📁 آخر الأخبار

باب الافاضة من عرفات الى المزدلفة واستحباب صلاتي المغرب والعشاء جمعا بالمزدلفة في هذه الليلة

 

باب الافاضة من عرفات الى المزدلفة واستحباب صلاتي المغرب والعشاء جمعا بالمزدلفة في هذه الليلة

باب الافاضة من عرفات الى المزدلفة واستحباب صلاتي المغرب والعشاء جمعا بالمزدلفة في هذه الليلة


فيه حَدِيث أُسَامَة، وَسَبَقَ بَيَان شَرْحه فِي الْبَاب الَّذِي قَبْل هَذَا.

 وَفيه: الْجَمْع بَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء فِي وَقْت الْعِشَاء فِي هَذِهِ اللَّيْلَة فِي الْمُزْدَلِفَة، وَهَذَا مُجْمَع عَلَيْهِ، لَكِنْ اِخْتَلَفُوا فِي حُكْمه: فَمَذْهَبنَا أَنَّهُ عَلَى الِاسْتِحْبَاب، فَلَوْ صَلَّاهُمَا فِي وَقْت الْمَغْرِب أَوْ فِي الطَّرِيق أَوْ كُلّ وَاحِدَة فِي وَقْتهَا جَازَ وَفَاتَتْهُ الْفَضِيلَة، وَقَدْ سَبَقَ بَيَان الْمَسْأَلَة فِي الْبَاب الْمَذْكُور.

✯✯✯✯✯✯

‏2256- قَوْله: «أُقِيمَتْ الصَّلَاة فَصَلَّى الْمَغْرِب ثُمَّ أَنَاخَ كُلّ إِنْسَان بَعِيره فِي مَنْزِله، ثُمَّ أُقِيمَتْ الْعِشَاء فَصَلَّاهَا وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنهمَا شَيْئًا» وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى فِي آخِر الْبَاب: «أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بِإِقَامَةٍ وَاحِدَة» وَقَدْ سَبَقَ فِي حَدِيث جَابِر الطَّوِيل فِي صِفَة حَجَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَتَى الْمُزْدَلِفَة فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِب وَالْعِشَاء بِأَذَانٍ وَاحِد وَإِقَامَتَيْنِ، وَهَذِهِ الرِّوَايَة مُقَدَّمَة عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ؛ لِأَنَّ مَعَ جَابِر زِيَادَة عِلْم، وَزِيَادَة الثِّقَة مَقْبُولَة، وَلِأَنَّ جَابِرًا اِعْتَنَى الْحَدِيث وَنَقَلَ حَجَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْصَاة، فَهُوَ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح مِنْ مَذْهَبنَا أَنَّهُ يُسْتَحَبّ الْأَذَان لِلْأُولَى مِنْهُمَا، وَيُقِيم لِكُلِّ وَاحِدَة إِقَامَة فَيُصَلِّيهِمَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ، وَيُتَأَوَّل حَدِيث: «إِقَامَة وَاحِدَة» أَنَّ كُلّ صَلَاة لَهَا إِقَامَة، ولابد مِنْ هَذَا لِيُجْمَع بَيْنه وَبَيْن الرِّوَايَة الْأُولَى، وَبَيْنه أَيْضًا وَبَيْن رِوَايَة جَابِر، وَقَدْ سَبَقَ إِيضَاح الْمَسْأَلَة فِي حَدِيث جَابِر.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

قَوْله: «فَلَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَة نَزَلَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوء ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاة فَصَلَّى الْمَغْرِب، ثُمَّ أَنَاخَ كُلّ إِنْسَان بَعِيره فِي مَنْزِله ثُمَّ أُقِيمَتْ الْعِشَاء فَصَلَّاهَا وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنهمَا شَيْئًا» فيه دَلِيل عَلَى اِسْتِحْبَاب الْمُبَادَرَة بِصَلَاتَيْ الْمَغْرِب وَالْعِشَاء أَوَّل قُدُومه الْمُزْدَلِفَة، وَيَجُوز تَأْخِيرهمَا إِلَى قُبَيْل طُلُوع الْفَجْر، وَفيه أَنَّهُ لَا يَضُرّ الْفَصْل بَيْن الصَّلَاتَيْنِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ إِذَا كَانَ الْجَمْع فِي وَقْت الثَّانِيَة؛ لِقَوْلِهِ: «ثُمَّ أَنَاخَ كُلّ إِنْسَان بَعِيره فِي مَنْزِله»، وَأَمَّا إِذَا جَمَعَ بَيْنهمَا فِي وَقْت الْأُولَى فَلَا يَجُوز الْفَصْل بَيْنهمَا، فَإِنْ فَصَلَ؛ بَطَلَ الْجَمْع وَلَمْ تَصِحّ الصَّلَاة الثَّانِيَة إِلَّا فِي وَقْتهَا الْأَصْلِيّ.

وَأَمَّا قَوْله: «وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنهمَا شَيْئًا» فَفيه: أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بَيْن الْمَجْمُوعَتَيْنِ شَيْئًا، وَمَذْهَبنَا اِسْتِحْبَاب السُّنَن الرَّاتِبَة، لَكِنْ يَفْعَلهَا بَعْدهمَا لَا بَيْنهمَا، وَيَفْعَل سُنَّة الظُّهْر الَّتِي قَبْلهَا الصَّلَاتَيْنِ.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏2259- قَوْله: (وَمَا قَالَ أَهَرَاقَ الْمَاء) هُوَ بِفَتْحِ الْهَاء.

قَوْله: «حَتَّى أَقَامَ الْعِشَاء الْآخِرَة» فيه دَلِيل لِصِحَّةِ إِطْلَاق الْعِشَاء الْآخِرَة، وَأَمَّا إِنْكَار الْأَصْمَعِيّ وَغَيْره ذَلِكَ وَقَوْلهمْ: إِنَّهُ مِنْ لَحْن الْعَوَامّ، وَمَحَالّ كَلَامهمْ، وَأَنَّ صَوَابه الْعِشَاء فَقَطْ، وَلَا يَجُوز وَصْفهَا بِالْآخِرَةِ فَغَلَط مِنْهُمْ بَلْ الصَّوَاب جَوَازه، وَهَذَا الْحَدِيث صَرِيح فيه، وَقَدْ تَظَاهَرَتْ بِهِ أَحَادِيث كَثِيرَة، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانه وَاضِحًا فِي مَوَاضِع كَثِيرَة مِنْ كِتَاب الصَّلَاة.

✯✯✯✯✯✯

‏2260- قَوْله: «لَمَّا أَتَى النَّقْب» هُوَ بِفَتْحِ النُّون وَإِسْكَان الْقَاف وَهُوَ الطَّرِيق فِي الْجَبَل، وَقِيلَ: الْفُرْجَة بَيْن جَبَلَيْنِ.

قَوْله: «نَزَلَ فَبَال» وَلَمْ يَقُلْ أُسَامَة: أَرَاقَ الْمَاء، فيه: أَدَاء الرِّوَايَة بِحُرُوفِهَا، وَفيه: اِسْتِعْمَال صَرَائِح الْأَلْفَاظ الَّتِي قَدْ تُسْتَبْشَع وَلَا يُكَنَّى عَنْهَا إِذَا دَعَتْ الْحَاجَة إِلَى التَّصْرِيح بِأَنْ خِيفَ لَبْس الْمَعْنَى أَوْ اِشْتِبَاه الْأَلْفَاظ أَوْ غَيْر ذَلِكَ.

✯✯✯✯✯✯

‏2261- قَوْله: (عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عَطَاء مَوْلَى سِبَاع عَنْ أُسَامَة بْن زَيْد) هَكَذَا وَقَعَ فِي مُعْظَم النُّسَخ عَطَاء مَوْلَى سِبَاع، وَفِي بَعْض النُّسَخ (مَوْلَى أُمّ سِبَاع) وَكِلَاهُمَا خِلَاف الْمَعْرُوف فيه، وَإِنَّمَا الْمَشْهُور (عَطَاء مَوْلَى بَنِي سِبَاع) هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه، وَابْن أَبِي حَاتِم فِي كِتَابه الْجَرْح وَالتَّعْدِيلِ، وَخَلَفٌ الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَاف، وَالْحُمَيْدِيّ فِي الْجَمْع بَيْن الصَّحِيحَيْنِ، وَالسَّمْعَانِيّ فِي الْأَنْسَاب، وَغَيْرهمْ، وَهُوَ عَطَاء بْن يَعْقُوب، وَقِيلَ: عَطَاء بْن نَافِع، وَمِمَّنْ ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ فِي اِسْم أَبِيهِ الْبُخَارِيّ وَخَلَف وَالْحُمَيْدِيّ، وَاقْتَصَرَ اِبْن أَبِي حَاتِم وَالسَّمْعَانِيّ وَغَيْرهمَا عَلَى أَنَّهُ عَطَاء بْن يَعْقُوب، قَالُوا كُلّهمْ: وَهُوَ عَطَاء الْكَيْخَارَانِيّ بِفَتْحِ الْكَاف وَإِسْكَان الْمُثَنَّاة مِنْ تَحْت وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، وَيُقَال فيه أَيْضًا: الْكَوْخَارَانِيّ.

 وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا نِسْبَة إِلَى مَوْضِع بِالْيَمَنِ، هَكَذَا قَالَهُ الْجُمْهُور، قَالَ أَبُو سَعْد السَّمْعَانِيّ: هِيَ قَرْيَة بِالْيَمَنِ يُقَال لَهَا كَيْخَرَان، قَالَ يَحْيَى بْن مَعِين: عَطَاء هَذَا ثِقَة.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏2262- قَوْله: (فَمَا زَالَ يَسِير عَلَى هَيْئَته) هُوَ بِهَاءٍ مَفْتُوحَة وَبَعْد الْيَاء هَمْزَة، هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم النُّسَخ وَفِي بَعْضهَا (هِينَته) بِكَسْرِ الْهَاء وَبِالنُّونِ، وَكِلَاهُمَا صَحِيح الْمَعْنَى.

✯✯✯✯✯✯

‏2263- قَوْله: (كَانَ يَسِير الْعَنَق فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَة نَصَّ) وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى قَالَ هِشَام: وَالنَّصّ فَوْق الْعَنَق، أَمَّا الْعَنَق فَبِفَتْحِ الْعَيْن وَالنُّون، وَالنَّصّ بِفَتْحِ النُّون وَتَشْدِيد الصَّاد الْمُهْمَلَة هُمَا نَوْعَانِ مِنْ إِسْرَاع السَّيْر، وَفِي الْعَنَق نَوْع مِنْ الرِّفْق.

 و(الْفَجْوَة) بِفَتْحِ الْفَاء: الْمَكَان الْمُتَّسِع، وَرَوَاهُ بَعْض الرُّوَاة فِي الْمُوَطَّأ (فُرْجَة) بِضَمِّ الْفَاء وَفَتْحهَا وَهِيَ بِمَعْنَى الْفَجْوَة، وَفيه، مِنْ الْفِقْه: اِسْتِحْبَاب الرِّفْق فِي السَّيْر فِي حَال الزِّحَام، فَإِذَا وَجَدَ فُرْجَة اُسْتُحِبَّ الْإِسْرَاع لِيُبَادِر إِلَى الْمَنَاسِك، وَلِيَتَّسِع لَهُ الْوَقْت لِيُمْكِنهُ الرِّفْق فِي حَال الزَّحْمَة.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏2266- قَوْله: «جَمَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء بِجَمْعٍ لَيْسَ بَيْنهمَا سَجْدَة» يَعْنِي بِالسَّجْدَةِ: صَلَاة النَّافِلَة، أَيْ لَمْ يُصَلِّ بَيْنهمَا نَافِلَة، وَقَدْ جَاءَتْ السَّجْدَة بِمَعْنَى النَّافِلَة وَبِمَعْنَى الصَّلَاة.

قَوْله: «وَصَلَّى الْمَغْرِب ثَلَاث رَكَعَات وَصَلَّى الْعِشَاء رَكْعَتَيْنِ» فيه: دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمَغْرِب لَا يُقْصَر بَلْ يُصَلَّى ثَلَاثًا أَبَدًا، وَكَذَلِكَ أَجْمَع عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ.

 وَفيه: أَنَّ الْقَصْر فِي الْعِشَاء وَغَيْرهَا مِنْ الرُّبَاعِيَّات أَفْضَل.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏2269- قَوْله: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد عَنْ أَبِي إِسْحَاق قَالَ: قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر: أَفَضْنَا مَعَ اِبْن عُمَر) إِلَى آخِره، هَذَا مِنْ الْأَحَادِيث الَّتِي اِسْتَدْرَكَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ فَقَالَ: هَذَا عِنْدِي وَهْم مِنْ إِسْمَاعِيل، وَقَدْ خَالَفَهُ جَمَاعَة مِنْهُمْ: شُعْبَة وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْرَائِيل وَغَيْرهمْ فَرَوَوْه عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَالِك عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ: وَإِسْمَاعِيل وَإِنْ كَانَ ثِقَة فَهَؤُلَاءِ أَقْوَمُ بِحَدِيثِ أَبِي إِسْحَاق مِنْهُ.

 هَذَا كَلَامه، وَجَوَابه مَا سَبَقَ بَيَانه مَرَّات فِي نَظَائِره أَنَّهُ يَجُوز أَنَّ أَبَا إِسْحَاق سَمِعَهُ بِالطَّرِيقَينِ فَرَوَاهُ بِالْوَجْهَيْنِ وَكَيْف كَانَ، فَالْمَتْن صَحِيح لَا مَقْدَحَ فيه.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

باب الافاضة من عرفات الى المزدلفة واستحباب صلاتي المغرب والعشاء جمعا بالمزدلفة في هذه الليلة

باب الافاضة من عرفات الى المزدلفة واستحباب صلاتي المغرب والعشاء جمعا بالمزدلفة في هذه الليلة




تعليقات