📁 آخر الأخبار

باب تخفيف الصلاة والخطبة

 

 باب تخفيف الصلاة والخطبة

باب تخفيف الصلاة والخطبة


1433- قَوْله: «فَكَانَتْ صَلَاته قَصْدًا وَخُطْبَته قَصْدًا» أَيْ بَيْن الطُّول الظَّاهِر وَالتَّخْفِيف الْمَاحِق.

✯✯✯✯✯✯

‏1435- قَوْله: «كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ اِحْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْته وَاشْتَدَّ غَضَبه حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِر جَيْش يَقُول: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ وَيَقُول: بُعِثْت أَنَا وَالسَّاعَة كَهَاتَيْنِ وَيَقْرُن بَيْن إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَة وَالْوُسْطَى وَيَقُول: أَمَّا بَعْد فَإِنَّ خَيْر الْحَدِيث كِتَاب اللَّه، وَخَيْر الْهَدْي هَدْي مُحَمَّد، وَشَرّ الْأُمُور مُحْدَثَاتهَا، وَكُلّ بِدْعَة ضَلَالَة، ثُمَّ يَقُول: أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِن مِنْ نَفْسه، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ» فِي هَذَا الْحَدِيث جُمَل مِنْ الْفَوَائِد وَمُهِمَّات مِنْ الْقَوَاعِد، فَالضَّمِير فِي قَوْله: «يَقُول صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ» عَائِد عَلَى مُنْذِر جَيْش.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْت أَنَا وَالسَّاعَة» أَيْ بِنَصْبِهَا وَرَفْعهَا، وَالْمَشْهُور نَصْبهَا عَلَى الْمَفْعُول.

وَقَوْله: «يَقْرُن» هُوَ بِضَمِّ الرَّاء عَلَى الْمَشْهُور وَالْفَصِيح، وَحُكِيَ كَسْرهَا.

 وَقَوْله: «السَّبَّابَة» سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُشِيرُونَ بِهَا عِنْد السَّبّ.

 وَقَوْله: «خَيْر الْهَدْي هَدْي مُحَمَّد» هُوَ بِضَمِّ الْهَاء وَفَتْح الدَّال فيهمَا وَبِفَتْحِ الْهَاء وَإِسْكَان الدَّال أَيْضًا ضَبَطْنَاهُ بِالْوَجْهَيْنِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَة بِالْوَجْهَيْنِ.

وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض: رَوَيْنَاهُ فِي مُسْلِم بِالضَّمِّ، وَفِي غَيْره بِالْفَتْحِ، وَبِالْفَتْحِ ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ، وَفَسَّرَهُ الْهَرَوِيُّ عَلَى رِوَايَة الْفَتْح بِالطَّرِيقِ، أَيْ أَحْسَن الطُّرُق طَرِيق مُحَمَّد، يُقَال: فُلَان حَسَن الْهَدْي أَيْ الطَّرِيقَة وَالْمَذْهَب اِهْتَدُوا بِهَدْي عَمَّار، وَأَمَّا عَلَى رِوَايَة الضَّمّ فَمَعْنَاهُ: الدَّلَالَة وَالْإِرْشَاد قَالَ الْعُلَمَاء: لَفْظ الْهَدْي لَهُ مَعْنَيَانِ أَحَدهمَا: بِمَعْنَى الدَّلَالَة وَالْإِرْشَاد، وَهُوَ الَّذِي يُضَاف إِلَى الرُّسُل وَالْقُرْآن وَالْعِبَاد، وَقَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَإِنَّك لَتَهْدِي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} {إِنَّ هَذَا الْقُرْآن يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَم وَيُبَشِّر الْمُؤْمِنِينَ} وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَأَمَّا ثَمُود فَهَدَيْنَاهُمْ} أَيْ بَيَّنَّا لَهُمْ الطَّرِيق، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيل} وَ{هَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} وَالثَّانِي: بِمَعْنَى اللُّطْف وَالتَّوْفِيق وَالْعِصْمَة وَالتَّأْيِيد، وَهُوَ الَّذِي تَفَرَّدَ اللَّه بِهِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّك لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت وَلَكِنَّ اللَّه يَهْدِي مَنْ يَشَاء}.

وَقَالَتْ الْقَدَرِيَّة: حَيْثُ جَاءَ الْهُدَى فَهُوَ لِلْبَيَانِ بِنَاء عَلَى أَصْلهمْ الْفَاسِد فِي إِنْكَار الْقَدَر، وَرَدَّ عَلَيْهِمْ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْحَقّ مُثْبِتِي الْقَدَر لِلَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاَللَّه يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} فَفَرَّقَ بَيْن الدُّعَاء وَالْهِدَايَة.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَكُلّ بِدْعَة ضَلَالَة» هَذَا عَامّ مَخْصُوص، وَالْمُرَاد غَالِب الْبِدَع.

قَالَ أَهْل اللُّغَة: هِيَ كُلّ شَيْء عُمِلَ عَلَى غَيْر مِثَال سَابِق.

قَالَ الْعُلَمَاء: الْبِدْعَة خَمْسَة أَقْسَام: وَاجِبَة، وَمَنْدُوبَة وَمُحَرَّمَة، وَمَكْرُوهَة، وَمُبَاحَة.

 فَمِنْ الْوَاجِبَة: نَظْم أَدِلَّة الْمُتَكَلِّمِينَ لِلرَّدِّ عَلَى الْمَلَاحِدَة وَالْمُبْتَدِعِينَ وَشِبْه ذَلِكَ.

 وَمِنْ الْمَنْدُوبَة: تَصْنِيف كُتُب الْعِلْم، وَبِنَاء الْمَدَارِس وَالرُّبُط وَغَيْر ذَلِكَ.

 وَمِنْ الْمُبَاح: التَّبَسُّط فِي أَلْوَان الْأَطْعِمَة وَغَيْر ذَلِكَ.

 وَالْحَرَام وَالْمَكْرُوه ظَاهِرَانِ.

وَقَدْ أَوْضَحْت الْمَسْأَلَة بِأَدِلَّتِهَا الْمَبْسُوطَة فِي تَهْذِيب الْأَسْمَاء وَاللُّغَات، فَإِذَا عُرِفَ مَا ذَكَرْته عُلِمَ أَنَّ الْحَدِيث مِنْ الْعَامّ الْمَخْصُوص.

 وَكَذَا مَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْأَحَادِيث الْوَارِدَة، وَيُؤَيِّد مَا قُلْنَاهُ قَوْل عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي التَّرَاوِيح: نِعْمَتْ الْبِدْعَة، وَلَا يَمْنَع مِنْ كَوْن الْحَدِيث عَامًّا مَخْصُوصًا.

 قَوْله: «كُلّ بِدْعَة» مُؤَكَّدًا (بِكُلِّ)، بَلْ يَدْخُلهُ التَّخْصِيص مَعَ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {تُدَمِّر كُلّ شَيْء}.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِن مِنْ نَفْسه» هُوَ مُوَافِق لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى: {النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسهمْ} أَيْ أَحَقُّ، قَالَ أَصْحَابنَا: فَكَأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اُضْطُرَّ إِلَى طَعَام غَيْره وَهُوَ مُضْطَرّ إِلَيْهِ لِنَفْسِهِ كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْذُهُ مِنْ مَالِكه الْمُضْطَرّ، وَوَجَبَ عَلَى مَالِكه بَذْله لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: وَلَكِنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فَمَا وَقَعَ؟قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ» هَذَا تَفْسِير لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِن مِنْ نَفْسه».

قَالَ أَهْل اللُّغَة: الضَّيَاع- بِفَتْحِ الضَّاد- الْعِيَال، قَالَ اِبْن قُتَيْبَة: أَصْله مَصْدَر ضَاعَ يَضِيع ضَيَاعًا، الْمُرَاد مَنْ تَرَكَ أَطْفَالًا وَعِيَالًا ذَوِي ضَيَاع، فَأَوْقَع الْمَصْدَر مَوْضِع الِاسْم، قَالَ أَصْحَابنَا: وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي عَلَى مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْن لَمْ يُخَلِّف بِهِ وَفَاء؛ لِئَلَّا يَتَسَاهَل النَّاس فِي الِاسْتِدَانَة وَيُهْمِلُوا الْوَفَاء، فَزَجَرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِتَرْكِ الصَّلَاة عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّه عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَبَادِي الْفُتُوح قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ» أَيْ قَضَاؤُهُ فَكَانَ يَقْضِيه؟ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابنَا: هَلْ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجِب عَلَيْهِ قَضَاء ذَلِكَ الدَّيْن أَمْ كَانَ يَقْضِيه تَكَرُّمًا؟ وَالْأَصَحّ عِنْدهمْ أَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 وَاخْتَلَفَ أَصْحَابنَا هَلْ هَذِهِ مِنْ الْخَصَائِص أَمْ لَا؟ فَقَالَ بَعْضهمْ: هُوَ مِنْ خَصَائِص رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَلْزَم الْإِمَام أَنْ يَقْضِي مِنْ بَيْت الْمَال دَيْن مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْن إِذَا لَمْ يُخَلِّف وَفَاء، وَكَانَ فِي بَيْت الْمَال سَعَة، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَهَمَّ مِنْهُ.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْت أَنَا وَالسَّاعَة كَهَاتَيْنِ» قَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِل أَنَّهُ تَمْثِيل لِمُقَارَبَتِهَا، وَأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنهمَا إِصْبَع أُخْرَى كَمَا أَنَّهُ لَا نَبِيّ بَيْنه وَبَيْن السَّاعَة، وَيَحْتَمِل أَنَّهُ لِتَقْرِيبِ مَا بَيْنهمَا مِنْ الْمُدَّة وَأَنَّ التَّفَاوُت بَيْنهمَا كَنِسْبَةِ التَّفَاوُت بَيْن الْإِصْبَعَيْنِ تَقْرِيبًا لَا تَحْدِيدًا.

قَوْله: «إِذَا خَطَبَ اِحْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْته وَاشْتَدَّ غَضَبه كَأَنَّهُ مُنْذِر جَيْش» يُسْتَدَلّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يُفَخِّم أَمْر الْخُطْبَة، وَيَرْفَع صَوْته، وَيُجْزِل كَلَامه، وَيَكُون مُطَابِقًا لِلْفَصْلِ الَّذِي يَتَكَلَّم فيه مِنْ تَرْغِيب أَوْ تَرْهِيب.

 وَلَعَلَّ اِشْتِدَاد غَضَبه كَانَ عِنْد إِنْذَاره أَمْرًا عَظِيمًا وَتَحْدِيده خَطْبًا جَسِيمًا.

✯✯✯✯✯✯

‏1436- قَوْله: «وَيَقُول: أَمَّا بَعْد» فيه: اِسْتِحْبَاب قَوْل: (أَمَّا بَعْد) فِي خُطَب الْوَعْظ وَالْجُمْعَة وَالْعِيد وَغَيْرهَا، وَكَذَا فِي خُطَب الْكُتُب الْمُصَنَّفَة، وَقَدْ عَقَدَ الْبُخَارِيّ بَابًا فِي اِسْتِحْبَابه، وَذَكَرَ فيه جُمْلَة مِنْ الْأَحَادِيث، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي أَوَّل مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ فَقِيلَ: دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَام، وَقِيلَ: يَعْرُب بْن قَحْطَان، وَقِيلَ: قُسّ بْن سَاعِدَة، وَقَالَ بَعْض الْمُفَسِّرِينَ أَوْ كَثِير مِنْهُمْ: إِنَّهُ فَصْل الْخِطَاب الَّذِي أُوتِيَهُ دَاوُدُ.

وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ: فَصْل الْخِطَاب الْفَصْل بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل.

قَوْله: كَانَتْ خُطْبَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْجُمُعَة يَحْمَد اللَّه وَيُثْنِي عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُول: إِلَى آخِره فيه: دَلِيل لِلشَّافِعِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَجِب حَمْد اللَّه تَعَالَى فِي الْخُطْبَة وَيَتَعَيَّن لَفْظه، وَلَا يَقُوم غَيْره مَقَامه.

قَوْله: «إِنَّ ضِمَادًا قَدِمَ مَكَّة وَكَانَ مِنْ أَزْد شَنُوءَة وَكَانَ يَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيح» أَمَّا ضِمَاد فَبِكَسْرِ الضَّاد الْمُعْجَمَة، وَشَنُوءَة بِفَتْحِ الشِّين وَضَمِّ النُّون وَبَعْدهَا مَدَّة، وَيَرْقِي بِكَسْرِ الْقَاف، وَالْمُرَاد بِالرِّيحِ هُنَا الْجُنُون وَمَسّ الْجِنّ فِي غَيْر رِوَايَة مُسْلِم يَرْقِي مِنْ الْأَرْوَاح أَيْ الْجِنّ سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُبْصِرهُمْ النَّاس فَهُمْ كَالرُّوحِ وَالرِّيح.

قَوْله: «فَمَا سَمِعْت مِثْل كَلِمَاتك هَؤُلَاءِ وَلَقَدْ بَلَغْنَ نَاعُوس الْبَحْر» ضَبَطْنَاهُ بِوَجْهَيْنِ أَشْهَرهمَا: (نَاعُوس) بِالنُّونِ وَالْعَيْن هَذَا هُوَ الْمَوْجُود فِي أَكْثَر نُسَخ بِلَادنَا، وَالثَّانِي: (قَامُوس) بِالْقَافِ وَالْمِيم، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الْمَشْهُور فِي رِوَايَات الْحَدِيث فِي غَيْر صَحِيح مُسْلِم.

وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض: أَكْثَر نُسَخ صَحِيح مُسْلِم وَقَعَ فيها (قَاعُوس) بِالْقَافِ وَالْعَيْن.

قَالَ: وَوَقَعَ عِنْد أَبَى مُحَمَّد بْن سَعِيد (تَاعُوس) بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة فَوْق.

قَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضهمْ (نَاعُوس) بِالنُّونِ وَالْعَيْن.

قَالَ: وَذَكَرَهُ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِيّ فِي أَطْرَاف الصَّحِيحَيْنِ، وَالْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْع بَيْن الصَّحِيحَيْنِ (قَامُوس) بِالْقَافِ وَالْمِيم.

قَالَ بَعْضهمْ: هُوَ الصَّوَاب.

قَالَ أَبُو عُبَيْد: قَامُوس الْبَحْر وَسَطه.

وَقَالَ اِبْن دُرَيْدٍ: لُجَّته.

وَقَالَ صَاحِب كِتَاب الْعَيْن: قَعْره الْأَقْصَى، وَقَالَ الْحَرْبِيّ: قَامُوس الْبَحْر قَعْره.

وَقَالَ أَبُو مَرْوَان بْن سَرَّاج: قَامُوس فَاعُول مِنْ قَمَسْته إِذَا غَمَسْته فَقَامُوس الْبَحْر لُجَّته الَّتِي تَضْطَرِب أَمْوَاجهَا، وَلَا تَسْتَقِرّ مِيَاههَا، وَهِيَ لَفْظَة عَرَبِيَّة صَحِيحَة.

وَقَالَ أَبُو عَلِيّ الْجَيَّانِيّ: لَمْ أَجِد فِي هَذِهِ اللَّفْظَة ثَلْجًا.

وَقَالَ شَيْخنَا أَبُو الْحُسَيْن: قَاعُوس الْبَحْر بِالْقَافِ وَالْعَيْن صَحِيح بِمَعْنَى قَامُوس كَأَنَّهُ مِنْ الْقَعْس، وَهُوَ تَطَامُن الظَّهْر وَتَعَمُّقه فَيَرْجِع إِلَى عُمْق الْبَحْر وَلُجَّته، هَذَا آخِر كَلَام الْقَاضِي رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.

وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَصْفَهَانِيّ: وَقَعَ فِي صَحِيح مُسْلِم (نَاعُوس الْبَحْر) بِالنُّونِ وَالْعَيْن قَالَ: وَفِي سَائِر الرِّوَايَات (قَامُوس)، وَهُوَ وَسَطه وَلُجَّته، قَالَ: وَلَيْسَتْ هَذِهِ اللَّفْظَة مَوْجُودَة فِي مُسْنَد إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ الَّذِي رَوَى مُسْلِم هَذَا الْحَدِيث عَنْهُ، لَكِنَّهُ قَرَنَهُ بِأَبِي مُوسَى فَلَعَلَّهُ فِي رِوَايَة أَبِي مُوسَى قَالَ: وَإِنَّمَا أَوْرَدَ مِثْل هَذِهِ الْأَلْفَاظ لِأَنَّ الْإِنْسَان قَدْ يَطْلُبهَا فَلَا يَجِدهَا فِي شَيْء مِنْ الْكُتُب فَيَتَحَيَّر فَإِذَا نَظَرَ فِي كِتَابِي عَرَفَ أَصْلهَا وَمَعْنَاهَا.

قَوْله: (هَاتِ) هُوَ بِكَسْرِ التَّاء.

قَوْله: «أَصَبْت مِطْهَرَة» هِيَ بِكَسْرِ الْمِيم وَفَتْحهَا حَكَاهَا اِبْن السِّكِّيت وَغَيْره وَالْكَسْر أَشْهَر.

✯✯✯✯✯✯

‏1437- قَوْله: (عَبْد الْمَلَك بْن أَبْجَرَ) بِالْجِيمِ.

قَوْله: (وَاصِل بْن حَيَّان) بِالْمُثَنَّاةِ.

قَوْله: «لَوْ كُنْت تَنَفَّسْت» أَيْ أَطَلْت قَلِيلًا.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَئِنَّة مِنْ فِقْهه» بِفَتْحِ الْمِيم ثُمَّ هَمْزَة مَكْسُورَة ثُمَّ نُون مُشَدَّدَة أَيْ عَلَامَة.

قَالَ الْأَزْهَرِيّ وَالْأَكْثَرُونَ: الْمِيم فيها زَائِدَة، وَهِيَ مَفْعَلَةٌ.

قَالَ الْهَرَوِيُّ: قَالَ الْأَزْهَرِيّ: غَلِطَ أَبُو عُبَيْد فِي جَعْله الْمِيم أَصْلِيَّة.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: قَالَ شَيْخنَا اِبْن سَرَّاج: هِيَ أَصْلِيَّة.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاقْصِرُوا الْخُطْبَة» الْهَمْزَة فِي وَاقْصِرُوا هَمْزَة وَصْل.

 وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيث مُخَالِفًا لِلْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَة فِي الْأَمْر بِتَخْفِيفِ الصَّلَاة لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: وَكَانَتْ صَلَاته قَصْدًا وَخُطْبَته قَصْدًا؛ لِأَنَّ الْمُرَاد بِالْحَدِيثِ الَّذِي نَحْنُ فيه أَنَّ الصَّلَاة تَكُون طَوِيلَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخُطْبَة لَا تَطْوِيلًا يَشُقّ عَلَى الْمَأْمُومِينَ وَهِيَ حِينَئِذٍ قَصْدٌ أَيْ مُعْتَدِلَة وَالْخُطْبَة قَصْدٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى وَضْعهَا.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَإِنَّ مِنْ الْبَيَان سِحْرًا» قَالَ أَبُو عُبَيْد: هُوَ مِنْ الْفَهْم وَذَكَاء الْقَلْب.

قَالَ الْقَاضِي: فيه تَأْوِيلَانِ أَحَدهمَا: أَنَّهُ ذَمّ لِأَنَّهُ إِمَالَة الْقُلُوب وَصَرْفهَا بِمَقَاطِع الْكَلَام إِلَيْهِ حَتَّى يَكْسِب مِنْ الْإِثْم بِهِ كَمَا يَكْسِب بِالسِّحْرِ، وَأَدْخَلَهُ مَالِك فِي الْمُوَطَّأ فِي بَاب مَا يُكْرَه مِنْ الْكَلَام وَهُوَ مَذْهَبه فِي تَأْوِيل الْحَدِيث.

 وَالثَّانِي أَنَّهُ مَدْح لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى اِمْتَنَّ عَلَى عِبَاده بِتَعْلِيمِهِمْ الْبَيَان وَشَبَّهَهُ بِالسِّحْرِ لِمَيْلِ الْقُلُوب إِلَيْهِ وَأَصْل السِّحْر الصَّرْف فَالْبَيَان يَصْرِف الْقُلُوب وَيَمِيلهَا إِلَى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ، هَذَا كَلَام الْقَاضِي، وَهَذَا التَّأْوِيل الثَّانِي هُوَ الصَّحِيح الْمُخْتَار.

قَوْله: (عَنْ اِبْن أَبْجَرَ عَنْ وَاصِل عَنْ أَبِي وَائِل قَالَ: خَطَبَنَا عَمَّار) هَذَا الْإِسْنَاد مِمَّا اِسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ اِبْن أَبْجَرَ عَنْ وَاصِل عَنْ أَبِي وَائِل، وَخَالَفَهُ الْأَعْمَش، وَهُوَ أَحْفَظ بِحَدِيثِ أَبِي وَائِل فَحَدَّثَ بِهِ عَنْ أَبِي وَائِل عَنْ اِبْن مَسْعُود.

 هَذَا كَلَام الدَّارَقُطْنِيِّ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مِثْل هَذَا الِاسْتِدْرَاك مَرْدُود لِأَنَّ اِبْن أَبْجَرَ ثِقَة يَجِب قَبُول رِوَايَته.

✯✯✯✯✯✯

‏1438- قَوْله: «فَقَدْ رَشَدَ» بِكَسْرِ الشِّين وَفَتْحهَا.

قَوْله: «أَنَّ رَجُلًا خَطَبَ عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنْ يُطِعْ اللَّه وَرَسُوله فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى.

 فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِئْسَ الْخَطِيب أَنْتَ قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللَّه وَرَسُوله فَقَدْ غَوَى» قَالَ الْقَاضِي وَجَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء: إِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ لِتَشْرِيكِهِ فِي الضَّمِير الْمُقْتَضِي لِلتَّسْوِيَةِ، وَأَمَرَهُ بِالْعَطْفِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى بِتَقْدِيمِ اِسْمه كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيث الْآخَر: «لَا يَقُلْ أَحَدكُمْ مَا شَاءَ اللَّه وَشَاءَ فُلَان وَلَكِنْ لِيَقُلْ: مَا شَاءَ اللَّه ثُمَّ شَاءَ فُلَان» وَالصَّوَاب أَنَّ سَبَب النَّهْي أَنَّ الْخُطَب شَأْنهَا الْبَسْط وَالْإِيضَاح وَاجْتِنَاب الْإِشَارَات وَالرُّمُوز، وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا لِيُفْهَم، وَأَمَّا قَوْل الْأُولَيَيْنِ فَيُضَعَّف بِأَشْيَاء مِنْهَا أَنَّ مِثْل هَذَا الضَّمِير قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة مِنْ كَلَام رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ يَكُون اللَّه وَرَسُوله أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا» وَغَيْره مِنْ الْأَحَادِيث وَإِنَّمَا ثَنَّى الضَّمِير هَاهُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ خُطْبَة وَعْظ وَإِنَّمَا هُوَ تَعْلِيم حُكْم، فَكُلَّمَا قَلَّ لَفْظه كَانَ أَقْرَب إِلَى حِفْظه بِخِلَافِ خُطْبَة الْوَعْظ فَإِنَّهُ لَيْسَ الْمُرَاد حِفْظه وَإِنَّمَا يُرَاد الِاتِّعَاظ بِهَا.

 وَمِمَّا يُؤَيِّد هَذَا مَا ثَبَتَ فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَنْ اِبْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: (عَلَّمَنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَة الْحَاجَة الْحَمْد لِلَّهِ نَسْتَعِينهُ وَنَسْتَغْفِرهُ وَنَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُور أَنْفُسنَا مِنْ يَهْدِ اللَّه فَلَا مُضِلّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِي لَهُ وَأَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَشْهَد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْده وَرَسُوله أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا بَيْن يَدَيْ السَّاعَة مَنْ يُطِعْ اللَّه وَرَسُوله فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرّ إِلَّا نَفْسه، وَلَا يَضُرّ اللَّه شَيْئًا).

 وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْله: (قَالَ اِبْن نُمَيْر فَقَدْ غَوَى) هَكَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخ غَوَى بِكَسْرِ الْوَاو قَالَ الْقَاضِي: وَقَعَ فِي رِوَايَتَيْ مُسْلِم بِفَتْحِ الْوَاو وَكَسْرهَا وَالصَّوَاب الْفَتْح، وَهُوَ مِنْ الْغَيّ وَهُوَ الِانْهِمَاك فِي الشَّرّ.

✯✯✯✯✯✯

‏1439- قَوْله: (سَمِعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأ عَلَى الْمِنْبَر {وَنَادَوْا يَا مَالِك}) فيه الْقِرَاءَة فِي الْخُطْبَة وَهِيَ مَشْرُوعَة بِلَا خِلَاف، وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبهَا وَالصَّحِيح عِنْدنَا وُجُوبهَا وَأَقَلّهَا آيَة.

✯✯✯✯✯✯

‏1440- قَوْله (عَنْ أُخْت لِعَمْرَةَ) هَذَا صَحِيح يُحْتَجّ بِهِ وَلَا يَضُرّ عَدَم تَسْمِيَتهَا لِأَنَّهَا صَحَابِيَّة وَالصَّحَابَة كُلّهمْ عُدُول.

✯✯✯✯✯✯

‏1441- قَوْله: (مَا حَفِظْت {ق} إِلَّا مِنْ فِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُب بِهَا كُلّ جُمْعَة) قَالَ الْعُلَمَاء سَبَب اِخْتِيَار (ق) أَنَّهَا مُشْتَمِلَة عَلَى الْبَعْث وَالْمَوْت وَالْمَوَاعِظ الشَّدِيدَة وَالزَّوَاجِر الْأَكِيدَة وَفيه: دَلِيل لِلْقِرَاءَةِ فِي الْخُطْبَة كَمَا سَبَقَ وَفيه اِسْتِحْبَاب قِرَاءَة (ق) أَوْ بَعْضهَا فِي كُلّ خُطْبَة.

قَوْله: (حَارِثَة بْن النُّعْمَان) هُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة.

قَوْله: (سَعِيد عَنْ خُبَيْب) هُوَ بِضَمِّ الْخَاء الْمُعْجَمَة وَهُوَ خُبَيْب بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن خُبَيْب بْن يَسَافٍ الْأَنْصَارِيّ سَبَقَ بَيَانه مَرَّات.

قَوْلهَا: «وَكَانَ تَنُّورنَا وَتَنُّور رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدًا» إِشَارَة إِلَى حِفْظهَا وَمَعْرِفَتهَا بِأَحْوَالِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُرْبهَا مِنْ مَنْزِله.

✯✯✯✯✯✯

‏1442- قَوْله: (عَنْ يَحْيَى بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعْد بْن زُرَارَةَ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ سَعْد بْن زُرَارَةَ وَهُوَ الصَّوَاب وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمِيع النُّسَخ وَرِوَايَات جَمِيع شُيُوخهمْ قَالَ: وَهُوَ الصَّوَاب.

قَالَ: وَزَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ صَوَابه (أَسْعَد)، وَغَلِطَ فِي زَعْمه، وَإِنَّمَا أَوْقَعَهُ فِي الْغَلَط اِغْتِرَاره بِمَا فِي كِتَاب الْحَاكِم أَبِي عَبْد اللَّه بْن البيع، فَإِنَّهُ قَالَ: صَوَابه أَسْعَد.

 وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: سَعْد، وَحَكَى مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْبُخَارِيّ، وَاَلَّذِي فِي تَارِيخ الْبُخَارِيّ ضِدّ مَا قَالَ: فَإِنَّهُ قَالَ فِي تَارِيخه: سَعْد، وَقِيلَ: أَسْعَد، وَهُوَ وَهْم.

 فَانْقَلَبَ الْكَلَام عَلَى الْحَاكِم وَأَسْعَد بْن زُرَارَةَ سَيِّد الْخَزْرَج وَأَخُوهُ هَذَا سَعْد بْن زُرَارَةَ جَدُّ يَحْيَى وَعَمْرَة، أَدْرَكَ الْإِسْلَام وَلَمْ يَذْكُرهُ كَثِيرُونَ فِي الصَّحَابَة لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْمُنَافِقِينَ.

✯✯✯✯✯✯

‏1443- قَوْله: (عَنْ عُمَارَة بْن رُؤَيْبَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ حِين رَفَعَ بِشْر بْن مَرْوَان يَدَيْهِ فِي الْخُطْبَة قَبَّحَ اللَّه هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ لَقَدْ رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَزِيد عَلَى أَنْ يَقُول بِيَدِهِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَة) هَذَا فيه أَنَّ السُّنَّة أَنْ لَا يَرْفَع الْيَد فِي الْخُطْبَة وَهُوَ قَوْل مَالِك وَأَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ.

 وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ بَعْض السَّلَف وَبَعْض الْمَالِكِيَّة إِبَاحَته لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي خُطْبَة الْجُمُعَة حِين اِسْتَسْقَى وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّ هَذَا الرَّفْع كَانَ لِعَارِضٍبَاب التَّحِيَّة وَالْإِمَام يَخْطُب:قَوْله: «بَيْنَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُب يَوْم الْجُمُعَة إِذْ جَاءَ رَجُل فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَصَلَّيْت يَا فُلَان؟ قَالَ: لَا.

 قَالَ: قُمْ فَارْكَعْ» وَفِي رِوَايَة: «قُمْ فَصَلِّ الرَّكْعَتَيْنِ»، وَفِي رِوَايَة: «صَلِّ رَكْعَتَيْنِ» وَفِي رِوَايَة: «أَرَكَعْت رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: لَا قَالَ: اِرْكَعْ» وَفِي رِوَايَة: «أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فَقَالَ: إِذَا جَاءَ أَحَدكُمْ يَوْم الْجُمُعَة وَقَدْ خَرَجَ الْإِمَام لِيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» وَفِي رِوَايَة قَالَ: «جَاءَ سُلَيْك الْغَطَفَانِيّ يَوْم الْجُمُعَة وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُب فَجَلَسَ فَقَالَ: يَا سُلَيْك قُمْ وَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فيهمَا ثُمَّ قَالَ: إِذَا جَاءَ أَحَدكُمْ يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يَخْطُب فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فيهمَا» هَذِهِ الْأَحَادِيث كُلّهَا صَرِيحَة فِي الدَّلَالَة لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَفُقَهَاء الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُ إِذَا دَخَلَ الْجَامِع يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يَخْطُب اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ تَحِيَّة الْمَسْجِد، وَيَكْرَه الْجُلُوس قَبْل أَنْ يُصَلِّيهِمَا، وَأَنَّهُ يُسْتَحَبّ أَنْ يَتَجَوَّز فيهمَا لِيَسْمَع بَعْدهمَا الْخُطْبَة، وَحَكَى هَذَا الْمَذْهَب أَيْضًا عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَغَيْره مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ.

قَالَ الْقَاضِي: وَقَالَ مَالِك وَاللَّيْث وَأَبُو حَنِيفَة وَالثَّوْرِيّ وَجُمْهُور السَّلَف مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ: لَا يُصَلِّيهِمَا، وَهُوَ مَرْوِيّ عَنْ عُمَر وَعُثْمَان وَعَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَحُجَّتهمْ الْأَمْر بِالْإِنْصَاتِ لِلْإِمَامِ، وَتَأَوَّلُوا هَذِهِ الْأَحَادِيث أَنَّهُ كَانَ عُرْيَانًا فَأَمَرَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِيَامِ لِيَرَاهُ النَّاس وَيَتَصَد

تعليقات