📁 آخر الأخبار

باب العمرى باب العمرى

 

 باب العمرى

العمرى

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا رَجُل أَعْمَرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيهَا لَا تَرْجِع إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا؛ لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاء وَقَعَتْ فيه الْمَوَارِيث» وَفِي رِوَايَة: «مَنْ أَعْمَرَ رَجُلًا عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ فَقَدْ قَطَعَ قَوْله حَقّه فيها، وَهِيَ لِمَنْ أَعْمَرَ وَلِعَقِبِهِ»، وَفِي رِوَايَة: «قَالَ جَابِر: إِنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُول: هِيَ لَك وَلِعَقِبِك، فَأَمَّا إِذَا قَالَ هِيَ لَك مَا عِشْت فَإِنَّهَا تَرْجِع إِلَى صَاحِبهَا».

وَفِي رِوَايَة عَنْ جَابِر: «أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْعُمْرَى لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ»، وَفِي رِوَايَة: «الْعُمْرَى جَائِزَة»، وَفِي رِوَايَة: «الْعُمْرَى مِيرَاث».

قَالَ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ مِنْ الْعُلَمَاء: الْعُمْرَى: قَوْله: أَعْمَرْتُك هَذِهِ الدَّار مَثَلًا، أَوْ جَعَلْتهَا لَك عُمْرك، أَوْ حَيَاتك أَوْ مَا عِشْت أَوْ حَيِيت أَوْ بَقِيت، أَوْ مَا يُفِيد هَذَا الْمَعْنَى.

وَأَمَّا عَقِب الرَّجُل فَبِكَسْرِ الْقَاف وَيَجُوز إِسْكَانهَا مَعَ فَتْح الْعَيْن وَمَعَ كَسْرهَا كَمَا فِي نَظَائِره.

وَالْعَقِب: هُمْ أَوْلَاد الْإِنْسَان مَا تَنَاسَلُوا.

قَالَ أَصْحَابنَا: الْعُمْرَى ثَلَاثَة أَحْوَال: أَحَدهَا: أَنْ يَقُول أَعْمَرْتُك هَذِهِ الدَّار، فَإِذَا مُتّ فَهِيَ لِوَرَثَتِك أَوْ لِعَقِبِك، فَتَصِحّ بِلَا خِلَاف وَيَمْلِك بِهَذَا اللَّفْظ رَقَبَة الدَّار وَهِيَ هِبَة، لَكِنَّهَا بِعِبَارَةٍ طَوِيلَة، فَإِذَا مَاتَ فَالدَّار لِوَرَثَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِث فَلِبَيْتِ الْمَال، وَلَا تَعُود إِلَى الْوَاهِب بِحَالٍ، خِلَافًا لِمَالِكٍ.

الثَّانِي: أَنْ يَقْتَصِر عَلَى قَوْله: جَعَلْتهَا لَك عُمْرك، وَلَا يَتَعَرَّض لِمَا سِوَاهُ، فَفِي صِحَّة هَذَا الْعَقْد قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ: أَصَحّهمَا- وَهُوَ الْجَدِيد- صِحَّته، وَلَهُ حُكْم الْحَال الْأَوَّل.

 وَالثَّانِي- وَهُوَ الْقَدِيم-: أَنَّهُ بَاطِل، وَقَالَ بَعْض أَصْحَابنَا: إِنَّمَا الْقَوْل الْقَدِيم أَنَّ الدَّار تَكُون لِلْمُعْمَرِ حَيَاته، فَإِذَا مَاتَ عَادَتْ إِلَى الْوَاهِب أَوْ وَرَثَته؛ لِأَنَّهُ خَصَّهُ بِهَا حَيَاته فَقَطْ، وَقَالَ بَعْضهمْ: الْقَدِيم أَنَّهَا عَارِيَّة يَسْتَرِدُّهَا الْوَاهِب مَتَى شَاءَ، فَإِذَا مَاتَ عَادَتْ إِلَى وَرَثَته.

الثَّالِث: أَنْ يَقُول جَعَلْتهَا لَك عُمْرك، فَإِذَا مُتّ عَادَتْ إِلَيَّ أَوْ إِلَى وَرَثَتِي إِنْ كُنْت مُتّ، فَفِي صِحَّته خِلَاف عِنْد أَصْحَابنَا مِنْهُمْ مَنْ أَبْطَلَهُ، وَالْأَصَحّ عِنْدهمْ صِحَّته، وَيَكُون لَهُ حُكْم الْحَال الْأَوَّل، وَاعْتَمَدُوا عَلَى الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْمُطْلَقَة: «الْعُمْرَى جَائِزَة» وَعَدَلُوا بِهِ عَنْ قِيَاس الشُّرُوط الْفَاسِدَة، وَالْأَصَحّ: الصِّحَّة فِي جَمِيع الْأَحْوَال، وَأَنَّ الْمَوْهُوب لَهُ يَمْلِكهَا مِلْكًا تَامًّا يَتَصَرَّف فيها بِالْبَيْعِ وَغَيْره مِنْ التَّصَرُّفَات.

 هَذَا مَذْهَبنَا، وَقَالَ أَحْمَد: تَصِحّ الْعُمْرَى الْمُطْلَقَة دُون الْمُؤَقَّتَة.

وَقَالَ مَالِك فِي أَشْهَر الرِّوَايَات عَنْهُ: الْعُمْرَى فِي جَمِيع الْأَحْوَال تَمْلِيك لِمَنَافِع الدَّار مَثَلًا، وَلَا يَمْلِك فيها رَقَبَة الدَّار بِحَالٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة بِالصِّحَّةِ كَنَحْوِ مَذْهَبنَا.

 وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيّ وَالْحَسَن بْن صَالِح وَأَبُو عُبَيْدَة، وَحُجَّة الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِ هَذِهِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة، وَاللَّهُ أَعْلَم.

قَوْله: «فَهِيَ لَهُ بَتْلَة» أَيْ: عَطِيَّة غَيْر رَاجِعَة إِلَى الْوَاهِب.

✯✯✯✯✯✯

‏3068- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالكُمْ وَلَا تُفْسِدُوهَا» إِلَى آخِره، الْمُرَاد بِهِ إِعْلَامهمْ أَنَّ الْعُمْرَى هِبَة صَحِيحَة مَاضِيَة، يَمْلِكهَا الْمَوْهُوب لَهُ مِلْكًا تَامًّا لَا يَعُود إِلَى الْوَاهِب أَبَدًا، فَإِذَا عَلِمُوا ذَلِكَ فَمَنْ شَاءَ أَعْمَرَ وَدَخَلَ عَلَى بَصِيرَة، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَهَّمُونَ أَنَّهَا كَالْعَارِيَّةِ، وَيَرْجِع فيها، وَهَذَا دَلِيل لِلشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ.

 وَاللَّهُ أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏3069- قَوْله: (اِخْتَصَمُوا إِلَى طَارِق مَوْلَى عُثْمَان) هُوَ طَارِق بْن عَمْرو، وَلَّاهُ عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان الْمَدِينَة بَعْد إِمَارَة اِبْن الزُّبَيْرِ.


 باب العمرى باب العمرى

۞۞۞۞۞۞۞۞

كتاب الهبات ﴿ 3 ﴾ 

۞۞۞۞۞۞۞۞



تعليقات