باب التداوي بالعود الهندي وهو الكست
باب التداوي بالعود الهندي وهو الكست
4102- قَوْلهَا: «دَخَلْت عَلَيْهِ بِابْنٍ لِي قَدْ أَعْلَقَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْعُذْرَة، فَقَالَ: عَلَامَ تَدْغَرْنَ أَوْلَادكُنَّ بِهَذَا الْعَلَاق، عَلَيْكُنَّ بِهَذَا الْعُود الْهِنْدِيّ، فَإِنَّ فيه سَبْعَة أَشْفِيَة مِنْهَا ذَات الْجَنْب يُسْعَط مِنْ الْعُذْرَة، وَيُلَدّ مِنْ ذَات الْجَنْب».
أَمَّا قَوْلهَا: (أَعَلَقْت عَلَيْهِ) فَهَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع نُسَخ صَحِيح مُسْلِم (عَلَيْهِ) وَوَقَعَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ مِنْ رِوَايَة مَعْمَر وَغَيْره (عَلَيْهِ) فَأَعْلَقْت عَلَيْهِ كَمَا هُنَا.
وَمَنْ رِوَايَة سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ (فَأَعْلَقْت عَنْهُ) بِالنُّونِ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوف عِنْد أَهْل اللُّغَة.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُحَدِّثُونَ يَرْوُونَهُ (أَعَلَقْت عَلَيْهِ)، وَالصَّوَاب (عَنْهُ) وَكَذَا قَالَهُ غَيْره، وَحَكَاهُمَا بَعْضهمْ لُغَتَيْنِ: أَعَلَقْت عَنْهُ، وَعَلَيْهِ، وَمَعْنَاهُ عَالَجْت وَجَع لَهَاته بِأُصْبُعِي، وَأَمَّا (الْعُذْرَة) فَقَالَ الْعُلَمَاء هِيَ بِضَمِّ الْعَيْن وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، وَهِيَ وَجَع فِي الْحَلْق يَهِيج مِنْ الدَّم، يُقَال فِي عِلَاجهَا: عَذَرْته، فَهُوَ مَعْذُور.
وَقِيلَ: هِيَ قُرْحَة تَخْرُج فِي الْخُرْم الَّذِي بَيْن الْحَلْق وَالْأَنْف، تَعْرِض لَلصِّبْيَان غَالِبًا عِنْد طُلُوع الْعُذْرَة، وَهِيَ خَمْسَة كَوَاكِب تَحْت الشَّعْرَى الْعُبُور، وَتُسَمَّى الْعَذَارَى، وَتَطْلُع فِي وَسَط الْحَزّ، وَعَادَة النِّسَاء فِي مُعَالَجَة الْعُذْرَة أَنْ تَأْخُذ الْمَرْأَة خِرْقَة فَتَفْتِلهَا فَتْلًا شَدِيدًا وَتُدْخِلهَا فِي أَنْف الصَّبِيّ، وَتَطْعَن ذَلِكَ الْمَوْضِع، فَيَنْفَجِر مِنْهُ دَم أَسْوَد، وَرُبَّمَا أَقْرَحَتْهُ، وَذَلِكَ الطَّعْن يُسَمَّى دَغْرًا وَغَدْرًا.
فَمَعْنَى: «تَدْغَرْنَ أَوْلَادكُنَّ» أَنَّهَا تَغْمِز حَلْق الْوَلَد بِأُصْبُعِهَا، فَتَرْفَع ذَلِكَ الْمَوْضِع، وَتَكْبِسهُ.
وَأَمَّا (الْعَلَاق) فَبِفَتْحِ الْعَيْن وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى (الْإِعْلَاق) وَهُوَ الْأَشْهَر عِنْد أَهْل اللُّغَة حَتَّى زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّهُ الصَّوَاب، وَأَنَّ الْعَلَاق لَا يَجُوز.
قَالُوا: وَالْإِعْلَاق مَصْدَر أَعَلَقْت عَنْهُ، وَمَعْنَاهُ أَزَلْت عَنْهُ الْعَلُوق، وَهِيَ الْآفَة وَالدَّاهِيَة، وَالْإِعْلَاق هُوَ مُعَالَجَة عُذْرَة الصَّبِيّ، وَهِيَ وَجَع حَلْقه كَمَا سَبَقَ.
قَالَ اِبْن الْأَثِير: وَيَجُوز أَنْ يَكُون الْعَلَاق هُوَ الِاسْم مِنْهُ.
وَأَمَّا: «ذَات الْجَنْب» فَعِلَّة مَعْرُوفَة.
وَالْعُود الْهِنْدِيّ يُقَال لَهُ: الْقُسْط، وَالْكُسْت لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَامَه تَدْغَرْنَ أَوْلَادكُنَّ» هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ: «عَلَامَه» وَهِيَ هَاء السَّكْت ثَبَتَتْ هُنَا فِي الدَّرْج.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فيه سَبْعَة أَشْفِيَة» فَقَدْ أَطْبَقَ الْأَطِبَّاء فِي كُتُبهمْ عَلَى أَنَّهُ يُدِرّ الطَّمْث وَالْبَوْل، وَيَنْفَع مِنْ السُّمُوم، وَيُحَرِّك شَهْوَة الْجِمَاع، وَيَقْتُل الدُّود وَحُبّ الْقَرْع فِي الْأَمْعَاء إِذَا شُرِبَ بِعَسَلٍ، وَيُذْهِب الْكَلَف إِذَا طُلِيَ عَلَيْهِ، وَيَنْفَع مِنْ بَرْد الْمَعِدَة وَالْكَبِد، وَيَرُدّهُمَا، وَمِنْ حُمَّى الْوَرْد وَالرِّبْع، وَغَيْر ذَلِكَ، وَهُوَ صِنْفَانِ بَحْرِيّ وَهِنْدِيّ، وَالْبَحْرِيّ هُوَ الْقُسْط الْأَبْيَض، وَهُوَ أَكْثَر مِنْ صِنْفَيْنِ، وَنَصَّ بَعْضهمْ أَنَّ الْبَحْرِيّ أَفْضَل مِنْ الْهِنْدِيّ، وَهُوَ أَقَلّ حَرَارَة مِنْهُ، وَقِيلَ: هُمَا حَارَّانِ يَابِسَانِ فِي الدَّرَجَة الثَّالِثَة، وَالْهِنْدِيّ أَشَدّ حَرًّا فِي الْجُزْء الثَّالِث مِنْ الْحَرَارَة، وَقَالَ اِبْن سِينَا: الْقُسْط حَارّ فِي الثَّالِثَة يَابِس فِي الثَّانِيَة.
فَقَدْ اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى هَذِهِ الْمَنَافِع الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْقُسْط، فَصَارَ مَمْدُوحًا شَرْعًا وَطِبًّا، وَإِنَّمَا عَدَدْنَا مَنَافِع الْقُسْط مِنْ كُتُب الْأَطِبَّاء لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ مِنْهَا عَدَدًا مُجْمَلًا.
✯✯✯✯✯✯
4103- سبق شرحه بالباب.
باب التداوي بالعود الهندي وهو الكست
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب السلام ﴿ 26 ﴾
۞۞۞۞۞۞
۞۞