باب في شرب النبيذ وتخمير الاناء
باب في شرب النبيذ وتخمير الاناء
3752- فيه أَبُو حُمَيْدٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: «أَتَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحِ لَبَن مِنْ النَّقِيع لَيْسَ مُخَمَّرًا فَقَالَ: أَلَا خَمَّرْته؟ وَلَوْ تَعْرُض عَلَيْهِ عُودًا».
قَوْله: (مِنْ النَّقِيع) رُوِيَ بِالنُّونِ وَالْيَاء، حَكَاهُمَا الْقَاضِي عِيَاض، وَالصَّحِيح الْأَشْهَر الَّذِي قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ بِالنُّونِ، وَهُوَ مَوْضِع بِوَادِي الْعَقِيق، وَهُوَ الَّذِي حَمَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَوْله: «لَيْسَ مُخَمَّرًا» أَيْ: لَيْسَ مُغَطًّى، وَالتَّخْمِير التَّغْطِيَة، وَمِنْهُ الْخَمْر لِتَغْطِيَتِهَا عَلَى الْعَقْل، وَخِمَار الْمَرْأَة لِتَغْطِيَتِهِ رَأْسهَا.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَوْ تَعْرُض عَلَيْهِ عُودًا» الْمَشْهُور فِي ضَبْطه (تَعْرُض) بِفَتْحِ التَّاء وَضَمّ الرَّاء، وَهَكَذَا قَالَ الْأَصْمَعِيّ وَالْجُمْهُور، وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْد بِكَسْرِ الرَّاء، وَالصَّحِيح الْأَوَّل، وَمَعْنَاهُ: تَمُدّهُ عَلَيْهِ عَرْضًا أَيْ: خِلَاف الطُّول، وَهَذَا عِنْد عَدَم مَا يُغَطِّيه بِهِ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرِّوَايَة بَعْده: «إِنْ لَمْ يَجِد أَحَدكُمْ إِلَّا أَنْ يَعْرُض عَلَى إِنَائِهِ عُودًا أَوْ يَذْكُر اِسْم اللَّه فَلْيَفْعَلْ»، فَهَذَا ظَاهِر فِي أَنَّهُ إِنَّمَا يَقْتَصِر عَلَى الْعُود عِنْد عَدَم مَا يُغَطِّيه بِهِ، وَذَكَرَ الْعُلَمَاء لِلْأَمْرِ بِالتَّغْطِيَةِ فَوَائِد: مِنْهَا الْفَائِدَتَانِ اللَّتَانِ وَرَدَتَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث، وَهُمَا: صِيَانَته مِنْ الشَّيْطَان فَإِنَّ الشَّيْطَان لَا يَكْشِف غِطَاء، وَلَا يَحِلّ سِقَاء، وَصِيَانَته مِنْ الْوَبَاء الَّذِي يَنْزِل فِي لَيْلَة مِنْ السَّنَة.
وَالْفَائِدَة الثَّالِثَة: صِيَانَته مِنْ النَّجَاسَة وَالْمُقَذِّرَات.
وَالرَّابِعَة: مِنْ الْحَشَرَات وَالْهَوَامّ، فَرُبَّمَا وَقَعَ شَيْء مِنْهَا فيه فَشَرِبَهُ وَهُوَ غَافِل، أَوْ فِي اللَّيْل فَيَتَضَرَّر بِهِ.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله: (قَالَ أَبُو حُمَيْد، وَهُوَ السَّاعِدِيُّ رَاوِي هَذَا الْحَدِيث: إِنَّمَا أَمَرَ بِالْأَسْقِيَةِ أَنْ تُوكَأَ لَيْلًا، وَبِالْأَبْوَابِ أَنْ تُغْلَق لَيْلًا) هَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو حُمَيْد مِنْ تَخْصِيصهمَا بِاللَّيْلِ، لَيْسَ فِي اللَّفْظ مَا يَدُلّ عَلَيْهِ، وَالْمُخْتَار عِنْد الْأَكْثَرِينَ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَغَيْره رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ: أَنَّ تَفْسِير الصَّحَابِيّ إِذَا كَانَ خِلَاف ظَاهِر اللَّفْظ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَلَا يَلْزَم غَيْره مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ مُوَافَقَته عَلَى تَفْسِيره، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ظَاهِر الْحَدِيث مَا يُخَالِفهُ بِأَنْ كَانَ مُجْمَلًا فَيَرْجِع إِلَى تَأْوِيله، وَيَجِبُ الْحَمْل عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مُجْمَلًا لَا يَحِلّ لَهُ حَمْلُهُ عَلَى شَيْء إِلَّا بِتَوْقِيفِ، وَكَذَا لَا يَجُوز تَخْصِيص الْعُمُوم بِمَذْهَبِ الرَّاوِي عِنْد الشَّافِعِيّ وَالْأَكْثَرِينَ.
وَالْأَمْر بِتَغْطِيَةِ الْإِنَاء عَامّ فَلَا يَقْبَل تَخْصِيصه بِمَذْهَبِ الرَّاوِي، بَلْ يَتَمَسَّك بِالْعُمُومِ.
✯✯✯✯✯✯
3753- وَقَوْله فِي حَدِيث جَابِر: «فَجَاءَ بِقَدَحِ نَبِيذ» هُوَ مَحْمُول عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْبَاب السَّابِق أَنَّهُ نَبِيذ لَمْ يَشْتَدّ، وَلَمْ يَصِرْ مُسْكِرًا.
قَوْله: (عَنْ الْأَعْمَش عَنْ أَبِي سُفْيَان) اِسْم أَبِي سُفْيَان: طَلْحَة بْن نَافِع، تَابِعِيّ مَشْهُور سَبَقَ بَيَانه مَرَّات.
باب في شرب النبيذ وتخمير الاناء
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الأشربة ﴿ 9 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞