باب صوم عشر ذي الحجة
باب صوم عشر ذي الحجة
فيه قَوْل عَائِشَة: «مَا رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا فِي الْعَشْر قَطُّ» وَفِي رِوَايَة: «لَمْ يَصُمْ الْعَشْر» قَالَ الْعُلَمَاء: هَذَا الْحَدِيث مِمَّا يُوهِم كَرَاهَة صَوْم الْعَشَرَة، وَالْمُرَاد بِالْعَشْرِ هُنَا: الْأَيَّام التِّسْعَة مِنْ أَوَّل ذِي الْحِجَّة، قَالُوا: وَهَذَا مِمَّا يُتَأَوَّل فَلَيْسَ فِي صَوْم هَذِهِ التِّسْعَة كَرَاهَة، بَلْ هِيَ مُسْتَحَبَّة اِسْتِحْبَابًا شَدِيدًا لاسيما التَّاسِع مِنْهَا، وَهُوَ يَوْم عَرَفَة، وَقَدْ سَبَقَتْ الْأَحَادِيث فِي فَضْله، وَثَبَتَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ: أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ أَيَّام الْعَمَل الصَّالِح فيها أَفْضَل مِنْهُ فِي هَذِهِ»- يَعْنِي: الْعَشْر الْأَوَائِل مِنْ ذِي الْحِجَّة-.
فَيَتَأَوَّل قَوْلهَا: لَمْ يَصُمْ الْعَشْر، أَنَّهُ لَمْ يَصُمْهُ لِعَارِضِ مَرَض أَوْ سَفَر أَوْ غَيْرهمَا، أَوْ أَنَّهَا لَمْ تَرَهُ صَائِمًا فيه، وَلَا يَلْزَم عَنْ ذَلِكَ عَدَم صِيَامه فِي نَفْس الْأَمْر، وَيَدُلّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيل حَدِيث هُنَيْدَة بْن خَالِد عَنْ اِمْرَأَته عَنْ بَعْض أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُوم تِسْع ذِي الْحِجَّة، وَيَوْم عَاشُورَاء، وَثَلَاثَة أَيَّام مِنْ كُلّ شَهْر: الِاثْنَيْنِ مِنْ الشَّهْر وَالْخَمِيس وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَهَذَا لَفْظه وَأَحْمَد وَالنَّسَائِيُّ وَفِي رِوَايَتهمَا (وَخَمِيسَيْنِ).
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله فِي الْإِسْنَاد الْأَخِير: (وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْر بْن نَافِع الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ الْأَعْمَش) وَهُوَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ، وَفِي بَعْضهَا شُعْبَة بَدَل سُفْيَان، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ رِوَايَة الْفَارِسِيّ، وَنَقَلَ الْأَوَّل عَنْ جُمْهُور الرُّوَاة لِصَحِيحِ مُسْلِم.
وَاَللَّه أَعْلَم.باب صوم عشر ذي الحجة
باب صوم عشر ذي الحجة
باب صوم عشر ذي الحجة