📁 آخر الأخبار

باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته وحمله الى صالح يحنكه وجواز تسميته يوم ولادته

 

 باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته وحمله الى صالح يحنكه وجواز تسميته يوم ولادته واستحباب التسمية بعبد الله وابراهيم وساير اسماء الانبياء عليهم السلام

 باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته وحمله الى صالح يحنكه وجواز تسميته يوم ولادته

اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى اِسْتِحْبَاب تَحْنِيك الْمَوْلُود عِنْد وِلَادَته بِتَمْرٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَمَا فِي مَعْنَاهُ وَقَرِيب مِنْهُ مِنْ الْحُلْو، فَيَمْضُغ الْمُحَنِّك التَّمْر حَتَّى تَصِير مَائِعَة بِحَيْثُ تُبْتَلَع، ثُمَّ يَفْتَح فَم الْمَوْلُود، وَيَضَعهَا فيه لِيَدْخُل شَيْء مِنْهَا جَوْفه، وَيُسْتَحَبّ أَنْ يَكُون الْمُحَنِّك مِنْ الصَّالِحِينَ وَمِمَّنْ يُتَبَرَّك بِهِ رَجُلًا كَانَ أَوْ اِمْرَأَة، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا عِنْد الْمَوْلُود حُمِلَ إِلَيْهِ.

✯✯✯✯✯✯

‏3995- قَوْله: «ذَهَبْت بِعَبْدِ اللَّه بْن أَبِي طَلْحَة حِين وَلَد وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَبَاءَة يَهْنَأ بَعِيرًا لَهُ فَقَالَ: هَلْ مَعَك تَمْر؟ فَقُلْت: نَعَمْ، فَنَاوَلْته تَمَرَات، فَأَلْقَاهُنَّ فِي فيه فَلَاكَهُنَّ، ثُمَّ فَغَرَ فَاهُ الصَّبِيّ فَمَجَّهُ فيه، فَجَعَلَ الصَّبِيّ يَتَلَمَّظهُ.

 قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُبّ الْأَنْصَار التَّمْر وَسَمَّاهُ عَبْد اللَّه».

أَمَّا الْعَبَاءَة فَمَعْرُوفَة، وَهِيَ مَمْدُودَة، يُقَال فيها (عَبَايَة) بِالْيَاءِ، وَجَمْع الْعَبَاءَة الْعَبَاء.

وَأَمَّا قَوْله: (يَهْنَأ) فَبِهَمْزِ آخِره أَيْ يَطْلِيه بِالْقَطَرَانِ، وَهُوَ الْهِنَاء بِكَسْرِ الْهَاء وَالْمَدّ، يُقَال: هَنَّأْت الْبَعِير أَهْنَؤُهُ.

وَمَعْنَى: «لَاكَهُنَّ» أَيْ مَضَغَهُنَّ.

قَالَ أَهْل اللُّغَة: اللَّوْك مُخْتَصّ بِمَضْغِ الشَّيْء الصُّلْب.

«وَفَغَرَ فَاهُ» بِفَتْحِ الْفَاء وَالْغَيْن الْمُعْجَمَة أَيْ فَتْحه.

«وَمَجَّهُ فيه» أَيْ طَرَحَهُ فيه.

«وَيَتَلَمَّظ» أَيْ يُحَرِّك لِسَانه لِيَتَتَبَّع مَا فِي فيه مِنْ آثَار التَّمْر، وَالتَّلَمُّظ وَاللَّمْظ فِعْل ذَلِكَ بِاللِّسَانِ يَقْصِد بِهِ فَاعِله تَنْقِيَة الْفَم مِنْ بَقَايَا الطَّعَام، وَكَذَلِكَ مَا عَلَى الشَّفَتَيْنِ، وَأَكْثَر مَا يُفْعَل ذَلِكَ فِي شَيْء يَسْتَطِيبهُ، وَيُقَال: تَلَمَّظَ يَتَلَمَّظ تَلَمُّظًا، وَلَمَظَ يَلْمُظ بِضَمِّ الْمِيم لَمْظًا بِإِسْكَانِهَا، وَيُقَال لِذَلِكَ الشَّيْء الْبَاقِي فِي الْفَم لُمَاظَة بِضَمِّ اللَّام.

وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُبّ الْأَنْصَار التَّمْر» رُوِيَ بِضَمِّ الْحَاء وَكَسْرهَا، فَالْكَسْر بِمَعْنَى الْمَحْبُوب كَالذِّبْحِ بِمَعْنَى الْمَذْبُوح، وَعَلَى هَذَا فَالْبَاء مَرْفُوعَة أَيْ مَحْبُوب الْأَنْصَار التَّمْر، وَأَمَّا مَنْ ضَمّ الْحَاء فَهُوَ مَصْدَر، وَفِي الْبَاء عَلَى هَذَا وَجْهَانِ النَّصْب وَهُوَ الْأَشْهَر، وَالرَّفْع، فَمَنْ نَصَبَ فَتَقْدِيره اُنْظُرُوا حُبّ الْأَنْصَار التَّمْر، فَيُنْصَب التَّمْر أَيْضًا، وَمَنْ رَفَعَ قَالَ: هُوَ مُبْتَدَأ حُذِفَ خَبَره أَيْ حُبّ الْأَنْصَار التَّمْر لَازِم، أَوْ هَكَذَا، أَوْ عَادَة مِنْ صِغَرهمْ.

 وَاللَّه أَعْلَم.

وَفِي هَذَا الْحَدِيث فَوَائِد مِنْهَا تَحْنِيك الْمَوْلُود عِنْد وِلَادَته، وَهُوَ سُنَّة بِالْإِجْمَاعِ كَمَا سَبَقَ.

 وَمِنْهَا أَنْ يُحَنِّكهُ صَالِح مِنْ رَجُل أَوْ اِمْرَأَة.

 وَمِنْهَا التَّبَرُّك بِآثَارِ الصَّالِحِينَ، وَرِيقهمْ، وَكُلّ شَيْء مِنْهُمْ.

 وَمِنْهَا كَوْن التَّحْنِيك بِتَمْرٍ، وَهُوَ مُسْتَحَبّ، وَلَوْ حَنَّك بِغَيْرِهِ حَصَلَ التَّحْنِيك، وَلَكِنَّ التَّمْر أَفْضَل.

 وَمِنْهَا جَوَاز لُبْس الْعَبَاءَة.

 وَمِنْهَا التَّوَاضُع، وَتَعَاطِي الْكَبِير أَشْغَاله، وَأَنَّهُ لَا يُنْقِص ذَلِكَ مُرُوءَته وَمِنْهَا اِسْتِحْبَاب التَّسْمِيَة بِعَبْدِ اللَّه.

 وَمِنْهَا اِسْتِحْبَاب تَفْوِيض تَسْمِيَته إِلَى صَالِح فَيَخْتَار لَهُ اِسْمًا يَرْتَضِيه وَمِنْهَا جَوَاز تَسْمِيَته يَوْم وِلَادَته.

 وَاللَّه أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏3996- قَوْله: «إِنَّ الصَّبِيّ لَمَّا مَاتَ فَجَاءَ أَبُوهُ أَبُو طَلْحَة سَأَلَ أَمْ سُلَيْمٍ، وَهِيَ أُمّ الصَّبِيّ، مَا فَعَلَ الصَّبِيّ؟ قَالَتْ: هُوَ أَسْكَن مِمَّا كَانَ، فَقَرَّبْت إِلَيْهِ الْعِشَاء فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ مِنْهَا، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَتْ: وَارَوْا الصَّبِيّ» أَيْ اِدْفِنُوهُ فَقَدْ مَاتَ.

 وَفِي هَذَا الْحَدِيث مَنَاقِب لِأُمِّ سُلَيْمٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا مِنْ عَظِيم صَبْرهَا، وَحُسْن رِضَاهَا بِقَضَاءِ اللَّه تَعَالَى، وَجَزَالَة عَقْلهَا فِي إِخْفَائِهَا مَوْته عَلَى أَبِيهِ فِي أَوَّل اللَّيْل لِيَبِيتَ مُسْتَرِيحًا بِلَا حُزْن، ثُمَّ عَشَّتْهُ وَتَعَشَّتْ، ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ، وَعَرَّضَتْ لَهُ بِإِصَابَتِهِ فَأَصَابَهَا.

 وَفيه اِسْتِعْمَال الْمَعَارِيض عِنْد الْحَاجَة لِقَوْلِهَا: «هُوَ أَسْكَنُ مِمَّا كَانَ» فَإِنَّهُ كَلَام صَحِيح، مَعَ أَنَّ الْمَفْهُوم مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ هَانَ مَرَضه وَسَهُلَ، وَهُوَ فِي الْحَيَاة.

 وَشَرْط الْمَعَارِيض الْمُبَاحَة أَلَّا يَضِيع بِهَا حَقّ أَحَد وَاللَّه أَعْلَم.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَة» هُوَ بِإِسْكَانِ الْعَيْن، وَهُوَ كِنَايَة عَنْ الْجِمَاع.

قَالَ الْأَصْمَعِيّ وَالْجُمْهُور: يُقَال أَعْرَسَ الرَّجُل إِذَا دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ.

 قَالُوا: وَلَا يُقَال فيه عَرَّسَ بِالتَّشْدِيدِ، وَأَرَادَ هُنَا الْوَطْء، وَسَمَّاهُ إِعْرَاسًا لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ فِي الْمَقْصُود.

قَالَ صَاحِب التَّحْرِير: رُوِيَ أَيْضًا: «أَعَرَّسْتُمْ» بِفَتْحِ الْعَيْن وَتَشْدِيد الرَّاء قَالَ: وَهِيَ لُغَة، يُقَال: عَرَّسَ بِمَعْنَى أَعْرَسَ.

قَالَ: لَكِنْ قَالَ أَهْل اللُّغَة: أَعْرَسَ أَفْصَح مِنْ عَرَّسَ فِي هَذَا.

 وَهَذَا السُّؤَال لِلتَّعَجُّبِ مِنْ صَنِيعهَا وَصَبْرهَا، وَسُرُورًا بِحُسْنِ رِضَاهَا بِقَضَاءِ اللَّه تَعَالَى، ثُمَّ دَعَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمَا بِالْبَرَكَةِ فِي لَيْلَتهمَا، فَاسْتَجَابَ اللَّه تَعَالَى ذَلِكَ الدُّعَاء، وَحَمَلَتْ بِعَبْدِ اللَّه بْن أَبِي طَلْحَة، وَجَاءَ مِنْ أَوْلَاد عَبْد اللَّه إِسْحَاق وَإِخْوَته التِّسْعَة صَالِحِينَ عُلَمَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ.

قَوْله: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة حَدَّثَنَا يَزِيد بْن هَارُون أَخْبَرَنَا اِبْن عَوْن عَنْ اِبْن سِيرِينَ عَنْ أَنَس) هَكَذَا وَقَعَ فِي مُسْلِم (اِبْن سِيرِينَ) مُهْمَلًا، وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ هَذَا الْحَدِيث عَنْ أَنَس بْن سِيرِينَ.

✯✯✯✯✯✯

‏3997- قَوْله: «عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: وُلِدَ لِي غُلَام، فَأَتَيْت بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّاهُ بِإِبْرَاهِيم، وَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةِ» فيه التَّحْنِيك وَغَيْره مِمَّا سَبَقَ فِي حَدِيث أَنَس.

 وَفيه جَوَاز التَّسْمِيَة بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ السَّلَام، وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَة، وَذَكَرْنَا أَنَّ الْجَمَاهِير عَلَى ذَلِكَ.

 وَفيه جَوَاز التَّسْمِيَة يَوْم الْوِلَادَة وَفيه أَنَّ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبّ الْأَسْمَاء إِلَى اللَّه تَعَالَى عَبْد اللَّه وَعَبْد الرَّحْمَن» لَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْ التَّسْمِيَة بِغَيْرِهِمَا، وَلِذَا سَمَّى اِبْن أَبِي أَسِيدٍ الْمَذْكُور بَعْد هَذَا الْمُنْذِر.

✯✯✯✯✯✯

‏3998- قَوْلهَا: «مَسَحَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَسَمَّاهُ عَبْد اللَّه» مَعْنَى: «صَلَّى عَلَيْهِ» أَيْ دَعَا لَهُ وَمَسَحَهُ تَبَرُّكًا.

 فَفيه اِسْتِحْبَاب الدُّعَاء لِلْمَوْلُودِ عِنْد تَحْنِيكه، وَمَسَحَهُ لِلتَّبْرِيكِ.

قَوْله: «إِنَّ اِبْن الزُّبَيْر جَاءَ، وَهُوَ اِبْن سَبْع سِنِينَ أَوْ ثَمَان، لِيُبَايِع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ الزُّبَيْر فَتَبَسَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين رَآهُ مُقْبِلًا إِلَيْهِ ثُمَّ بَايَعَهُ» هَذِهِ بَيْعَة تَبْرِيك وَتَشْرِيف لَا بَيْعَة تَكْلِيف.

✯✯✯✯✯✯

‏3999- قَوْلهَا: «فَخَرَجْت، وَأَنَا مُتِمّ» أَيْ مُقَارِبَة لِلْوِلَادَةِ.

قَوْلهَا: «ثُمَّ تَفَلَ فِي فيه» هُوَ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة فَوْق أَيْ بَصَقَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى.

قَوْله: «وَكَانَ أَوَّل مَوْلُود وُلِدَ فِي الْإِسْلَام» يَعْنِي أَوَّل مَنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَام بِالْمَدِينَةِ بَعْد الْهِجْرَة مِنْ أَوْلَاد الْمُهَاجِرِينَ، وَإِلَّا فَالنُّعْمَان بْن بَشِير الْأَنْصَارِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وُلِدَ قَبْله بَعْد الْهِجْرَة وَفِي هَذَا الْحَدِيث مَعَ مَا سَبَقَ شَرْحه مَنَاقِب كَثِيرَة لِعَبْدِ اللَّه بْن الزُّبَيْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، مِنْهَا أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَيْهِ، وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَدَعَا لَهُ، وَأَوَّل شَيْء دَخَلَ جَوْفه رِيقُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ أَوَّل مَنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَام بِالْمَدِينَةِ.

 وَاللَّه أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏4002- قَوْله: «فَلَهِيَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ بَيْن يَدَيْهِ» هَذِهِ اللَّفْظَة رُوِيَتْ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدهَا (فَلَهَا) بِفَتْحِ الْهَاء، وَالثَّانِيَة (فَلَهِيَ) بِكَسْرِهَا، وَبِالْيَاءِ، وَالْأُولَى لُغَة طَيّ، وَالثَّانِيَة لُغَة الْأَكْثَرِينَ، وَمَعْنَاهُ اِشْتَغَلَ بِشَيْءٍ بَيْن يَدَيْهِ.

وَأَمَّا مِنْ اللَّهْو: (فَلَهَا) بِالْفَتْحِ لَا غَيْر يَلْهُو، وَالْأَشْهَر فِي الرِّوَايَة هُنَا كَسْر الْهَاء، وَهِيَ لُغَة أَكْثَر الْعَرَب كَمَا ذَكَرْنَا، وَاتَّفَقَ أَهْل الْغَرِيب وَالشُّرَّاح عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ اِشْتَغَلَ.

قَوْله: (الْمُنْذِر بْن أَبِي أُسَيْدٍ) الْمَشْهُور فِي (أَبِي أُسَيْدٍ) ضَمّ الْهَمْزَة وَفَتْح السِّين، وَلَمْ يَذْكُر الْجَمَاهِير غَيْره.

قَالَ الْقَاضِي: وَحَكَى عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ عَنْ سُفْيَان أَنَّهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَة.

قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل: وَبِالضَّمِّ قَالَ عَبْد الرَّزَّاق وَوَكِيع، وَهُوَ الصَّوَاب، وَاسْمه مَالِك بْن أَبِي رَبِيعَة.

 قَالُوا: وَسَبَب تَسْمِيَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْمَوْلُود (الْمُنْذِر) لِأَنَّ اِبْن عَمّ أَبِيهِ الْمُنْذِر بْن عَمْرو كَانَ قَدْ اِسْتَشْهَدَ بِبِئْرِ مَعُونَة، وَكَانَ أَمِيرهمْ، فَيُقَال بِكَوْنِهِ خَلْفًا مِنْهُ.

قَوْله: «فَأَقْلَبُوهُ» أَيْ رَدُّوهُ وَصَرَفُوهُ.

 فِي جَمِيع نُسَخ صَحِيح مُسْلِم: «فَأَقْلَبُوهُ» بِالْأَلِفِ، وَأَنْكَرَهُ جُمْهُور أَهْل اللُّغَة وَالْغَرِيب وَشُرَّاح الْحَدِيث، وَقَالُوا: صَوَابه (قَلَبُوهُ) بِحَذْفِ الْأَلِف.

 قَالُوا: يُقَال قَلَبْت الصَّبِيّ وَالشَّيْء صَرَفْته وَرَدَدْته، وَلَا يُقَال أَقَلَبَته، وَذَكَرَ صَاحِب التَّحْرِير أَنَّ (أَقْلَبُوهُ) بِالْأَلِفِ لُغَة قَلِيلَة، فَأَثْبَتهَا لُغَة.

 وَاللَّه أَعْلَم.

قَوْله: «فَاسْتَفَاقَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أَيْ اِنْتَبَهَ مِنْ شُغْله وَفَكَّرَهُ الَّذِي كَانَ فيه.

 وَاللَّه أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏4003- قَوْله: «كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَن النَّاس خُلُقًا، وَكَانَ لِي أَخ يُقَال لَهُ أَبُو عُمَيْر أَحْسَبهُ قَالَ: كَانَ فَطِيمًا قَالَ: فَكَانَ إِذَا جَاءَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَآهُ قَالَ: أَبَا عُمَيْر مَا فَعَلَ النُّغَيْر؟ وَكَانَ يَلْعَب بِهِ».

 أَمَّا النُّغَيْر فَبِضَمِّ النُّون تَصْغِير النُّغَر، بِضَمِّهَا وَفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة، وَهُوَ طَائِر صَغِير، جَمْعه نِغْرَان.

 وَالْفَطِيم بِمَعْنَى الْمَفْطُوم.

 وَفِي هَذَا الْحَدِيث فَوَائِد كَثِيرَة جَدًّا مِنْهَا جَوَاز تَكْنِيَة مَنْ لَمْ يُولَد لَهُ، وَتَكْنِيَة الطِّفْل، وَأَنَّهُ لَيْسَ كَذِبًا، وَجَوَاز الْمِزَاج فِيمَا لَيْسَ إِثْمًا، وَجَوَاز تَصْغِير بَعْض الْمُسَمَّيَات، وَجَوَاز لَعِب الصَّبِيّ بِالْعُصْفُورِ، وَتَمْكِين الْوَلِيّ إِيَّاهُ مِنْ ذَلِكَ، وَجَوَاز السَّجْع بِالْكَلَامِ الْحَسَن بِلَا كُلْفَة، وَمُلَاطَفَة الصِّبْيَان وَتَأْنِيسهمْ، وَبَيَان مَا كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ حُسْن الْخُلُق وَكَرَم الشَّمَائِل وَالتَّوَاضُع، وَزِيَارَة الْأَهْل لِأَنَّ أُمّ سُلَيْمٍ وَالِدَة أَبِي عُمَيْر هِيَ مِنْ مَحَارِمه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَبَقَ بَيَانه.

 وَاسْتَدَلَّ بَعْض الْمَالِكِيَّة عَلَى جَوَاز الصَّيْد مِنْ حَرَم الْمَدِينَة، وَلَا دَلَالَة فيه لِذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيث صَرَاحَة وَلَا كِنَايَة أَنَّهُ مِنْ حَرَم الْمَدِينَة، وَقَدْ سَبَقَتْ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْكَثِيرَة فِي كِتَاب الْحَجّ الْمُصَرِّحَة بِتَحْرِيمِ صَيْد حَرَم الْمَدِينَة، فَلَا يَجُوز تَرْكهَا بِمِثْلِ هَذَا، وَلَا مُعَارَضَتهَا بِهِ.

 وَاللَّه أَعْلَم.


 باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته وحمله الى صالح يحنكه وجواز تسميته يوم ولادته

۞۞۞۞۞۞۞۞

كتاب الآداب ﴿ 5 ﴾ 

۞۞۞۞۞۞۞۞



كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات