باب الباء والضاد وما يثلثهما
باب الباء والضاد وما يثلثهما
(بضع) الباء والضاد والعين أصولٌ ثلاثة:
الأوّل الطائفة من الشّيء عضواً أو غيره، والثاني بُقْعة، والثالث أن يشفى شيء بكلامٍ أو غيره.
فأمّا الأول فقال الخليل:
بَضَعَ الإنسانُ اللّحْمَ يبْضعُهُ بضْعاً و[بضّعَه] يبضّعُه تبْضيعاً، إذا جَعَلَه قِطَعاً.
والبَضْعة القِطْعة وهي الهَبْرَة.
ويقولون:
إنّ فلاناً لَشَديدُ البَضِيع والبَضْعة، إذا كانَ ذا جسمٍ ولحمٍ سمينٍ.
قال:
* خَاظي البَضيعِ لحمُهُ خَظَا بَظَا *
قال:
خَاظي البَضِيع شَدِيدُ اللّحم.
وقال يعقوب:
البَضِيع من اللحم جمع بَضْع، كقولك عَبد وعَبيد.
فأمّا الباضِعة فهي القِطعة من الغنَم، يقال فِرْقٌ بَواضِعٌ.
قال الأصمعيّ:
البَضْعةُ قطعةٌ من اللّحم مجتمعة، وجمعها بِضَع، كما تقول بَدْرَة وبِدَر، وتجمع على بَضْعٍ أيضاً.
قال زُهير:
دماً عِنْدَ شِلْوٍ تَحْجُِلُ الطَّيْرُ حَوْلَهُ
***
بضَعْتُ الغُصنَ أبْضَعُه، أي قطعْتُه.
قال أوس:
ومبضوعةً مِنْ رَأْسِ فَرْعٍ شَظِيَّةً
***
بِطَوْدٍ تَرَاهُ بالسَّحَابِ مُكَلَّلا فأمّا المُباضَعَة التي هي المباشَرَة فإنّها من ذلك، لأنّها مُفاعَلةٌ من البُضْعِ، وهو من حَسَن الكِنايات.
قال الأصمعيّ:
باضَعَ الرّجُلُ امرأتَه، إذا جامَعَها، بِضَاعاً.
وفي المثل:
"كمعَلّمةٍ أُمَّها البِضَاعَ" يُضْرَبُ للرّجل يعلّمُ من هو أعْلَمُ منه.
قال:
ويقال فلانٌ مالِكُ بُضْعِها، أي تزْوِيجها.
قال الشاعر:
يا ليتَ ناكِحَها ومَالِكَ بُضْعِها
***
وبَني أبِيهم كلَّهُمْ لم يُخْلَقُوا قال ابن الأعرابيّ:
البُضْع النِّكاح، والبِضاع الجِماع.
وممّا هو محمولٌ على القياس الأوّلِ بضاعةُ التّاجر مِن ماله طائفةٌ منه.
قال الأصمعيّ:
أبضَعَ الرّجلُ بِضاعة.
قال:
ومنه قولهم:
"كمُسْتَبضِع التّمر إلى هَجَر" يُضرَب مثلاً لمن يَنْقُل الشيءَ إلى مَن هو أعْرَفُ به وأقدر عليه.
وجمع البِضاعة بضاعات وبضائع.
قال أبو عمرو:
الباضع الذي يَجْلِب بَضائِعَ الحيِّ.
قال الأصمعي:
يقال اتّخَذَ عِرضَه بِضاعةً، أي جعله كالشيءِ يُشتَرى ويُباع، وقد أفصَحَ الأصمعيُّ بما قُلناه، فإنّ في نصِّ قوله:
إنما سمِّيت البضاعةُ بضاعةً لأنها قطعة من المال تُجْعَل في التِّجارة.
قال ابنُ الأعرابيّ:
البضائع كالعلائق، وهي الجَنائب تُجنَب مع الإبل.
وأنشد:
احمِلْ عليها إنها بَضائِعُ
***
وما أضاعَ اللهُ فَهْوَ ضائِعُ ومثله:
أرْسَلَها عَلِيقَةً وما عَلِمْ
***
أنَّ العَلِيقاتِ يُلاقِينَ الرَّقَمْ ومن باب الأعضاء التي هي طوائفُ من البَدَن قولُهم الشَّجَّة الباضِعة، وهي التي تشُقُّ اللَّحم ولا تُوضِح عن العَظْم.
قال الأصمعيّ:
هي التي تشقّ اللحم شقّاً خفيفاً.
ومنه حديث عمر "أنه ضرب الذي أقْسَمَ على أُمِّ سلَمةَ أنْ تُعْطِيَه، فضَرَبَهُ أدباً له ثلاثين سوطاً كلها تَبْضَعُ وتحدُرُ"، أي تشقُّ الجِلْد وتَحْدُرُ الدّمَ.
ومن هذا الباب البِضْعُ من العَدَد، وهو ما بين الثلاثةِ إلى العشرة.
ويقال البِضْع سَبعة.
قالوا:
وذلك تفسير قوله تعالى:
{بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف 42].
ومن أمثالهم:
"تُشْرِط البِضاعَةُ"، يقول:
إذا احتاج بَذَلَ بِضاعَتَه وما عنده.
وأما البُقعة فالبُضَيْع بلدٌ، قال فيه حسَّان:
أسألْتَ رَسْمَ الدّارِ أم لم تَسألِ
***
بَيْنَ الجَوابي فالبُضَيْعِ فحَوْمَلِ وباضع:
موضع.
وبَضِيع:
جَبَل.
وهو في شعر لبيد.
والبَضيع البحر.
قال الهذلي:
فَظَلَّ يُرَاعي الشَّمْسَ حَتى كأنّها
***
فُوَيقَ البَضِيعِ في الشُّعاعِ خَمِيلُ وقال الدّرَيدي:
البَضِيع جزيرةٌ تقطع من الأرض في البحر.
فإنْ كان ما قاله ابنُ دريدٍ صحيحاً فقد عاد إلى القياس الأوّل.
وأما الأصل الثالث فقولهم:
بَضَعْتُ من الماء:
رَوِيتَ منه.
وماءٌ بَضِيعٌ أي نَمِير.
قال الأصمعيّ:
شربَ فلانٌ فما بَضَعَ، أي مارويَ.
والبَضْع الرِّيّ.
قال الشيبانيّ:
بَضَعَ بُضُوعاً، كما يقال نَقَع.باب الباء والضاد وما يثلثهما
باب الباء والضاد وما يثلثهما