باب استعمال المسك وانه اطيب الطيب وكراهة رد الريحان والطيب
باب استعمال المسك وانه اطيب الطيب وكراهة رد الريحان والطيب
4182- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالْمِسْك أَطْيَب الطِّيب» فيه أَنَّهُ أَطْيَب الطِّيب وَأَفْضَله، وَأَنَّهُ طَاهِر يَجُوز اِسْتِعْمَاله فِي الْبَدَن وَالثَّوْب، وَيَجُوز بَيْعه، وَهَذَا كُلّه مُجْمَع عَلَيْهِ.
وَنَقَلَ أَصْحَابنَا فيه عَنْ الشِّيعَة مَذْهَبًا بَاطِلًا، وَهُمْ مَحْجُوجُونَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَبِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة فِي اِسْتِعْمَال النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ، وَاسْتِعْمَال أَصْحَابه.
وَأَمَّا اِتِّخَاذ الْمَرْأَة الْقَصِيرَة رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَب حَتَّى مَشَتْ بَيْن الطَّوِيلَتَيْنِ، فَلَمْ تُعْرَف، فَحُكْمه فِي شَرْعنَا أَنَّهَا قَصَدَتْ بِهِ مَقْصُودًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا بِأَنْ قَصَدَتْ سَتْر نَفْسهَا لِئَلَّا تُعْرَف فَتُقْصَد بِالْأَذَى أَوْ نَحْو ذَلِكَ، فَلَا بَأْس بِهِ، وَإِنْ قَصَدَتْ بِهِ التَّعَاظُم أَوْ التَّشَبُّه بِالْكَامِلَاتِ تَزْوِيرًا عَلَى الرِّجَال وَغَيْرهمْ فَهُوَ حَرَام.
✯✯✯✯✯✯
4183- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ رَيْحَان فَلَا يَرُدّهُ، فَإِنَّهُ خَفِيف الْمَحْمَل طَيِّب الرِّيح» (الْمَحْمَل) هُنَا بِفَتْحِ الْمِيم الْأُولَى وَكَسْر الثَّانِيَة كَالْمَجْلِسِ، وَالْمُرَاد بِهِ الْحَمْل بِفَتْحِ الْحَاء أَيْ خَفِيف الْحَمْل لَيْسَ بِثَقِيلٍ.
وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَا يَرُدّهُ» بِرَفْعِ الدَّال عَلَى الْفَصِيح الْمَشْهُور، وَأَكْثَر مَا يَسْتَعْمِلهُ مَنْ لَا يُحَقِّق الْعَرَبِيَّة بِفَتْحِهَا، وَقَدْ سَبَقَ بَيَان هَذِهِ اللَّفْظَة وَقَاعِدَتهَا فِي كِتَاب الْحَجّ فِي حَدِيث الصَّعْب بْن جَثَّامَة حِين أَهْدَى الْحِمَار الْوَحْشِيّ، فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا لَمْ نَرُدّهُ عَلَيْك إِلَّا أَنَا حَرَام».
وَأَمَّا (الرَّيْحَان) فَقَالَ أَهْل اللُّغَة وَغَرِيب الْحَدِيث فِي تَفْسِير هَذَا الْحَدِيث: هُوَ كُلّ نَبْت مَشْمُوم طَيِّب الرِّيح.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض بَعْد حِكَايَة مَا ذَكَرْنَاهُ: وَيُحْتَمَل عِنْدِي أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيث الطِّيب كُلّه.
وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ فِي هَذَا الْحَدِيث: «مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ طِيب» وَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ: «كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرُدّ الطِّيب».
وَاللَّهُ أَعْلَم.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث كَرَاهَة رَدّ الرَّيْحَان لِمَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ إِلَّا لِعُذْرٍ.
✯✯✯✯✯✯
4184- قَوْله: «كَانَ اِبْن عُمَر إِذَا اِسْتَجْمَرَ اِسْتَجْمَرَ بِالْأَلُوَّةِ غَيْر مُطَرَّاة، أَوْ بِكَافُورٍ يَطْرَحهُ مَعَ الْأَلُوَّة.
ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا كَانَ يَسْتَجْمِر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» الِاسْتِجْمَار هُنَا اِسْتِعْمَال الطِّيب وَالتَّبَخُّر بِهِ مَأْخُوذ مِنْ الْمِجْمَر، وَهُوَ الْبَخُور.
وَأَمَّا (الْأَلُوَّة) فَقَالَ الْأَصْمَعِيّ وَأَبُو عُبَيْد وَسَائِر أَهْل اللُّغَة وَالْغَرِيب هِيَ الْعُود يَتَبَخَّر بِهِ.
قَالَ الْأَصْمَعِيّ: أَرَاهَا فَارِسِيَّة مُعَرَّبَة، وَهِيَ بِضَمِّ اللَّام وَفَتْح الْهَمْزَة وَضَمّهَا، لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ.
وَحَكَى الْأَزْهَرِيّ كَسْر اللَّام.
قَالَ الْقَاضِي: وَحُكِيَ عَنْ الْكِسَائِيّ (أَلْيَة).
قَالَ الْقَاضِي: قَالَ غَيْره: وَتُشَدَّد وَتُخَفَّف، وَتُكْسَر الْهَمْزَة وَتُضَمّ، وَقِيلَ: (لَوَّة وَلِيَّة).
وَقَوْله: «غَيْر مُطَرَّاة» أَيْ غَيْر مَخْلُوطَة بِغَيْرِهَا مِنْ الطِّيب.
فَفِي هَذَا الْحَدِيث اِسْتِحْبَاب الطِّيب لِلرِّجَالِ كَمَا هُوَ مُسْتَحَبّ لِلنِّسَاءِ، لَكِنْ يُسْتَحَبّ لِلرِّجَالِ مِنْ الطِّيب مَا ظَهَرَ رِيحه، وَخَفِيَ لَوْنه، وَأَمَّا الْمَرْأَة فَإِذَا أَرَادَتْ الْخُرُوج إِلَى الْمَسْجِد أَوْ غَيْره كُرِهَ لَهَا كُلّ طِيب لَهُ رِيح، وَيَتَأَكَّد اِسْتِحْبَابه لِلرِّجَالِ يَوْم الْجُمُعَة وَالْعِيد عِنْد حُضُور مَجَامِع الْمُسْلِمِينَ وَمَجَالِس الذِّكْر وَالْعِلْم وَعِنْد إِرَادَته مُعَاشَرَة زَوْجَته وَنَحْو ذَلِكَ.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
باب استعمال المسك وانه اطيب الطيب وكراهة رد الريحان والطيب
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها ﴿ 5 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞