باب في رحمة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء وامر السواق مطاياهن بالرفق بهن
باب في رحمة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء وامر السواق مطاياهن بالرفق بهن
4287- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَنْجَشَة رُوَيْدك سَوْقًا بِالْقَوَارِيرِ» وَفِي رِوَايَة: «يَا أَنْجَشَة لَا تَكْسِر الْقَوَارِير» يَعْنِي ضَعَفَة النِّسَاء.
أَمَّا (أَنْجَشَة) فَبِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَة وَإِسْكَان النُّون وَبِالْجِيمِ وَبِشِينٍ مُعْجَمَة.
وَأَمَّا (رُوَيْدَك) فَمَنْصُوب عَلَى الصِّفَة بِمَصْدَرٍ مَحْذُوف، أَيْ سُقْ سَوْقًا رُوَيْدًا، وَمَعْنَاهُ الْأَمْر بِالرِّفْقِ بِهِنَّ.
وَسَوْقك مَنْصُوبٌ بِإِسْقَاطِ الْجَارّ أَيْ اُرْفُقْ فِي سَوْقك بِالْقَوَارِيرِ.
قَالَ الْعُلَمَاء: سُمِّيَ النِّسَاء قَوَارِير لِضَعْفِ عَزَائِمهنَّ تَشْبِيهًا بِقَارُورَةِ الزُّجَاج لِضَعْفِهَا، وَإِسْرَاع الِانْكِسَار إِلَيْهَا.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْمُرَاد بِتَسْمِيَتِهِنَّ قَوَارِير عَلَى قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَغَيْره، أَصَحّهمَا عِنْد الْقَاضِي وَآخَرِينَ، وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْهَرَوِيُّ، وَصَاحِب التَّحْرِير، وَآخَرُونَ، أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ أَنْجَشَة كَانَ حَسَن الصَّوْت، وَكَانَ يَحْدُو بِهِنَّ، وَيُنْشِد شَيْئًا مِنْ الْقَرِيض وَالرَّجَز، وَمَا فيه تَشْبِيب، فَلَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَفْتِنَهُنَّ، وَيَقَع فِي قُلُوبهنَّ حِدَاؤُهُ، فَأَمَرَهُ بِالْكَفِّ عَنْ ذَلِكَ.
وَمَنْ أَمْثَالِهِمْ الْمَشْهُورَة (الْغِنَا رُقْيَة الزِّنَا).
قَالَ الْقَاضِي: هَذَا أَشْبَه بِمَقْصُودِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِمُقْتَضَى اللَّفْظ.
قَالَ: وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَام أَبِي قِلَابَةَ الْمَذْكُور فِي هَذَا الْحَدِيث فِي مُسْلِم.
وَالْقَوْل الثَّانِي أَنَّ الْمُرَاد بِهِ الرِّفْق فِي السَّيْر، لِأَنَّ الْإِبِل إِذَا سَمِعْت الْحُدَاء أَسْرَعَتْ فِي الْمَشْي وَاسْتَلَذَّتْهُ، فَأَزْعَجَتْ الرَّاكِب، وَأَتْبَعَتْهُ، فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ النِّسَاء يَضْعُفْنَ عِنْد شِدَّة الْحَرَكَة، وَيُخَافُ ضَرَرُهُنَّ وَسُقُوطُهُنَّ.
✯✯✯✯✯✯
4288- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْحَك يَا أَنْجَشَة رُوَيْدًا سَوْقك بِالْقَوَارِيرِ» أَمَّا (وَيْحَك) فَهَكَذَا وَقَعَ فِي مُسْلِم، وَوَقَعَ فِي غَيْره: (وَيْلَك).
قَالَ الْقَاضِي: قَالَ سِيبَوَيْهِ: (وَيْل) كَلِمَة تُقَال لِمَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَة، و(وَيْح) زَجْر لِمَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْوُقُوع فِي هَلَكَة.
وَقَالَ الْفَرَّاء: وَيْل وَوَيْح وَوَيْس بِمَعْنًى، وَقِيلَ: وَيْحٌ كَلِمَةٌ لِمَنْ وَقَعَ فِي هَلَكَة لَا يَسْتَحِقُّهَا يَعْنِي فِي عُرْفِنَا فَيَرْثِي لَهُ، وَيَتَرَحَّم عَلَيْهِ، وَوَيْل ضِدّه.
قَالَ الْقَاضِي: قَالَ بَعْض أَهْل اللُّغَة: لَا يُرَادُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ حَقِيقَة الدُّعَاء، وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهَا الْمَدْحُ وَالتَّعَجُّبُ.
وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث جَوَاز الْحُدَاء، وَهُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ مَمْدُود.
وَجَوَاز السَّفَر بِالنِّسَاءِ، وَاسْتِعْمَال الْمَجَاز، وَفيه مُبَاعَدَة النِّسَاء مِنْ الرِّجَال، وَمِنْ سَمَاع كَلَامهمْ، إِلَّا الْوَعْظ وَنَحْوه.
✯✯✯✯✯✯
4289- سبق شرحه بالباب.
✯✯✯✯✯✯
4290- سبق شرحه بالباب.
باب في رحمة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء وامر السواق مطاياهن بالرفق بهن
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الفضائل ﴿ 18 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞