ فِي آخِر الْقِصَّة: {وَمَا فَعَلْته عَنْ أَمْرِي} فَإِنْ كُنْت أَنْتَ تَعْلَم مِنْ صَبِيّ ذَلِكَ فَاقْتُلْهُ، وَمَعْلُوم أَنَّهُ لَا عِلْم لَهُ بِذَلِكَ، فَلَا يَجُوز لَهُ الْقَتْل.

قَوْله: «وَتُمَيِّز الْمُؤْمِن فَتَقْتُل الْكَافِر وَتَدَع الْمُؤْمِن» مَعْنَاهُ: مَنْ يَكُون إِذَا عَاشَ إِلَى الْبُلُوغ مُؤْمِنًا، وَمَنْ يَكُون إِذَا عَاشَ كَافِرًا، فَمَنْ عَلِمْت أَنَّهُ يَبْلُغ كَافِرًا فَاقْتُلْهُ، كَمَا عَلِمَ الْخَضِر أَنَّ ذَلِكَ الصَّبِيّ لَوْ بَلَغَ لَكَانَ كَافِرًا، وَأَعْلَمَهُ اللَّه تَعَالَى ذَلِكَ، وَمَعْلُوم أَنَّك أَنْتَ لَا تَعْلَم ذَلِكَ، فَلَا تَقْتُل صَبِيًّا.

✯✯✯✯✯✯

‏3378- قَوْله: (لَوْلَا أَنْ يَقَع فِي أُحْمُوقَة مَا كَتَبْت إِلَيْهِ) هِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَة وَالْمِيم يَعْنِي فِعْلًا مِنْ أَفْعَال الْحَمْقَى، وَيَرَى رَأْيًا كَرَأْيِهِمْ، وَمِثْله قَوْله فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: (وَاَللَّه لَوْلَا أَنْ أَرُدّهُ عَنْ نَتْن يَقَع فيه مَا كَتَبْت إِلَيْهِ) يَعْنِي بِالنَّتْنِ الْفِعْل الْقَبِيح، وَكُلّ مُسْتَقْبَح يُقَال لَهُ: النَّتْن، وَالْخَبِيث وَالرِّجْس وَالْقَذَر وَالْقَاذُورَة.

قَوْله: (لَا يَنْقَطِع عَنْهُ اِسْم الْيُتْم حَتَّى يَبْلُغ وَيُؤْنَس مِنْهُ رُشْد) يَعْنِي لَا يَنْقَطِع عَنْهُ حُكْم الْيُتْم كَمَا سَبَقَ، وَأَرَادَ بِالِاسْمِ الْحُكْم.

✯✯✯✯✯✯

‏3379- قَوْله: (وَلَا نَعْمَة عَيْن) هُوَ بِضَمِّ النُّون وَفَتْحهَا، أَيْ: مَسَرَّة عَيْن، وَمَعْنَاهُ: لَا تُسَرّ عَيْنه، يُقَال: نَعْمَة عَيْن، وَنُعْمَة عَيْن، وَنَعَامَة عَيْن، وَنُعْمَى عَيْن نُعْمًا وَنَعِيم وَنَعِيم عَيْن، وَنَعَام عَيْن بِمَعْنًى، وَأَنْعَمَ اللَّه عَيْنك، أَيْ: أَقَرَّهَا فَلَا يَعْرِض لَك نَكَد فِي شَيْء مِنْ الْأُمُور.

قَوْله بَعْد هَذَا: (وَسَأَلْت عَنْ الْمَرْأَة وَالْعَبْد: هَلْ كَانَ لَهُمْ سَهْم مَعْلُوم إِذَا حَضَرُوا الْبَأْس؟ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَهْم مَعْلُوم إِلَّا أَنْ يُحْذَيَا مِنْ غَنَائِم الْقَوْم.

؟) فيه: أَنَّ الْعَبْد يُرْضَخ لَهُ وَلَا يُسْهَم لَهُ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيّ وَأَبُو حَنِيفَة وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء، وَقَالَ مَالِك: لَا رَضْخ لَهُ.

 كَمَا قَالَ فِي الْمَرْأَة، وَقَالَ الْحَسَن وَابْن سِيرِينَ وَالنَّخَعِيّ وَالْحَكَم: إِنْ قَاتَلَ أُسْهِمَ لَهُ.

قَوْله: (إِذَا حَضَرُوا الْبَأْس) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَة، وَهُوَ الشِّدَّة، وَالْمُرَاد هُنَا الْحَرْب.


 باب النساء الغازيات يرضخ لهن ولا يسهم والنهي عن قتل صبيان اهل الحرب


۞۞۞۞۞۞۞۞

كتاب الجهاد والسير ﴿ 44 ﴾ 

۞۞۞۞۞۞۞۞



تعليقات