📁 آخر الأخبار

باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح

 

 باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح

 باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح


1266- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا» مَعْنَى: «إِيمَانًا» تَصْدِيقًا بِأَنَّهُ حَقّ مُقْتَصِد فَضِيلَته، وَمَعْنَى: «اِحْتِسَابًا» أَنْ يُرِيد اللَّه تَعَالَى وَحْده لَا يَقْصِد رُؤْيَة النَّاس، وَلَا غَيْر ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِف الْإِخْلَاص.

 وَالْمُرَاد بِقِيَامِ رَمَضَان صَلَاة التَّرَاوِيح، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى اِسْتِحْبَابهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْأَفْضَل صَلَاتهَا مُنْفَرِدًا فِي بَيْته أَمْ فِي جَمَاعَة فِي الْمَسْجِد؟ فَقَالَ الشَّافِعِيّ وَجُمْهُور أَصْحَابه وَأَبُو حَنِيفَة وَأَحْمَد وَبَعْض الْمَالِكِيَّة وَغَيْرهمْ: الْأَفْضَل صَلَاتهَا جَمَاعَة كَمَا فَعَلَهُ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَالصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَاسْتَمَرَّ عَمَل الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ الشَّعَائِر الظَّاهِرَة فَأَشْبَهَ صَلَاة الْعِيد.

وَقَالَ مَالِك وَأَبُو يُوسُف وَبَعْض الشَّافِعِيَّة وَغَيْرهمْ: الْأَفْضَل فُرَادَى فِي الْبَيْت لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْته إِلَّا الْمَكْتُوبَة».

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبه» الْمَعْرُوف عِنْد الْفُقَهَاء أَنَّ هَذَا مُخْتَصّ بِغُفْرَانِ الصَّغَائِر دُون الْكَبَائِر قَالَ بَعْضهمْ: وَيَجُوز أَنْ يُخَفِّف مِنْ الْكَبَائِر مَا لَمْ يُصَادِف صَغِيرَة.

✯✯✯✯✯✯

‏1267- قَوْله: «كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَغِّب فِي قِيَام رَمَضَان مِنْ غَيْر أَنْ يَأْمُرهُمْ فيه بِعَزِيمَةٍ، فَيَقُول: مَنْ قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبه» قَوْله: «مِنْ غَيْر أَنْ يَأْمُرهُمْ بِعَزِيمَةٍ» مَعْنَاهُ: لَا يَأْمُرهُمْ أَمْر إِيجَاب وَتَحْتِيم، بَلْ أَمْر نَدْب وَتَرْغِيب، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: فَيَقُول: «مَنْ قَامَ رَمَضَان» وَهَذِهِ الصِّيغَة تَقْتَضِي التَّرْغِيب وَالنَّدْب دُون الْإِيجَاب، وَاجْتَمَعَتْ الْأُمَّة عَلَى أَنَّ قِيَام رَمَضَان لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَلْ هُوَ مَنْدُوب.

قَوْله: (فَتُوُفِّيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْر عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ كَانَ الْأَمْر عَلَى ذَلِكَ فِي خِلَافَة أَبِي بَكْر وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَة عُمَر) مَعْنَاهُ: اِسْتَمَرَّ الْأَمْر هَذِهِ الْمُدَّة عَلَى أَنَّ كُلّ وَاحِد يَقُوم رَمَضَان فيه بَيْته مُنْفَرِدًا حَتَّى اِنْقَضَى صَدْر مِنْ خِلَافَة عُمَر، ثُمَّ جَمَعَهُمْ عُمَر عَلَى أُبَيِّ بْن كَعْب فَصَلَّى بِهِمْ جَمَاعَة، وَاسْتَمَرَّ الْعَمَل عَلَى فِعْلهَا جَمَاعَة، وَقَدْ جَاءَتْ هَذِهِ الزِّيَادَة فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ فِي كِتَاب الصِّيَام.

✯✯✯✯✯✯

‏1268- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَة الْقَدْر إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبه» هَذَا مَعَ الْحَدِيث الْمُتَقَدِّم: «مَنْ قَامَ رَمَضَان» قَدْ يُقَال: إِنَّ أَحَدهمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَر، وَجَوَابه أَنْ يُقَال: قِيَام رَمَضَان مِنْ غَيْر مُوَافَقَة لَيْلَة الْقَدْر، وَمَعْرِفَتهَا سَبَب لِغُفْرَانِ الذُّنُوب، وَقِيَام لَيْلَة الْقَدْر لِمَنْ وَافَقَهَا وَعَرَفَهَا سَبَبٌ لِلْغُفْرَانِ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ غَيْرهَا.

✯✯✯✯✯✯

‏1269- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَقُمْ لَيْلَة الْقَدْر فَيُوَافِقهَا» مَعْنَاهُ: يَعْلَم أَنَّهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ.

✯✯✯✯✯✯

‏1270- قَوْله: «أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي الْمَسْجِد ذَات لَيْلَة فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاس» وَذَكَرَ الْحَدِيث.

 فَفيه: جَوَاز النَّافِلَة جَمَاعَة، وَلَكِنَّ الِاخْتِيَار فيها الِانْفِرَاد إِلَّا فِي نَوَافِل مَخْصُوصَة وَهِيَ: الْعِيد وَالْكُسُوف وَالِاسْتِسْقَاء وَكَذَا التَّرَاوِيح عِنْد الْجُمْهُور كَمَا سَبَقَ.

 وَفيه: جَوَاز النَّافِلَة فِي الْمَسْجِد وَإِنْ كَانَ الْبَيْت أَفْضَل، وَلَعَلَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا فَعَلَهَا فِي الْمَسْجِد لِبَيَانِ الْجَوَاز، وَأَنَّهُ كَانَ مُعْتَكِفًا.

 وَفيه: جَوَاز الِاقْتِدَاء بِمَنْ لَمْ يَنْوِ إِمَامَته، وَهَذَا صَحِيح عَلَى الْمَشْهُور مِنْ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء، وَلَكِنْ إِنْ نَوَى الْإِمَام إِمَامَتهمْ بَعْد اِقْتِدَائِهِمْ حَصَلَتْ فَضِيلَة الْجَمَاعَة لَهُ وَلَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا حَصَلَتْ لَهُمْ فَضِيلَة الْجَمَاعَة وَلَا يَحْصُل لِلْإِمَامِ عَلَى الْأَصَحّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهَا وَالْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُونَ فَقَدْ نَوَوْهَا.

 وَفيه: إِذَا تَعَارَضَتْ مَصْلَحَة وَخَوْف مَفْسَدَة أَوْ مَصْلَحَتَانِ اُعْتُبِرَ أَهَمّهمَا؛ لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ رَأَى الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد مَصْلَحَة لِمَا ذَكَرْنَاهُ، فَلَمَّا عَارَضَهُ خَوْف الِافْتِرَاض عَلَيْهِمْ تَرَكَهُ لِعِظَمِ الْمَفْسَدَة الَّتِي تُخَاف مِنْ عَجْزهمْ وَتَرْكهمْ لِلْفَرْضِ.

 وَفيه: أَنَّ الْإِمَام وَكَبِير الْقَوْم إِذَا فَعَلَ شَيْئًا خِلَاف مَا يَتَوَقَّعهُ أَتْبَاعه وَكَانَ لَهُ فيه عُذْر يَذْكُرهُ لَهُمْ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ وَإِصْلَاحًا لِذَاتِ الْبَيْن؛ لِئَلَّا يَظُنُّوا خِلَاف هَذَا وَرُبَّمَا ظَنُّوا ظَنَّ السُّوء.

 وَاللَّهُ أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏1271- قَوْله: «فَلَمَّا قَضَى صَلَاة الْفَجْر أَقْبَلَ عَلَى النَّاس، ثُمَّ تَشَهَّدَ، فَقَالَ: أَمَّا بَعْد فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ شَأْنُكُمْ اللَّيْلَة» فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظ فَوَائِد مِنْهَا: اِسْتِحْبَاب التَّشَهُّد فِي صَدْر الْخُطْبَة وَالْمَوْعِظَة، وَفِي حَدِيث فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ: «الْخُطْبَة الَّتِي لَيْسَ فيها تَشَهُّد كَالْيَدِ الْجَذْمَاء».

 وَمِنْهَا: اِسْتِحْبَاب قَوْل أَمَّا بَعْد فِي الْخُطَب، وَقَدْ جَاءَتْ بِهِ أَحَادِيث كَثِيرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ مَشْهُورَة، وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه بَابًا فِي الْبُدَاءَة فِي الْخُطْبَة بِـ (أَمَّا بَعْد)، وَذَكَرَ فيه جُمْلَة مِنْ الْأَحَادِيث.

 وَمِنْهَا: أَنَّ السُّنَّة فِي الْخُطْبَة وَالْمَوْعِظَة اِسْتِقْبَال الْجَمَاعَة، وَمِنْهَا أَنَّهُ يُقَال: جَرَى اللَّيْلَة كَذَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الصُّبْح، وَهَكَذَا يُقَال: اللَّيْلَة إِلَى زَوَال الشَّمْس، وَبَعْد الزَّوَال يُقَال: الْبَارِحَة، وَقَدْ سَبَقَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَّل الْكِتَاب.

✯✯✯✯✯✯

‏1272- حَدِيث أُبَيّ بْن كَعْب أَنَّهُ كَانَ يَحْلِف أَنَّهَا لَيْلَة سَبْع وَعِشْرِينَ، وَهَذَا أَحَد الْمَذَاهِب فيها، وَأَكْثَر الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهَا لَيْلَة مُبْهَمَة مِنْ الْعَشْر الْأَوَاخِر مِنْ رَمَضَان، وَأَرْجَاهَا أَوْتَارُهَا، وَأَرْجَاهَا لَيْلَة سَبْع وَعِشْرِينَ وَثَلَاث وَعِشْرِينَ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَأَكْثَرهمْ أَنَّهَا لَيْلَة مُعَيَّنَة لَا تَنْتَقِل.

وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ: إِنَّهَا تَنْتَقِل فَتَكُون فِي سَنَة: لَيْلَة سَبْع وَعِشْرِينَ، وَفِي سَنَة: لَيْلَة ثَلَاث، وَسَنَة: لَيْلَة إِحْدَى، وَلَيْلَة أُخْرَى وَهَذَا أَظْهَر.

 وَفيه جَمْع بَيْن الْأَحَادِيث الْمُخْتَلِفَة فيها، وَسَيَأْتِي زِيَادَة بَسْط فيها إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى فِي آخِر كِتَاب الصِّيَام حَيْثُ ذَكَرَهَا مُسْلِم.

✯✯✯✯✯✯

‏1273- قَوْله: (وَأَكْثَر عِلْمِي) ضَبَطْنَاهُ بِالْمُثَلَّثَةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُثَلَّث أَكْثَربَاب الدُّعَاء فِي صَلَاة اللَّيْل وَقِيَامه:فيه: حَدِيث اِبْن عَبَّاس وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى جُمَل مِنْ الْفَوَائِد وَغَيْره.

✯✯✯✯✯✯

‏1274- قَوْله: «قَامَ مِنْ اللَّيْل فَأَتَى حَاجَته» يَعْنِي الْحَدَث.

قَوْله: «ثُمَّ غَسَلَ وَجْهه وَيَدَيْهِ ثُمَّ قَامَ» هَذَا الْغَسْل لِلتَّنْظِيفِ وَالتَّنْشِيط لِلذِّكْرِ وَغَيْره.

قَوْله: «فَأَتَى الْقِرْبَة فَأَطْلَقَ شِنَاقهَا» بِكَسْرِ الشِّين أَيْ الْخَيْط الَّذِي تُرْبَط بِهِ فِي الْوَتَد قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَة وَأَبُو عُبَيْد وَغَيْرُهُمَا، وَقِيلَ: الْوِكَاء.

قَوْله: «فَقُمْت فَتَمَطَّيْت كَرَاهِيَة أَنْ يَرَى أَنِّي كُنْت أَنْتَبِه لَهُ» هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ، وَهَكَذَا هُوَ فِي أُصُول بِلَادنَا (أَنْتَبِه) بِنُونِ ثُمَّ مُثَنَّاة فَوْق ثُمَّ مُوَحَّدَة، وَوَقَعَ فِي الْبُخَارِيّ (أُبْقِيه) بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ قَاف، وَمَعْنَاهُ: أَرْقُبهُ وَهُوَ مَعْنَى أَنْتَبِه لَهُ.

قَوْله: «فَقُمْت عَنْ يَسَاره فَأَخَذَ بِيَدَيَّ فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينه» فيه: أَنَّ مَوْقِف الْمَأْمُوم الْوَاحِد عَنْ يَمِين الْإِمَام، وَأَنَّهُ إِذَا وَقَفَ عَنْ يَسَاره يَتَحَوَّل إِلَى يَمِينه، وَأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَتَحَوَّل حَوَّلَهُ الْإِمَام، وَأَنَّ الْفِعْل الْقَلِيل لَا يُبْطِل الصَّلَاة، وَأَنَّ صَلَاة الصَّبِيّ صَحِيحَة، وَأَنَّ لَهُ مَوْقِفًا مِنْ الْإِمَام كَالْبَالِغِ، وَأَنَّ الْجَمَاعَة فِي غَيْر الْمَكْتُوبَات صَحِيحَة.

قَوْله: «ثُمَّ اِضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ فَقَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأ» هَذَا مِنْ خَصَائِصه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ نَوْمه مُضْطَجِعًا لَا يَنْقُض الْوُضُوء؛ لِأَنَّ عَيْنَيْهِ تَنَامَانِ وَلَا يَنَام قَلْبه، فَلَوْ خَرَجَ حَدَث لَأَحَسَّ بِهِ بِخِلَافِ غَيْره مِنْ النَّاس.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اِجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا» إِلَى آخِره قَالَ الْعُلَمَاء: سَأَلَ النُّور فِي أَعْضَائِهِ وَجِهَاته، وَالْمُرَاد بِهِ بَيَان الْحَقّ وَضِيَاؤُهُ وَالْهِدَايَة إِلَيْهِ، فَسَأَلَ النُّور فِي جَمِيع أَعْضَائِهِ وَجِسْمه وَتَصَرُّفَاته وَتَقَلُّبَاته وَحَالَاته وَجُمْلَته فِي جِهَاته السِّتّ، حَتَّى لَا يَزِيغ شَيْء مِنْهَا عَنْهُ.

قَوْله: (فِي هَذَا الْحَدِيث عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل عَنْ كُرَيْب عَنْ اِبْن عَبَّاس) وَذَكَرَ الدُّعَاء: «اللَّهُمَّ اِجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا» إِلَى آخِره.

 قَالَ كُرَيْب: (وَسَبْعًا فِي التَّابُوت فَلَقِيت بَعْض وَلَد الْعَبَّاس فَحَدَّثَنِي بِهِنَّ) قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ وَذَكَرَ فِي الدُّعَاء سَبْعًا أَيْ سَبْع كَلِمَات نَسِيتهَا.

 قَالُوا: وَالْمُرَاد بِالتَّابُوتِ الْأَضْلَاع وَمَا يَحْوِيه مِنْ الْقَلْب وَغَيْره، تَشْبِيهًا بِالتَّابُوتِ الَّذِي كَالصُّنْدُوقِ يُحْرَز فيه الْمَتَاع، أَيْ وَسَبْعًا فِي قَلْبِي وَلَكِنْ نَسِيتهَا.

 وَقَوْله: (فَلَقِيت بَعْض وَلَد الْعَبَّاس) الْقَائِل (لَقِيت) هُوَ سَلَمَة بْن كُهَيْل.

✯✯✯✯✯✯

‏1275- قَوْله: «فَاضْطَجَعْت فِي عَرْض الْوِسَادَة وَاضْطَجَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْله فِي طُولهَا» هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ (عَرْض) بِفَتْحِ الْعَيْن، وَهَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ رِوَايَة الْأَكْثَرِينَ، قَالَ: وَرَوَاهُ الدَّاوُدِيّ بِالضَّمِّ وَهُوَ الْجَانِب، وَالصَّحِيح الْفَتْح، وَالْمُرَاد بِالْوِسَادَةِ الْوِسَادَة الْمَعْرُوفَة الَّتِي تَكُون تَحْت الرُّءُوس.

 وَنَقَلَ الْقَاضِي عَنْ الْبَاجِيّ وَالْأَصِيلِيّ وَغَيْرهمَا أَنَّ الْوِسَادَة هُنَا الْفِرَاش لِقَوْلِهِ: «اِضْطَجَعَ فِي طُولهَا».

 وَهَذَا ضَعِيف أَوْ بَاطِل.

 وَفيه دَلِيل عَلَى جَوَاز نَوْم الرَّجُل مَعَ اِمْرَأَته مِنْ غَيْر مُوَاقَعَة بِحَضْرَةِ بَعْض مَحَارِمهَا وَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا.

قَالَ الْقَاضِي: وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْض رِوَايَات هَذَا الْحَدِيث قَالَ اِبْن عَبَّاس: بِتُّ عِنْد خَالَتِي فِي لَيْلَة فيها حَائِضًا، قَالَ: وَهَذِهِ الْكَلِمَة وَإِنْ لَمْ تَصِحّ طَرِيقًا، فَهِيَ حَسَنَة الْمَعْنَى جِدًّا إِذَا لَمْ يَكُنْ اِبْن عَبَّاس يَطْلُب الْمَبِيت فِي لَيْلَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها حَاجَة إِلَى أَهْله وَلَا يُرْسِلهُ أَبُوهُ إِلَّا إِذَا عَلِمَ عَدَم حَاجَته إِلَى أَهْله؛ لِأَنَّهُ مَعْلُوم أَنَّهُ لَا يَفْعَل حَاجَته مَعَ حَضْرَة اِبْن عَبَّاس مَعَهُمَا فِي الْوِسَادَة مَعَ أَنَّهُ كَانَ مُرَاقِبًا لِأَفْعَالِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَنَمْ أَوْ نَامَ قَلِيلًا جِدًّا.

قَوْله: «فَجَعَلَ يَمْسَح النَّوْم عَنْ وَجْهه» مَعْنَاهُ: أَثَر النَّوْم، وَفيه: اِسْتِحْبَاب هَذَا وَاسْتِعْمَال الْمَجَاز.

قَوْله: «ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْر الْآيَات الْخَوَاتِم مِنْ سُورَة آلَ عِمْرَان» فيه جَوَاز الْقِرَاءَة لِلْمُحْدِثِ وَهَذَا إِجْمَاع الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا تَحْرُم الْقِرَاءَة عَلَى الْجُنُب وَالْحَائِض.

 وَفيه: اِسْتِحْبَاب قِرَاءَة هَذِهِ الْآيَات عِنْد الْقِيَام مِنْ النَّوْم.

 وَفيه: جَوَاز قَوْل سُورَة آلَ عِمْرَان وَسُورَة الْبَقَرَة وَسُورَة النِّسَاء وَنَحْوهَا، وَكَرِهَهُ بَعْض الْمُتَقَدِّمِينَ وَقَالَ: إِنَّمَا يُقَال السُّورَة الَّتِي يُذْكَر فيها آلُ عِمْرَان وَاَلَّتِي يُذْكَر فيها الْبَقَرَة، وَالصَّوَاب الْأَوَّل، وَبِهِ قَالَ عَامَّة الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف، وَتَظَاهَرَتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَلَا لَبْس فِي ذَلِكَ.

قَوْله: «شَنٍّ مُعَلَّقَة» إِنَّمَا أَنَّثَهَا عَلَى إِرَادَة الْقِرْبَة، وَفِي رِوَايَة بَعْد هَذِهِ: «شَنّ مُعَلَّق» عَلَى إِرَادَة السِّقَاء وَالْوِعَاء.

قَالَ أَهْل اللُّغَة: الشَّنّ الْقِرْبَة الْخَلَق وَجَمَعَهُ شِنَان.

قَوْله: «وَأَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى يَفْتِلهَا»: قِيلَ إِنَّمَا فَتَلَهَا تَنْبِيهًا لَهُ مِنْ النُّعَاس، وَقِيلَ: لِيَتَنَبَّه لِهَيْئَةِ الصَّلَاة وَمَوْقِف الْمَأْمُوم وَغَيْر ذَلِكَ، وَالْأَوَّل أَظْهَر لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: فَجَعَلْت إِذَا أَغْفَيْت يَأْخُذ بِشَحْمَةِ أُذُنِي.

قَوْله: «فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَوْتَرَ ثُمَّ اِضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَ الْمُؤَذِّن فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ حَتَّى خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْح» فيه: أَنَّ الْأَفْضَل فِي الْوِتْر وَغَيْره مِنْ الصَّلَوَات أَنْ يُسَلِّم مِنْ كُلّ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ أَوْتَرَ يَكُون آخِره رَكْعَة مَفْصُولَة.

 وَهَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: رَكْعَة مَوْصُولَة بِرَكْعَتَيْنِ كَالْمَغْرِبِ.

 وَفيه: جَوَاز إِتْيَان الْمُؤَذِّن إِلَى الْإِمَام لِيَخْرُج إِلَى الصَّلَاة وَتَخْفِيف سُنَّة الصُّبْح، وَأَنَّ الْإِيتَار بِثَلَاث عَشْرَة رَكْعَة أَكْمَل.

 وَفيه خِلَاف لِأَصْحَابِنَا قَالَ بَعْضهمْ: أَكْثَر الْوِتْر ثَلَاث عَشْرَة لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيث، وَقَالَ أَكْثَرهمْ: أَكْثَره إِحْدَى عَشْرَة، وَتَأَوَّلُوا حَدِيث اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى مِنْهَا رَكْعَتَيْ سُنَّة الْعِشَاء، وَهُوَ تَأْوِيل ضَعِيف مُبَاعِد لِلْحَدِيثِ.

قَوْله: «ثُمَّ عَمَدَ إِلَى شَجْب مِنْ مَاء» هُوَ بِفَتْحِ الشِّين الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الْجِيم، قَالُوا: وَهُوَ السِّقَاء الْخَلَق وَهُوَ بِمَعْنَى الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «شَنّ مُعَلَّقَة» وَقِيلَ: الْأَشْجَاب الْأَعْوَاد الَّتِي يُعَلَّق عَلَيْهَا الْقِرْبَة.

✯✯✯✯✯✯

‏1277- قَوْله: «ثُمَّ اِحْتَبَى حَتَّى إِنِّي لَأَسْمَعُ نَفَسه رَاقِدًا» مَعْنَاهُ: أَنَّهُ اِحْتَبَى أَوَّلًا ثُمَّ اِضْطَجَعَ كَمَا سَبَقَ فِي الرِّوَايَات الْمَاضِيَة: «فَاحْتَبَى ثُمَّ اِضْطَجَعَ حَتَّى سَمِعَ نَفْخه وَنَفَسه» بِفَتْحِ الْفَاء.

✯✯✯✯✯✯

‏1278- قَوْله: «فَقُمْت عَنْ يَسَاره فَأَخْلَفَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينه» مَعْنَى أَخْلَفَنِي: أَدَارَنِي مِنْ خَلْفِهِ.

✯✯✯✯✯✯

‏1279- قَوْله: «فَبَقِيت كَيْف يُصَلِّي» هُوَ بِفَتْحِ الْبَاء الْمُوَحَّدَة وَالْقَاف، أَيْ رَقَبْت وَنَظَرْت.

 يُقَال: بَقِيت وَبَقَوْت بِمَعْنَى رَقَبْت وَرَمَقْت.

قَوْله: «ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا حَسَنًا بَيْن الْوُضُوءَيْنِ» يَعْنِي لَمْ يُسْرِف وَلَمْ يَقْتُر وَكَانَ بَيْن ذَلِكَ قَوَامًا.

قَوْله: (عَنْ أَبِي رِشْدِينَ مَوْلَى اِبْن عَبَّاس) هُوَ بِكَسْرِ الرَّاء، وَهُوَ كُرَيْبٌ، وَمَوْلَى اِبْن عَبَّاس كُنِّيَ بِابْنِهِ رِشْدِينَ.

قَوْله: (عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَلْمَان الْحَجْرِيّ) هُوَ بِحَاءٍ مُهْمَلَة مَفْتُوحَة ثُمَّ جِيم سَاكِنَة مَنْسُوب إِلَى حَجْر رُعَيْن، وَهِيَ قَبِيلَة مَعْرُوفَة.

قَوْله: «فَتَحَدَّثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَهْله سَاعَة ثُمَّ نَامَ» فيه جَوَاز الْحَدِيث بَعْد صَلَاة الْعِشَاء لِلْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَة، وَاَلَّذِي ثَبَتَ فِي الْحَدِيث أَنَّهُ كَانَ يَكْرَه النَّوْم قَبْلهَا وَالْحَدِيث بَعْدهَا هُوَ فِي حَدِيث لَا حَاجَة إِلَيْهِ وَلَا مَصْلَحَة فيه كَمَا سَبَقَ بَيَانه فِي بَابِهِ.

✯✯✯✯✯✯

‏1280- قَوْله: «ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَأَطَالَ فيهمَا الْقِيَام وَالرُّكُوع وَالسُّجُود ثُمَّ اِنْصَرَفَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاث مَرَّات سِتّ رَكَعَات ثُمَّ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ» هَذِهِ الرِّوَايَة فيها مُخَالَفَة لِبَاقِي الرِّوَايَات فِي تَخْلِيل النَّوْم بَيْن الرَّكَعَات، وَفِي عَدَد الرَّكَعَات، فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُر فِي بَاقِي الرِّوَايَات تَخَلُّل النَّوْم وَذَكَرَ الرَّكَعَات ثَلَاث عَشْرَة، قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: هَذِهِ الرِّوَايَة وَهِيَ رِوَايَة حُصَيْن عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت مِمَّا اِسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى مُسْلِم لِاضْطِرَابِهَا وَاخْتِلَاف الرُّوَاة، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَى سَبْعَة أَوْجُه، وَخَالَفَ فيه الْجُمْهُور، قُلْت: وَلَا يَقْدَح هَذَا فِي مُسْلِم، فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُر هَذِهِ الرِّوَايَة مُتَأَصِّلَة مُسْتَقِلَّة إِنَّمَا ذَكَرَهَا مُتَابَعَة، وَالْمُتَابَعَات يَحْتَمِل فيها مَا لَا يَحْتَمِل فِي الْأُصُول كَمَا سَبَقَ بَيَانه فِي مَوَاضِع، قَالَ الْقَاضِي: وَيَحْتَمِل أَنَّهُ لَمْ يَعُدّ فِي هَذِهِ الصَّلَاة الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ الْخَفِيفَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِح صَلَاة اللَّيْل بِهِمَا كَمَا صَرَّحَتْ الْأَحَادِيث بِهَا فِي مُسْلِم وَغَيْره، وَلِهَذَا قَالَ: صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَأَطَالَ فيهمَا.

 فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا بَعْد الْخَفِيفَتَيْنِ فَتَكُون الْخَفِيفَتَانِ ثُمَّ الطَّوِيلَتَانِ ثُمَّ السِّتّ الْمَذْكُورَات ثُمَّ ثَلَاث بَعْدهَا كَمَا ذَكَرَ، فَصَارَتْ الْجُمْلَة ثَلَاث عَشْرَة كَمَا فِي بَاقِي الرِّوَايَات وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

✯✯✯✯✯✯

‏1284- قَوْله فِي حَدِيث زَيْد بْن خَالِد: «ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ» هَكَذَا هُوَ مُكَرَّر ثَلَاث مَرَّات.

✯✯✯✯✯✯

‏1285- قَوْله: «فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَشْرَعَة فَقَالَ: أَلَا تُشْرِع يَا جَابِر» الْمَشْرَعَة بِفَتْحِ الرَّاء، وَالشَّرِيعَة هِيَ الطَّرِيق إِلَى عُبُور الْمَاء مِنْ حَافَّة نَهَر أَوْ بَحْر وَغَيْره.

 قَوْله: «أَلَا تُشْرِع» بِضَمِّ التَّاء وَرُوِيَ بِفَتْحِهَا وَالْمَشْهُور فِي الرِّوَايَات الضَّمّ.

 وَلِهَذَا قَالَ بَعْده: وَشَرَعْت، قَالَ أَهْل اللُّغَة: شَرَعْت فِي النَّهَر وَأَشْرَعَتْ نَاقَتِي فيه.

 وَقَوْله: «أَلَا تُشْرِع»؟ مَعْنَاهُ: أَلَا تُشْرِع نَاقَتك أَوْ نَفْسك.

قَوْله: «فَصَلَّى فِي ثَوْب وَاحِد خَالَفَ بَيْن طَرَفيه» فيه صِحَّة الصَّلَاة فِي ثَوْب وَاحِد، وَأَنَّهُ تُسَنّ الْمُخَالَفَة بَيْن طَرَفيه عَلَى عَاتِقَيْهِ وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَة فِي مَوْضِعهَا.

قَوْله: «فَقُمْت خَلْفه فَأَخَذَ بِأُذُنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينه» هُوَ كَحَدِيثِ اِبْن عَبَّاس، وَقَدْ سَبَقَ شَرْحه.

✯✯✯✯✯✯

‏1286- قَوْله: (حَدَّثَنَا أَبُو حُرَّة عَنْ الْحَسَن) هُوَ أَبُو حُرَّة بِضَمِّ الْحَاء، اِسْمه وَاصِل بْن عَبْد الرَّحْمَن، كَانَ يَخْتِم الْقُرْآن فِي كُلّ لَيْلَتَيْنِ.

قَوْلهمَا: «كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْل لِيُصَلِّيَ اِفْتَتَحَ صَلَاته بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ» وَفِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة الْأَمْر بِذَلِكَ، هَذَا دَلِيل عَلَى اِسْتِحْبَابه لِيَنْشَط بِهِمَا لِمَا بَعْدهمَا.

✯✯✯✯✯✯

‏1288- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ نُور السَّمَاوَات وَالْأَرْض» قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ مُنَوِّرهمَا وَخَالِق نُورهمَا، وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: مَعْنَاهُ بِنُورِك يَهْتَدِي أَهْل السَّمَاوَات وَالْأَرْض، قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي تَفْسِير اِسْمه سُبْحَانه وَتَعَالَى: النُّور، وَمَعْنَاهُ الَّذِي بِنُورِهِ يُبْصِر ذُو الْعِمَايَة، وَبِهِدَايَتِهِ يَرْشُد ذُو الْغَوَايَة.

قَالَ: وَمِنْهُ: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَات} أَيْ مِنْهُ نُورهمَا، قَالَ: وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ ذُو النُّور، وَلَا يَصِحّ أَنْ يَكُون النُّور صِفَة ذَات اللَّه تَعَالَى وَإِنَّمَا هُوَ صِفَة فِعْل أَيْ هُوَ خَالِقه، وَقَالَ غَيْره: مَعْنَى نُور السَّمَاوَات وَالْأَرْض: مُدَبِّر شَمْسهَا وَقَمَرهَا وَنُجُومهَا.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ قِيَام السَّمَاوَات وَالْأَرْض» وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة: (قَيِّم).

قَالَ الْعُلَمَاء: مِنْ صِفَاته الْقِيَام، وَالْقَيِّم كَمَا صَرَّحَ بِهِ هَذَا الْحَدِيث وَالْقَيُّوم بِنَصِّ الْقُرْآن وَقَائِم وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِم عَلَى كُلّ نَفْس} قَالَ الْهَرَوِيُّ: وَيُقَال: قَوَّام، قَالَ اِبْن عَبَّاس: الْقَيُّوم الَّذِي لَا يَزُول، وَقَالَ غَيْره هُوَ الْقَائِم عَلَى كُلّ شَيْء، وَمَعْنَاهُ مُدَبِّر أَمْر خَلْقه، وَهُمَا سَائِغَانِ فِي تَفْسِير الْآيَة وَالْحَدِيث.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ رَبّ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَنْ فيهنَّ» قَالَ الْعُلَمَاء: لِلرَّبِّ ثَلَاث مَعَانٍ فِي اللُّغَة: السَّيِّد الْمُطَاع، فَشَرْط الْمَرْبُوب أَنْ يَكُون مِمَّنْ يَعْقِل، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْخَطَّابِيُّ بِقَوْلِهِ: لَا يَصِحّ أَنْ يُقَال سَيِّد الْجِبَال وَالشَّجَر، قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: هَذَا الشَّرْط فَاسِد بَلْ الْجَمِيع مُطِيع لَهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى.

قَالَ اللَّه تَعَالَى: {أَتَيْنَا طَائِعِينَ} قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتَ الْحَقّ» قَالَ الْعُلَمَاء: الْحَقّ فِي أَسْمَائِهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى مَعْنَاهُ الْمُتَحَقِّق وُجُوده، وَكُلّ شَيْء صَحَّ وُجُوده وَتَحَقَّقَ فَهُوَ حَقٌّ، وَمِنْهُ: الْحَاقَّة أَيْ الْكَائِنَة حَقًّا بِغَيْرِ شَكٍّ، وَمِثْله قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيث: «وَوَعْدك الْحَقّ وَقَوْلك الْحَقّ وَلِقَاؤُك حَقٌّ وَالْجَنَّة حَقٌّ وَالنَّار حَقٌّ وَالسَّاعَة حَقٌّ» أَيْ كُلّه مُتَحَقِّق لَا شَكَّ فيه، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ خَبَرك حَقٌّ وَصِدْق، وَقِيلَ: أَنْتَ صَاحِب الْحَقّ، وَقِيلَ: مُحِقّ الْحَقّ، وَقِيلَ: الْإِلَه الْحَقّ دُون 


 باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح

 باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح

 باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح

 باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح


تعليقات