باب كراهة الطروق وهو الدخول ليلا لمن ورد من سفر
باب كراهة الطروق وهو الدخول ليلا لمن ورد من سفر
3555- قَوْله: «إِنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَطْرُق أَهْله لَيْلًا، وَكَانَ يَأْتِيهِمْ غَدْوَة أَوْ عَشِيَّة» وَفِي رِوَايَة: «إِذَا قَدِمَ أَحَدكُمْ لَيْلًا فَلَا يَأْتِيَنَّ أَهْله طُرُوقًا حَتَّى تَسْتَحِدّ الْمُغِيبَة وَتَمْتَشِط الشَّعِثَة» وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «نَهَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَطَالَ الرَّجُل الْغَيْبَة أَنْ يَأْتِي أَهْله طُرُوقًا» وَفِي الرِوَايَة: «نَهَى أَنْ يَطْرُق أَهْله لَيْلًا يَتَخَوَّنَهُمْ أَوْ يَطْلُب عَثَرَاتهمْ».
✯✯✯✯✯✯
3559- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَطْرُق أَهْله لَيْلًا يَتَخَوَّنَهُمْ» فَهُوَ بِفَتْحِ اللَّام وَإِسْكَان الْيَاء أَيْ: فِي اللَّيْل، (وَالطُّرُوق) بِضَمِّ الطَّاء هُوَ الْإِتْيَان فِي اللَّيْل، وَكُلّ آتٍ فِي اللَّيْل فَهُوَ طَارِق.
وَمَعْنَى: «تَسْتَحِدّ الْمُغِيبَة» أَيْ: تُزِيل شَعْر عَانَتهَا، وَالْمَغِيبَة الَّتِي غَابَ زَوْجهَا، وَالِاسْتِحْدَاد: اِسْتِفْعَال مِنْ اِسْتِعْمَال الْحَدِيدَة وَهِيَ الْمُوسَى، وَالْمُرَاد إِزَالَته كَيْف كَانَ.
وَمَعْنَى: «يَتَخَوَّنَهُمْ»: يَظُنّ خِيَانَتهمْ، وَيَكْشِف أَسْتَارهمْ، وَيَكْشِف هَلْ خَانُوا أَمْ لَا؟ وَمَعْنَى هَذِهِ الرِّوَايَات كُلّهَا أَنَّهُ يُكْرَه لِمَنْ طَالَ سَفَره أَنْ يَقْدُم عَلَى اِمْرَأَته لَيْلًا بَغْتَة، فَأَمَّا مَنْ كَانَ سَفَره قَرِيبًا تَتَوَقَّع اِمْرَأَته إِتْيَانه لَيْلًا فَلَا بَأْس كَمَا قَالَ فِي إِحْدَى هَذِهِ الرِّوَايَات: «إِذَا أَطَالَ الرَّجُل الْغَيْبَة» وَإِذَا كَانَ فِي قَفْل عَظِيم أَوْ عَسْكَر وَنَحْوهمْ، وَاشْتُهِرَ قُدُومهمْ وَوُصُولهمْ، وَعَلِمَتْ اِمْرَأَته وَأَهْله أَنَّهُ قَادِم مَعَهُمْ، وَأَنَّهُمْ الْآنَ دَاخِلُونَ، فَلَا بَأْس بِقُدُومِهِ مَتَى شَاءَ لِزَوَالِ الْمَعْنَى الَّذِي نَهَى بِسَبَبِهِ، فَإِنَّ الْمُرَاد أَنْ يَتَأَهَّبُوا، وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَقْدَم بَغْتَة.
وَيُؤَيِّد مَا ذَكَرْنَاهُ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الْآخِر: «أَمْهِلُوا حَتَّى نَدْخُل لَيْلًا- أَيْ: عِشَاء- كَيْ تَمْتَشِط الشَّعِثَة وَتَسْتَحِدّ الْمُغِيبَة».
فَهَذَا صَرِيح فِيمَا قُلْنَاهُ، وَهُوَ مَفْرُوض فِي أَنَّهُمْ أَرَادُوا الدُّخُول فِي أَوَائِل النَّهَار بَغْتَة، فَأَمَرَهُمْ بِالصَّبْرِ إِلَى آخِر النَّهَار لِيَبْلُغ قُدُومهمْ إِلَى الْمَدِينَة، وَتَتَأَهَّب النِّسَاء وَغَيْرهنَّ.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
باب كراهة الطروق وهو الدخول ليلا لمن ورد من سفر
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الإمارة ﴿ 52 ﴾
۞۞۞۞۞۞
۞۞