📁 آخر الأخبار

باب الامر بقضاء النذر

 

 باب الامر بقضاء النذر

 باب الامر بقضاء النذر


:3092- قَوْله: «اِسْتَفْتَى سَعْد بْن عُبَادَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَذْر كَانَ عَلَى أُمّه تُوُفِّيَتْ قَبْل أَنْ تَقْضِيه قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَاقْضِهِ عَنْهَا» أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى صِحَّة النَّذْر وَوُجُوب الْوَفَاء بِهِ إِذَا كَانَ الْمُلْتَزَم طَاعَة، فَإِنْ نَذَرَ مَعْصِيَة أَوْ مُبَاحًا كَدُخُولِ السُّوق، يَنْعَقِد نَذْره وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ عِنْدنَا، وَبِهِ قَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء، وَقَالَ أَحْمَد وَطَائِفَة: فيه كَفَّارَة يَمِين.

وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَاقْضِهِ عَنْهَا» دَلِيل لِقَضَاءِ الْحُقُوق الْوَاجِبَة عَلَى الْمَيِّت، فَأَمَّا الْحُقُوق الْمَالِيَّة فَمُجْمَعٌ عَلَيْهَا.

وَأَمَّا الْبَدَنِيَّة فَفيها خِلَاف قَدَّمْنَاهُ فِي مَوَاضِع مِنْ هَذَا الْكِتَاب، ثُمَّ مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَطَائِفَة أَنَّ الْحُقُوق الْمَالِيَّة الْوَاجِبَة عَلَى الْمَيِّت مِنْ زَكَاة وَكَفَّارَة وَنَذْر يَجِب قَضَاؤُهَا، سَوَاء أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا كَدُيُونِ الْآدَمِيّ، وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَأَصْحَابهمَا: لَا يَجِب قَضَاء شَيْء مِنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُوصِي بِهِ، وَلِأَصْحَابِ مَالِك خِلَافٌ فِي الزَّكَاة إِذَا لَمْ يُوصِ بِهَا.

 وَاللَّهُ أَعْلَم.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: وَاخْتَلَفُوا فِي نَذْر أُمّ سَعْد هَذَا فَقِيلَ: كَانَ نَذْرًا مُطْلَقًا، وَقِيلَ: كَانَ صَوْمًا، وَقِيلَ: كَانَ عِتْقًا، وَقِيلَ: صَدَقَة.

 وَاسْتَدَلَّ كُلّ قَائِل بِأَحَادِيث جَاءَتْ فِي قِصَّة أُمّ سَعْد، قَالَ الْقَاضِي: وَيَحْتَمِل أَنَّ النَّذْر كَانَ غَيْر مَا وَرَدَ فِي تِلْكَ الْأَحَادِيث، قَالَ: وَالْأَظْهَر أَنَّهُ كَانَ نَذْرًا فِي الْمَال أَوْ نَذْرًا مُبْهَمًا، وَيُعَضِّدهُ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيث مَالِك فَقَالَ لَهُ- يَعْنِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اِسْقِ عَنْهَا الْمَاء».

وَأَمَّا أَحَادِيث الصَّوْم عَنْهَا عَلَّلَهُ أَهْل الصَّنْعَة لِلِاخْتِلَافِ بَيْن رُوَاته فِي سَنَده وَمَتْنه وَكَثْرَة اِضْطِرَابه.

وَأَمَّا رِوَايَة مَنْ رَوَى: «أَفَأَعْتِق عَنْهَا» فَمُوَافَقَة أَيْضًا، لِأَنَّ الْعِتْق مِنْ الْأَمْوَال، وَلَيْسَ فيه قَطْع بِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا عِتْق.

 وَاللَّهُ أَعْلَم.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور أَنَّ الْوَارِث لَا يَلْزَمهُ قَضَاء النَّذْر الْوَاجِب عَلَى الْمَيِّت إِذَا كَانَ غَيْر مَالِيّ، وَلَا إِذَا كَانَ مَالِيًّا وَلَمْ يُخَلِّف تَرِكَة، لَكِنْ يُسْتَحَبّ لَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ أَهْل الظَّاهِر: يَلْزَمهُ ذَلِكَ لِحَدِيثِ سَعْد هَذَا.

وَدَلِيلنَا أَنَّ الْوَارِث لَمْ يَلْتَزِمهُ فَلَا يَلْتَزِم، وَحَدِيث سَعْد يَحْتَمِل أَنَّهُ قَضَاهُ مِنْ تَرِكَتهَا، أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيث تَصْرِيح بِإِلْزَامِهِ ذَلِكَ.

 وَاللَّهُ أَعْلَم. باب الامر بقضاء النذر

 باب الامر بقضاء النذر


كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات