باب جواز العمرة في اشهر الحج
باب جواز العمرة في اشهر الحج
2178- قَوْله: (كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَة فِي أَشْهُر الْحَجّ مِنْ أَفْجَر الْفُجُور فِي الْأَرْض) الضَّمِير فِي (كَانُوا) يَعُود إِلَى الْجَاهِلِيَّة.
قَوْله: (وَيَجْعَلُونَ الْمُحْرِم صَفَر) هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخ (صَفَر) مِنْ غَيْر أَلِف بَعْد الرَّاء، وَهُوَ مَنْصُوب مَصْرُوف بِلَا خِلَاف، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَب بِالْأَلِفِ، وَسَوَاء كُتِبَ بِالْأَلِفِ أَمْ بِحَذْفِهَا لابد مِنْ قِرَاءَته هُنَا مَنْصُوبًا لِأَنَّهُ مَصْرُوف.
قَالَ الْعُلَمَاء: الْمُرَاد الْإِخْبَار عَنْ النَّسِيء الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ، وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْمُحْرِم صَفَرًا وَيُحِلُّونَهُ وَيُنْسِئُونَ الْمُحْرِم أَيْ يُؤَخِّرُونَ تَحْرِيمه إِلَى مَا بَعْد صَفَر لِئَلَّا يَتَوَالَى عَلَيْهِمْ ثَلَاثَة أَشْهُر مُحَرَّمَة تُضَيِّق عَلَيْهِمْ أُمُورهمْ مِنْ الْغَارَة وَغَيْرهَا، فَأَضَلَّهُمْ اللَّه تَعَالَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا النَّسِيء زِيَادَة فِي الْكُفْر} الْآيَة.
قَوْله: (وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَا الدَّبَر) يَعْنُونَ دَبَر ظُهُور الْإِبِل بَعْد اِنْصِرَافهَا مِنْ الْحَجّ، فَإِنَّهَا كَانَتْ تُدْبَر بِالسَّيْرِ عَلَيْهَا لِلْحَجِّ.
قَوْله: (وَعَفَا الْأَثَر) أَيْ دَرَسَ وَأُمْحِيَ، وَالْمُرَاد أَثَر الْإِبِل وَغَيْرهَا فِي سَيْرهَا عَفَا أَثَرهَا لِطُولِ مُرُور الْأَيَّام.
هَذَا هُوَ الْمَشْهُور.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُرَاد أَثَر الدَّبَر وَاَللَّه أَعْلَم.
وَهَذِهِ الْأَلْفَاظ تُقْرَأ كُلّهَا سَاكِنَة الْآخِر، وَيُوقَف عَلَيْهَا لِأَنَّ مُرَادهمْ السَّجْع.
✯✯✯✯✯✯
2179- قَوْله: (عَنْ أَبِي الْعَالِيَة الْبَرَّاء) هُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاء لِأَنَّهُ كَانَ يَبْرِي النَّبْل.
قَوْله: (حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْمُبَارَكِيّ) هُوَ سُلَيْمَان بْن مُحَمَّد وَيُقَال سُلَيْمَان بْن دَاوُدَ، وَأَبُو مُحَمَّد الْمُبَارَكِيّ بِفَتْحِ الرَّاء مَنْسُوب إِلَى الْمُبَارَك وَهِيَ بُلَيْدَة بِقُرْبِ وَاسِط بَيْنهَا وَبَيْن بَغْدَاد، وَهِيَ عَلَى طَرْف دِجْلَة.
✯✯✯✯✯✯
2181- قَوْله: «صَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْح بِذِي طَوًى» هُوَ بِفَتْحِ الطَّاء وَضَمّهَا وَكَسْرهَا، ثَلَاث لُغَات حَكَاهُنَّ الْقَاضِي وَغَيْره، الْأَصَحّ الْأَشْهَر الْفَتْح، لَمْ يَذْكُر الْأَصْمَعِيّ وَآخَرُونَ غَيْره، وَهُوَ مَقْصُور مُنَوَّن، وَهُوَ وَادٍ مَعْرُوف بِقُرْبِ مَكَّة.
قَالَ الْقَاضِي: وَوَقَعَ لِبَعْضِ الرُّوَاة فِي الْبُخَارِيّ بِالْمَدِّ، وَكَذَا ذَكَرَهُ ثَابِت.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِمَنْ قَالَ يُسْتَحَبّ لِلْمُحْرِمِ دُخُول مَكَّة نَهَارًا لَا لَيْلًا، وَهُوَ أَصَحّ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا، وَبِهِ قَالَ اِبْن عُمَر وَعَطَاء وَالنَّخَعِيّ وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَابْن الْمُنْذِر.
وَالثَّانِي دُخُولهَا لَيْلًا وَنَهَارًا سَوَاء لَا فَضِيلَة لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَر، وَهُوَ قَوْل الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّب وَالْمَاوَرْدِيّ وَابْن الصَّبَّاغ وَالْعَبْدَرِيّ مِنْ أَصْحَابه، وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ وَالثَّوْرِيُّ، وَقَالَتْ عَائِشَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز: يُسْتَحَبّ دُخُولهَا لَيْلًا وَهُوَ أَفْضَل مِنْ النَّهَار.
وَاَللَّه أَعْلَم.
باب جواز العمرة في اشهر الحج
باب جواز العمرة في اشهر الحج